تحت اسم “وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” أصدر تنظيم داعش الإرهابي رسالة صوتية عبر تطبيق تيليجرام هدد فيها بعودة العمليات النوعية لأعضاء التنظيم في عدد من الدول العربية.
ووجه أبي حمزة القرشي، المتحدث باسم تنظيم داعش، رسالة إلى قيادات التنظيم في إفريقيا، طالبهم فيها بضرورة زيادة العمل العسكري في العالم أجمع، وعلى وجه الخصوص في مصر وليبيا.
تنظيم داعش وجه رسالة مبطنة إلى حركة حماس الفلسطينية على خلفية علاقتها مع إيران. محذرا من عواقب التواصل والتقارب الحمساوي الإيراني، مما قد يؤدي في نهاية الأمر إلى إذلال حماس.
ووجه التنظيم نداء إلى أعضائه المتواجدين في ليبيا بضرورة العمل على توسيع عملياتهم ضد السلطات الليبية. وعلى حد تعبير المتحدث باسم التنظيم “إشعال الشرارة” من أجل التأكيد على وجودهم داخل الحدود الليبية.
كما حث أعضاء التنظيم المتواجدين داخل سيناء بالعمل على عمليات كبرى داخل المدن المصرية الرئيسية وعودة نشاط أعضاء التنظيم من جديد.
رسائل تنظيم داعش، بدت كإشارة محتلمة لعودة نشاط أعضاء التنظيم والجماعات التكفيرية الجهادية التابعة لتنظيم داعش بعد فترة هدوء وانكماش، وتوقف عملياتهم على خلفية القبضة الأمنية المشددة للدول العربية التي نجحت في تخفيف حضور التنظيم.
رسائل التنظيم الإرهابي
أحمد عطا، الباحث في شؤون الحركات والشؤون الإسلامية، قال إن الرسالة الصوتية للمتحدث باسم تنظيم داعش تضمنت ثلاث تكليفات جديدة، لعناصر مختلفة وفي أماكن مختلفة في المنطقة العربية، وهنا لابد أن نتوقف عند توصيف التنظيم الذي يتحرك وفقاً لاستراتيجية محددة لاستهداف مصالح دول أو تصفية شخصيات بهدف الضغط على دول بعينها.
خلال الفترة الماضية، نجح تنظيم داعش من خلال حركة الشباب بتنفيذ عملية إرهابية في إحدي المدن الساحلية في شمال موزمبيق قبل ثلاثة أشهر. بجانب اغتيال ابو بكر شيكاو مسؤول تنظيم حركة بوكو حرام.
وجاءت التكليفات الجديدة لعمل داعش على التوسع في تنفيذ خطط ما يسمى التمكين الجغرافي لعناصر التنظيم في المرحلة القادمة. خاصة أن التنظيم حقق هدفين بالتوسع في محيط القارة الأفريقية استعداداً لتكليفات قادمة داخل القارة.
التنظيم الآن لم يعد يستخدم الجبهة الواحدة كما اعتاد منذ صعوده عام ٢٠١٤ عندما سيطر علي مساحة في دولة الشام والعراق تعادل مساحة بريطانيا واليونان. وبات يتحرك في إطار ما يعرف بالجبهات المتعددة.
يوضح عطا في تصريح خاص لـ “مصر 360” ، أن التنظيم الآن لم يعد يستخدم الجبهة الواحدة كما اعتاد منذ صعوده عام ٢٠١٤ عندما سيطر علي مساحة في دولة الشام والعراق تعادل مساحة بريطانيا واليونان. وبات يتحرك في إطار ما يعرف بالجبهات المتعددة حتي يستمر ويلبي احتياجات وطموحات أجهزة استخباراتية مختلفة تستهدف مصالح دول تتعارض بعينها.
داعش وحماس.. تاريخ من العداوة
حملت الرسالة الأخيرة لداعش تحذيرا واضحا لحركة حماس من تقاربها مع الإيرانيين، وهو ما يحيلنا إلى تاريخ العلاقة بين الجماعتين.
العلاقة بين داعش وحماس تتسم بالعداوة الكاملة. وبالرغم اشتراكهما في التبعية للتيار الإسلامي، إلا أن تنظيم داعش أكد تكفيره لحركة حماس في أكثر من محفل واتهم عناصرها بالردة.
وعمد التنظيم خلال عام 2018 إلى إعدام أحد عناصر كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، رميا بالرصاص. وبث مقطع فيديو أثناء تنفيذ عملية الإعدام، ليكون رد حركة حماس بإلقاء القبض على عدد من المنتمين لأعضاء داعش، ما زاد من توتر العلاقة بين الحركتين.
التفسير الأول للخلاف بين داعش وحماس يتعلق بمدى قرب الأخيرة من إيران. واعتمادها على الأسلحة الإيرانية في تحقيق معادلة سياسة في المنطقة. فيما يذهب الوجه الآخر لتفسير العداوة بأنها محاولة التنظيم لجر حركة المقاومة الفلسطينية بعيدا عن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. واستنزافه في معارك ومناوشات ليسمح للعدو الإسرائيلي بالتعرف أكثر على الأسلحة وقوتها ومدى تطورها.
