وفرت مصر 178.1 مليار جنيه، من وراء شبكة الطرق والكبري التي نفذتها بأنحاء الجمهورية، خاصة محاور القاهرة الكبرى.

وتوزعت الوفرة المالية المحققة بواقع 13.4 مليار جنيه، جرى توفيرها سنويًا جراء تراجع حوادث الطرق، و117 مليار جنيه بسبب تراجع أزمنة رحلات النقل التجاري، و66 مليون جنيه توفيرًا في فاتورة استيراد قطع غيار السيارات، فضلاً عن توفير 4.3 مليون طن من المنتجات البترولية المستهلكة سنويًا، بقيمة 47 مليار جنيه.

هذه الحصيلة تأتي بخلاف مكاسب أخرى يصعب حسابها. من بينها- على سبيل المثال- تقليل الازدحام الذي تمثل خسائره السنوية 3% من الناتج القومي الإجمالي. وتقليل التلوث البيئي والضوضاء في القاهرة الكبرى، وغير معروف على وجه الدقة إحصائية الرقمية بشأنها.

طريق القاهرة السويس الصحراوي
طريق القاهرة السويس الصحراوي

كل ذلك في إطار حساب المكاسب الاقتصادية، بخلاف المكاسب الاجتماعية والإنسانية الناتجة عن الاستخدام الآمن لشبكة الطرق الجديدة، سواء كانت عوامل النفسية أو  اجتماعة من خلال تدارك الحوادث اليومية.

تجدر الإشارة إلى أنَّ تلك الإحصائيات تتعلق بالمكاسب الناتجة عن توفير الهدر المالي، وليست أرباح تلك المشروعات، سواء ما يتعلق بإيرادات التحصيل اليومي مقابل استخدام تلك الطرق والمرافق أو حصيلة الإعلانات والخدمات الهامشية.

وقفزت مصر 90 مركزًا عالميًا في قطاع الطرق، لتحتل المرتبة 28 على مستوى العالم، بعد أن كانت في المركز 118. كما تحتل المرتبة الثانية على مستوى القارة الأفريقية من حيث مستوى جودة الطرق، بعد أن كانت مصر في المركز 28 على مستوى القارة السمراء.

تكلفة التطوير

وقال وزير النقل إن حجم الإنفاق على قطاع النقل على مدار عشر سنوات سيصل إلى 1.1 تريليون جنيه مصري (70 مليار دولار) في 2024. من بينها 377 مليار جنيه لشبكة الطرق والكباري.

وقال الوزير إنه جرى التخطيط للمشروع القومي للطرق بإجمالي أطوال 7000 كم وتكلفة 175 مليار جنيه. جرى تنفيذ 4500 كم، وجار تنفيذ 1300 كم، ومتبقي تنفيذ 1200 كم.

ويأتي الطريق الدائري الإقليمي كنموذج من المشروع القومي للطرق، بطو يبلغ 400 كم. ويتقاطع مع 18 محورا رئيسيًا ويربط 15 محافظة ويشمل 150 عملًا صناعيًا. ويشير إلى أن المشروع لا يهتم بإنشاء طرق جديدة فقط، وإنما تطوير شبكة الطرق الحالية.

ووجه البعض انتقادات بشأن مدى الاستفادة من طفرة مشروعات البنية التحتية في الوقت الذي تستمر فيه المشاكل الهيكلية الاقتصادية.

وتمثل الطرق والكباري جزءًا من حملة كبرى على صعيد البنية التحتية ترمي إلى تنشيط الاقتصاد. وذلك بعد ما شهدته البلاد على مدى عقود من النمو السكاني السريع والبناء العشوائي. خاصة في القاهرة الكبرى ومناطق أخرى بتخوم العاصمة.

وإحدى المناطق التي شهدت نشاطًا مكثفًا هي شرق القاهرة، حيث انتشرت شبكة الطرق والكباري الجديدة باتجاه عاصمة جديدة. كما أصبح الدخول إلى مصر الجديدة والخروج منها أسرع وأيسر.

كُلفة الزحام

وقدرت دراسة أعدها البنك الدولي في 2014 كلفة الزحام في القاهرة الكبرى بما يعادل 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي. وهو ما يمثل حوالي 30 مليار جنيه، أيّ أعلى بكثير من بعض المدن الكبرى الأخرى.

كلفة الزحام في القاهرة الكبرى تعادل 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي
كلفة الزحام في القاهرة الكبرى تعادل 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي

وتعمل شبكة الطرق الجديدة على تفريغ المناطق المكدسة بالسكان بنسبة 25% وتوزيعها بشكل أفقي على مستوى الجمهورية. وشهد النمو السكاني في مصر زيادة مطردة، حيث يولد طفل كل 13 ثانية. وفي هذا السياق أشار البنك الدولي أن القاهرة الكبرى تضم حوالي خُمس سكان مصر، ما يزيد على 20 مليون شخص.

ومن المتوقع ارتفاعه إلى 24 مليونًا بحلول عام 2027، وهو ما يمثل ضغطًا على البنية التحتية بشكل عام. ففي ظل النمو السكاني تزداد عدد السيارات المملوكة للأفراد، وهو ما يتسبب في الازدحام المروري، والتلوث البيئي.

