تشتعل مواقع التواصل بالأحاديث حول (القايمة) وهي ذلك التقليد الذي ظهر في زمن ما، بغرض حماية حقوق الزوجة، حيث يتم توثيق كل مشتريات العروسين، ويوقع العريس عليها، لتُصبح بعد ذلك أداة مطالبة له ويتم استخدامها في قضايا تبديد ضد الزوج، الآراء المختلفة مؤيدة أو معارضة تناقش عادة أصبحت لها قوة القانون، وقبل أن أقول رأيي أنا أيضًا أحكي لكم قصة من الواقع.

تزوجت (ن) من الشاب الذي كانت تُحبه، لكنه بعد أقل من عامين كان على علاقة بأخرى، تمتلك (ن) مواصفات الست النكدية بامتياز، مما كان يدفع الزوج نحو الأخرى التي تزوجها فيما بعد، وقرر الزوج أن يُطلق (ن) فاستخدمت سلاح القايمة، وتم حبسه عدة أيام، لا أعرف هل اضطر لعقد صلح، أم أنه فعل ذلك رغبة في تربية الأولاد بين والدين غير منفصلين، والآن تعيش (ن) مع الزوج وله زوجة أخرى، التي وعت الدرس وحين كتبت القايمة التي كانت صورية أي أن شيء فيها لم يتم شراؤه، لكنها كتبت الدهب الجرام، وليس بالقيمة المادية في الوقت الذي تم فيه العقد.

  • بلاش تعمل كدا بدل ما يحصلك زي ما حصل لعبد السلام

  • مين عبد السلام

  • واحد صاحبي ما تعرفهوش

ذلك الحوار المتكرر في فيلم “البحث عن فضيحة” الفيلم الكوميدي الذي يختصر مشكلات عديدة في اسكتشات كوميدية بالغة الدلالة لما يمكن أن يواجه أحدهم عندما يُفكر في الزواج، ورغم أن بعض المشكلات المطروحة في الفيلم قد تبدو هزلية والحياة أكثر تعقيدًا من تلك التفاصيل، لكن هذا الفيلم مؤشر عن مشكلة أكبر نواجهها.

اقرأ أيضا:

زواج من القرن السابع

عدِّلوا قانون الأحوال الشخصية أولاً ثم تحدثوا عن “من يُؤتمَن”

 

في مجتمع تقوم فيه المرأة بالأدوار الكبرى، وتتحمل جانبًا كبيرًا من المسئوليات، هي لا تحصل على غالبية حقوقها، ويأتي ذلك من طريقين الأول المنظومة القانونية لا تشتمل على ما يحمي المرأة في المواقف المختلفة، والثاني المجتمع وتنشئته التي تُنكر على المرأة حقوقها.

لاحظ مثلًا النساء اللواتي يتعرضن للتحرش، وعدد المارة والمتدخلين لإنقاذ المتحرش، وتحميل المرأة مسئولية وقوع انتهاك لها.

في العمل حين تلمع امرأة فتظهر شائعات تعُزي ذلك لواسطة أو استغلال لأنوثتها هو أمر مؤكد، قلة هم من ينحازون لمهارة المرأة.

في حالات الزواج المدني أو العرفي كما يُطلق عليه لا تحصل المرأة على كثير من حقوقها، ولدينا قائمة كبيرة بقضايا النسب وغيرها.

وسط كل هذا الاستيلاء على حقوق المرأة كشريك أساسي لا يمكن قيام المجتمع بدونه، كان البعض يبتكر أدواته سعيًا لحفظ بعض حقوقها.

 

هل هي أزمة القايمة؟

 

إن الرافضين لفكرة القايمة ينظرون في اتجاه أن ذلك فيه تسليع للمرأة وجعلها تدخل ضمن حالة بيع، وهو نظريًا قد يبدو صحيحا، ولكن على الجانب الآخر وفى ظل مجموعة من القوانين لا تكفل للمرأة الحد الأدني من الحقوق والحياة بكرامة بعد الطلاق، فماذا تفعل المرأة؟

قضايا النفقة التي لم تُحسم في محاكم الأسرة وعددها، القضايا المتعلقة بالطلاق من توفير مسكن للحاضنة ونفقات تعليم وغيرها، آلاف القضايا التي تستغرق شهور وربما سنوات في المحاكم، ولا يتحمل تبعاتها سوى النساء، فتصير المرأة هي من يسدد كل فواتير المجتمع ومشاكله.

بالطبع هناك بعض النماذج من النساء اللواتي يستغللن القايمة في سجن الزوج، وهي أمثلة معروفة فقط حتى نكون منصفين كم عددهن؟ إنهن النسبة الاستثنائية في المشكلة، ومن ثم فلا يمكن ان نحكم على عادة اجتماعية بفسادها أو بطلانها لأن البعض استخدمها لأذى الآخر.

هل حين نجد زوجة تضرب زوجها، هذا تجعلنا ننكر أن هناك عنف جسدي منزلي؟

اعتقد أن منظومة قوانين الأحوال الشخصية بحاجة لنقاش مجتمعي حقيقي، وإعداد القوانين التي تحمي النساء فعليًا في حياتهن وأيا كانت شكل العلاقة التي دخلن طرفًا فيها، بدلًا من أن نقف وننكر (القايمة) والمتطلبات التي يسعي البعض لصياغتها في محاولة لتوفير بعض الحقوق للمرأة.