شهدت موازنة الصحة في العام المالي الجديد انتقادات، سواء ما يتعلق بتدني نسبتها أو الحِيلة الحكومية لجعلها مستوفية النسب الدستورية. يأتي هذا فيما تسببت جائحة كورونا خلال العام المالي المنقضي 2020/2021 في زيادة نسب الإنفاق على قطاع الصحة.
واعترض أعضاء بمجلس النواب مؤخرًا بشأن ما قالوا إنها تضارب في أرقام موازنات التعليم والصحة، بمشروع الموازنة. وقالت مها عبدالناصر، النائبة عن الحزب المصري الديمقراطي، إن بند موازنة التعليم يزيد عن 250 مليار جنيه. بينما هو 172 مليارًا فقط، بينما بلغت مخصصات الصحة الحقيقة 108 مليارات فقط، بحسب البيان المالي لمشروع الموازنة.
اقرأ أيضًا| منظومة الصحة في مصر.. اختراق محدود لأزمات مزمنة
لذلك يتساءل مختصون عن إمكانية كفاية مخصصات القطاع في العام المالي 21/2022 لتطوير الرعاية الصحة ومواجهة تداعيات الجائحة.
حِيلة في مخصصات الصحة
مخصصات قطاع الصحة في موازنة 21/2022، تسببت في انتقادات برلمانية إلى وزير المالية محمد معيط. وتساءلت مها عبدالناصر: “لماذا يتم (تستيف) الورق دون أرقام حقيقية، ودمج خدمة الدين بموازنتي الصحة والتعليم لتكون مستوفية النسب الدستورية؟.
ورد وزير المالية بأن الحكومة تحقق النسبة الدستورية “الأمر مش تستيف ورق.. والحكومة بتعمل على استيفاء النسب الدستورية للتعليم والصحة”. وهو ما ردت عليه النائبة بتأكيد موقفها، مطالبة بتحقيق النسب الدستورية خارج موازنة نسبة الدين.
وقال مصدر بهيئة تصنيع الدواء لـ”مصر 360″ إن حجم الإنفاق السنوي على قطاع الصحة تضاعف مع جائحة كورونا. سواء لتوفير الأدوية واللقاحات أو لدعم تصنيع الدواء. غير أن الظروف الحالية تستدعي زيادة مخصصات الصحة لتطوير القطاع بأكمله.
وحددت موازنة العام المالي الجديد 2021/2022، مبلغ 108.8 مليار جنيه لقطاع الصحة، تمثل حوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم أن مخصصات القطاع لم تتوافق مع النص الدستوري، لكنها شهدت زيادة عن العام المالي الماضي بواقع 15.2 مليار جنيه. كما زاد الإنفاق الحكومي على الصحة من 10.6 مليار جنيه في العام المالي 2007/2008 إلى 108.8 مليار جنيه عام 2021/2022.
احتياجات كورونا تلتهم المخصصات
ومع استمرار موجات كورونا، وجه خبراء القطاع الطبي بحتمية دعم مخصصات الصحة لتجنب التعرض لأزمات مستقبلية. في ظل عدم القدرة على التكهن بموعد انتهاء الوباء.
مؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد، الدكتور محمد عز العرب، يشدد في تصريح لـ “مصر 360” على ضرورة زيادة مخصصات الصحة لتوفير الدواء سواء لقاح كورونا أو الأدوية الحيوية التي تقلل نسب احتمالية الإصابة بالفيروسات والأوبئة.
ويشير إلى ضرورة عدم الاكتفاء باستيراد الأدوية، بل إن تصنيع الأدوية واللقاحات يعد أمرًا ضروريًا لسد الاحتياجات المحلية. لذلك يلفت الانتباه إلى ضرورة عدم توجيه مخصصات قطاع الصحة إلى بند التصنيع وإغفال باقي البنود مثل التأمين وتطوير المستشفيات.
أزمة العام الماضي، دفعت دولاً عدة لتوجيه حزم مالية للإنفاق على الجائحة فقط لتمكين الدول من السيطرة على الوباء. ويقول العرب في هذا: “إذا لم نخصص بندا منفصلا لدعم الإنفاق على كورونا وحماية صحة المواطنين فلابد من زيادة الدعم الحقيقي للصحة في موازنة الدولة المقبلة”.
ويضيف أن توفير لقاح كورونا مجانيًا يزيد الضغط على حجم الإنفاق المالي لوزارة الصحة. وبالتالي لابد من أخذ ذلك في الاعتبار تجنبًا للجوء الحكومة إلى فرض رسوم مالية مقابل الحصول على اللقاح. باعتبار أن نسب من حصلوا على الللقاح حتى الآن لا يزال محدودًا، مقارنة بالولايات المتحددة وعدد من الدول الغربية.
