وصلت الخلافات بين أنصار نقيب المحامين رجائي عطية والتيار المعارض له إلى أشدها، بعدما ظهرت مي رجائي، ابنة الفقية ومديرة مكتبه، في فيديو على صفحتها الشخصية على “فيس بوك” تستغيث من خلاله بالرئيس عبد الفتاح السيسي والنائب العام والمسؤولين، في وقت تنتشر داخل أروقة النقابة استمارات سحب الثقة من النقيب الحالي.

روت مي ما يجري معها في فيديو قصير مدته لا تتجاوز الـ 5 دقائق باكية، تقول:”أنا بستغيث برئيس الجمهورية والنائب العام والمسؤولين في البلد انهم ينقذوني من اللي أنا فيه، أنا بتعرض لهجمات شرسه بسبب إن والدي نقيب المحامين، من ناس أنا معرفهاش ماليش اى معرفة شخصية بها بتتهمني كل يوم على صفحاتهم على الفيس بوك بحاجات أخجل أني أقولها، حاجات ميصحش وعيب ومتربناش على كده”.

وأضافت : “هما شايفين إن الاستاذ رجائي مسلط ناس عليهم والكلام ده ليس له أي أساس من الصحة، وبالتالي هما عايزين يضربوا رجائي فيضربوه ف مين يضربوه في بنته اللي شغاله معاه بقالها 15 سنة، اتهامات بالسرقة والعمولات وأنا عمري ما دخلت النقابة إلا مرة واحدة، اتهموني إني بدير النقابة من وراء ستار وإني باخد عمولات”. 

وأشارت مي خلال الفيديو إلى أنها تقدمت ببلاغ إلى مباحث الإنترنت من شهر يناير الماضي، ضد السيدة التي ذكرتها خلال الفيديو وتقوم بسبها يوميا، وإلى الآن لم يتم تحديد جلسة.

وأكدت مي:” إحنا في دولة قانون وأنا هاخد حقي، وأنا مش عايزه أستغل إن والدي نقيب المحامين، وبالتالي هدوس على أى حد، أنا أخدت طريقي وقدمت البلاغ لكن نوصل إن الاعراض والصور والشرف تتنشر على الفيس بوك.. دي طريقة متدينة وان تدخلوا اهل البيت في الصراعات”. 

نقابة المحامين تتدخل 

أعقب تداول الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، قرار من نقابة المحامين يخص المحامية سوزان عمر أبو بكر، واصفين إياها بـ “المدعوة”، بإحالتها إلى التحقيق بالنقابة العامة عما ترتكبه من جرائم سب وقذف في الأعراض مما يجرمه قانون العقوبات.

وجاء القرار متضمنا عقوبات أخرى استقباقية على التحقيق :” يعرض أمر إسقاط عضويتها بنقابة المحامين لافتقادها شرط السيرة المحمودة وحسن السمعة والاحترام الواجب للمهنة”.

استند القرار على المادة 13 محاماة والذي ينص على سقوط قيد من يفتقدتها بقوة القانون دون حاجة إلى صدور قرار بذلك. كما جاء في أمر الإحالة. 

ذيل القرار الذي صدر في 11 يونيو، بتوقيع نقيب المحامين رجائي عطية، والذي تعرض لهجوم آخر، حيث ذكر المحامي أحمد الباشا، عضو النقابة: “ليس من حق حضرتك أن تنزع لقب محامي أو محامية من أي زميل قبل أن يتم التحقيق معه ويتم إدانته”. 

وأضاف الباشا، مستندا إلى المادة 98 من قانون المحاماة التي تنص على “كل محام يخالف أحكام هذا القانون أو النظام الداخلى للنقابة أو يخل بواجبات مهنته أو يقوم بعمل ينال من شرف المهنى أو يتصرف تصرفاً شأئناً من قدر المهنة يجازى باحدى العقوبات التأديبية التالية: الإنذار، اللوم أو المنع أو محو الاسم نهائياً من الجدول.

الباشا قال إن النقابة ليس بها ممثلا للنيابة العامة أو العسكرية، حتى يوصف المحامى “بالمدعو أو المدعوة” أثناء التحقيق معه أو حتى في إخطاره به.

ومن جانبه، أشار المحامي وليد فراج إلى أن موقف المحامية يعجز عن الوصف بعد إهانتها للنقيب الذي يعتبر رمزا لكل محامين مصر، مشيرا إلى أنه في حالة معارضتها له لا يحق لها التعرض لأسرته أو ابنته أو أهل منزله. 

يؤكد أيضا أن إحالتها للتأديب أمر طبيعي لأنها تجاوزت مرحلة التأديبية ووصلت إلى الحد الجنائي بعد نشرها لأخبار كاذبة عن إنسان فما الحال مع ابنة نقيب المحامين، منتقدا إسقاط كلمة محامية عن الزميلة بقرار منفرد.

