تداولت صحف ووكالات أنباء عالمية نبأ حول تعرض بنوك أسترالية كبرى وشركات طيران أمريكية لمشاكل تقنية ما أدى إلى تعطل مواقعها الإلكترونية وبعض خدماتها المرتبطة بالإنترنت. وتبين أن المشاكل، التي وقعت الخميس، لها علاقة بمشاكل تقنية واجهتها شركة “أكاماي” لخدمات الإنترنت.

وعانت الكثير من شركات الطيران في أستراليا والولايات المتحدة من تعطل مواقعها الإلكترونية بصورة مؤقتة في الساعات الأولى من صباح الخميس.

وقال بنك “كومنولث” الأسترالي لوكالة فرانس برس للأنباء “علمنا أن بعض عملائنا يواجهون مشاكل في الوصول إلى خدماتنا ، وهذا يطال العديد من المؤسسات، بينها عدد من البنوك الكبرى.

وقبل أيام قليلة وقع حادث مشابه حين تعطلت خدمات شبكة أخرى لإيصال المحتوى هي “فاستلي”، وهو ما تسببت في انقطاع خدمات الاتصال لمواقع كبرى مثل أمازون وموقع الحكومة البريطانية لمدة ساعة كاملة.

السطور السابقة تشير لوجود خسائر اقتصادية تسببها توقف شبكات الإنترنت، ولكن في المقابل توقف تلك الشبكات عن العمل يؤدي لنمو جوانب اجتماعية وفقا لما أكده العلماء، بعدما أصبح الاعتماد على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي طقسا اعتياديا ومستمرا في حياة أغلب المواطنين، لا نستطيع تخيل حياتنا بدونه.

لكن ماذا سيحدث عند توقف شبكات الإنترنت في العالم عن العمل، فجأة أو بسابق إنذار، لنتخيل سويا ماذا يمكن أن يحدث؟

 

3 مليارات يستخدمون الإنترنت حول العالم

هناك ثلاثة مليارات شخص حول العالم يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، أي ما يعادل 40 في المئة من سكان العالم، وفقا لتقرير نشرته بي بي سي، كما إننا نقضي في المتوسط نحو ساعتين يوميا في تصفح هذه المواقع والتفاعل من خلالها، وذلك وفقا لبعض الدراسات الحديثة، ويمكن القول إن هناك نحو نصف مليون تغريدة وصورة تنشران على موقع سناب تشات للمحادثة كل دقيقة.

الرقم السابق يشير لوجود مشاكل اجتماعية وربما نفسية بسبب كثرة الاعتماد على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ومنها كثرة التوتر،  ففي عام 2015، سعى باحثون بمركز “بيو” للدراسات، ومقره واشنطن دي سي بالولايات المتحدة، إلى معرفة ما إذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي تزيد من حدة التوتر لدى المستخدمين، أكثر مما تخففها.

وفي استطلاع أجراه المركز، وضم 1,800 شخص، عبرت النساء عن أنهن يشعرن بتوتر وضغوط أكثر من الرجال، عند استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. وتوصل الباحثون أيضا إلى أن موقع تويتر يعد مساهما قويا في هذا الشعور، لأنه يزيد من وعي المستخدمين بالتوتر الذي يتعرض له أشخاص آخرون غيرهم.

ويسبب الاعتماد على الإنترنت أو وسائل التواصل، تتتقلب الحالة المزاجية بجانب الشعور بالقلق والاضطراب والاكتئاب، ففي عام 2014، توصل باحثون في النمسا إلى أن المشاركين في إحدى دراساتهم تحدثوا عن تراجع في الحالة المزاجية عقب استخدام موقع فيسبوك لمدة 20 دقيقة، مقارنة بأشخاص تصفحوا فقط بعض مواقع الإنترنت في نفس الفترة الزمنية.

العزلة والوحدة أيضا من أضرار كثرة التواجد على الإنترنت، وتوصلت دراسة نشرت في المجلة الأمريكية للطب الوقائي العام الماضي، والتي استطلعت آراء 7,000 شخص ممن تتراوح أعمارهم بين 19 و32 عاما، إلى أن الأشخاص الذين يقضون وقتا أكثر على مواقع التواصل الاجتماعي، يصبحون أكثر عرضة مرتين للشكوى من العزلة الاجتماعية، والتي يمكن أن تتضمن نقصا في الشعور بالانتماء الاجتماعي، وتراجعا في التواصل مع الآخرين، وفي الانخراط في علاقات اجتماعية أخرى.

