نشر الموقع الإلكتروني “إثيبوبيا إنسايت” المتخصص في الشأن الإثيوبي الداخلي، مقال رأي يكشف تفاصيل أزمة إقليم بني شنقول، وجملة التحديات أمام حكومة آبي أحمد قبل أيام من الانتخابات المقرر إجراؤها الاثنين 22 يونيو الجاري.
المقال المعنون بـ”الوضع المتصاعد في إقليم بني شنقول – جوموز” نرصد أهم ما جاء فيه من خلال التقرير التالي..
إن التقاطع الخطير للانتخابات التي تمت إعادة جدولتها ثلاث مرات ومسألة الملء الثاني لسد النهضة. كذلك الصراعات الناشئة مع الجيران الإقليميين تجعل مستقبل البلاد غير قابل للتنبؤ بشكل متزايد. تقع ولاية بني شنقول-جوموز الإقليمية في مركز مفترق الطرق المعقد عند موقع السد على الحدود مع السودان. وتغطيه الفوضى التي ستمنع العديد من ناخبيه من المشاركة في الانتخابات الوطنية المقبلة.
ومع جذب الاهتمام الوطني والدولي في اتجاهات عديدة خاصة في إقليم تيجراي. يتم التغلب على مشكلات بني شنقول-جوموز. إذ إن الأقليم لا يتلقى الدعم الإنساني الذي يحتاجه السكان هناك أو الاهتمام الذي يستحقونه.
تدهور الوضع الأمني وتطوره
مرت أكثر من 6 أشهر منذ ذبح أكثر من 207 أشخاص في يوم واحد في 24 ديسمبر 2020 في باكوجي. تبع ذلك مقتل أكثر من 80 شخصًا في مكان يُدعى داليتي في منطقة ميتيكيل. ومنذ ذلك الحين، تفشى الموت من جراء العنف في الإقليم.
نزح أكثر من 100 ألف شخص معظمهم من أمهرة وأغاو إلى شاجني ومخيم رانش. كما أن هذا الرقم لا يشمل التهجير غير المحسوب وغير المبلغ عنه لسكان جوموز وشناشا الذي حدث داخل منطقة ميتيكل. يأتي هذا بينما قتل الغوغاء رجلًا من جوموز في 12 أبريل، في قلب المدينة أمام السلطات الحكومية، ما يعد أحد علامات الفوضى العديدة التي لا يمكن السيطرة عليها.
في غضون ذلك، لا تُظهر الاستجابة الأمنية في بني شنقول-جوموز أي قدرة على التهدئة. الطرق الرئيسية لا تزال مغلقة، حتى مركبات النقل الخاضعة لحراسة مشددة والتي تسافر إلى موقع سد النهضة برفقة جنود مسلحين. ليست في مأمن من هجمات الميليشيات. ومع مرور الوقت، تعمل ميليشيات جوموز على تعزيز ممتلكاتها وقدراتها، وتوسيع وفرض وجودها في منطقتي كاماشي وأسوسا.
في 2 أبريل، أعلنت ميليشيات جوموز سيطرتها على المركز الإداري لسيدال ويريدا في كاماشي بالقرب من موقع بناء سد النهضة. بعد أيام استعاد الجيش الوطني السيطرة على المدينة. لكن الحدث كشف جهازًا أمنيًا متدهورًا، تاركًا انطباعًا لدى العديد من المدنيين بأن لديهم أمل ضئيل في الحصول على الحماية المناسبة.
مفاوضات المتمردين
أعلنت الحكومة توقيع اتفاق مع الميليشيا في 18 مايو الماضي. تضمن الاتفاق تقاسم السلطة على مستوى الوريدا والمنطقة الإقليمية. كذلك خلق فرص عمل. وإتاحة الوصول إلى خدمات الدعم المالي، وإعطاء الأراضي الحضرية والريفية لأعضاء المليشيات.
