لم يعد انقطاع خدمة الإنترنت مجرد مشكلة تضرب صناعة الترفيه أو تخلق ضيقا لدى مستخدميه، بل خسائر تقدر بمليارات الدولارات، وشلل تام لمختلف الأنشطة الاقتصادية التي باتت تعتمد عليه بصورة أساسية.
وكشف تعطل شركة “فاستلي” المزودة لخدمات البيانات لمواقع رئيسية حول العالم مقدار ما قد يواجهه الاقتصاد العالمى حال حدوث أزمة أوسع نطاقا، أو تعرض أكثر من مزود للخدمة لمشكلات غير متوقعة.
المشكلة التي لم يتوصل مزود الإنترنت لسببها حتى الآن، أعاقت القراء عن الوصول لمواقع ضخمة مثل “نيويورك تايمز، الجارديان، وفاينانشال تايمز، سي إن إن، وموقع الحكومة البريطانية، و” Twitch” ومئات المواقع الأخرى عالميا، بينما كان بي.بي.سي” أسعد حظا إذ تعطل مؤقتا قبل عودته إلى الخدمة.
قبل عام تقريبا تخيل موقع Merchant Machine البريطاني خسائر الاقتصاد العالمى حال حدوث انقطاع في الإنترنت لمدة ٢٤ ساعة، لتفقد أمريكا خلالها أكثرمن 7 مليارات دولار.
ووفقا للموقع المتخصص في اقتصاديات الإنترنت، فإن الصين ستحل ثانيا في الخسائر بنحو 6 مليارات دولار تليها بريطانيا بملياري دولار، ثم كوريا الجنوبية 852.2 مليون دولار.
أصبح الإنترنت حاليا المحرك الأساسي لنشاط الاقتصاد. فملايين المخاطبات بين الشركات العالمية، وتعليمات الشركات متعددة الجنسيات لموظيفها، والوصول لبيانات عملاء البنوك، تتم عبرها، ولذلك تسعى الدول لزيادة سرعة الانترنت كأحد عوامل النمو الاقتصادى.
ويمثل زيادة سرعة الشبكة العنكبوتية من الاستثمارات عالية التكلفة، ويمكن الاستدلال على ذلك باحتلال الدول الثرية صدارة ترتيب سرعة الإنترنت عالميا وتذيل الدول الفقيرة الترتيب.
تقدم عربي في سرعة الإنترنت
تحتل الإمارات المرتبة الأولى عالميا وعربيا بالموبايل إنترنت بسرعة تصل إلى 87 ميجابايت/ث، تليها قطر في المرتبة الثانية عربيا والثالثة عالميا بسرعة إنترنت تصل إلى 82.5 ميجابايت/ث. بينما جاءت السعودية في المرتبة الثالثه عربيا والمرتبة الـ 12 عالميا.
فى المقابل، تأتي فلسطين كأسوأ سرعة للإنترنت عربيا وعالميا بسرعة تصل إلى 6.4 ميجابايت/ث، تليها السودان في المرتبة الثانية بسرعة لا تتجاوز 8.3 ميجابايت/ث.
وبالنسبة لأفضل دول العالم من حيث سرعة إنترنت النطاق العريض الثابت (برودباند) فتاتي سنغافورة أولا بسرعة 200,12 ميجابت في الثانية، ثم هونج كونج بسرعة 164,88 ميجابت في الثانية، بينما تبلغ في سويسرا 144,31 ميجابت في الثانية.
واقع مصري
وبلغ إجمالي ما أنفقته مصر من استثمارات لتحسين بيئة الإنترنت نحو ٣٥.٥ مليار جنيه لتنفيذ مشروع رفع كفاءة الانترنت خلال عامين ونصف العام.
وتقدمت مصر 7 مراكز دفعة واحدة على مؤشر «speedtest» خلال عام فى متوسط سرعة خدمة الإنترنت الأرضى لتحتل المركز 93 عالميا وارتفعت السرعة من 24.01 ميجابت إلى 39.66 ميجابت.
وتعمل وزارة الاتصالات على خطة لتغيير الكابلات التقليدية بألياف ضوئية لرفع السرعة، فانتهت من ربط 11 ألف مبنى حكومى بشبكة كابلات الألياف الضوئية من إجمالى ٣٢.٥ الف مبنى حكومى على مستوى الجمهورية مستهدف ربطها خلال عامين باستثمارات 6 مليارات جنيه.
ويدلل الخبير الاقتصادي نادي عزام على أهمية الانترنت بسوق المال الذي لا يتحمل انقطاعا للإنترنت ثانية واحدة، فحركة التداول وتنفيذ أوامر البيع والشراء، تعتمد عليها بصورة أساسية.
يضيف عزام أن الإنترنت أصبح ملاصقا لحركة الأموال منذ جائحة كورونا َتنامي التجارة الإلكترونية وتحويل الأموال، بجانب المعاملات الشخصية مع البنوك في الموبايل بانكنج وتسديد فواتبر الخدمات ما يعني أن أي انقطاع يسب شللا للحياة.
التنمية الرقمية
وطالبت بثينة الجورمازي، رئيسة قطاع التقنية الرقمية بالبنك الدولي، بالكف عن النظر إلى التنمية الرقمية بوصفها مجرد قطاع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. فالتقنيات الرقمية تُحدِث تحوُّلات جوهرية في الاقتصادات والبلدان ككل.
ودعا البنك إلى زيادة السعات والتخفيف من ازدحام الشبكة لمنع الإنترنت من الانقطاع وضمان استدامته مع استمرارية الخدمات العامة لتمكين المواطنين من الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية لإنجاز معاملتهم.
وقالت الجورمازي إن التنمية الرقمية باتت تدخل جميع القطاعات كالزراعة والتعليم والصحة والخدمات الحكومية والمالية.
بمعنى آخر، إن التنمية الرقمية مشروع اقتصاد متكامل يجب ان يكون مبنياً على نظرة شاملة تهتم بالبنى التحتية والمنصات والمهارات الرقمية والتطبيقات في المجالات الحيوية، مع السعي إلى أن يكون هذا الاقتصاد الرقمي قائماً على احترام البيانات الذاتية وعادلاً وشاملاً لتتاح إمكانيات التحول الرقمي للجميع.