أكثر من 13 مليون مشاهدة حققتها أغنية الراب الفلسطينية “إن أن” على منصة يوتيوب للمغنين الفلسطينيين ضبور وشب جديد.
جاءت أغنية “إن أن” في أعقاب الأحداث الأخيرة التي وقعت في حي الشيخ جراح في القدس ومحاولات قوات الاحتلال تهجير العائلات من منازلهم أمام أعين المجتمع الدولي.
الأغنية مثلت توثيق لمقاومة الأهالي في القدس: “مرحب فيك في أولاد القدس/ بندبر حالنا نحل اللغز/ رنات على نفحة وكله بخش/ ولك شوفنا وياما وكله بصف/ ولا مرة نخاف ولا مرة ونص”.
كما تناولت المقاومة في غزة: “أنا زي النووي سلاح فتّاك، في بغزة رجال تحفر أنفاق، ترجع بشوال وملان أشلاء”.
وانتقدت الأطراف الفلسطينية المتماهية مع الاحتلال: “بوم بخ وطني باعوا ميزانه/ وكيف بس عر*** نص ولاده”.
هنا نتحدث عن ضجة كبيرة أثارتها أغنية مغنيين الراب الفلسطينيين ضبور وشب جديد، ورغم دلالة النجاح للأغنية التي تظهر من عدد مشاهداتها، إلا أن هناك دلالة أخرى وهي أن أكثر من 13 مليون مشاهد من العالم كله قد تعرف على اعتداءات إسرائيل على الفلسطينيين بالشيخ جراح من خلال الأغنية، ما يجعلنا نستطيع القول، إن الراب الفلسطيني أصبح قوة ناعمة حقيقية لفضح الاعتداء الإسرائيلي.
أغان كثيرة ظهرت في أحداث الشيخ جراح وكانت معبرا قويا عنها وسلاحا يعطي الأمل للفلسطينيين، وكاشفا لممارسات الاحتلال أمام العالم، منها أغنية “حارتي” للمغني بيج سام، وأغنية “مريم للمغني إبراهيم، وأغنية “شيخ جراح” للمغني ضبور، وأغنية “إن أن” الشهيرة.
لطالما كان الفن الفلسطيني أحد أدوات المقاومة التي تستخدمها من أجل التنديد بجرائم الاحتلال الفلسطيني ورفع الروح المعنوية للمقاومة.
نشأة الراب الفلسطيني
تعود نشأة الراب الفلسطيني إلى عام 1999 مع ظهور فرقة قادمة من مدينة “اللد” الفلسطينية تغني هذا النوع من الموسيقى تدعى فرقة “دام”، ونستطيع القول، إن هذه الفرقة هي من افتتحت مجال الهيب هوب في فلسطين.
وعلى الرغم من أن تلك الفرقة لم تكن معروفة في بداية عملها في هذا العام، إلا أن أغنية “مين إرهابي” التي أنتجتها عام 2000 كانت بداية شهرتها، التي غنتها فرقة دام بالتزامن مع الانتفاضة الفلسطينية.
نشأ الراب الفلسطيني عام 1999 كتقليد للراب الأمريكي، حتى أن نقاد الموسيقى يصفون تلك الفترة بأنه راب قديم لم يكن يعبر عن الفلسطينيين، لكن السنوات الأخيرة كشفت عكس ذلك، وأثبت اكتسابه الجنسية الفلسطينية.
قضايا مصيرية في أغاني الراب
في آخر 5 سنوات اتخذ الراب الفلسطيني اتجاها آخر بعيدا عن صفته القديمة ليعبر عن أحوال الفلسطينيين الحقيقية، وآمالهم في تحرير بلدهم، وتميز الراب الفلسطيني في تلك السنوات بالجمل القصيرة والإيقاع السريع، وتم تسميته براب “التراب”.