هيكل دعم الصحة في 5 سنوات
وشهد دعم القطاع الصحي خلال السنوات الخمس الماضية ارتفاعا مع برامج الاستثمار في صحة المواطنين. بجانب تسبب بعض المتغيرات الطارئة إلى زيادة الإنفاق مثل جائحة كورونا وبرامج الرعاية الصحية الجديدة.
وخلال العام المالي 2018/2019 بلغ حجم الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة نحو 73.1 مليار جنيه. والتي خصصت حينها لبرامج تطوير وإعادة تأهيل المستشفيات، وكذلك توفير الأدوية من الخارج. وفي العام المالي التالي 2019/2020 قفز الدعم بنحو 14 مليار جنيه ليسجل نحو 87.1 مليار جنيه. وقفزت في العام المالي 2020/2021 إلى نحو 93.5 مليارات جنيه بمعدل زيادة قارب الـ 6.4 مليار جنيه.
أما الموازنة التقديرية للعام المالي المقبل 2021/2022، فقد تضمنت تطور الإنفاق على الصحة بمعدل زيادة وصل إلى 15.3 مليار جنيه. (أي حوالي 16%) ليصل إجمالي الدعم الحكومي لنحو 108.8 مليار جنيه.
ويرى البعض أن حجم الدعم في 21/2022 لن يساعد القطاع لتوفير كامل اللقاحات التي يحتاجها المواطنون. وفي الوقت نفسه إنهاء مشروعات تطوير وتأهيل المستشفيات، وتوفير الأدوية اللازمة، وكذلك مبادرات القضاء على فيروس سي.
هل تكفي زيادة الـ 16%؟
وزارة المالية أكدت في البيان المالي استيفاء نسب الاستحقاق الدستوري للصحة والتعليم الجامعي وقبل الجامعي والبحث العلمي بمشروع موازنة العام المقبل. وتمت زيادة مخصصات التأمين الصحي والأدوية وعلاج غير القادرين على نفقة الدولة إلى 10.7 مليار جنيه. واستمرار التنفيذ التدريجي لمنظومة التأمين الصحي الشامل والتوسع فيه ليشمل عددا أكبر من المحافظات.
وتتضمن الموازنة 200 مليون جنيه لدعم التأمين الصحي الشامل لغير القادرين من أصحاب معاش الضمان الاجتماعي. و5387 مليون جنيه للهيئة العامة للرعاية الصحية.
وقال مصدر بوزارة الصحة لـ”مصر 360″ إن زيادة 16% للقطاع الصحي في الموازنة الجديدة غير كافية لتطوير وسداد نفقات القطاع العادية والطارئة. وبالتالي لابد من إضافة موارد مالية جديدة للقطاع تدعم تنفيذ كامل مستهدفاته.
ويحتاج القطاع مخصصات إضافية لدعم المبادرات الصحية الحكومية. منها مبادرة القضاء على قوائم الانتظار ورفع كفاءة المستشفيات وتوفير الأدوية والأمصال وألبان الأطفال والمستلزمات والأجهزة الطبية. وأيضا إطلاق المبادرة الرئاسية لدعم وزيادة عدد أسرة العناية المركزة وزيادة حضانات الأطفال.
هذا بالإضافة إلى تأمين مخزون استراتيجي من المستحضرات الطبية، وتوطين صناعة الأدوية. وذلك من خلال آلية توفير المستحضرات الطبية خاصة خلال جائحة كورونا، يضيف المصادر.
لقاح كورونا
ويقول المصدر إن الاتفاق على تصنيع لقاح كورونا بالتعاون مع شركة “سينوفاك”، بطاقة 20 مليون جرعة في العام. بجانب إنشاء خط إنتاج جديد لتوفير 60 مليون جرعة من لقاح كورونا، سيحتاج مخصصات مالية جديدة، لم تكن ضمن هيكل الدعم في السنوات السابقة.
ويقول مصدر بهيئة تصنيع الدواء إن المؤشرات الخاصة بالطاقات الإنتاجية لن تسعف الدولة على المدى القريب لتصدير اللقاح. وتحقيق عائد دولاري للموازنة العامة للدولة، ومن ثم الاتجاه سينصب لسد حاجة السوق المحلي.
الأعداد الحالية لإصابات كورونا ليست ضئيلة، وبالتالي فإن تنبؤات مستقبل كوفيد -19 غير مطمئنة. ومن المنتظر استمرار الجائحة لسنوات. وهنا ستضطر الحكومة لتوجيه إنتاجها من اللقاح لعلاج الحالات المصابة دون أي عائد مادي أو مصدر دخل للحكومة، وفق المصدر.