“المانجا فين”، سؤال طرحه رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية بعد أن انخفض معدل انتشار المانجو في الأسواق، لتأتي الإجابة “صادمة”: “المحصول اتضرب”.
المنتجون أكدوا، أن المحصول تعرض لهزة عنيفة هذا الموسم، نتيجة عدة عوامل أثرت سلباً على حجم الإنتاج بما لا يفي باحتياجات السوق المحلي. وراح العديد من المنتجين والتجار يروجون للأزمة ويربطونها بارتفاع متوقع في الأسعار قد يصل لنحو 100 جنيه للكيلو الواحد.
تراجع إنتاج المانجو
أدت عدة أسباب إلى تراجع إنتاج المزارع من المانجو وبعض الموالح. وهو الأمر الذي أرجعه نقيب الفلاحين، الحاج حسين أبو صدام، إلى تعرض المزارع للتغيرات المناخية التي أثرت على المحصول من جهة، فضلا عن انتشار العفن الهبابي في بعض المزارع.
أبو صدام أكد أنه رغم وجود بعض الإصابات بالفعل. إلا أن هناك قدرا من الاستغلال للحدث وراء الأزمة التي يتم الترويج لها تمهيدًا لرفع الأسعار في السوق المحلية خلال الفترة القادمة مع البداية الفعلية للحصاد في مختلف المحافظات، وعلى رأسها محصول الإسماعيلية.
نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة بالاتحاد العام للغرف التجارية، وعضو مجلس أمناء سوق العبور، حاتم نجيب، قال إن هناك تراجعا كبيرا في الإنتاج قد يتجاوز الـ 50% هذا الموسم.
وتابع: “المنتجون يعانون بالفعل من كارثة أودت بمجهودهم خلال الفترة الماضية. الأمر الذي سيؤثر سلباً على السوق المحلي على الجانب الآخر”.
وأضاف نجيب، أن ما حدث خارج عن إرادة الجميع. وأن البلاد تعرضت لموجة صقيع شديدة وحرارة أيضاً مرتفعة ثم صقيع مرة أخرى انتهى بحرارة مفاجئة الأمر الذي أثر بشكل مباشر على الإنتاج. بالإضافة إلى وضع التربة نفسه وسلوك في التسميد أو المتابعة.
“الهباب” والأسمدة المغشوشة
كشف نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، أن العفن الأسود الذي أثر على محصول المانجو هذا العام يرجع أسبابه إلى تقصير صاحب المزرعة نفسه في رعايتها. لأنه يرتبط بتطهير التربة وتنظيف المزرعة وجمع الحشائش. ورعاية الشجر نفسه بتقليمه ورش المبيدات.
وأضاف أبو صدام، أن البعض أكد تداول مبيدات غير فعالة. وتابع: هذا عائد إلى نقص الحالة التوعوية للفلاحين. فالبعض لجأ لمصانع “بير سلم” التي تنتج مواد أقل سعراً وبالتالي تأثيرها لا وجود له.
وزاد: هناك آخرون لا يعرفون طريقة استخدام المبيد وأخطأوا في اختيار الأنسب لشجرة المانجو، فواجهوا نتائج كارثية من نقص في المحصول واستمرار وجود الحشرات.
محمد عاطف – يمتلك 40 فدان مانجو في الاسماعيلية-. نفى الاتهامات التي تلاحق الأسمدة والمزارعين. قائلاً: العفن الأسود لا علاقة له بأزمة محصول العام الجاري.
وقال: السبب يكمن في سوء الأحوال الجوية. مضيفاً، أنهم لا يشترون المبيدات وفق أهوائهم. فهناك مهندسين مختصين بالأمر ويتم التعامل معهم سنوياً. وبالتالي فاحتماليات الخطأ الشخصي تكاد تكون معدومة.
مزارعو الإسماعيلية: بيوتنا اتخربت وتدخل الدولة واجب
“بيوتنا اتخربت”، بهذه الكلمات يشير عاطف صاحب مزرعة المانجو، إلى أن أغلب المنتجين يعانون من عدم وجود محصول.
ويسرد عاطف تجربته: مزرعتي تنتج صافي ربح يتجاوز المليون ونصف جنيه بعد دفع كامل تكلفة الزراعة من عمالة ومبيدات وغيرها، وهذا الموسم لا أمل في وجود أرباح ولو 200 ألف جنيه.
وأضاف أن المعاناة الأكبر سيتحمل تبعاتها المستأجرين فأصحاب الأراضي لا يقبلون تشارك الخسائر، كما أن الكثير من أصحاب المزارع والمستأجرين يبيعون مقدماً لتجار سوق العبور ويحصلون على النقود. على أمل وفرة الإنتاج ليتمكنوا من رعاية الأرض حتى موسم الحصاد وهؤلاء معرضون للحبس فعلياً.
واعتبر عاطف أن تدخل الدولة في مثل هذا الظرف واجب، وذلك باعتبار الأزمة خارجة عن إرادة الفلاح وعليهم المساهمة في تلك الخسائر لتعويض بعض الفلاحين بعد معاينة الأرض قبل الوصول لموعد الحصاد الفعلي في الأول من أغسطس القادم. موضحاً أن تكلفة رعاية شجر المانجو تجاوزت هذا العام الـ 5 آلاف جنيه في الفدان الواحد. وأن المستأجر يدفع لصاحب الأرض متوسط 10 آلاف جنيه في الفدان، بالاضافة للعمالة وغيرها من مدخلات الإنتاج التي تكبد الفلاحين خسائر لا طاقة لهم بها.