وقوبل هذا بردود فعل متباينة بين سكان ومراقبي المنطقة، فبالنسبة للكثيرين يعد الاتفاق مؤشرًا على أن المكاسب الإيجابية يمكن أن تأتي من العنف. كما تغري الاتفاقية الآخرين لتحقيق رغباتهم من خلال العنف. وجادل أولئك الذين أيدوا الاتفاق بأن التفاوض والتسوية أمران إيجابيان بطبيعتهما ويجب تقديرهما.
مع تصاعد المظالم ضد نظام الإثيوبي في 12 أكتوبر 2020. دعا رئيس مركز القيادة ونائب رئيس الوزراء ديميكي ميكونون رسميًا المواطنين في ميتيكل. للتنظيم وتسليح أنفسهم للدفاع. ما يشير إلى عدم قدرة الحكومة على توفير الأمن والحفاظ على القانون والنظام في المنطقة. بينما اعتبر الكثيرون أن خطاب ديميكي كان مدفوعًا بالعاطفة وتم توجيهه تحت ضغط القوميين الأمهرة.
ورغم هذه الحقيقة دمجت الحكومة الإقليمية على الفور استراتيجية الدفاع المدني كجزء من منع الصراع وبناء السلام. وتم تجنيد أكثر من 10 آلاف من أفراد الميليشيات وتلقوا تدريبات عسكرية برعاية الحكومة في جميع ولايات ميتيكل. كان يمكن أن يكون نزع سلاح المجموعة المسلحة حلاً أفضل من تسليح المجموعة غير المسلحة. إذ أنه من المحتمل أن تؤجج المزيد من الصراع ما يضع المنطقة في دائرة صراع مفرغة.
وبغض النظر عن فشل المحاولات جميعها، أخيرًا شعرت الحكومة الإقليمية بأنها مضطرة للدخول في حوار ومفاوضات مع ميليشيا جوموز.
العدل مقابل السلام
أثارت ترتيبات تقاسم السلطة المقترحة مع الميليشيات الكثير من الدهشة، خاصة بعد التخلي عن التحقيق في الجرائم وضمان المساءلة، فإن الاتفاقية الموقعة أهملت أيضًا قضية العدالة.
رفضت الأحزاب السياسية المعارضة، مثل حزب بورو الديمقراطي، اتفاقية 18 مايو بين الحكومة الإقليمية وقادة الميليشيات التي تضمنت تقاسم السلطة باعتبارها غير شرعية.
كما ذكر أن الطريقة الوحيدة لتولي السلطة يجب أن تكون من خلال الانتخابات. كذلك أعرب الحزب عن إحباطه من رغبة الحكومة الإقليمية في تقاسم السلطة مع ميليشيات غير قانونية. بينما يتم سجن واضطهاد الأحزاب السياسية المنظمة قانونًا في المنطقة.
بالنسبة لعدد كبير من الإثيوبيين، فإن مؤسسات الدولة ضعيفة ويمكنهم بسهولة أن يتخيلوا كيف أن نظام العدالة في مكان مثل بني شنقول-جوموز سيكون غير مجهز للتحقيق في عمليات القتل الجماعي ومحاسبة مرتكبيها. ومع ذلك كان ينبغي إدانة عمليات القتل بأقوى العبارات الممكنة.
في ظل غياب رد فعل فعّال بالإضافة إلى ذلك التفاوض الضعيف، تضاءلت الثقة الشعبية في السلطات الإقليمية ومركز القيادة والمؤسسات الحكومي، نتيجة لذلك عملت الميليشيات على تعزيز قبضتها وقدرتها على المساومة.
انعدام الأمن الغذائي
مع أراضيها الشاسعة والخصبة، كان يُنظر إلى بني شنقول-جوموز يومًا على أنها ممر تنمية حاسم في البلاد. إذ شارك العديد من المستثمرين سابقًا في تجارب زراعية ناجحة، حيث تم إنتاج مجموعة متنوعة من المحاصيل المهمة كالسمسم والفول السوداني. حتى أصحاب المزارع الصغيرة اعتادوا على تحقيق فوائض إنتاج كل عام. لكن لسوء الحظ يعاني الناس في ميتيكيل في العامين الماضيين من نقص كبير في المواد الغذائية. إذ تلوح المجاعة في الأفق.
