تستعد وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة لتطبيق الزيادة الثامنة تواليًا على أسعار الكهرباء لبعض الشرائح اعتبارًا من أول يوليو المقبل. وذلك بقيمة 10 قروش على بعض الشرائح فيما جرى استثناء المصانع من تلك الزيادة.
هيكلة الدعم
في عام 2014/ 2015 بدأت وزارة الكهرباء خطة ترشيد دعم الطاقة وتطبيق زيادات متتالية على أسعار الكهرباء. وأعلنت حينها عن خطة لإلغاء الدعم بشكل نهائي وتحرير سعر الطاقة بحلول عام 2021 ومحاسبة المواطن بسعر تكلفة الكيلو وات.
لكن مع ارتفاع سعر الدولار خلال 2017، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى بمدّ خطة رفع الدعم عن الكهرباء. ووضعت الوزارة خطة جديدة لمد عملية رفع الدعم حتى عام 2025، لمنع تحميل أعباء إضافية على المواطن خلال مدة قصيرة.
قبل اعتماد برنامج رفع الدعم عن الكهرباء -الفترة من 2010 وحتى 2015- كانت مصر تعاني من عجز واضح في توفير الطاقة اللازمة لإضاءة المنازل وتشغيل المصانع. ومن ثم التأثير على مختلف الأنشطة الصناعية فاتجهت المصانع لتشغيل الآلات بنصف قدراتها التشغيلية.
لكنها حققت نجاحًا كبيرًا خلال السنوات الأربع الماضية لحل مشكلة الانقطاعات المتكررة للكهرباء، وتحقيق طفرة في التوليد والمشروعات الجديدة. ورغم ذلك ينتقد البعض تطبيق زيادات دورية على شرائح من محدودي الدخل.
ويقول محمد حنفي مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات لـ “مصر 360″، إن مصر طوّرت القطاع عبر مشروعات جديدة. لكنه يعتبر يحقيق الفائض الحالي لا يلغي ارتفاع الأسعار بشكل مضاعف على مدار 8 سنوات.
10 قروش زيادة بالأسعار
وستبدأ زيادات الكهرباء وقدرها 10 قروش في أول يوليو المقبل، للشرائح الأولى والثانية التي يقل استخدامها عن 1000 كيلو وات. وذلك بعد نشرها في الجريدة الرسمية.
ويقول أيمن حمزة المتحدث باسم وزارة الكهرباء لـ “مصر 360” إن الزيادة الجديدة سيتم تحصيلها على فاتورة شهر أغسطس. ويضيف: “بعض الأسعار ستظل ثابتة كما هي، مثل الاستهلاكات الصناعية وستكون أقل 10 قروش عن العام السابق. أما المنازل التي تستهلك أكثر من 1000 كيلو وات، فإنها لن تشهد زيادة على الإطلاق”.
وتابع أن “سعر الطاقة على المحلات والأغراض التجارية لن يشهد زيادة خلال العام المالي المقبل. وذلك مراعاة لظروف أزمة كورونا، وضمان عدم حدوث كساد في السوق التجارية، بالإضافة إلى دعم تنشيط القطاعات الاقتصادية.
وأكد أنه سيتم زيادة أسعار الكهرباء الخاصة بأغراض الري بداية من يوليو المقبل؛ لتكون 95 قرشًا لكل كيلووات ساعة بدلًا من 85 قرشا حاليًا، وأن تلك الأسعار لاتزال مدعومة.
أسعار الكهرباء الجديدة
الأسعار الجديدة المزمع تطبيقها بداية من يوليو المقبل، نشرت في الجريدة الرسمية. وبالتالي بات إقرارها أمرًا مؤكدًا ضمن خطة رفع الدعم عن الكهرباء والطاقة.
وتأتي أسعار الكهرباء على الشرائح كالتالي:
– الأولى: من صفر إلى 50 كيلو وات، وسعر تلك الشريحة حاليا 38 قرشا، وفي أول يوليو المقبل ستكون 48 قرشا.
