عرفت الكويت كأكثر دول الخليج انفتاحًا، ومع ذلك تذيلت مؤشر البنك الدولي الخاص بـ”المرأة وأنشطة الأعمال والقانون”. ذلك المؤشر الذي يقيس الحقوق القانونية للمرأة وسهولة الوصول إلى الفرص الاقتصادية. وفي ظل جائحة كورونا تصاعدت حدة العنف المنزلي ضد النساء في العالم وكانت الكويت واحدة منهم.
وفي مصر أيضًا لم يختلف الوضع كثيرًا عن العالم الذي تضرر بشدة من الوباء. فأفاد استطلاع رأي للمركز المصري لحقوق المرأة بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة. بأن 72% من النساء انخفضت دخول أسرهن. كذلك تسببت الجائحة في مضاعفة مشكلات الأسرة.
كيف أثرت الجائحة على وضع النساء؟
كما أفاد الاستطلاع بأن النساء يمثلن 70% من العاملات بالخطوط الأمامية في القطاع الصحي. في مجالات التمريض والنظافة وتجهيز الأطعمة على وجه التحديد. ما أدى لتغيير أنماط الحياة وازدياد معدلات العنف بشكل “مروع” في الأسرة. ومجال العمل على السواء، بحسب ما توصلت إليه نتائج الاستطلاع.
ووصلت نسبة البلاغات التي قدمتها النساء لأكثر من 70%. كما أدى وقف أعمال السلطة القضائية وإغلاق محاكم الأسرة بكافة دوائرها. لتعطيل تنفيذ الأحكام التي سبق أن حصلت عليها النساء في قضايا مماثلة. كالميراث والنفقة وسكن المطلقة وغيرها، ما أدى لمضاعفة العنف إزائهن خلال الجائحة.
ومن قبل الجائحة عرف المجتمع المصري ارتفاعًا في وتيرة العنف على أساس النوع. ففي دراسة أجراها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء حول الظاهرة عام 2017. كان 90% من النساء تم ختانهن. و42٫5% من النساء تعرضن للعنف من قبل أزواجهن. و37% من إجمالي النساء اللاتي يتعرضن للعنف على يد الأزواج أميات. و35٫1% من النساء يتعرضن للعنف البدني. و47٫5% تعرضن للعنف النفسي. و14٫5% يتعرضن للعنف الجنسي. بينما و86% من النساء اللاتى تعرضن للعنف يعانين مشكلات نفسية.
كذلك بلغت خسائر المرأة من العنف إلى 1.49 مليار جنيه في عام واحد جراء العنف الممارس ضدها. منها 831 مليون جنيه تكلفة مباشرة من جراء العنف. بينما 662 مليونًا كانت تكلفة غير مباشرة أو معنوية.
تزايد أحداث العنف في الكويت
وكما الحال في مصر فإن تقرير البنك الدولي الذي نشر على مدونة البنك الدولي يشير إلى تزايد حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي. والتي أثارت غضب الشارع بدوره، وفجر ذلك مزيدًا من المطالبات بتوفير حماية أكبر للمرأة ضد العنف.
واعتمد النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي والتضامن المجتمعي بعد وقوع حادثة عنف هزّت الرأي العام في الكويت مؤخرًا. وخرجت احتجاجات نسائية واسعة تطالب بسن قوانين رادعة لمنع تكرار مثل هذه الجرائم.
الجريمة اختطف فيها رجل امرأة وقتلها وألقى جثتها أمام مستشفى. وسبق للضحية أن أبلغت الشرطة عن الجاني لكن لم يتخذ ضده أي إجراء جدي. وهو الأمر الذي أثار غضب كثير من الناشطات. إذ أحيين حدادًا رقميًا استجاب له عدد كبير من النساء. عبر الإنترنت من خلال الوقوف وقفة صمت احتجاجًا ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي وقتل النساء.
وقبل 3 أشهر أطلقت ناشطات كويتيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي حملة على مستوى البلاد لتسليط الضوء على التحرش والعنف ضد المرأة. تحت عنوان “لن أسكت”.
تحديات تواجه المرأة الكويتية رغم الرفاه
يشير تقرير مدونة البنك الدولي إلى أن خطوة السيدات بالتحدث علانية ضد التحرش والتمييز والعنف ضد المرأة في الكويت. بمثابة تحدى للأعراف المحافظة.
تشكل النساء نصف عدد سكان الكويت وأصبحن تدريجياً أفضل تعليماً. فبحسب تصنيف اليونيسف يمثلن 76% من خريجي الجامعات، وتعيّن في وظائف الإدارية بأعداد أكبر من الذكور. إذ تشغل النساء 66% من الوظائف المدنية في الكويت.
