بعد ما يقرب من خمس سنوات أسدل الستار على قضية السيدة القبطية سعاد ثابت المعروفة إعلاميًا بـ “سيدة الكرم“، حيث عاقبت محكمة جنايات المنيا، أمس الثلاثاء، المتهمين في أحداث تخريب وعنف وحرق منازل مواطنين أقباط خلال أحداث شغب وقعت بقرية الكرم التابعة لمركز أبوقرقاص في جنوب المنيا في مايو من عام 2016، على خلفية إشاعة حب بين تاجر وربة منزل بالسجن لمدة 5 سنوات، فيما برأت ذات المحكمة 14 متهما آخرين في القضية لعدم كفاية الأدلة.

ومن بين المتهمين الـ 10 المحكوم عليهم بالسجن، اثنان سبق وجرى محاكمتهما في واقعة تعرية سيدة الكرم سعاد ثابت، وهما الشقيقان نظير وعبدالمنعم سحاق، فيما تم تبرئة والدهما إسحاق، من قضية الشغب والتخريب والحرق.

مرت قضية سيدة الكرم بمراحل حيث المرحلة ما قبل الأخيرة كان حكم تبرئة لـثلاثة أشخاص من اتهامات بتجريدها من ملابسها، ما أثار غضب كبير واستنكار ضخم من المؤسسات الحقوقية، للتعبير عن تعاطفهم ومساندتهم للسيدة المسنة، وسط هاشتاج “حقك علينا”.

 

وطالب حقوقيون بإعادة النظر في ما تم وصفه بـ”الحكم الجائر”، الذي قد يرّوج لفكرة استخدام أجساد النساء كوسيلة للعقاب والانتقام”. ولم تمرّ ساعات حتى وجه النائب العام بإعادة دراسة أوجه الطعن على حكم براءة المتهمين، في واقعة تعرية السيدة، المعروفة إعلاميا باسم “سيدة الكرم”.

وكانت عدّة منظمات حقوقية في مصر قد تابعت بقلق الحكم السابق الصادر بالإفراج عن المتهمين، ورحّبت لاحقا بقرار إعادة النظر في القضية.

حيث طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في وقت سابق، النيابة العامة بـ “استخدام صلاحيتها، والطعن في قرار عدم إدانة  المتورطين”. وتفعيل دورها التي خولها إياها القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وذلك بالتقرير بالطعن بالنقض في الحكم الصادر اليوم ببراءة المتهمين إعمالًا للمادة 30 منه. مع التحذير مما قد يرسخه القرار لغياب العدالة، والتشجيع على تكرار الاعتداءات الطائفية.

 تفاصيل القضية

شهدت قرية الكرم بمركز أبو قرقاص جنوب محافظة المنيا يوم الجمعة 20 مايو 2016، اعتداءات طائفية على أقباط القرية، على خلفية شائعة بوجود علاقة عاطفية بين مسيحي يدعى أشرف دانيال عطية وسيدة مسلمة، حيث قام العشرات من مسلمي القرية بالاعتداء على السيدة القبطية سعاد ثابت (74 عامًا) والدة المسيحي، وتجريدها من ملابسها أمام منزلها، كما تم نهب وحرق 5 منازل مملوكة لأقباط، بالإضافة إلى تنظيم مسيرات جابت شوارع القرية، تخللها ترديد هتافات وصيحات غاضبة وعدائية تجاه الأقباط.   

وزعت منشورات تتضمن الشائعة وتحث على الاعتداء على الأقباط، وطردهم من القرية. وتضمنت المنشورات دعوة إلى التجمع عقب صلاة الجمعة في اليوم التالي، على إثر ذلك غادر الشخص المسيحي القرية مع زوجته وأبنائه، تاركًا والده ووالدته المسنين بالمنزل، ثم قام والد الشاب بتحرير محضر بقسم شرطة أبو قرقاص يحمل رقم 3923 إداري يتضمن مخاوفه من التهديدات التي تلقتها الأسرة وخشيتها من تنفيذها عقب صلاة الجمعة، إلا أنه لم يحضر أي شرطي إلى القرية. 

وعقب صلاة المغرب، تجمع مئات من مسلمي القرية وهم مدججون بالسلاح أمام منازل الأقباط وأشعلوا النيران في خمسة منازل منهم منزل والد الشاب المتهم بإقامة العلاقة، ثم قاموا بتجريد والدته وزوجة شقيقه من ملابسهما أمام المنزل.

قام مطرانية المنيا وأبو قرقاص بإصدار بيان يوم 25 مايو من العام ذاته يتضمن تفاصيل الاعتداءات وواقعة التعرية حينها جاءت قوات الأمن وألقت القبض على 6 أشخاص.

وعقب صدور بيان الإيبارشية، أقدمت السيدة على تحرير محضر بواقعة تعريتها، حتى أصدرت النيابة العامة أوامر ضبط وإحضار لعدد من المتهمين في قضيتي الاعتداء على المنازل وتعرية السيدة المسيحية، تم إخلاء سبيلهم  بكفالات تراوحت ما بين ألف وعشرة آلاف جنيه.

وفي 27 يوليو 2017، قضت محكمة جنح مركز أبو قرقاص، بالمنيا، بحبس عطية دانيال عطية، وشهرته “أشرف” حضوريًا، ونجوى رجب فؤاد، ربة منزل غيابيًا، لمدة عامين مع الشغل والنفاذ، على كلٍّ منهما، في قضية اتهامهما بممارسة الزنا. ثم قام المتهم الأول باستئناف الحكم.

وفي 7 إبريل 2018، قضت محكمة جنح مستأنف أبو قرقاص بتخفيض العقوبة إلى الحبس سنة مع الشغل على أشرف عبده عطية، وخضوعه للمراقبة لمدة عام آخر، حيث أنهى المتهم قضاء العقوبة في 11 أكتوبر 2018.

السيسي يعد بالمحاسبة

جدير بالذكر أن الصدى الذي حققه الواقعة دفع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي للحديث عنها قائلًا إن “القانون سيأخذ مجراه”.

وأضاف الرئيس حينها: “من فضلكم، لا يليق أن اللي حصل ده يحصل في مصر، أو يتكرر مرة تانية، أي حد هايغلط هايتحاسب، أرجو أن السيدة المصرية متاخدش على خاطرها، ولا هي ولا كل سيدات مصر، تأكدوا أن إحنا في مصر نكنّ لكم التقدير والاحترام، ولا نقبل يتكشف سترنا بأي شكل ولأي سبب، محدش يفرق بين المصريين وبعضهم، والقانون هياخد مجراه، كلنا هانتحاسب، اللى يغلط يتحاسب”.