– الثانية: من 51 إلى 100 كيلو وات، وسعرها حاليا 48 قرشا وفي يوليو 2021 ستكون 58 قرشا.
– الثالثة: من صفر حتى 200 كيلو وات وسعرها حاليا 65 قرشا وفي شهر يوليو المقبل ستكون 77 قرشًا.
– الرابعة: من 201 إلى 350 كيلو وات وسعرها حاليا 96 قرشا ومع الزيادة الجديدة ستكون 106 قروش.
– الخامسة: من 351 إلى 650 كيلو وات وسعرها حاليا 118 قرشا وسترتفع في شهر يوليو المقبل إلى 128 قرشًا.
– السادسة: من 651 إلى 1000 كيلو وات وسيكون سعرها في يوليو المقبل كما هي حاليا 140 قرشا.
– السابعة: من صفر إلى أقل 1000 كيلو وات، وأصحاب تلك الشريحة لا يحصلون على دعم وسعرها حاليا 118 قرشًا، وبعد أول يوليو ستكون 128 قرشا.
– ومن صفر لأكثر من 1000 كيلو وات، أصحاب تلك الشريحة أيضا لا يحصلون على دعم ولا يخضعون لنظام التشريح، وسيكون سعرها في يوليو المقبل كما هي حاليا 145 قرشا.
كيف سيتأثر محدودو الدخل؟
حافظ السلماوي رئيس جهاز تنظيم الكهرباء السابق، يقول لـ “مصر 360″، إن تحريك أسعار الكهرباء قد يؤثر على شرائح مجتمعية. ويلفت السلماوي النظر إلى نقطة جوهرية ترتبط باحتمالية تأثر بعض الأنشطة التجارية وارتفاع أسعار السلع والمنتجات.
الارتفاع متعلق بزيادة تكلفة مدخلات التشغيل بالنظر إلى أن كثيرًا من أصحاب المحال الصغيرة لا يملكون عداد كهرباء تجاريا. بل يعتمدون على العداد المنزلي، وبالتالي تحرك أسعار الكهرباء ستؤثر على نشاطهم التجاري، ومن ثم زيادة أسعار بعض المنتجات.
كما أن تحرك أسعار مدخلات الإنتاج ونقل البضائع يتسبب تلقائيًا في زيادة أسعار الخضراوات والملابس والأجهزة الكهربائية. لذلك يطالب السلماوي بضرورة زيادة الرقابة الحكومية للحد من التبعات الاقتصادية والاجتماعية السلبية لقرارات تحريك أسعار الكهرباء. خاصة أن البعض يستغلها بشكل خاطئ في فرض زيادات غير مررة.
وتابع: “محدودي الدخل ينفقون نسبة كبيرة من دخلهم على لاستخدام الطاقة الأساسية اليومية سواء كهرباء أو وقود. وبالتالي فإن أي زيادة في أسعار هذه السلع يترتب عليها مزيد من المعاناة لهذه الفئة”.
أما زيادة الـ10 قروش لأغراض الري قد ترتفع أسعار كثير من المنتجات الزراعية الفترة المقبلة. هذا لأن السلع الزراعية تمر بمراحل إنتاج تعتمد على الطاقة والكهرباء خاصة في عمليات الري.
الإصلاحات الهيكلية
وتجري الحكومة حزمة إصلاحات هيكلية، من أجل تحقيق الاستقرار المالي، والسيطرة على عجز الموازنة والدين العام للناتج المحلي. بالإضافة إلى الحفاظ على معدل نمو اقتصادي مستدام.
وقال محمد معيط وزير المالية، إن خزانة الدولة تتحمل عبء تثبيت أسعار الكهرباء والغاز للقطاع الصناعي، خلال السنوات الثلاث المقبلة. وذلك بما يتسق مع جهود الدولة لتوطين الصناعات المتطورة، وفقًا لأحدث الخبرات العالمية، وتعميق الإنتاج المحلي، وتعزيز تنافسية الصادرات المصرية.