وبحسب المدونة فإن المجتمع الكويتي الحر والمفتوح والآمن سيسمح للمرأة والدولة بشكل عام بالتطور إلى إمكاناتها في أسرع وقت ممكن. لكن هذا لا يحدث في إشارة من التقرير على الوضع الحالي.
ويقول التقرير: “رغم المستويات المعيشية المرتفعة تواجه المرأة تحديات متزايدة للمساواة في المجتمع الكويتي. من حيث الزواج والمسؤوليات المنزلية والطلاق والميراث والمواطنة والمشاركة الاقتصادية والفرص والتمكين السياسي”.
تراجع التمثيل النسائي في الكويت
يلفت التقرير إلى تراجع مرتبة الكويت في السنوات الماضية من مسألة التمكين الاقتصادي والمشاركة السياسية.
يشير معدو التقرير إلى أن “الكويت قد ترغب في النظر في السماح للمرأة بالحصول على وظيفة دون إذن زوجها. وحظر التمييز في العمل على أساس الجنس. وسنَ تشريعات تحمي المرأة من التحرش الجنسي في العمل. بالإضافة لفرض عقوبات جنائية أو مدنية على التحرش الجنسي في العمل”.
وعلى مستوى التمثيل السياسي شهدت انتخابات الكويت في ديسمبر 2020 غياب تمثيل المرأة في البرلمان. ما يعني أن القضايا التي تهم المرأة، مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي، لن تحظى بالاهتمام المنشود وفقًا للتقرير.
وفي غياب النساء عن المناصب القيادية، ستفشل الكويت في إحراز تقدم في القضايا الأساسية الأخرى مثل الحقوق الإنجابية وإجازة الأمومة. كذلك إنشاء دور رعاية نهارية لدعم مشاركة المرأة في سوق العمل وتوفير وصول أكبر إلى الفرص الاقتصادية.
خطوة على الطريق الصحيح
لكن توجد مؤشرات على أن الكويت تسير في الاتجاه الصحيح. إذ سنت الكويت قانوناً جديداً لحماية المرأة من العنف الأسري في 20 سبتمبر عام 2020.
وبحسب منظمة هيومان رايتس ووتش: “أنشأ القانون لجنة وطنية – تضم ممثلين من مختلف الوزارات والمجتمع المدني – لوضع سياسات لمكافحة العنف الأسري وحماية النساء منه. كما ستقدم اللجنة توصيات لتعديل أو إلغاء القوانين التي تتعارض مع قانون العنف الأسري الجديد.
كذلك ويعمل التشريع الجديد على تأسيس مراكز إيواء وخطًا ساخنًا لتلقي شكاوى العنف الأسري. كما يقدم المشورة والمساعدة القانونية للضحايا. كذلك يسمح بإصدار أوامر حماية طارئة (أوامر تقييدية) لمنع المعتدين من الاتصال بضحاياهم.
وبحسب التقرير يمكن للكويت التعويل على هذا التقدم ومعالجة الثغرات في الحماية القانونية، مثل المادة 153 من قانون العقوبات التي تتناول “جرائم الشرف”.
فبموجب القانون، لا يُعاقب الرجال الذين يقتلون أمهاتهم أو أخواتهم أو بناتهم أو زوجاتهم اللواتي قبض عليهن في وضع مشبوه. بأكثر من عقوبة جنحة محددة بالسجن لمدة 3 سنوات وغرامة رمزية.
وسيؤدي إلغاء هذه المادة إلى مواءمة القانون مع التشريع الذي أقرّ حديثًا ضد العنف الأسري وتوفير حماية متساوية للنساء. لكن على الرغم من سنوات من الحملات ضده، لا يزال القانون قائمًا.
يؤكد التقرير أنه حان الوقت لإلغاء مثل هذه القوانين التي عفا عليها الزمن. وضمان تنفيذ القوانين الجديدة التي تم إقرارها. كذلك العمل على سن نظام قانوني لا يميز بين الرجل والمرأة.
وتابع التقرير: “لا ينبغي للكويت أن تنتظر مأساة أخرى لإحراز التقدم المنشود. إذ يجب على الرجال أن يأخذوا هذه الدعوة للعدالة بحماس كما فعلت النساء في الأيام والأسابيع والأشهر وحتى السنوات الماضية”. مؤكدين ضرورة عملهم على خلق بيئة آمنة للأمهات والبنات والأخوات والزوجات من جميع أشكال العنف. ووجود القوة والتعاطف والمرونة.