منذ عرفت مصر تأسيس الأحزاب السياسية، لم يتوقف هواة رفع الدعاوى، ومحترفو الشهرة عن رفع قضايا على الأحزاب والجماعات السياسية فى محاولة منها لتملق السلطة والتقرب إليها، ونجد أغلب دعواهم لا تعتمد إلا على قصاصات الصحف الصفراء، أو شائعات المخبرين والمرشدين، فتخرج تلك الصحف تقريباً بلا تأسيس قانونى حقيقى، مفتقدة لكل الجوانب المهنية الجوهرية، بل ويعجز حتى صاحبها عن وضع تكييف قانونى صحيح لها، أو تحديد صفته ومصلحته فى رفع الدعوى، كما قد يفشل فى تحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع، وقد لا يدرى أيضا أن القانون تغيرت نصوصه وقواعده من عشر سنوات تقريباً.
اقرأ أيضا:
فالقانون ٤٠ لسنة ١٩٧٧ قد تم تعديله بالقانون ١٢ لسنة ٢٠١١، وهذا التعديل استحدث المشرع فيه:
(١) تنظيم خاص إعلاءً وصيانة لحرية تكوين الأحزاب، وتخفيفاً من قبضة جهة الإدارة على شئون تلك الأحزاب، وكان أبرزها: النص على تشكيل لجنة شئون الأحزاب تشكيلاً كاملاً من قضاة بصفاتهم، وإبعاد الشخصيات العامة ورئيس مجلس الشورى والوزراء الذين كانوا فى تشكيلها سابقاً.
(٢) أسند الاختصاص بنظر منازعات الأحزاب السياسية إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الادارية العليا بتشكيل قضائى كامل.
(٣) ألغى التعديل اختصاص لجنة شئون الأحزاب باصدار قرار بوقف نشاط الحزب مؤقتاً أو وقف إصدار صحفه أو أحد قياداته، أو قراراته.
ومن ثم لم يعد للجنة شئون الأحزاب السياسية حيال الأحزاب السياسية، سوى سلطتى الاعتراض على تأسيس الأحزاب السياسية عند إيداع أوراق تأسيسها، وطلب حل الحزب السياسى وتصفية أمواله وتحديد الجهة التى تؤول إليها. ولم يعد لها أى سلطة بشأن وقف نشاط الحزب أو إصدار صحيفته، بعدما افتقرت هذه السلطة سندها التشريعى الذى كانت تتساند إليه سابقاً.
ولا يجوز للجنة شئون الأحزاب بعد هذا التعديل أن تصدر قراراً بحظر أو وقف مزاولة الحزب لنشاطه أو إصدار صحيفته، وإلا يعتبر قرار لجنة شئون الأحزاب مخالفاً لأحكام الدستور والقانون.
ومن ثم فإن أى طلب بإلزام لجنة شئون الاحزاب بإصدار قرار بحظر الحزب أو وقف نشاطه يفتقر إلى سند قانونى مما يدفع المحاكم للقضاء بعدم قبول الطعن لإنتفاء صفة رافعها أو لانتفاء القرار الإدارى.
وقد انتهت المحكمة الإدارية العليا اليوم فى قضية مصر القوية إلى عدم قبول دعوى إلزام لجنة شئون الأحزاب بوقف نشاط الحزب، لرفع الدعوى من غير ذى صفة.
وفى قضية العيش والحرية، كانت لجنة شئون الأحزاب السياسية قد أرسلت للمحكمة ما يفيد خلو قائمة الأحزاب السياسية من اسم حزب العيش والحرية، وعدم وجود ثمة مستندات تخصه لدى اللجنة.
ولما كان الحزب مازال فى مرحلة التأسيس، ولم يتقدم بأوراقه للجنة شئون الأحزاب، ولم يتم إشهاره وفقاً للقانون، فليس للجنة شئون الأحزاب أى دور حياله، لأن اختصاص اللجنة بشأن الأحزاب يبدأ من تاريخ تكوينها (إشهارها قانونا) وحتى تاريخ انقضائها (حلها)، وليس قبل ذلك ولا بعده، ومن ثم قضت المحكمة بعدم قبول دعوى إلزام لجنة شئون الأحزاب بوقف نشاط الحزب، لانتفاء القرار الإدارى، لأن لجنة شؤون الأحزاب ليس من اختصاصها إصدار قرار بشأن حزب لم يشهر قانوناً.
اقرأ أيضا:

الأحزاب بعد 30 يونيو.. ملاحقة وتهديد وأفكار هشة