لكن محمد حنفي، مدير غرفة الصناعات المعدينة، يرى أن الدولة لا تحقق الدعم الكافي لأسعار الكهرباء والغاز للقطاع الصناعي. ولفت إلى أن تثبيت الأسعار لا يمثل عبئًا على الدولة، بالنظر إلى وجود بنود إضافية يتم تحميلها على الصناعة مثل أسعار مخصصة لوقت الذروة تعادل مرة ونصف المرة للسعر المعلن.
وأشار حنفي، لـ “مصر 360″، إلى أن التكلفة الفعلية لأسعار الكيلو وات من الكهرباء تبلغ من 70 إلى 75 قرشا. بينما تباع بأكثر من جنيه للشركات الصناعية، وبالتالي لا يوجد أي عبء على الدولة من التثبيت.
وتابع: “الحصول على الطاقة سواء الكهرباء أو الغاز كان معضلة قبل سنوات، لكن الأسعار كانت أقل بكثير مما عليها الآن. صحيح الطاقة متوفرة بشكل جيد حاليًا لكن الأسعار مرتفعة، وتناقشنا كثيرًا مع وزارتي البترول والكهرباء خفض أسعار الطاقة للمصانع”.
وقال حنفي إن توريد الغاز بـ4.5 دولار للمليون وحدة مغالى فيه، وتعادل ضعف التكلفة الفعلية للغاز بالشبكة القومية. متابعًا أن تثبيت سعر الغاز بالنسبة للصناعة عبء وضرر أكثر من تثبيته بالسعر التجاري.
كما يقول أحد أصحاب المصانع، لـ “مصر 360″، إن تكلفة الطاقة للمصانع مرتفعة جدًا. ولفت إلى أن “أقل فاتورة كهرباء للمصانع حاليا تزيد على أكثر من 300 ألف جنيه. وبالتالي نحتاج إلى دعم الطاقة، حتى تكون لدينا فرصة للتصدير والمنافسة”.
رفع الدعم والتحول للطاقة الشمسية
مع ارتفاع أسعار الكهرباء تزايد الاتجاه في مصر إلى الطاقة الشمسية التي أصبحت أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة. بالإضافة إلى كونها أرخص سعرًا من حيث تكاليف الإنتاج مقارنة بالكهرباء المولدة بالطرق التقليدية المعتمدة على الغاز الطبيعي والوقود الإحفوري.
وقال وائل النشار رئيس شركة أونيرا سيستمز للطاقة الشمسية، لـ “مصر 360″، إن زيادة أسعار الكهرباء وخفض حجم دعم الطاقة؛ يزيد توجه العملاء للاعتماد على الطاقة الشمسية.
وأضاف أن مشروعات الطاقة الشمسية الصغيرة سواء المنزلية أو المنشآت التجارية والصناعية تسهم في تخفيف عبء الدعم عن كاهل الحكومة. وفي الوقت نفسه توفر على العملاء فاتورة الاستهلاك التي تتزايد بشكل مستمر خلال الفترة الحالية في ظل توجه الدولة لتقليص الدعم وتحريك أسعار الكهرباء على مختلف شرائح الاستهلاك.
وشدد على أن أسعار الطاقة البديلة تعد أرخص بكثير من نظيرتها المنتجة من المصادر التقليدية. بجانب كونها أكثر وفرًا للعملاء على المدى البعيد. كما أن أسعار الكهرباء المولدة من المصادر الشمسية يتم بيعها للعملاء بتسعيرة أقل من الحكومة بنسب تتراوح بين 14 و20%. وبالتالي تحريك أسعار الكهرباء التقليدية يزيد من توجه العملاء للمصادر البديلة.