أخضعت وزارة المالية خدمات التوصيل عبر الإنترنت التي تقدمها المطاعم والمحال التجارية للسعر العام لضريبة القيمة المضافة البالغ قيمتها 14%، بموجب تعديل جديد على قانون الضريبة على القيمة المضافة نشرته الجريدة الرسمية، ودخل حيز التنفيذ بالفعل في 3 يونيو الجاري،

التعديل يعني إلزام جميع المطاعم والشركات، التي يتجاوز أعمالها حد التسجيل، تحصيل ضريبة القيمة المضافة مقابل خدمة التوصيل وتوريدها للمصلحة، بما في ذلك خدمات توصيل البضائع أو المأكولات عبر الإنترنت والتطبيقات الذكية. وذلك ضمن جهود الدولة لوضع إطار عمل لإخضاع مبيعات التجارة الإلكترونية للضرائب.

تستهدف الحكومة من وراء هذه الخطوة زيادة الحصيلة الضريبية بنسبة 18.3% في العام المالي المقبل، لتصل إلى 983 مليار جنيه.

وتحافظ الإيرادات الضريبية (الضرائب) على مكانتها على رأس سلم موارد الموازنة العامة للدولة. بعدما سجلت في مشروع موازنة 2021/2022 نحو 983.01 مليار جنيه تعادل 13.8% من الناتج المحلي. وذلك مقابل 964.7 مليار جنيه للعام الحالي بزيادة قدرها 18.23 مليار جنيه.

وبشكل عام، سجلت الضريبة على القيمة المضافة 207.2 مليار جنيه في مشروع الموازنة مقابل 221.2 مليار جنيه للعام الحالي و148.2 مليار للعام 2019/2020

وليس من الواضح ما إذا كانت الوزارة أخذت في اعتبارها تأثير ذلك القرار على المستهلك، حيث يعد هو الخاسر الأكبر في هذه المنظومة، فيما يرى متخصصون أن حركة البيع أون لان لن تتأثر بهذا القرار وإن كان سيحجمها بعض الوقت.

كانت مصلحة الضرائب قد أخطرت الشركات المتخصصة في مجال التجارة الإلكترونية بالسوق المحلية، مثل سوق دوت كوم وجوميا وأوليكس، في أكتوبر 2018 بخضوع مبيعاتها لضريبة القيمة المضافة. وألزمت المصلحة الشركات حينها بتوريد الضريبة بنهاية كل شهر، على غرار تجار التجزئة الآخرين.

وكان من المخطط محاسبة الشركات وفقا لشرائح الضريبة التصاعدية للأفراد بسعر 22.5% للشركات التي تسوق منتجاتها عبر تلك المنصات الالكترونية ولها كيان وشكل قانونى. 

كما أنه من المقرر أيضا إخضاع الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي على غرار تويتر وفيسبوك لقانون ضريبة الدمغة القائم والذي يفرض ضرائب على الإعلانات المبوبة، على أن يكون سعر الضريبة 15% للأفراد و20% للشركات. ويتضمن مشروع القانون فرض ضريبة رسم تنمية موارد على نشاط التجارة عبر الانترنت.

برز الحديث عن الضريبة للمرة الأولى في 2016، حينما عكفت وزارة المالية على دراسة آلية خضوع خدمة الإعلانات المقدمة من جهات غير مقيمة في مصر مثل جوجل وفيسبوك، منها الإعلانات التي تنشرها المواقع الإلكترونية من خلال حسابات المواطنين، خاصة أن ما ينشر على الحسابات المصرية خاص بالترويج لمنتجات شركات عالمية ومحلية تعمل بالسوق المصرية بالفعل.

ويأتي القرار الجديد ليضيف هذا النوع من المطاعم والمحلات إلى نظيرتها التي تقدم المأكولات المستثناة من الحصول على الإعفاء القانوني من ضريبة القيمة المضافة بقرار سابق من وزير المالية رقم 82 لسنة 2017 والذي يضم 5 فئات أخرى.

1- المطاعم والمحال الكائنة في المطارات أو المولات التجارية أو الأماكن الأثرية أو الملاهي أو التجمعات السكنية المغلقة.

2- المطاعم والمحال التي تقدم المأكولات المصنعة من الدقيق والحلوى من عجين.

3- المطاعم والمحال التي تكون تابعة أو جزءًا من السلاسل أو الفروع العالمية أو المحلية، أو منتفعة بعلامتها أو اسمها التجاري.

4- المطاعم والمحال التي يتضمن سعر الخدمة أو السلعة بها أي مبالغ أخرى كرسم الخدمة أو غيرها.

5- المطاعم والمحال التي تنطبق عليها الشروط والمواصفات الخاصة بالمطاعم والمحال السياحية الصادرة من وزارة السياحة وطبقا للمعاينة التي تتم من خلال اللجنة المشتركة التي يصدر بتشكيلها قرار من وزيري المالية والسياحة.

وأضاف التعديل الجديد مادة جديدة هي:

6- المطاعم والمحال التي تقدم خدماتها إلى العملاء من خلال خدمة توصيل الطلبات الواردة عبر مواقعها الإلكترونية”، لتكون خاضعة للضريبة

 

السلع المعفاة

وتتضمن السلع المعفاة من ضريبة القيمة المضافة حسب القانون المأكولات التي تصنع أو تباع للمستهلك النهائي مباشرة من خلال المطاعم والمحال غير السياحية التي تتوافر فيها الاشتراطات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير المالية.

