تسببت واقعة فريدة من نوعها في إثارة غضب سكان محافظة الغربية بعد أن اتهم محافظها الدكتور طارق رحمي مواطنين اثنين بالإزعاج عبر رسالة “واتس أب”، وحرر ضدهما بلاغًا حمل رقم 6039 لسنة 2021 إداري قسم أول طنطا، فيما عرف بواقعة “سيدة المحلة”.

النائب عن المحافظة أحمد بلال أوضح أنه تلقى اتصالًا هاتفيًّا أمس يفيد باحتجاز إحدى المواطنات التابعة لدائرته في قسم أول طنطا، وعرضها على النيابة والتحقيق معها، بسبب بلاغ محافظ الغربية ضدها بقيامها بإرسال رسالة على “واتس آب” تطالبه فيها بمراجعة قراراته.

وأشار النائب، في تصريحات خاصة، بأنه لا يعلم فحوى الرسالة على وجه التحديد، كما أن مواطنا آخر يشاركها نفس الاتهام، لإرساله برسالة ينتقد فيها قرارات المحافظ بدوره.

ولكنه في الوقت نفسه أقر بأن النيابة العامة وبعد التحريات اكتشفت أن الهاتف لم يكن في حوزة السيدة، بل في حيازة نجلها المراهق البالغ من العمر 16 عاما، وأنه هو من قام بإرسال الرسالة المشكو بحقها، وعليه تم إخلاء سبيلها بعد قضاء ليلة في حجز القسم.

النائب أيضا قال إن قوات الأمن احتجزت الطفل في قسم ثالث المحلة منذ فجر اليوم، وفي غضون ذلك يتم التحقيق معه بدوره في نيابة الطفل، كذلك وجهت اتهامات للمواطنين تتعلق بقذف موظف عام، وإساءة استعمال أجهزة الاتصال.

أما المتهم الثاني فهو مواطن بسيط يعمل مبيض محارة أرسل للمحافظ رسالة ينتقد فيها التكسير الحاصل في شارع الترعة الكائن بمدينة المحلة، مضيفا: “قد تكون اللغة خانت المواطن نظرا لبساطته ولكنها لم تصل إلى درجة السب أو القذف مثلا”.

تعنت المحافظ

وحول ملابسات الواقعة أكد النائب أنه حاول بشتى الطرق التواصل مع المحافظ لإنهاء الأزمة، وامتنع عن الرد على الهاتف، كما أنه انتظر طوال اليوم أمام مكتبه، ولكنه رفض تماما مقابلته، رغم كونه ممثل للشعب.

وأكد النائب أن زوج السيدة وأسرتها حاولوا التواصل مع المحافظ، وتقديم الاعتذار عما بدر منها، ولكنه تجاهل أيضا محاولاتهم، ومضى قدما في بلاغه المقدم بحقها.

أحمد بلال

واعتبر النائب أن قضاء سيدة وأم ليلة في قسم الشرطة بسبب مشكلة بسيطة يمكن حلها، بالرغم من محاولة الاعتذار عنها، أمر بالغ الاهانة لجموع المواطنين، مؤكدا أن سيدات المحلة خط أحمر.

وقال النائب: “نحن أمام محافظ تسبب في احتجاز أم وطفلها رغم براءة السيدة مما وجه لها، ولكن قضت ليلتها في قسم الشرطة” معقبا: “حاليا نحاول حفظ كرامة المواطنين عبر إطلاق سراحهم ولكننا لاحقا سنتخذ الإجراءات التشريعية اللازمة أمام مجلس النواب”.

كما أعلن النائب أن وفدًا من لجنة الحريات بنقابة المحامين حضر متطوعًا مع سيدة المحلة، المحتجزة في قسم أول المحلة.

وكانت تقارير اعلامية أكدت أن السيدة، تم احتجازها واقتيادها من قبل قوات الأمن من مبنى ديوان عام المحافظة، على إثر بلاغ الدكتور طارق رحمي، وأن كل من المحامين وليد البيلي، صموئيل ثروت، والسيد الجمال، هم البمفوضًين من نقابة المحامين في الغربية، للدفاع عن السيدة بحسب إعلان النائب.

