كشف الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي عن تفاصيل اتهام أربعة مسؤولين في شركتي “أميسيس” و”نيكسا تكنولوجي” الفرنسيتين. وهي تتعلق بتزويد نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بأجهزة إلكترونية استعملها للتجسس وملاحقة وقمع معارضيه.

وبحسب موقع “نيوز لاين“، فإن عدة دول في الشرق الأوسط حصلت على هذه الأجهزة، من ضمنها مصر والسعودية.

وووجهت تهم التواطؤ في التعذيب والاختفاء القسري إلى فيليب فانييه رئيس شركة أميسيس، وأوليفييه بوبو رئيس شركة نيكسا ورينو روك مديرها العام. بالإضافة إلى ستيفان ساليس رئيسها السابق.

جاءت هذه التهم عقب الإفصاح عن نتائج تحقيقين قضائيين منفصلين، فتقدم الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ورابطة حقوق الإنسان شكويين لقسم “الجرائم ضد الإنسانية” في المحكمة القضائية بباريس.

“أميسيس” والقذافي

وكشف التحقيق عن تزويد نظام القذافي بين عامي 2007 و2011 ببرنامج للمراقبة الإلكترونية، أطلق عليه “ايغل” طورته شركة “أميسيس”. واتهمت شركة الهندسة بتوفير هذه المعدات، وهي على علم بذلك، إلى ليبيا التي استخدمتها لرصد معارضين ثم سجنهم وتعذيبهم.

وأظهرت القضية أن “أميسيس” التي اشترتها شركة “بول” في يناير 2010، جهزت مركز مراقبة الإنترنت في طرابلس بنظام تحليل حركة بيانات الإنترنت؛ ما يتيح مراقبة الرسائل التي يتم تبادلها.

تورطت شركة "أميسيس" الفرنسية في قضايا تعذيب بليبيا عبر بيع أجهزة تجسس لنظام القذافي
تورطت شركة “أميسيس” الفرنسية في قضايا تعذيب بليبيا عبر بيع أجهزة تجسس لنظام القذافي

وأقرت “أميسيس” آنذاك بأنها زودت نظام القذافي بـ”مادة تحليلية” تتعلق بـ”اتصالات الإنترنت”. لكنها قالت إن العقد جرى توقيعه في إطار “تقارب دبلوماسي” مع ليبيا في ظل رئاسة نيكولا ساركوزي.

جاءت هذه الاكتشافات بينما كان الاتحاد الأوروبي يتخذ تدابير لتقييد تصدير معدات المراقبة للبلدان ذات السجلات السيئة بمجال حقوق الإنسان. فصوت أعضاء البرلمان الأوروبي على إدراج مثل هذه القيود في ضوابط التصدير.

وقتها جرى الكشف عن أن المملكة المتحدة تبيع أدوات تجسس متطورة إلى مقدونيا. ودعا البرلمان الأوروبي دوله إلى وضع حد لتصدير التقنيات ذات الاستخدام المزدوج، والتي يمكن أن تسختدم لأغراض مدنية أو عسكرية.

“كوسموس” والنظام السوري

أما الشركة الفرنسية الأخرى “روس كوسموس”، استفادت بنهاية ديسمبر الماضي من عدم وجود وجه لإقامة دعوى بعد أكثر من ثماني سنوات. في إطار تحقيقات بشبهة “التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وأعمال تعذيب” بسبب بيعها معدات مراقبة إلكترونية إلى النظام السوري.

“بيغاسوس” واستهداف خاشقجي

كشف تقرير لمؤسسة “أكسس ناو” عن خلفية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، أن مجموعة “إن إس أو” تشارك في سلسلة انتهاكات لحقوق الإنسان. وهي الشركة التي يُشتبه في أن أدواتها الرقابية قد استُخدمت لاستهداف خاشقجي.

وتبيّن أن أشهر برامج التجسس التي تنتجها المجموعة، وهو برنامج (بيغاسوس Pegasus)  أصاب أكثر من 100 جهاز، يملكه ناشطو المجتمع المدني، الذين وقع استهدافهم بهدف التجسس عليهم.

الحاجة لإطار تنظيمي يحكم بيع ونقل معدات المراقبة

ووصفت رشا عبد الرحيم، مديرة التكنولوجيا في منظمة العفو الدولية لوائح الاتهام بـ”غير المسبوقة”. وقالت: “عندما تُترك أنشطة شركات المراقبة دون رادع، يمكن أن تسهل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقمع، بما في ذلك جرائم التعذيب والاختفاء القسري”.

