في احتفال مهيب بمقر كاتدرائية جميع القديسين الأسقفية بالزمالك، شهدت الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية بمصر مراسم تسليم وتسلم الرئاسة الكنسية من دكتور منير حنا رئيس أساقفة إقليم الإسكندرية للكنيسة إلى خلفه الدكتور سامي فوزي ليتولى المنصب نفسه، بينما يتفرغ المطران منير لمهامه الروحية بعيدا عن أي أعمال إدارية كان يمارسها كرئيس للكنيسة في إقليم الإسكندرية الذى يضم تحته عشرة دول إفريقية.
الأنبا اكليمندس الأسقف العام بالكنيسة القبطية والذى أوفده البابا تواضروس لحضور حفل تنصيب المطران الجديد وصف ما جرى بالتسليم السلس للسلطة مقدما التحية للكنيسة الأسقفية ولشعبها على تلك المراسم التي تمت وسط أجواء من المحبة بين المطرانين.
الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية تنتمي لعائلة الكنائس المصلحة حيث تجمع في عقيدتها بين التقليد الكاثوليكي وبين الإصلاح البروتسنتاتي إذ نشأت في أواخر القرن السادس عشر الميلادي على يد رئيس أساقفة كانتربري ببريطانيا الذى استقل عن الكنيسة الكاثوليكية فتأسس هذا المذهب الإصلاحي.
يعتبر رئيس أساقفة كانتربري في إنجلترا “الأول بين المتساوين” في قادة الكنيسة الإنجليكانية، فإنه لا يشترك في نفس السلطة كما يفعل البابا في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية أي أنه ليس لديه سلطة رسمية خارج إقليمه.
ومع ذلك، فهو يدعو مؤتمر لامبث في لندن كل عشر سنوات، وهو اجتماع دولي يغطي مجموعة واسعة من القضايا الاجتماعية والدينية. لا يتمتع هذا الاجتماع أيضًا بأي سلطة قانونية لكنه يظهر الولاء والوحدة في جميع أنحاء الشركة الإنجليكانية.
ووفقا للموقع الرسمي للكنيسة الإنجليكانية في مصر، فقد بدأت خدمة الكنيسة الأسقفية عام 1815، ثم تأسست أول كنيسة أسقفية في الإسكندرية 1839 عندما منح محمد علي باشا، والي مصر، قطعة أرض في ميدان المنشية بالإسكندرية لإقامة كنيسة القديس مرقس الأسقفية، بينما إقليم إقليم الإسكندرية للكنيسة الأسقفية هو الإقليم الـ41 لهذه الكنيسة حول العالم ويضم تحت رئاسته 10 دول في مصر وشمال أفريقيا، ويخضع لرئاسة رئيس أساقفة كانتربري ويتبع اتحاد الكنائس الأنجليكانية في العالم وهو ما تولى المطران سامي فوزي رئاسته أمس.
كيف تمت مراسم تسليم وتسلم السلطة في الكنيسة الأسقفية؟
قبل حفل تنصيب المطران الجديد بـ24 ساعة، نظمت الكنيسة الأسقفية بمصر حفلا لتكريم الدكتور منير حنا رئيس أساقفة الكنيسة الذى بلغ سن التقاعد حيث ألقى المطران الجديد سامي فوزي كلمة عن خدمة سلفه قال فيها إن “حنا”تاجر يستثمر في اللالئ الحسنة ويقامر بحياته من أجل ذلك و يستخدم المعرفة والمهارة التي تجعله يتقدم على الآخرين لأن المعرفة الحقيقية هي معرفة المسيح واصفا سلفه بكم لديه هدف نبيل يستخدم عقله وقلبه وطاقته مشغولين بإرشاد الله.
بينما فضل المطران منير حنا أن تكون آخر خدماته الإدارية كرئيس لأساقفة الكنيسة هو لقائه بالإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب حيث عرض عليه فكرة تأسيس مركز للدراسات الإسلامية المسيحية بكلية اللاهوت الأسقفية التابعة للكنيسة وهي كلية أكاديمية متخصصة في العلوم الدينية تقبل طلابا من جميع الطوائف المسيحية، حيث رأى أن دراسة الإسلام مطلب للكثير من الأجانب والزائرين، وهو ما ترغب الكنيسة في تأسيسه بالتعاون مع الأزهر.