ماذا يحدث لو انقطع الإنترنت؟

لو تخيلنا جميعا أن الإنترنت انقطع لمدة 3 أيام متواصلة، فربما تخف حدة الأعراض السابقة عند من يعانون منها، فربما تصبح التجمعات العائلية والحديث مع الأهل هو المسيطر، لتظهر هنا مزايا الانقطاع عن الإنترنت، والبعد عن أثاره، ولكن في المقابل يكون لهذا الانقطاع تبعات أيضا سلبية، متعلقة بالإنتاج والعمل، أو الربط بين الأشخاص الذي يقيمون في مناطق متفرقة وبعيدة.

مع زيادة عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية، تزداد معه الاعتماد على الأعمال، ففي عام 1995، كان عدد مستخدمي الإنترنت أقل من واحد في المئة فقط من سكان العالم، وكان أغلبهم من الغرب، ويستخدمونه بدافع الفضول، حتى وصل عددهم اليوم إلى 4.8 مليار مستخدما، مما يعني أن الكثير من الشركات والموظفين بها يعتمدون عليه، ومع توقفه يتوقف العمل، ومع توقف العمل تأتي الخسائر الاقتصادية التي من الممكن أن تصل لفادحة في أوقات كثيرة.

ويوضح العلماء، أنه كلما زاد حجم الدولة وتقدمها، زادت صعوبة قطع الاتصال عنها بأكملها، كما أن هناك اتصالات عديدة بين الشبكات وبعضها داخل حدود البلد الواحد وخارجه، ويذكر أنه في عام 2008، طلبت وزارة الأمن الداخلي بأمريكا البحث في تبعات انقطاع الإنترنت، وتحليلا للآثار الاقتصادية لتعطل الكمبيوتر، وقطع خدمة الإنترنت في الولايات المتحدة من عام 2000 وما يليه.

خسائر فادحة

وبعد البحث في تقارير مالية ربع سنوية من 20 شركة، يُزعم أنها ستكون الأكثر تضررا، فضلا عن الإحصائيات الاقتصادية العامة، اكتشفوا أن انقطاعه لن يكون له تبعات مالية تُذكر، أو على الأقل لو انقطع لما لا يزيد عن أربعة أيام.

وجاء في التقرير أنه في بعض الحالات، الخسائر كانت فادحة، إذ بلغت مئات الملايين، أو مليارات الدولارات، ولكن لم تتكبد بعض المجالات، مثل الفنادق، وشركات الطيران، وشركات السمسرة، خسائر جسيمة، وإن كانت قد عانت إلى حد ما.

وعلى الجانب الآخر، تبعات انقطاع الإنترنت، لن تكون إيجابية لكثير من الأفراد، منهم عمال توصيل الطلبات، أو من يتم التعامل معهم إلكترونيا من خلال التطبيقات المختلفة، وأيضا للأمهات الذين يتابعون أولادهم في الحضانات بشكل مباشر من خلال الكاميرات، أو من يعملون على التعلم من بعد.

“حياة دائمة على الإنترنت”

مؤمن محمد، الباحث التقني، يرى في حديثه لـ”مصر 360″، أن الناس جميعا لا يمكنهم تخيل انقطاع الإنترنت ليوم واحد، لأن الجميع أصبحت حياته عبارة عن “إقامة دائمة على الإنترنت”، بحسب وصفه، فعند الإفراط في التعامل معه يسبب مشاكل بالفعل، ولكن على المستوى الاقتصادي فإن انقطاعه يسبب خسائر للعديد من الأعمال، كما أن البعض يتوهم أن مع اختفاء الإنترنت سيعود التواصل بين البشر، لكنه يغفل أن التواصل بين البشر لا يحدث أحيانا بدون إنترنت، خاصة عند وجود الناس في بقاع مختلفة.

يخبرنا مؤمن محمد عن الفرق بين إدمان الإنترنت الذي يخلف أثارا اجتماعية، وبين الاستخدام العادي الذي يسبب منافع كثيرة، منها البحث عن الوظائف أو التسوق أو التعليم عن بعد، ومعرفة أخبار العالم، وجميعها أمور لا تتم إلا من خلال الاتصال بشبكة الإنترنت.

الإنترنت أيضا يرتبط بالـ”جي بي إس” المسؤؤل عن تحديد الأماكن، وعند توقفه عن المل سيتوقف معه البرنامج، وقد لا نعلم كيف نصل لوجهات معينة لا نعرف طريق الوصول أو الطرق لها.