حركة التجارة

وتسهل شبكة الطرق حركة التجارة بوجه عام والتجارة الداخلية خاصة، ونقل البضائع بين المحافظات. فضلاً عن ربط المناطق الصناعية بالمدن السكنية، والموانئ البحرية بالطرق البرية، لتقليل ساعات نقل البضائع من سفن الاستيراد إلى جمعيات التوزيع. وهو ما يؤدي لتقليل تكلفة النقل، ومن ثم خفض الأسعار.

وفي إطار رصد الإحصاءات، توفر شبكة الطرق الجديدة في المتوسط نسبة تتراوح ما بين 23% إلى 25% من أزمنة الرحلات. وفي إطار تأثير الطرق على حركة التجارة والاقتصاد، حققت مصر مكاسب اقتصادية تصل إلى 500 مليون جنية يوميًا، أيِّ ما يصل إلى 117 مليار جنيه سنويًا، جراء تراجع أزمنة الرحلات.

محور 30 يونيو
محور 30 يونيو

ومن أمثلة ذلك، طريق شبرا/ بنها الذي كان يستغرق حوالي الساعة والنصف الساعة، أصبح الآن لا يزيد على 30 دقيقة من خلال طريق بنها الحر. وعلى مستوى الانتقال بين المحافظات، أدى الطريق الدائري الإقليمي إلى خفض المتوسط الزمني إلى 50%. بالإضافة إلى محور 30 يونيو، الذي يوفر الانتقال من الإسماعيلية إلى بورسعيد في خلال 45 دقيقة بدلًا من ساعتين. وهذه التسهيلات أدت إلى زيادة حجم الركاب والمواصلات إلى نسبة تزيد على 33%.

وحققت مصر أيضًا زيادة تصل إلى الضعف في حركة انتقال السلع، حيث ارتفعت إلى 3.3 مليون طن بعد أن كانت 1.5 طن يوميًا. بالإضافة إلى زيادة المنقول من الصادرات إلى ثلاثة أضعاف، فوصلت إلى 260 ألف طن يوميًا، مقارنةً بـ 84 ألف طن. كما أن التجارة البينية بين مراكز الإنتاج في المدن المختلفة زادت بحوالي 27.8%، وهو ما يسهم في حدوث تكامل اقتصادي.

استهلاك الوقود

ومن ناحية أخرى، فقد تراجع استهلاك البنزين بنسبة تصل إلى 25%، حيث بلغ الاستهلاك 12.7 مليون طن من المنتجات البترولية، في إطار تطوير شبكة الطرق الجديدة، مقارنة بحوالي 17 مليون طن. وهو ما يعني توفير 4.3 مليون طن من المنتجات البترولية المستهلكة سنويًا.

وفي ظل استيراد مصر من المشتقات البترولية، فإن تراجع الاستهلاك المحلي يؤدي إلى خفض فاتورة الاستيراد بالعملة الأجنبية. ومن ثم زيادة احتياطي النقد الأجنبي.

إزاء ما سبق، فقد تراجعت فاتورة واردات مصر من المنتجات البترولية بأكثر من 3 مليارات دولار (حوالي 47 مليار جنيه). وسجلت 6.383 مليار دولار خلال عام 2020، مقارنة بـ9.429 مليار دولار خلال 2019.

وفيما تستورد مصر ما بين 35 إلى 40% من احتياجاتها البترولية من الخارج، تستهدف الحكومة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الوقود ومشتقاته خلال عامين.

حوادث الطرق

وفرت شبكة الطرق الجديدة التي جرى تنفيذها بأنحاء الجمهورية حوالي 13.4 مليار جنيه سنويًا، تمثل 44% من فاتورة خسائر حوادث الطرق في العام.

وتبلغ تكلفة حوادث الطرق فى مصر حوالي 30 مليار جنيه خسائر الطرق سنويًا، وفق دراسة حديثة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

وفي ظل شبكة الطرق الجديدة، تراجعت حوادث السير بنسبة 44%. كما تراجع استيراد مصر من قطع الغيار إلى 34.6 مليون دولار في الربع الأول من 2020، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019 والتي قدر فيها بـ39 مليون دولار. وهو ما يعني توفير 66 مليون جنيه من فاتورة استيراد قطع الغيار.

كما تشير المخططات الحكومية إلى أنّ حملة الطرق جزء من الجهود الرامية لتطوير المناطق العشوائية في مختلف أنحاء مصر وربطها بشبكات وسائل النقل والخدمات الأساسية. وفيما تعترض شبكة الطرق منازل أو مشروعات زراعية، يقول مسؤولون إن الحكومة تعوّض من تتم إزالة بيوتهم أو منحهم مساكن جديدة.

وإزاء ما سبق، بدأت مصر تنفيذ جيل جديد من وسائل النقل الجماعي، منها مشروع القطار الكهربائي الذي سيبدأ من قلب القاهرة من محطة مترو “عدلي منصور” متوجها إلى العاصمة الإدارية الجديدة وجميع المدن الجديدة شرق القاهرة، ومشروع المونوريل الذي سيخدم مدينة 6 أكتوبر والعاصمة الإدارية الجديدة، والقطار فائق السرعة الذي يجري الانتهاء من أعمال الطروحات الفنية والمالية بشأنه لنشرع خلال القريب العاجل في تنفيذه.