مع إصدار قانون “الصكوك السيادية“، أعلنت مصر رسميًا دخولها سوق التمويل الإسلامي الذي يصل حجم تعاملاته 2.7 تريليون دولار. وهي صكوك يتوافق إصدارها مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

جذب مستثمرين جدد

من جانبه، قال وزير المالية محمد معيط إن “الصكوك السيادية” ستساعد في جذب مستثمرين جدد مصريين وأجانب. وذلك بهدف الاستثمار المتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية بالعملتين المحلية والأجنبية. على أن يتم قيد الصكوك المصدرة في السوق المحلى ببورصة الأوراق المالية، ويتم حفظها بشركة الإيداع والحفظ المركزي.

وأضاف، عبر الموقع الإلكتروني لوزارة المالية، أن الصكوك المصدرة بالأسواق الدولية الصادرة بالعملات الأجنبية سيتم قيدها بالبورصات الدولية. وهي الخطوة التي تسهم في توفير سيولة نقدية إضافية للاقتصاد المصري، وخفض تكلفة تمويل الاستثمارات. خاصة أن هذه الصكوك تصدر طبقًا للصيغ المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

تصريحات وزير المالية
تصريحات وزير المالية

وتستهدف وزارة المالية من وراء قانون “الصكوك السيادية” تنويع مصادر تمويل عجز الموازنة العامة للدولة. وتوفير المخصصات المالية اللازمة للمشروعات الاستثمارية.

وتعاني الخزانة العامة من فجوة تمويلية تقدر بنحو تريليون جنيه في مشروع الموازنة الجديدة للعام 2021/2022 مقابل 997 مليار جنيه للعام المالي الحالي، موزعة بين عجز الموازنة وسداد القروض، وتعتمد في سدها كالمعتاد على أدوات الدين التقليدية، كأذون وسندات الخزانة، ما يتطلب آليات تمويلية جديدة.

بيع حق الانتفاع بأصول الدولة الخاصة بدون رقابة

الوزير معيط قال إن إصدار الصكوك يكون على أساس الأصول التي ستكون مملوكة للدولة ملكية خاصة. وذلك عن طريق بيع حق الانتفاع بهذه الأصول دون حق الرقبة، أو عن طريق تأجيرها. أو بأي طريق آخر يتفق مع عقد إصدار هذه الصكوك وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية.

ويختص رئيس مجلس الوزراء بتحديد الأصول الثابتة والمنقولة المملوكة للدولة “ملكية خاصة” التي تصدر على أساسها الصكوك. وستكون الحكومة معنية بتحديد آلية لتقييم حق الانتفاع بتلك الأصول التي تصدر على أساسها الصكوك أو مقابل تأجيرها.

قانون "الصكوك السيادية" يستهدف تنويع مصادر تمويل عجز الموازنة العامة للدولة
قانون “الصكوك السيادية” يستهدف تنويع مصادر تمويل عجز الموازنة العامة للدولة

وعن شكل الصكوك، فإنها ستصدر في شكل شهادة ورقية أو إلكترونية بالمواصفات التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون. وتكون اسمية، ومتساوية القيمة، وتصدر لمدة محددة بالجنيه المصري أو بالعملات الأجنبية، عن طريق طروحات عامة أو خاصة بالسوق المحلي أو بالأسواق الدولية.

وينص القانون على إنشاء شركة مملوكة للدولة لإدارة وتنفيذ عملية “تصكيك” الصكوك السيادية الحكومية التي تكون وكيلاً عن مالكي الصكوك، على أن يتم الإصدار طبقًا لأي من الصيغ المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي تقرها لجنة الرقابة المنصوص عليها بالقانون، وعلى أساس عقد الإصدار، ويخضع إصدارها، وتداولها واستردادها للضوابط والقواعد والإجراءات المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

الأصول محمية من الحجز أو المصادرة 

وقال الوزير معيط إن الحد الأقصى لمدة حق الانتفاع بالأصول التي تصدر على أساسها الصكوك أو مدة تأجيرها ثلاثين عامًا. ويجوز إعادة تأجير هذه الأصول للجهة المصدرة. مؤكدًا أنه يحظر الحجز أو اتخاذ إجراءات تنفيذية على الأصول التي تصدر على أساسها الصكوك. مع بطلان أي إجراء أو تصرف مخالف لذلك، وتقرير عقوبة جنائية على المخالفين.

