على مدار يومين ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بعدد من الوقائع التي توصف بالطبقية والتمييز على أساس الملبس. إذ تم رفض دخول فتاة إلى أحد الكافيهات على خلفية ارتداء عباءة. بينما رفضت فتاة ومنعت من القبول في مدرسة بسبب شعرها الـ”كيرلي”.

في واقعة تنمر جديدة، البطلة فيها مدرسة خاصة بروض الفرج، وفتاة لم تتجاوز 5 سنوات. إذ عمدت المدرسة إلى عدم قبول الطفلة والسبب “شعرها غير مناسب”.

الطفلة مارلي مرقص والتمييز في المدارس

بدأت أحداث الواقعة عندما نشر “مرقص عادل” والد الطفلة “مارلي”، تدوينة عبر صفحته على “فيسبوك”، كشف فيها تفاصيل الأزمة. قائلًا إنه تقدم بأوراق طفلته لمدرسة ماريا أوزيليا بروض الفرج. وتم إخطاره بضرورة حضور مقابلة قبل الموافقة على قبول أوراق ابنته.

على الفور توجّه الأب في اليوم المحدد إلى المدرسة وقبلها بأيام كثف من تدريب ابنته على اجتياز المقابلة. كذلك استفسر من خلال أصدقاء له سبق أن مروا بذات التجربة. وبالفعل نجحت صاحبة الـ”5” سنوات من الاستعداد الجيد للمقابلة.

يقول مرقص: “فوجئت برفض إدارة المدرسة قبول طفلتي، وعندما توجهت بسؤالي للإدارة جاء السبب صادمًا”.

أخبرته إحدى المشرفات عن سبب الرفض قائلة: “بنتك تقييمها جيد في الإنجليزي والعربي. لكن المشكلة شكلها مش حلو وشعرها وحش”.

يقول والد الطفلة إن المعلمة أمسكت شعر طفلته بحالة من الاستهزاء، قائلة: “شعرها وحش”.

فور نشر تدوينة الوالد تفاعل العديدين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي. مؤكدين دعمهم للفتاة وضرورة تقديم الدعم النفسي نظرا لتعرضها لحالة من التنمر.

الطفلة مارلي

عقوبة التنمر؟

بحسب القانون، يعرف التنمر بأنه هو كل قول أو استعراض قوة أو سيطرة للجاني أو استغلال ضعف المجني عليه. أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسيء للمجني عليه، الجنس أو العرق أو الدين أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي. بقصد تخويف المجني عليه أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه من محيطه الاجتماعي”.

وتبعًا للتعديل الأخير في قانون الطفل، فإن أي شخص يثبت في حقه التنمر على طفل يعرض نفسه لعقوبة تصل للحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر. وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه. كما لا تزيد على 30 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

ومن الممكن تشديد العقوبة إذا توافر أحد ظرفين، أحدهما وقوع الجريمة من شخصين أو أكثر. والآخر إذا كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه.

سيدة العباءة والتمييز على أساس طبقي

في سياق مختلف، تعرضت مجموعة من الفتيات لواقعة طرد من أحد الكافيهات بالتجمع الخامس، على خلفية ارتداء إحداهن عباءة.

ونشرت دينا حشيش، إحدى الفتيات المتواجدات ضمن الواقعة، تفاصيل الأزمة قائلة: “الواحد كان فاكر. إن لسة شهر على خناقة البوركيني والتشنج الطبقي بس أنا افتتحت الموسم بأول قصة أنا وفريق الشغل. قررنا نعمل ميتينج مهم في التجمع في كافيه. كنا 5 بنات كل واحدة فينا شكل البلوند، وأنا. محجبات بأشكال مختلفة، مجموعة diverse زي إعلانات Benetton”.

بحسب “دينا” كان الأمر طبيعي، الكافيه في ساعات الصباح الأول يكاد يكون خالي من رواده. بدأنا أنا وفريق العمل في الاندماج. إلا أننا فوجئنا بأن إحدى الفتيات من أعضاء الفريق تخبرنا برفض مسئولي الكافيه دخولها على خلفية ارتداءها عباءة”.

وأكملت حشيش الواقعة: “ذهبت للمدير لتفهم سبب الأزمة. إلا أنني فوجئت أن الأخير يخبرني أن القواعد تمنع دخول نساء مرتدية عباءة أو نقاب أو شبشب. لتنشب مشادة بيني وبين المدير انتهت بطردنا من المكان”.

سيدة العباءة

واقعة البوركيني خير دليل

لم تكن تلك الحادثة الأولى من نوعها، إذ سبقها عدد من الأزمات الخاصة بالتمييز بين المواطنين على أساس الملبس. حيث تعرضت إحدى الفتيات بإحدى القرى السياحية بمنطقة الساحل الشمالي. على خلفية ارتدائها بوركيني -مايو شرعي- للسباحة بالشاطئ الخاص بالقرية.

وفوجئت الفتاة برفض وتعنت من قبل رواد القرية، ورفضهم بشكل قاطع نزولها بهذا الزي إلى البحر أو حمام السباحة. على زعم منهم أنها دون المستوى وتخالف تقاليد هذه القرية التي روادها من أصحاب الطبقة الراقية.

السياحة ترفض

من جانبه قال عبدالفتاح العاصي مساعد وزير السياحة والآثار للرقابة على المنشآت السياحية والفندقية. إنه لا يحق لأحد بالفنادق والمنتجعات السياحية منع المحجبات من نزول حمامات السباحة بـ”المايوه الشرعي”. أو “البوركيني” حال كونه من خامات ملائمة لحمامات السباحة. وليس لها أثر سلبي على الصحة العامة ومطابقة للمواصفات الصحية.

وأشار العاصي في بيانٍ له، أن الوزارة ترفض تلك التصرفات بشكل واضح. لافتًا إلى أنه سبق أن وزعت الوزارة منشورًا يحذر من أي محاولة للتمييز بين الموطنين وتم تعميمه على الفنادق والمنتجعات السياحية.

الدستور يرفض التمييز

انتبه المشرعون في الدستور المصري لخطورة التمييز والطبقية وخطورة الأمر على قيم المجتمع وثوابته، لذا عمدوا إلى سن القواني التي تمنع التمييز وترفضه بحكم الدستور.

وتنص المادة 53 من الدستور المصري على أن المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة. لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي.

تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.

البوركيني

الحل ليس في القوانين فقط

من ناحيتها قالت عزيزة الطويل، المحامية الحقوقية، إن هذا النوع من الأحداث موجود وشرائح كبيرة من الشعب المصري يتعرض لها باستمرار. لافتة إلى إن وجود قانون رادع من شأنه أن يقضي على ذلك النوع من الحوادث. خاصة أنه خلال الفترة الماضي شهدنا عددًا ليس بقليل من حوادث التنمر.

وأضافت الطويل في تصريح لـ”مصر 360″، الأزمة هنا لها طرفان الدولة والمجتمع، على الطرف الأول أن يعمل على تطبيق القوانين بشكل رادع. وإلا يتم الارتكان إلى وجود القانون دون تطبيقه على الجميع وبشكل مباشر. أما الطرف الثاني يتمثل في المجتمع وثقافته.

وتابعت: “بلا شك التنمر والعنصرية عنصران متأصلان داخل المجتمع لذا عمد المشرع إلى سن القوانين لمواجهتهما. لكن يجب أن يدفع الجتمع المدني بكل قوة لزيادة الوعي وخلق حالة من التضامن ضد ذلك النوع من الوقائع. ووقعها وتأثيراتها النفسية”.