احتجاز “سيدة المحلة” استغلال لثغرات القانون

المحامي ياسر سعد اعتبر أن اقتياد السيدة من مبنى المحافظة على اثر بلاغ المحافظ انتهاكا لحرية المواطنين، وأن توصيف ما قامت به السيدة هو من اختصاص السلطة القضائية، وأن تراتب الأحداث يشوبه التعسف من قبل سلطات الأمن نظرا لنفوذ الشاكي.

ونوه سعد في الوقت نفسه إلى أن محاضر من مثل هذا النوع لا تستوجب احتجاز السيدة، وأن في حالة وجوب احتجازها، تكون المعاملة بالمثل بالنسبة للطرف الآخر، وهو المحافظ في هذه الحالة.

وأشار سعد إلى أن الإجراءات المتخذة قد تبدو قانونية في ظاهرها، ولكن التفاصيل يشوبها الكثير من العوار، التي سببها نصوص القانون المطاطة وغير الواضحة أيضا.

فمثلا، اعتاد رجال الأمن الحصول على إذن النيابة عبر الهاتف، وأحيانا بعد إتمام القبض على المواطنين، كما لم يحدد القانون نفسه الجهة المخول بها تنفيذ الإذن، أو طريقة تنفيذه، فلم يحدد القانون حالات احتجاز المواطن، أو إخباره بضرورة الحضور عبر الهاتف، وترك الأمر لتقدير سلطات الأمن.

واعتبر سعد أن ما حدث اعتداء سافر من قبل السلطة التنفيذية على السلطات القضائية، وخلط للأدوار عبر استغلال ثغرات القانون، بتنفيذ ما تقرره السلطتان التشريعية والقضائية هو فقط الدور المنوط بها.

سعد حذر من أن تغول السلطة التنفيذية، وتمدد نفوذها الحاصل منذ وقت على السلطات القضائية، خاصة في ظل استغلال الجناح الأمني لسطوته، قد يؤدي إلى فصل المجتمع، وانهياره، عبر الانتهاكات المتبادلة بين السلطات.

من جانب آخر أكد سعد أنه في حال توجيه التهم نفسها إلى طفل كحالة نجل الشاكية، فإن الأمر يستدعي احتجازه بمقرات خاصة بالاطفال، لا مقار الأقسام، وعرضه على نيابة الطفل خلال 24 ساعة، وإلا يعد الأمر انتهاكا للإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات.

رد فعل غاضب من المواطنين

وكان المواطنون قد أظهروا غضبا من خطوة المحافظ على مواقع التواصل الاجتماعي، فالبعض استغرب من إهمال المحافظ لمشاكل المحافظة، ورفضه لأي انتقاد، وعقب أحد المواطنين “هو جاي يخدمنا ولا يحبسنا”.

مواطن آخر بادر بالقول “طب احنا كمان عاوزين نقدم بلاغ ي المحافظ على الإهمال والازعاج إلى سببهولنا”، كما عقب ثالث بالقول: ” اول مره اشوف حد يتحبس من غير اذن نيابه معتمد من صيغه تنفيذيه بالحبس ناتجه عن حكم قضائى نهائى ايه الميغه دى لازم يتحاسب هو وكل ايلى ارتكب الجريمه دى ده سوء لاستخدام السلطة”.

المحافظ يتهم السيدة بسبه

في المقابل، أصدرت محافظة الغربية اليوم بيانا عن تحرير المحافظ، محضرا ضد سيدة بمدينة المحلة؛ بتهمة الإساءة إليه من خلال رسالة عبر “واتس آب” أرسلتها على رقمه الشخصي.

وأكدت المحافظة أن الدكتور طارق رحمي استلم منذ عدة أسابيع، مجموعة رسائل عبر رقم “واتساب” الشخصي له، تحمل إساءة إلى شخصه وصفته، وبعيدة كل البعد عن النقد والاحترام، وذلك من خلال رقمين غير معلومين؛ الأمر الذي استدعى إفادة الجهات المختصة لإعمال شئونها، والتي بدورها أجرت على مدار الأسابيع الماضية تحريات عن تلك الأرقام واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وأضاف البيان: “وتهيب محافظة الغربية بالمواطنين تحري الدقة وعدم الانسياق وراء الشائعات التي من شأنها إثارة البلبلة، فالنقد حق مكفول للجميع دون الإساءة والتجريح والاعتداء على الحياة الخاصة”.