في اليوم التالي، كانت كاتدرائية جميع القديسين على موعد مع حفل التنصيب المهيب الذى بدأ بموكب لمطارنة الكنيسة ورؤساء الأساقفة الذين توافدوا من جميع أنحاء العالم، وقساوسة الكنيسة والخدام العلمانين المكرسين للخدمة الكنسية حتى الوصول إلى مذبح الكنيسة حيث وقف بعدها فؤاد رشدي المستشار القانوني للكنيسة ليعلن إجراءات انتخاب الدكتور سامي فوزي مطرانا لإيبراشية مصر ورئيسا لأساقفة إقليم الإسكندرية فقال :تمت الانتخابات يوم 21 أبريل 2020 بإجراءات سليمة وقانونية تحت إشرافنا، وفاز المطران سامى بمنصب نائب المطران نسبة 73.49% من إجمالى الأصوات، حيث تم إبلاغ اللجنة التنفيذية للإقليم بنتيجة الانتخابات و اعتمادها بتاريخ 27 أبريل من العام الماضي، وتم إرسال نتيجة الأنتخابات إلى رئيس أساقفة كانتربيرى لاعتمادها، و قد أرسل اعتماده لانتخاب المطران سامى يوم 29 أبريل عام 2020.
فيما تولى المطران منير مهمة تنصيب خليفته، حيث جرت تلك الطقوس بناء على دستور الكنيسة الذى يتضمن تسليم عصا الرعاية من المطران الذى بلغ التقاعد إلى المطران الجديد حيث ترمز تلك العصا إلى رعاية الشعب حيث كان المسيح يمسك بعصاه كراعي للخراف وهو ما توارثته الكنائس في تقاليدها
أما التقاليد الأنجليكانية فتضمنت طقس طرق الباب حيث خرج المطران الجديد إلى باب الكاتدرائية وطرق بابها حتى يأذن له الشعب ببدء الخدمة ثم أخذ المطران منير بيده ليجلسه على عرش الكاتدرائية وهي التي ترمز إلى سلطته كرئيس للكنيسة.
كان المطران سامي فوزي يطرق باب الكاتدرائية ليدخل بينما امتلأت الكنيسة بالدموع والزغاريد، حيث اختلطت مشاعر الفرح بالمطران الجديد مع مشاعر افتقاد المطران السابق الذى قضى في خدمته تلك أكثر من 21 عاما مما جعل حفل تكريمه يطغي عليه أجواء من الحب والتقدير.
استمرت تلك الطقوس حتى احتضن المطران منير شريكه في الخدمة المطران سامي بالكثير من الدموع وسط تصفيق الحاضرين، وهو مشهد جديد على الكنائس المصرية.
هل سبق للكنائس المصرية تسليم وتسلم رئاستها؟
في العام 2013 أقدمت الكنيسة القبطية الكاثوليكية على خطوة مشابهة حين تم تنصيب الأنبا إسحق إبراهيم بطريرك للكنيسة الكاثوليكية خلفا للكاردينال انطونيوس نجيب البطريرك السابق الذى حصل على لقب البطريرك الشرفي حاليا.
ففي فبراير 2012، وبعد تدهور صحة البطريرك، كان الأكبر سنًا في رتب الأساقفة كيرلس وليم مطران أسيوط تم تكليفه بمساعد البطريرك لإدارة الكنيسة فى حالة عجز البطريرك، إذ كان الكاردينال نجيب قد أصيب بجلطة دماغية في 31 ديسمبر 2011 مصابًا بشلل جزئي وصعوبة في النطق.
و على الرغم من تحسن صحته ببطء بمساعدة العلاج الطبيعي، إلا أنه اضطر إلى الخضوع لمزيد من جراحة الدماغ. استقال من منصب البطريرك في 15 يناير 2013.
وفي عام 2015، انتخبت الطائفة الإنجيلية القس الدكتور أندريه زكي رئيسا للطائفة خلفا للدكتور صفوت البياضي الذى انتهت مدة رئاسته للطائفة.
أما الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فلا يتم فيها نقل السلطة من بطريرك إلى آخر إلا بعد وفاته وفقا للتقليد القبطي ومن ثم عملية التسليم والتسلم التي تمت في الكنيسة الأسقفية أمس هي الأولى من نوعها في الكنائس التي تتبع التقاليد والطقوس.