هذا القرار لا يتعلق بأي بضائع تباع عن طريق الإنترنت غير المأكولات، حيث تخضع التجارة الإلكترونية عبر طلبات التوصيل الإلكتروني بالفعل لضريبة القيمة المضافة، وأيضا تخضع خدمة توصيل البضائع للضريبة.

 

التجارة الإلكترونية.. عندما تحولت جائحة كورونا إلى فرصة للربح

زبون الأون لاين لن يتأثر

يفسر  محمد الغمراوي، عضو جمعية خبراء الضرائب المصرية والاستثمار على هذا التعديل، بأن الإخضاع أصبح موحدا عن طريق قانون وليس قرار وما يحدث هو دخول شرائح أخرى في الضريبة وليس خروج شرائح، حيث وضع شرط جديد وهو كل من يقدم خدمة توصيل حتى وأن كان المنتج نفسه معف من الضريبة سيطبق عليه ال14% قيمة مضافة لأنها تندرج ضمن خدمات النقل، وبالتالي أصبحت الخدمة كلها خاضعة.

ويوضح الغمراوي أن ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة غير مباشرة يتحايل عليها ليدفعها المستهلك النهائي، هنا إذا رغبت الشركات في تسويق معروضات للمنافسة ربما تقلل من سعر المنتج نفسه حتى يكون التوصيل شامل الضريبة، وحتى لا تتأثر حركة البيع والشراء “أون لاين.

مع الإشارة إلى أن زبون “الأون لاين- الديلفيري فود” لن يتأثر تمامًا لأنه من شريحة معينة وبالتالي الـ 14% هي غير مؤثرة بقوة فهي فئة ليست مخاطبة بالإعفاءات من الأصل.

ويوضح عضو جمعية خبراء الضرائب المصرية أن الـ500 ألف المذكورة في القانون المقصود بها المبيعات وليس رأس المال، وهذا أمر لا يمكن التحايل عليه وأيضًا ليس هذا هو المقصود وتحت الأعين.

أما فيما يتعلق بالضريبة على الخدمات الإعلانية المبوبة، يقول إنها تطبق على الخدمات المتكاملة التي تقدم للمستهلك بصورة إعلانية، كانت معفاة من القيمة المضافة ويطبق عليها ضريبة دمغة 20% يتحملها المعلن ويسددها بمعرفته فكان هناك ضبابية في تحصيلها، لكن الآن أصبح يطبق عليه الـ 14% قيمة مضافة في نفس توقيت إصدار الفاتورة وإلغاء الـ20% ضريبة دمغة ما يُعني انخفاضها.

كما أن إشكالية التجارة عبر الإنترنت تتمثل -بحسب الغمراوي- في إمكانية حصرها والسيطرة عليها لأنها تتعامل بالكاش، فضلًا عن وجود شركات الانترنشونال مثل “أمازون – جوميا”، فمن الصعوبة فرض ضرائب على شركة ليس لها مقر في مصر أو ملف ضريبي. وبالتالي أصبح يمكن فرض الضرائب على المُستفيد في مصر، أيّ شخص يقوم بالشراء من خلال هذه المنصات الإلكترونية.

 المستهلك يتحمل الأعباء

من جانبه، قال الدكتور وليد مدبولي الخبير الاقتصادي إن ضريبة القيمة المضافة هي صيغة تدفع على المنتجات والخدمات التي تقدمها الشركات المختلفة وبالتالي هي ليست أمر مستحدث، لكن الجديد في الأمر كان هناك عدد من الخدمات المستثناة من دفع القيمة المضافة أصبحت الآن ضمن النظام الضريبي، منها التجارة عبر الإنترنت على الأطعمة والمنتجات الأخرى.

من يتحمل الـ 14% هو المستهلك لأن الشركات لن تدفع من أرباحها وسوف تضيف الضربية على الفاتورة، هذا ما يوضحه مدبولي، لافتًا أنه لم يعد هناك فروق في النواحي الضريبية بين الشركات، والمستهلك سيدفع نفس القيمة سواء تواجد في المطعم على سبيل المثال أو طلب الخدمة عبر الإنترنت.

يتوقع مدبولي تأثير القرار سلبيا لفترة بسيطة على حركة الشراء والبيع عبر الإنترنت ولكن لن تدوم لأن خلال فترة الجائحة حدث انتعاش حقيقي للبيع عبر أون لاين لما فيه من تباعد، وبالتالي أصبح هناك من يشتري كل الخدمات عبر التطبيقات المختلفة، مع الالتفات إلى أن القرار سيحقق عائدا ماليا كبير على الدولة وسوف يزيد بشكل سنوي لأن هناك عدد كبير من الشركات يعتمد على نظام توصيل الطلبات للمنازل.

يلفت إلى أن القرار سيتم تطبيقه على الشركات التي يتعدى دخلها 500 ألف جنية وما دون ذلك لن يطبق عليه، مع الإشارة إلى أن التحايل على هذا النوع من القرارات موجود دائمًا لكن الحكومة تسعى للقضاء على التحايل بكل الطرق المشروعة، فضلًا عن وجود مراقبة شديدة على الإعلانات.

كما أن النظام المحاسبي القانوني للشركات -بحسب مدبولي- يعتمد على ألا تدفع الشركات الضرائب مالها الخاص وإنما من طالب الخدمة المستهلك هو المسدد الحقيقي، لأن في حقيقة الأمر الضرائب هي مجموعة من طالبي الخدمة.