انتخابات غير مكتكلة
ألقى الصراع الذي بدأ في أنحاء مختلفة من البلاد وانسحاب الأحزاب السياسية الشعبية من الانتخابات، بظلاله على الانتخابات الوطنية المتعثرة.
في 21 مايو الماضي أكد المجلس الوطني للانتخابات في إثيوبيا أن عملية الاقتراع ستجرى في 21 يونيو لن تحدث في منطقتي ميتيكل وكاماشي. كما أشار إلى أن تسجيل الناخبين لم يحدث لأسباب أمنية. ما يعني أن الانتخابات ستجرى فقط في منطقة أسوسا التابعة لبني شنقول-جوموز.
على الرغم من أن المجلس الوطني للانتخابات في إثيوبيا أكد أن الانتخابات في منطقة كاماشي وميتيكل ستجرى في 6 سبتمبر، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كان ذلك ممكنًا في ظل استمرار الأزمة الأمنية هناك.
وبحسب دستور المنطقة، يجب أن يكون لمجلس ولاية بني شنقول- جوموز 100 مقعد في البرلمان. بينما يضم الحالي 99 مقعدًا. كما تضم منطقة أسوسا 42 مقعدًا بينما تحتوي منطقتي ميتيكل وكاماشي على 33 و20 مقعدًا على التوالي. أما المقاعد الأربعة المتبقية تنتمي إلى ماوكوما، وويريدا.
بعبارة أخرى فإن انتخابات يوم الاثنين ستجرى في 46 دائرة انتخابية إقليمية فقط لكنها لن تجرى في 53 دائرة لأسباب أمنية.
غياب للعدالة وصدمة مجتمعية
في غياب العدالة لا يمكن أن يسود السلام، وبالتالي يجب على الحكومة الإقليمية والفيدرالية العمل بشكل تعاوني للتحقيق في الوضع ومحاسبة الجناة. يتطلب جزءا من هذا العمل معالجة العوامل الأساسية التي أججت الأزمة.
لا ينبغي التقليل من الصدمة المجتمعية للعنف الدائر هناك العديد من الأشخاص، بمن فيهم الأطفال فقدوا أسرهم بالكامل بسبب النزاع في بني شنقول جوموز. تمزقت المجتمعات وسوّت القرى بالأرض يجب أن يصاحب الدعم المادي دعم نفسي اجتماعي.
ومن المنتظر أن تجلب عودة النازحين إلى قراهم حلولاً دائمة ولكن يجب التعامل معها بعناية: أولًا يجب السيطرة على منطقة ما بشكل فعال، ما يضمن توافر مستويات مناسبة من الأمن والخدمات الاجتماعية والفرص الاقتصادية للعائدين. نظرًا لتدمير العديد من المؤسسات الاجتماعية والمنازل، يجب مراعاة أشياء مثل بناء البنية التحتية ودعم إعادة بناء المنازل.
قد تؤدي عودة الناس إلى قراهم السابقة دون ضمان هذه الشروط المسبقة إلى جولات متجددة من النزوح والدمار. بالطبع يتطلب هذا تحقيق تنسيق وتضافر الجهود بين المنظمات الإنسانية والجهات الحكومية.
مع توقف المفاوضات حول تسجيل وتشغيل سد النهضة، قد ينجذب الشباب الساخطون إلى طلب الدعم من السودان أو مصر. بالفعل تشير التقارير إلى وجود عمليات تدريب للميليشيات على الحدود بين إثيوبيا والسودان. كانت هناك تقارير تفيد بأن قوات الدفاع الوطني الإثيوبية اتخذت إجراءات بشأن ما يصل إلى 500 شاب قادم من السودان مع التدريب والتسليح.
في بيان صدر في 1 مايو، زعمت الحكومة السودانية أن بني شنقول-جوموز ربما تكون أراضيها وهو استفزاز أدانته بسرعة وزارة الخارجية الإثيوبية.
ترجمة- وفاء عشري