قياس نسبة السكر أول ما يفعله الطفله “كريم” عقب استيقاظه من النوم مباشرة. إذ تقول نورهان السيد والدته: “أول إجراء الصبح متابعة جرعات الأنسولين القديمة حتى يتناول وجبة إفطاره. واللي لازم أراعي فيها نسبة السكر حتى لا يتخطى الأنسولين المقرر. ويتم حقنه وننتظر قليلًا حتى يبدأ طعامه”.

هكذا يعيش الطفل المُصاب بمرض السكر من الدرجة الأولى، في حالة مستمرة من التوتر والقلق. إذ أنه يعاني كثيرًا في ظل روتين صارم خاص بالأكل والدواء مفروض عليه من الأهل.

الأم تصف معاناة طفلها ذو الـ4 سنوات والتي تجعله يفقد شهيته من كثرة الألم الذي لا يستطيع مجابهته. “يوميًا مرات الشك في جسده تعتبر أكبر من أحتمال أي طفل”.

حملات إلكترونيةلدعم مرضى السكر

تحت اسم “ادعموا جهاز فري ستايل ليبري في التأمين”، انطلقت حملات إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي بداية من فبراير الماضي. إذ نادت بتوفير جهاز “freestyle libre” المتخصص في قياس نسبة السكر في الدم دون وخز.

يتكون الجهاز من قطعتين، إحداهما قارئ استشعار لقراءة مستويات السكر، بالإضافة إلى سينسور يتم تعليقه بالجسم لمدة 14 يومًا. على أن يعاد تغيره بعد انقضاء تلك المدة.

يقيس الجهاز مستويات الجلوكوز في السائل الخلالي بين الخلايا تحت الجلد مباشرة، ويسمح بمعرفة مستويات الجلوكوز بشكل مستمر.

ويتراوح سعره التقريبي عند شراء جهاز قياس السكر في مصر حوالي 3000 جنيه مصري. كما تصل تكلفة 2 حساس قياس الدم شهريًا إلى 500 جنيه للحساس الواحد. أي أكثر من 1000 جنيه تكلفة شهرية.

طفلة مصابة بالسكر

توفير الجهاز

يتوفر الجهاز في أوروبا وكندا والولايات المتحدة، وهو ما يدفع بعض الأسر لاستيراده. لكن عقب جائحة كورونا وتوقف الطيران لفترة، لجأ الأهالي إلى المطالبة بتوفير الجهاز بمصر.

وخلال شهر يناير الماضي، وفرّت الشركة “abbott” المُصنعة للجهاز بعد الحملات الإلكترونية التي قادتها في سبتمبر 2019 مجموعة type 1D أمهات أطفال السكري”. إذ ناشدوا وزارة الصحة لاستيراد الجهاز، حيث كانت تخطط الشركة لتوفير الجهاز بمصر ضمن 3 دول عربية وقع عليهم الاختيار، بحسب داليا وائل مسؤولة مجموعة الدعم.

تكلفة عالية

كذلك تقول نورهان والمشاركة في الحملة الإلكترونية: “سعر الجهاز مكلف جدًا ويجب شراؤه مرتين في الشهر لذلك نطالب بتوفيره بالتأمين الصحي”.

وفي هاشتاج “أرحموا أطفالنا من الشك” تداول العديد من أولياء الأمور والأمهات معاناة أبنائهم الأطفال اليومية. كما طالبوا ببعض من الرحمة لهم عن طريق توفير جهاز “فري ليبري ستايل” في الهيئة العامة للتأمين الصحي.

فقالت شيماء والدة طفل مصاب بالسكر، والتي تحاول المساعدة في التخفيف عن آلام طفلها: “إحنا بنتألم معاهم.. أرحموهم من ألم الشك كفاية ألم الحقن”. “محتاجين نصرف فري ستايل ليبر عشان نخفف ألم أولادنا إحنا مش عايزين أولادنا تتألم أكتر من كده”.

وذكر اتحاد السكر الفيدرالي العالمي، أن مصر تحتل المركز العاشر على مستوى دول العالم في إصابة الأطفال والبالغين بمرض السكري من النوع الأول بها. تأتي تلك النسبة في 2019 وبلغت نسبة إحصائيتها لمرضى السكر من النوع الأول حوالي 175 ألف طفل وبالغ.

وأشار الاتحاد إلى أن مصر تنفق مليار دولار سنويًا في علاج مرض السكر.

ولفتت الدكتورة مني سالم، أستاذ طب الأطفال بجامعة عين شمس، في المؤتمر الثالث عشر للجمعية المصرية للسكر والغدد الصماء. إلى أن عدد الأطفال والمراهقين المهددين بخطر الإصابة بالنوع الأول من السكر وصل إلى 38 مليون.

ويعتبر السبب الرئيسي للإصابة بالنوع الأول من السكر هو وجود خلل بالجهاز المناعي، أو الإصابة بمرض وراثي. أما الدرجة الثانية تحدث نتيجة لوجود خمول في عمل البنكرياس، ما يقلل من نسبة إفراز الأنسولين.

طفل مصاب بالسكر

جاري دراسة الأمر

وعن موعد وتفاصيل طرح جهاز فري ستايل ليبر بهيئة الهتأمين الصحي، قال رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي محمد ضاحي، في تصريحات خاصة لـ “مصر360”. إنه جاري دراسة الأمر حول إمكانية توفير جهاز فري ستايل ليبر وسيتم إعلان التفاصيل قريبًا.

15 شكة في اليوم أو 465 في الشهر

جرعات الأنسلوين وشك الحقن أمر متواصل، لا حصر له ولا ينتهي عند تناول الطفل وجبة إفطاره. إذ تقول نورهان: “بعد ساعتين نجري نجيب شكاكة عشان تشكه بيها لقياس مستوى السكر وجرعة الأنسولين. بعد معاناة حيال ومناهدة وكر وفر”.

وتشرح الأم الذي يتلقي طفلها حوالي 15 شكة في اليوم، قبل وبعد الطعام إلى جانب عمل حسابات معقدة للتعرف على محتويات طعام الطفل. وبناءا عليه يحدد نسب الأنسلوين وتكرر تلك العملية طوال اليوم. إذ توضح: “لو شعر الطفل بأي جوع لازم نوزن وياخد أنسولين أو مش هياكل إلا خس وخضار ورقي”.

وتضيف: “نستمر في الدوامة طول العمر.. يا ريت كل مسؤول يحس بده ويشعر بمعاناة أولادنا حاول تحس بيوم طفل أو جرب الروتين اللي بيعيشه”.

غربة إجبارية بسبب السكر

معاناة أخرى تعيشها أسرة الطفل “أشرف” التي فرضت عليها الغربة بسبب مرض طفلهم. وعدم وجود رفاهية السفر إلى مصر بسبب تركيب جهاز لقياس مستوى السكر بجسده. إذ يقول: “لا استطيع العيش بطفلي في مصر بسبب الجهاز الموجود بذراعه والذي لا أدري إن كان أحدًا يستطيع متابعته أو صرف الجهاز لي بسعر محتمل”.