الملف الليبي
بالتأكيد لا يمكن فصل الرسالة الأخيرة لـ”داعش” عن التوافق الدولي على ضرورة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة وعناصر داعش ومطاردتهم. لذا من الممكن أن الدعوة لعودة العمليات تعد ورقة داعش البديلة في حالة إصرار المجتمع الدولي على رحيل المليشيات والمرتزقة من ليبيا.
وقبل أيام أعلن الجيش الليبي، إطلاق عملية عسكرية جنوب غرب ليبيا لملاحقة الإرهابيين وطرد عصابات المرتزقة الأفارقة التي تهدد استقرار وأمن البلاد.
وجاء في بيان قوات الجيش الليبي: وجهنا وحدات عسكرية إضافية من كتائب المشاة لمنطقة جنوب غرب ليبيا، لدعم غرفة عمليات تحرير الجوب الغربي، بعد تصعيد العصابات التكفيرية– في إشارة إلى تنظيم داعش – للعمليات الإرهابية في هذه المنطقة، ورصد تحركاتها من قبل الاستخبارات العسكرية.
وتأتي العملية العسكرية على خلفية قيام أعضاء داعش بتفجير بوابة أمنية في مدينة سبها بسيارة مفخخة. ما أسفر عن مقتل مسؤول أمني كبير وجرح عناصر من الشرطة وحرق عدد من السيارات.
وفي وقت لاحق، أعلن تنظيم داعش تبنيه للعملية النوعية واستهداف عدد من قيادات الجيش والشرطة الليبيين.
يعود عطا ليؤكد أن تنظيم داعش حاول خلال الفترة الماضية أن يجد لنفسه موطأ قدم من خلال عمليات إرهابية داخل حدود ليبيا. وعمد إلى تجديد عملياته في مدينة سبها الليبية، والتي تعد أكثر المدن استقبالا للاجئين في ليبيا.
“داعش ليس ظاهرة صوتية، ولكنه ورقة تجيد استخدامها وتوظيفها عدد من الأجهزة الاستخباراتية”
أحمد عطا- باحث في الحركات الإسلامية
داعش في سيناء
المتحدث باسم تنظيم داعش حمل ثلاث رسائل إلى أعضاء التنظيم وحثهم على عودة العمليات النوعية في المدن الكبرى داخل مصر بعد فترة خمود وتمكن الأجهزة الامنية من إحكام قبضتهم وتجفيف منابع الإرهاب وتوقف العمليات بشكل كبير.
ولم تخف رسال القرشي التلويح بوجود تمويل لعودة العمليات من جديد، إذ أكد أن هناك مكافآت سيقدمها حال تحقيق عمليات ناجحة. وبالطبع ليس هناك مكافآت وإنما رسالة واضحة بأن التمويل موجود والتنظيم مستعد لدعم تلك المجموعات.
وخلال العام الماضي، تقلصت حجم العمليات النوعية للتنظيم داخل سيناء. وظهر التنظيم بمظهر الضعيف المتآكل. وبعد أن كانت عملياته متتابعة وذات حضور قوي في سيناء، باتت ضعيفة ومتباعدة وأهدافها بسيطة مقارنة بفترة ما بعد عام 2014.
لم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة إلى العراق، إذ بات وجود التنظيم أقل حضورا. فلم يعد يملك نفس القوة والعتاد فضلا عن تركه لعدد من المدن التي سبق وأن وضع يده عليها في سنوات لاحقة. واستطاعت القوات النظامية في العراق دحر التنظيم سنة تلو الأخرى وتقليص وجوده بشكل كبير.
تراجع في الإيرادات
وعزت أجهزة أمنية منها جهاز الأمن الفدرالي الروسي التراجع الداعشي في مناطق نفوذه إلى عدة أسباب منها: تقلص إيرادات 10 أضعاف منذ عام 2014، التي كانت تقدر بحوالي 3 مليارات دولار.
ويرجع رئيس قسم المعلومات العملياتية والعلاقات الدولية في جهاز الأمن الفدرالي الروسي، سيرغي بيسيدا، التراجع الاقتصادي إلى تقلص الإيرادات النفطية والضرائب التي فرضها التنظيم على سكان المناطق التي كان يسيطر عليها.
غير أن الخسائر بالأرواح والمعدات التي تكبدتها التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط أجبرتها على الانتقال إلى أساليب أقل تكلفة.
وتصدى القضاء العراقي إلى تنظيم داعش من خلال أحكام الإعدام التي يصدرها ضد أعضاء التنظيم بالجملة دون خوف أو هوادة أو تراجع عن موقف الدولة من دحر الإرهاب.
وبرأي الباحث في الحركات الإسلامة أحمد عطا، فإن التنظيم رغم قوته التي ظهر بها مع انطلاقه في عام 2014. إلا أنه تقهقر واختفى تواجده. حيث نجحت القوات الأمنية في تجفيف منابع الإرهاب ووقف الدعم فضلا عن تفكيك العديد من المجموعات التابعة لتنظيم داعش وغيرها من الجماعات التكفيرية والجهادية”.
تكليف داعش لعناصر التنظيم بضرورة العمل على عودة العمليات المسلحة في المدن الكبرى، هو دليل على نجاح القوات الأمنية في مواجهة التنظيم وتفكيك المجموعات أولا بأول، لكن في الوقت ذاته قد تكون دلالة على عودة التنظيم لترتيب أوراقه والشروع في إطلاق عمليات نوعية من أجل التلويح بوجودهم داخل الحدود المصرية، يختم عطا.