أليفة رفعت هي الكاتبة النسوية المصرية التي احتفل جوجل بيوم مولدها، و الملقبة بأميرة أدب الاحتجاج، يعرفها العالم الغربي، لكنها لا تزال نصف معروفة داخل بلدها.

ونشر “جوجل” على واجهة الصفحة الرئيسية له في المنطقة العربية رسما للكاتبة المصرية الراحلة وهي تحمل القلم، والتي حملت على عاتقها الحديث عن معاناة النساء، في وقت لا تملك فيه المرأة أي إرادة في اتخاذ قرار يخصها.

اسمها الأصلي فاطمة عبدالله رفعت، من مواليد القاهرة عام 1930، ورحلت عن عالمنا عام 1996، تاركة خلفها إرثا أدبيا، ترجم إلى العديد من اللغات. وبالرغم من انتمائها إلى الطبقة الوسطى، والتحاقها بمدرسة مصر الجديدة الابتدائية، والمركز الثقافي للمرأة، والمعهد البريطاني بالقاهرة منذ عام 1946 حتى عام 1949م حيث درست الإنجليزية، إلا أن والدها رفض التحاقها بالجامعة وأجبرها على الزواج من ابن عمها ضابط الشرطة.

ذلك الزوج الذي فرض عليها حصارا ورفض خوضها التجربة الأدبية، إلا أنه عاد ووافق بعد اكتشاف خيانته لها، ثم ثار بعد أن كتبت قصة أختها وسر موتها ونشرتها في مجلة الرسالة، خوفاً أن تكتب قصته، فخضعت لرغبته، وبدأت في الكتابة تحت أسماء مستعارة منها “بنت بنها”،”عايدة”، حتى اكتشف سرها في عام 1965، وجعلها تقسم على المصحف ألا تنشر شيئاً وهو حي.

أدب النساء والمعاناة الشخصية

تأثرت كتاباتها بمعاناتها الشخصية، وكذلك معاناة النساء في قريتها، فكتبت قصتها الأولى وهي في التاسعة من عمرها، التي وبختها أسرتها عليها، وانتقدت الطريقة التي تعامل بها المرأة، فعرفت كرائدة لأدب الاحتجاج.

وفت أليفة بقسمها حتى عام 1974م، عندما حضر المستشرق دينيس جونسون ديفير لمصر وترجم رواية “عالمي المجهول” وهي أحد أشهر قصصها.

كما أطلع على قصص كثيرة لديها فقام بترجمتها ونشرت بالإنجليزية قبل العربية عن دار هاينمان، كما نشرتها المجلات الأدبية المرموقة، فارتفعت منزلتها العالمية قبل أن تعرف محليا، وسافرت إلى إنجلترا، وأمريكا، وألمانيا، وكندا، والمغرب، وتونس، والنمسا، وقبرص، وتركيا والسعودية.

بعيدا عن المئذنة

كما ترجمت لها مجموعتها “بعيداً عن المئذنة”، والتي تتناول أحلام النساء في الزواج وظلت محظورة حتى يوم وفاتها بسبب الصراحة والجرأة التى كتبت بها بعض القصص، كما تناولت قضية ختان الفتيات فى”عيون بهية” بأسلوب سلس وسهل، ولها أيضا المجموعة القصصية “حواء تعود لآدم، ومن يكون الرجل”، وأصدرت روايتها الأولى وآخر انتاجاتها الإبداعية فى مارس 1991م تحت اسم “جوهرة فرعون”، وترجمت أعمالها إلى الإنجليزية والألمانية والسويدية والهولندية.

حديث المرأة إلى المرأة

حاولت أليفة المقاومة والتمرد على المجتمع بالكتابة، إلا أنها تأثرت بالضغوط الشخصية عليها، وهي التي مرت بحالة من الانهيار العصبي كنتيجة لتلك الضغوط، كما أنها ظلت ممنوعة من الكتابة حتى وفاة زوجها مع نهاية السبعينات.

قالت عنها الكاتبة سمية الحاج في مقال بعنوان الخطاب الهستيري في الكتابات النسويّة: «عيون بهية» لأليفة رفعت مثالًا : “الكاتبة المصرية أليفة رفعت في قصتها “عيون بهيّة”، اختارت أن يكون السرد ذا تركيز بؤري داخلي على شخصية البطلة بهيّة، فبهية تسعى جاهدةً أن تسرد لابنها تجربتها كاملةً منذ الطفولة إلى أن أصبحت عجوزًا فقدت بصرها”.

وأضافت الحاج: “هذا النوع من السرد لن يستمع له الرجال الذين قد يصفونه بالعاطفي ببساطة لأنه يركز على المشاعر الإنسانية بدلًا من القضايا السياسية والاقتصادية «الكبيرة» التي يزعم الرجل امتلاكها.. ما تأسف له بهية في السرد ليس كونها امرأة، بل كونها لم تعش حياتها كامرأة.. وهذا يعني أن معاناة المرأة لا تنبع من تركيبة جسدها البيولوجية، بل من الثقافة الذكورية المفروضة عليها”.

“تعي أليفة أن المجتمع الذكوري لا يعني أن كل الأمور تسير لمصلحة الرجل بفعل الرجال فحسب، بل تُساعد كثير من النساء على أن تؤول المصالح إلى نصاب الرجل، ففي عيون بهية، تقوم نساء القرية لا رجالها بختان الطفلة بهية، من خلال هذه الأحداث تأمل رفعت أن تواجه المرأة ذاتها وتعي أهمية دورها في تخليص النساء من معاناتهن”.

حكاية امرأة فرت إلى الله

الكاتبة صافي ناز كاظم وفي إحدى مقالاتها المحللة للغة أليفة والتي جاءت تحت عنوان “امرأة فرت إلى الله” قالت “يوم الخميس 4 يناير 1996 كان رحيل الكاتبة الأديبة “أليفة رفعت” عن دنيانا ونشرت أسرتها نعيها في صفحة الوفيات باسمها الأصلي “فاطمة عبد الله رفعت” فلم ينتبه أحد”

وتابعت:  “قرأت اسمها “أليفة رفعت” لأول مرة في عمود يوميات الأستاذ أحمد بهاء الدين، رحمه الله، حين نوّه بحماس عنها بعد أن قرأها مترجمة إلى الإنجليزية، فحرصت أن أقرأها  بأصلها في اللغة العربية، فكثيرا ما تعطي الترجمة رونقا وطلاوة لأعمال نجدها ركيكة جدا في لغتها الأصلية، وحين وجدت في أحد أعداد مجلة الهلال قصة بقلمها فرحت”.

وتوصف كاظم إحساسها بلغة أليفة بالقول “بدأت أقرأ السطور تشدني بشغف، كانت القصة  حول امرأة متزوجة من رجل متزوج في بيئة بدوية. لم يهمني الموضوع بقدر اللغة والأسلوب والإيقاع وكل هذه الأشياء التي نسميها “الأدوات الفنية” في الكتابة؛ لغة قوية طيعة سلسلة تتنقل رشيقة عبر مفارقات تبعث على الابتسام والضحكة الخافتة حتى في أشد المنحنيات ألما ووجعا”. تقول كاظم عن تأسف كاظم من تجنيب أدب أليفة، لتصبح نموذج يتلخص في كونها شاهدة على حرمان المرأة العربية ومن هذا المنطلق كان السعي الحثيث لترجمتها”.