ووافق مجلس النواب من حيث المبدأ على مشروع قانون “الصكوك السيادية” المقدم من الحكومة، والذي وافق عليه مجلس الشيوخ، بعدما شهدت الجلسة خلافات بين أعضاء البرلمان بشأن بنود المشروع.

وبحسب مشروع القانون، فإن وزارة المالية ستكون الهيئة الوحيدة التي يحق لها طرح الصكوك السيادية، بالعملة المحلية أو الأجنبية، وتحديد طرائق إصدار الصكوك وتداولها، وحقوق مالكي الصكوك والالتزامات المفروضة عليهم.

والقانون يفتح الباب أمام مصر لدخول عالم “التمويل الإسلامي”، الذي بلغ حجم تعاملاته بنهاية يونيو 2019 نحو 2.7 مليار تريليون دولار، وفق التقرير السنوي الصادر عن هيئة الأسواق المالية الإسلامية في يوليو.

المشروعات السيادية والتصكيك

من جانبه، وصف البرلماني عبد المنعم إمام القانون بـ”المهم”، لكنه أثار لغطًا كبيرًا منذ بداية مناقشته. ولفت إلى أن ذلك دفع لإخال تحديثات كثيرة على بنوده، رغم المخاوف من ربط المشروعات الضخمة بـ”التصكيك”. وطالب البرلماني، في تصريح لـ”موقع مصر 360″، بضرورة استثناء بعض المشروعات من طرحها للصكوك، خاصة مع بداية التطبيق.

ولفت إمام إلى نقطة أخرى مثيرة للجدل تتعلق بـ”أحقية الرقابة” في حال طرحت الصكوك في “مشروعات سيادية”. وتساءل: هل يكون لهيئة الرقابة المالية سلطة على تلك المشروعات، من يراقب من في هذه الحالة؟

تنويع أدوات الاقتراض

أما إيهاب الدسوقي أستاذ الاقتصاد، يرى أن أهمية القانون تكمن في أن الصكوك السيادية تتيح الحكومة تنويع أدوات الاقتراض. وذلك باعتبارها نوع من أنواع الأوراق المالية.

وأضاف أن العائد على المواطن سيكون في حجم الفائدة الأعلى من سعر فوائد البنوك، باعتبار أن الأوراق المالية فائدتها أعلى. ونفى وجود مخاوف بشأن التصكيك في الأصول الضخمة، لأن المواطن هدفه في الأساس الربح، فضلًا عن أن النسبة الأكبر للحكومة. وبالتالي فإن الأمر بمثابة ضخ رؤوس أموال جديدة وزيادة الاستثمار، وكذلك الأمر حتى لو المستثمر أجنبي.

الحكومة تستهدف تنويع مصادر الاقتراض
الحكومة تستهدف تنويع مصادر الاقتراض

وأكد أن الهدف من الصك هو تنويع مصادر التمويل، كما أن سماته متقاربة جدًا بين السند والسهم. وعن استهداف الراغبين في الاستثمار وفقًا للشريعة الإسلامية، أكد محدودية الجمهور الراغب في التداول، وفقًا لصيغ التمويل الإسلامي.

لذلك يعتقد أن الهدف الرئيسي من القانون هو تمويل العجز في الموازنة العامة للدولة، من خلال جذب المستثمرين بالأسواق الدولية. فضلاً عن إعطاء حامل الصك ملكية حصة في أصول مشروع محدد أو نشاط استثماري، وقابلة للتداول وفقاً لصيغ التمويل الإسلامي.

وأوضح أن المعيار في التوسع هو درجة تحقيق المشروع للأرباح. لكنه استدرك: “إذا لم يحدث استثمار وجرى منح المستثمرين الأرباح من أصل رأس المال  فهو خسارة”.

حجم الديون

يذكر أن حجم الديون الخارجية ارتفعت من 46,1 مليار دولار في منتصف عام 2014، إلى نحو 129,2 مليار دولار في بداية عام 2021 وفقا للبيانات الرسمية. كما ارتفعت الديون الداخلية من 1816 مليار جنيه مصري في منتصف عام 2014 إلى نحو 4282 مليار جنيه في نهاية يونيو عام 2019. ومن المرجح أن تتجاوز الديون الداخلية نحو 5500 مليار جنيه في نهاية يونيو عام 2021.