وكان السبب في ظهور هذا النوع عدد من مغنيين الراب الجدد مثل “مقاطعة”، و”بيج سام”، و”هيكل”، و”ضبور وشب جديد” صاحبا أغنية “إن أن” التي أثارت الضجة الكبرى.
وكما ظهرت أسماء جديدة في عالم الراب الفلسطيني الجديد، ظهرت شركات الإنتاج التي تنتج هذه الأغاني وتوزعها. وبدأت عملية التجارة الفنية تزدهر بهذا الأمر. فظهرت شركات إنتاج مثل شركة “بلانتم”، وشركة “سالب خمسة”. وعملت تلك الشركات على توثيق حقوق الملكية لتلك الأغاني.
الراب أداة للمقاومة
بدأ تسييس الأغنية الفلسطينية بالتغزل في الفدائيين وشجاعتهم وإيمانهم بالقضية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وصولا إلى أغاني فناني الشتات وشوقهم إلى العودة إلى شجر الزيتون وأراضيهم.
في البدء كان الاعتماد على الفلكلور الفلسطيني، ومن ثم كانت أغاني القومية العربية التي تغنت بها أم كلثوم وفيروز وغيرهم من كبار الفنانيين، لتبدأ مرحلة إحياء الفن المحلي الفلسطيني بأشكاله المختلفة.
في السنوات التي تلت اتفاقية أوسلو عام 1993، ظهرت فرق غنائية فلسطينية معنية في المقام الأول بالقضية الفلسطينية ومقاومة الاحتلال الاسرائيلي. مثل “العاشقين” و”الأرض” و”بيسان”.
استطاعت تلك الفرق الغنائية الحفاظ على روح المقاومة في الفن، ونقلت أوجاع الفلسطينيين إلى العالم.
ومن ثم جاءت مرحلة الراب حيث التطور الذي لحق بالأغنية الفلسطينية والدمج بين ثقافات مختلفة مع وضع بصمة خاصة لكل دولة.
ويعتمد الراب الجديد “التراب” على الجمل القصيرة والإيقاع السريع. وظهر كناتج طبيعي لتطور الأحداث السياسية، فاستخدم الفلسطينيون الفن في مواجهة طلقات الاحتلال.
وعبر الراب الجديد عن الحياة اليومية التي يعيشها الفلسطيني، وعبر عن معاناته ضد الاحتلال، وما يواجهه من تهجير.
لو نظرنا إلى ألبوم “سندباد الورد” الذي يغنيه “شب جديد”، ستجده قد عبر عن الحياة التي يعيشها الفلسطينيون تحت الاحتلال، ولو سمعت أغنية “إن أن” صاحبة الضجة ستجدها تتحدث عن سجن “الجلمة” الإسرائيلي والفوضى باللغة العبرية بذكرها كلمة ” بلجان”.
ولم يقتصر غناء الراب على الشباب الفلسطيني فقط بل كان بيئة جيدة لدخول الطفل عبد الرحمن الشنطي صاحب الـ13 عاما ليعبر عن غضبه بالفن هو الآخر.
الشنطي يعد رابر شهير في فلسطين يغني أغانيه باللغة الإنجليزية لتوصيل الرسالة للعالم كله، وقد غنى ذلك في أغنية بالإنجليزية قال فيها: “تريد أن ترى الألم.. ألق نظرة على وجوه الناس.. تصور أنك طردت من منزلك الوحيد الذي تعرفه.. نصلي من أجل أرواحنا.. في وقت يقتحمون منازلنا.. فلسطين محتلة منذ عقود.. كانت وطننا لعدة قرون.. هذه الأرض هي أجيال وذكريات أسرتي.. اللعب والترعرع رمز السلام.. هذا للشيخ جراح.. أملا أن يحدث فرقا.. لأن الشيء نفسه حدث في الـ48.. عندما طرد أجدادي وأجبروا على النزوح إلى مخيم اللاجئين في غزة”.
وينشر الشنطي أغانيه على مواقع التواصل واشتهر مع تطور الراب في فلسطين.