تغيّرت سياسة الحكومة إزاء مشكلة الـ”توك توك”. إذ تحولت من رفض وجوده ومصادرته إلى محاولة شرعنته ومنحه الصبغة القانونية المطلوبة. كذلك أعلنت خطة لتحويله من عبء اقتصادي وأمني إلى أحد موارد الموازنة العامة للدولة.
الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بحث إجراءات تقنين أوضاع الـ”توك توك”. كذلك تشجيع أصحابها على الترخيص. في اجتماع حضره 3 وزراء أسفر عن الاتفاق على ضم الـ”توك توك” ضمن مبادرة إحلال السيارات لتعمل بالغاز الطبيعي.
ووفق وزارة التنمية المحلية، فإن الحصر الرسمي يكشف 195 ألف توك توك في مصر. لكن الواقع يؤكد أنها لا تقل عن 2 مليون مركبة. إذ لا يتجاوز المرخص منها حتى الآن سوى 10% في 22 محافظة فقط على أقصى تقدير.
إحلال الـ”توك توك”
من ناحيتها شكلت وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع في مارس الماضي لجنة للعمل على خطة إحلال الـ”توك توك”. بحيث يتم توفير سيارات “فان” أو “8 راكب” لأصحاب الـ”توك توك” لتكون بديلًا لهم عن مركباتهم التي تعمل بالغاز الطبيعي. ما يقلل تكلفة استهلاك الوقود.
وقال مصدر بوزارة التجارة والصناعة، إن تفكير الوزارة يتعلق بالمدن فقط مع بقاء الـ”توك توك” في الريف كالمعتاد. لكن بشرط ترخيصه وعدم خروجه إلى المدن. باعتبار أن شبكات الطرق المتواجدة في الريف غير موائمة للسيارات بشكل عام.
سبق أن أصدرت الحكومة قرارًا يمنع الـ”توك توك” من السير في الشوارع الرئيسية بعواصم المحافظات. ومن يخالف قرار المنع يتم تغريمه 1500 جنيه، بهدف إلزام السائق بالسير في الشوارع الفرعية. خاصة أن السائقين أصبحوا أكثر جرأة للسير عكس الاتجاه أحيانًا.
تضم اللجنة التي تم تشكيلها للعمل على الإحلال وزيرة الصناعة والتجارة نيفين جامع، وعضوية حسام عبدالعزيز مستشار رئيس مجلس الوزراء لتحديث الصناعة. كذلك المهندس أحمد رضا معاون الوزير لشئون الصناعة ورئيس التنمية الصناعية ورئيس المواصفات والجودة. والمدير التنفيذي لمركز تحديث الصناعة وممثلين من وزارات المالية والتنمية المحلية والداخلية والنقل. بالإضافة إلى جهاز تنمية المشروعات وغرفة الصناعات الهندسية ومصلحة الجمارك والبنك المركزي.
المتهم الأول في تدمير العمالة المدربة
ويقول المصدر، إن الـ”توك توك” هو المتهم الأول في تدمير العمالة المحلية المدربة. فمصانع كثيرة تغلق أبوابها بسبب انشغال العمال بقيادة التوك توك خاصة أن العائد الاقتصادي من قيادته أفضل من راتب المصانع. كما يعطي قائده حرية اختيار العمل في الوقت الذي يريد. كذلك لا يمكن حصره ضريبيًا أو أمنيًا وبالتالي يدر عائدًا كبيرًا على من يمتلكه.
وتسعى الحكومة حاليًا إلى إغراء مالكي الـ”توك توك” بالعديد من المزايا التي تشجعهم على الاتجاه للترخيص في القرى أو الإحلال في المدن. بداية من إمكانية التأمين عليه صد العجز أو الوفاة. بجانب تخصيص معاش له من عائد الاشتراك التأميني. أو بمعنى أخر التحوط للمستقبل وهي مشكلة يخشاها أصحاب الـ”توك توك” حاليًا.