محمد جمعة أحد أصحاب المزارع في الاسماعيلية يرى أن الأزمة أكبر من المعلن عنها. ويقول، إن جميع المزارع لم تنتج إلا القليل بسبب موجة الصقيع التي تسببت في إصفرار المانجو على الشجر ووقوعها قبل موسم الحصاد.
وأضاف: “ملناش ذنب الأرض طلعت الشيح الذي يتحول لمانجو ولكن جاءت موجة حارة حرقت الكثير منه. وما تبقى وأنبت بعد نجاته من ارتفاع الحرارة أصابته موجة صقيع.
وتابع: نعمل طوال العام على رعاية المزرعة ولا حياة لنا إلا بها ولها ولا توجد أي مساحات للتقصير في مصدر دخل أسرنا. والخراب عام ولا يرتبط بمزارع بعينها.
حقيقة ارتفاع أسعار المانجو
نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، قال، إن أزمة المانجو والحديث عنها يتكرر خلال شهر يونيو من كل عام. والبعض يستخدمه بهدف التمهيد لرفع الأسعار. فحجم المزارع التي تعاني لن يؤثر بقدر كبير وزراعة مصر من المانجو تتجاوز الـ 300 ألف فدان. والإسماعيلية بها نحو 117 فدان وحجم الإصابات بها لا يتعدى الـ 5%، بما لا يغير بشكل كبير من حجم الوارد للسوق المحلي منها.
أزمة المانجو والحديث عنها يتكرر كل عام خلال شهر يونيو والبعض يستخدمه بهدف التمهيد لرفع الأسعار
وأضاف أن سعر المانجو البشاير الآن في الأسواق يتراوح بين 10 و30 جنيه وهو السعر نفسه للعام الماضي. وإن المؤشرات تؤكد أن سعر المانجو سيظل مستقراً أو على الأقل لن يرتفع مقارنة بالعام الماضي.
نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة، حاتم نجيب، اعتبر أن السوق عرض وطلب. وحينما يقل المعروض من المانجو في الأسواق سيرتفع السعر بالتبعية. وهو الأمر الذي تتعامل معه الشعبة بحذر شديد وستحول بالتعاون مع الجهات الرقابية عدم حدوث أي استغلال متعمد للأمر.
وأضاف، أن هناك حالة ركود عامة في حركة البيع والشراء.
معتبراً أن وجود مجموعة منافسة من الفاكهة سيقلل من حدة الشعور بأزمة في نقص المانجو بالأسواق المحلية ومنها البطيخ والكانتلوب والعنب.
الحلول الممكنة
نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة قال، إن حل أزمة المنتجات الغذائية التي تتعرض لأزمات يكمن في عودة دور الدولة في المنظومة الزراعية. والتعامل مع الفلاحين، من خلال الرجوع للزراعة التعاقدية مرة أخرى.
وأضاف، أن توفير قاعدة بيانات يساهم إلى حد كبير في تحديد الإنتاج والاستهلاك والتصدير ووضع خريطة زراعية لمصر واضحة المعالم يتيح إمكانية التحكم في الإنتاج. وذلك بالإضافة إلى التسويق الجيد سواء على المستوى المحلي أو العالمي.
ولفت نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة، إلى اجتماع ستعقده شعبة الخضروات والفاكهة خلال الأسبوع المقبل من أجل أزمة المانجو المتوقعة.
وأوضح، أن الاجتماع سيناقش طرح الحلول الممكنة للتعامل معها. وفي مقدمتها دراسة إمكانية بيع المنتج بنفس تكلفته دون وضع هوامش ربح لمنع وقوع أعباء على كاهل المواطن. وبحث التعاون مع مباحث التموين والجهات الرقابية المختلفة لمنع استغلال التجار للأزمة.
حسين أبو صدام طالب بإنشاء صندوق تكافل للفلاحين يعوضهم في حالة الخسائر الناتجة عن الحرائق أو الأحوال المناخية المتقلبة
يأتي هذا في الوقت الذي طالب فيه نقيب الفلاحين حسين أبو صدام مجلس الوزراء بالتدخل من خلال وزارة الزراعة وإنشاء صندوق تكافل للفلاحين يعوضهم في حالة الخسائر الناتجة عن الحرائق أو الأحوال المناخية المتقلبة وغيرها من الأمور التي قد تتسبب في خسائر للفلاحين لا قبل لهم على تحملها.
يذكر أن عضوا مجلس الشعب عن محافظة الاسماعيلية محمد طلبة، وسامي سليم تقدما بطلبات إحاطة لرئيس الوزراء ووزير الزراعة بشأن محصول المانجو.
ووصف النائبين ما تعرض له محصول المانجو كارثة تهدد الاقتصاد المصري والمزارعين في المحافظة، مؤكدين أن الأمر يحتاج للتدخل خاصة أن المحافظة تنتج نحو 260 ألف طن من المانجو، وبها ما يقرب من 113 فدان مانجو..