اقرأ أيضا:

نقابة المحامين على صفيح ساخن.. والاتهامات تلاحق “الفقيه”

من التأديب إلى الجنائية 

وفي نفس السياق، أرجعت المحامية فاطمة الزهراء غنيم، مقررة لجنة المرأة، وصول الاختلافات إلى هذا الحد، لوقوع بعض التجاوزات بين أعضاء مجلس النقابة والمحامين وأفراد خارج نطاق الدائرة ولم يتم محاسبة أحد من هؤلاء.

وأشارت إلى أن ذلك ساهم في التعرض للمسائل الداخلية للأفراد والأعراض واستغلال صور عائلات داخلية للتشهير بها وهذا أمر طبقا للقانون معاقب عليه ومناف لأخلافيات المهنة. 

حملة سحب الثقة 

اعتماد النقيب على أسرته في شؤون النقابة تسبب في حلق حالة “الشد والجذب” بين التيارات المؤيدة والمعارضة له داخل النقابة، وسط شكاوى واضحة من انفراد ابنة النقيب بالقرار، والاعتماد عليه كحلقة الوصل بين المحامين والنقيب.

تزامن ذلك مع انتشار استمارات تدعو لسحب الثقة من رجائي عطية، وهو ما جعل المحامين ينقسموا أيضا بين متعاطف وبين من يتساءل “لماذا ظهور الفيديو الآن” وبين من يردد “ضاعت نقابة المحامين بين سامح عاشور ورجائي”. 

“حق كفله قانون المحاماة” يقول نقيب المحامين رجائي عطية، ردا على دعوات سحب الثقة من النقيب ومجلسه، مشيرا في تصريحات صحفية إلى أن لكل محام يرغب في سحب الثقة أن يمارس حقه القانوني طالما كان بالشكل الصحيح ووفق الضوابط التي رسمها القانون.

وأضاف رجائي: “أما أولئك الذين يصنعون ضجيجًا وصراخًا وكذبًا مفتعلاً لا علاقة له بالقانون وضوابطه لأتوقف عن مواجهة الفساد وملاحقة المفسدين فلا وزن لهم عندي وحساب من تربح منهم على حساب نقابة المحامين آت لا محالة، ولن أتوقف عن الإصلاح في مواجهة الفساد واقتلاع جذوره وسيكون ذلك بالتوازي مع العمل على إعادة ما تهدم من البناء”.

أسباب المطالبة بسحب الثقة من رجائي 

تتعدد أسباب المطالبة سحب الثقة من النقيب العام بين عدم اهتمامه بتطوير منظومة العلاج، خاصة وأن فيروس كورونا يعصف بالمحامين، أو مراعاة لأحوالهم ومعاناتهم في أروقة المحاكم والنيابات، وعدم توفير الحماية الكاملة والدعم الكافي للمحبوسين منهم، هذا بخلاف سحب حجرات المحامين، وإلغاء نسبة 1% الخاصة بالتصديق على العقود، والتي تمثل دخلا كبيرا لنقابة المحامين.

تأتي الحملة الأخيرة وسط صراع آخر حيث ملفات الفساد وتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات التي يحاول أن يحركها النقيب الحالي ضد النقيب السابق سامح عاشور بإرساها إلى النائب العام ولكن دون أى تحرك.

إشكالية أخرى تواجه عطية وهي تجميد لجنة الحريات وعدم تفعيلها، إلى جانب اتهامه بالتقصير في الحضور مع المحامين المتهمين على ذمة قضايا، رغم حضوره مؤخرا مع موكل بالكويت

اتجاهان مختلفان

يسير نقيب المحامين في اتجاه مختلف عن المحامين، فآخرها كان تعرض محامي بقسم حلوان للاعتداء ولم تحرك النقابة المركزية ساكنا باستثناء النقابة الفرعية بحلوان، بحسب فراج

محاربة رجائي للفساد تأتي على حساب المحامين، فهو لا يرى ما يتعرض له المحامون وما يواجهونه ولا يوجد أي خطة للحماية رغم تأكيد المحامين على ضرورة امتلاك النقيب القدرة على حماية المحامين. 

ورغم ذلك قد نجد الفقيه مترشحا لفترة أخرى لوجود من يدعمه بقوة حتى الآن، غير أنه مازال في بداية مرحلته النقابية وقد يتغير هذا الأداء مستقبلا.

في هذا السياق، يقول المحامي محسن بهنسي، إن كل تلك الصراعات تأتي على حساب قلعة الحريات التي غابت عن أداء الدور الرئيسي لها وهو الدفاع عن الحريات، ومناصرة القضايا الوطنية الكبرى مثل قضية فلسطين وسد النهضة. 

يتوقع بهنسي استمرار الصراع حتى نهاية مدة ولاية النقيب والتي انتهي منها سنتين ونصف، خاصة وأن أعضاء مجلس النقابة العامة للمحامين مقاطعين العمل مع النقيب العام المنفرد بقراراته، خصوصا أن أعلب أعضاء المجلس من مؤيدي النقيب السابق سامح عاشور.

وبرأي بهنسي، فإن الصراع سيشتد خلال نظر جلسة التأديب للمحامية سوزان عمر والمقرر لها الأربعاء المقبل، فكل طرف سيرسل محاميه.