ووفقًا لنواب البرلمان فإن تقنين الحكومة أوضاع مركبات الـ”توك توك” يساهم بشكل كبير في حل مشكلة المواصلات في الأماكن الشعبية والشوارع الضيقة. كما أنه يحد من عمالة الأطفال حيث تشير التقارير إلى أنه لايقل عن 38% من سائقي الـ”توك توك” أطفال تحت سن 18 عامًا.
عائد محدود
يقول نبيل محمد، سائق “توك توك” إن أصحاب المركبات ليس عندهم مشكلة في الترخيص. لكن بشرط تقليل التكلفة المالية عليهم. الحميع يعتقد أن المركبة تدر آلاف الجنيهات يوميًا لكن اليومية لا تزيد عن 150 جنيهًا تنقص إلى النصف بعد خصم السولار والصيانة أو العمرة التي تصل أحيانًا إلى 5 آلاف جنيه.
يضيف جمال هاشم، مالك “توك توك” أن مبلغ الترخيص وفق قانون المرور الجديد يصل إلى 6 آلاف جنيه. إذ تتضمن رسوم تأمين وغرامة تأخير ترخيص فضلًا عن غرامات المرور الأخرى. وهو مبلغ لا يستطيع أصحاب الـ”توك توك” تدبيره بسهولة. خاصة أن المركبة تحتاج لعمرة سنويًا ما يجعل المبلغ المطلوب توفيره كل عام لا يقل عن 11 ألف جنيه.
ويقول هاشم إن المسئولين يجب عليهم التفكير في أن الـ”توك توك” مصدر رزق لملايين البشر الذين لا يطلبون وظيفة أو مساعدة. لكن فقط يطلبون تركهم يعملون في أمان. ضاربًا المثل بنفسه. إذ يعمل عليه 8 ساعات يومًيا كوردية أولى. بينما يتولى شقيقه العمل 8 أخرى ما يجعله ينفق على عائلتين يضمان 9 أفراد.
ويبدي أصحاب التوكتوك رغبتهم في استمرار العمل على مركباتهم دون إحلالها. فأعطالها أسهل من الترخيص ومركباتهم لديها قدرة أكبر على التعامل مع شوارع المناطق العشوائية. عكس السيارات “الفان” إذ تتطلب طرقا ممهدة.
لكن الحكومة ترى من جانبها أن خططها للقضاء على العشوائيات لن تترك منطقة دون تطوير. وأن الشوارع الضيقة بدأت تشهد تطويرًا أيضًا سواء برصفها أو تأهيلها بالانترلوك. وبالتالي ستصبح الفان وسيلة حضارية أكثر أمانًا للركاب والسائقين أنفسهم.
أعداد صخمة
ووفقًا لرابطة ملاك مركبات الـ”توك توك” في مصر فإن عددها يقترب من 4.5 مليون مركبة ما يعني أنها أزيد من أعلى الإحصائيات الرسمية بقرابة النصف. كما أن غالبيتها تعمل قبل صدور قرار وقف استيراد المركبات قبل عام 2018. كذلك اعتبرت الرابطة أن تخفيض رسوم ترخيصه وعمل بعض التيسرات للسائقين ستغريهم بالإقبال.
ووفق الرابطة فإن الترخيص سيحصل جميع مشكلات الـ”توك توك” في مصر. حينها يمكن وضع قواعد تمنع قيادته من قبل المتهمين في قضايا جنائية وأن يخضعوا للكشف الدوري عن المواد المخدرة. بجانب منع عمالة الأطفال، والمساهمة في تقليل حوادث السرقة بوجود لوحة مرورية تسهل في الاستدلال على المركبة وقائدها.
وبحسبة اقتصادية بسيطة، يمكن أن تحقق وزارة المالية حال تخفيض رسوم الترخيص إلى 2000 جنيه فقط عائدًا يصل إلى 9 مليارات جنيه. ما يجعل تخفيض التكلفة على رسوم الترخيص أكثر عائدًا بكثير من بقائه خارج المنظومة الرسمية.