وقالت إن “لوائح الاتهام ترسل رسالة واضحة لشركات المراقبة بأنها ليست فوق القانون، ويمكن أن تواجه مساءلة جنائية عن أفعالها”. وشددت على “الحاجة الملحة للدول لتنفيذ إطار تنظيمي لحقوق الإنسان يحكم بيع ونقل معدات المراقبة”.

وأكدت ضرورة “فرض حظر على شراء وبيع ونقل واستخدام معدات المراقبة للحكومات المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان”.

النماذج السابقة ليست الوحيدة، فقد استخدمت عدة حكومات في السنوات الأخيرة برمجيات لاستهداف النشطاء والمعارضين ومؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان.

Cerebro

في 2017، اشترت الإمارات برمجية التجسس Cerebro من إنتاج شركة Amesys، غيّرت الشركة لاحقا اسمها إلى Nexa Technologies-. وهذه البرمجية تُتيح القدرة على المراقبة الشاملة للاتصالات عبر تقنية “Deep Packet Inspection” بما في ذلك المكالمات الصوتية والرسائل النصية. فضلاً عن رسائل البريد الإلكتروني والرسائل الفورية، وشبكات التواصل الاجتماعي المختلفة وعمليات البحث على محركات البحث.

إيفدنت

وسلطت تقرير لصحفية “بي بي سي”، الضوء على تطوير شركة “إي تي آي” المتخصصة في صناعة أجهزة التجسس، جهازا قادرا على تمكين الحكومات من القيام بعمليات مراقبة جماعية لاتصالات مواطنيها. وأطلقت عليه اسم “إيفدنت”، ووردته لكثير من دول الشرق الأوسط التي لديها سجلات مثيرة للجدل في حقوق الإنسان.

FinSpy

أما الشركة الألمانية فينفيشر- FinFisher” ” فكانت جزءًا من مجموعة “غاما انترناشونال” ومقرها المملكة المتحدة. وقامت بتطوير برنامج التجسسFinSpy   الذي يمكن استخدامه لمراقبة المحادثات والاتصالات عبر برنامج سكايب. واستخلاص الملفات من الأقراص الصلبة في الحواسيب وتسجيل المحادثات الصوتية عبر الميكروفون والاطلاع على محتويات البريد الإلكتروني. بل وحتى التقاط صورة لما يعرض على شاشة جهاز الضحية وصورا أخرى باستخدام الكاميرا الموجودة في جهاز الضحية.

ProxySG

برمجية ProxySG من إنتاج شركة “Blue Coat Systems” تُتيح إمكانية استخدام تقنية الفحص العميق للحزم التي تتيح قدرات هائلة. من بينها تحديد الموقع الجغرافي للمستخدمين والتتبع ومراقبة وتصفية محتويات الإنترنت بشكل جماعي غير موجّه. بالإضافة إلى اختراق تطبيقات الواتس آب وفيبر وسكايب والعديد من البرامج الأخرى.

Vortex

زوّدت شركة Ercom الفرنسية بعدّة وسائل لاعتراض الاتصال، أطلق عليها Vortex. بالإضافة لبرمجية تحفظ وتعالج المعلومات، تسمىCortex  يمكن استخدامهما لاعتراض المكالمات والرسائل النصية ومراقبة حركة الإنترنت أو تحديد الموقع الجغرافي. بحسب مؤسسة أكسس ناو.

Remote

تتيح برمجية Remote Control System التجسس على التطبيقات والمكالمات الصوتية والرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني. فضلاً عن واستخدام الكاميرا والميكروفون المدمجة بالأجهزة وتطبيقات الدردشة والتجسس على الملفات المخزنة على الأجهزة وتحديد الموقع الجغرافي. بالإضافة إلى التجسس على ما يكتب بلوحة المفاتيح لالتقاط صور لشاشة الأجهزة والمواقع التي يتم تصفحها.

برمجية Remote Control System
برمجية Remote Control System

أداة للحماية

لذلك أطلقت منظمة العفو الدولية عام 2014 وائتلاف من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان والتكنولوجيا، أداة جديدة، تمكن هذه الأداة الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان من إجراء مسح لحواسيبهم واكتشاف وجود برمجيات التجسس والمراقبة المعروفة داخلها.

وأطلق على الأداة المحوسبة الجديدة اسم (ديتيكت/ Detekt )، وهي قادرة على اكتشاف برمجيات التجسس والمراقبة الرئيسية المعروفة. والتي تستخدم الحكومات بعضًا منها للتجسس على أجهزة الحاسوب والهواتف النقالة.