في 3 يوليو عام 2013، خرج وزير الدفاع –في ذلك الوقت – الفريق أول عبد الفتاح السيسي. في بيان إلى الشعب المصري. وفي الخلفية ظهر الدكتور محمد البرادعي المستشار السابق للرئيس، وشيخ الأزهر أحمد الطيب.والبابا تواضروس الثاني، ومحمود بدر مؤسس حركة تمرد، والدكتور جلال المرة ممثلا عن السلفيين.

بدا الحضور تمثيلا لتكوين المجتمع المصري بشرائحه المختلفة. وفي الوقت الذي قفز فيه السلفيون من مركب جماعة الإخوان خاصة بعد الخلافات التي تصاعدت بين الجماعة والدعوة في الشهور التي سبقت 30 يونيو 2013. كان تواجدهم مفيد لإثبات أن المعادلة السياسية التي تتشكل لا تتخذ من أبناء التيار الإسلامي عدوا. وأن أبناء حسن البنا فقط هم من خرجوا على الصف الوطني.

الخلاف الإخواني السلفي

في تلك المرحلة كان الخلاف الإخواني السلفي في أوجه. همش الإخوان الدعوة السلفية وكوادرها. ورفضوا ضمهم للحكومة، عقابا على دعم عبدالمنعم أبو الفتوح ومن بعده أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية.

بدا واضحا أن جماعة الإخوان لم تعد راضية عن التيار السلفي خاصة الدعوة السلفية. لكن المعادلة السياسية توجب تهدئة الأجواء ومن ثم تهيئة الظروف للإطاحة بهم. لذا عمد الإخوان إلى منح عدد قليل من كوادر الدعوة السلفية لمناصب شرفية. حيث عين رئيس حزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية عماد عبدالغفور في منصب مستشار الرئيس. وعلى الرغم من وجاهة المنصب إلا أنه يبقى منصب دون صلاحيات.

على الرغم من الخلاف الإيديولوجي. إلا أن برجماتية الدعوة السلفية دفعتهم إلى التواصل مع التيارات السياسية الليبرالية. والإنضمام إلى جبهة الإنقاذ في مشهد يصعد من حالة الخلاف بين السلفيين والإخوان.

التحرك ضد الإخوان

ومن ثم زادت من عدائيتها بدعمها للتحرك الشعبي ضد جماعة الإخوان. وأصدرت الدعوة بيان في 4 يوليو 2013 تحذر من مغبة السير في طريق الجماعة. قالت فيه: وقبل أن يقرر أحد أن يضحي بنفسه من أجل حكم الرئيس مرسي فعليه أن يفكر. فلعله يخسر الاثنين معًا. وأكثر من هذا أن يكتب التاريخ أن الحركة الإسلامية في مصر واجهت شعبها أو جزءًا كبيرًا منه على الأقل من أجل الحفاظ على كرسي الحكم. ومن المفترض أننا لم نتطلع إليه إلا لخدمة الشعب وتحقيق مصالحه.

قدمت الدعوة كل ما في يديها لتكسب ود الدولة ومؤسساتها وأجهزتها. لكن جاءت النتيجة معاكسة تماما.

في محاولة لإمساك العصا من المنتصف. خرجت الدعوة السلفية لتبدي رفضها واعتراضها لحالة الاقتتال التي أصابت المجتمع. فضلا عن نفض يديها من فض رابعة وخروج الدعوة السلفية للتنديد ورفض فض رابعة والنهضة التابعان لجماعة الإخوان.

 

وجاء في بيان الدعوة: وقع ما حذرت منه الدعوة السلفية وحزب النور منذ مدة طويلة من خطر سفك الدماء. وخطر الحشد والحشد المضاد على وحدة المجتمع ووحدة البلاد التي لا يمكن أن تكون محلا للمساومة.

وأضافت الدعوة السلفية في بيانها: نطالب بوقف إطلاق النار وقتل النفوس من الرجال والنساء والأطفال، ونحمل الحكومة المسئولية عن هذه الدماء والأنفس المحرمة، ونطالبها بضرورة إنهاء هذا الوضع القائم الذي يهدد بانقسام المجتمع بحل آخر غير سفك الدماء.

يبدو أن بيان الدعوة السلفية جاء خوفا من انفضاض قواعدهم الشعبية من حولهم. إلا أن ذكاء السلفيين خانهم، حيث يبدو أنه تسبب في غضب الدولة وأجهزتها ومن ثم إصابتهم بلعنة التهميش.

خسارة المنابر

كان الشغل الشاغل للدعوة السلفية هي مواجهة محاولات بسط سيطرة وزارة الأوقاف على المساجد والزوايا. وفي أضعف الحالات إن لم يستطيعوا أن يتوجدوا بشكل قوي في السياسة، إذن يعودوا إلى قواعدهم الأساسية وأن تترك السياسة في مقابل المنابر.

أدركت الدعوة السلفية إن الخوض في معركة مع السلطة هي معادلة صفرية في المقام الاول. إذ لا يمكن أن ينجح فصيل في تقويم القطاع الأكبر والعريض من الدولة والشعب في آن واحد. لذا فضلت أن تعيد نفسها إلى الصفقة القديمة التي عقدت مع نظام الرئيس محمد حسني مبارك. لكن يبدو أن المسؤولين رأوا في السلفيين واعتراضهم على فض رابعة ومحاولة نفض أيديهم من الأزمة التي تمر بها البلاد محاولة للخروج من دائرة الدولة ويجب معاقبتهم على تلك الفعلة.

نجحت وزارة الاوقاف في تطويع السلفيين. وفرض سيطرتها على المساجد والزوايا. وخلال الست سنوات الماضية أغلقت الوزارة نحو 20 ألف مسجد وزاوية غير خاضعين لإدارة الوزارة.

نجحت وزارة الاوقاف في تطويع السلفيين. وفرض سيطرتها على المساجد والزوايا. وخلال الست سنوات الماضية أغلقت الوزارة نحو 20 ألف مسجد وزاوية غير خاضعين لإدارة الوزارة.

مساجد الدعوة

في الوقت ذاته فشلت الدعوة السلفية في الحفاظ على مساجدها وزواياها التي اعتاد كبار شويخها على إلقاء الخطب والدروس فيها على مدار الأسبوع.

ومنعت وزارة الأوقاف الدكتور ياسر برهامي الرجل الأقوى في الدعوة السلفية من اعتلاء منبر أحد المساجد في مدينة الإسكندرية، ليكون إشارة واضحة أنه لا أحد في الدعوة السلفية له حصانة. فضلا عن وضع وزارة الاوقاف قواعد منظمة لمن يريد إعتلاء المنبر يأتي على رأسها الحصول على ترخيص من وزارة الاوقاف لمدة 3 شهور ويتم تجديده بشكل دوري بعد الخضوع لاختبار. إضافة إلى حصوله على إجازة بقدرته على الخطابة ودرايته بعلوم الدين.

بكار والتطبيع

في يوليو 2016، عند تواجد نادر بكار المتحدث باسم حزب النور في الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة. التقى وزيرة خارجية الكبان الصهيوني تسيبي ليفني، لتمثل القشة التي قصمت ظهر البعير.

نادر بكار المتحدث السابق باسم حزب النور
نادر بكار المتحدث السابق باسم حزب النور

مثلت تلك الواقعة الحلقة الأخيرة في مسلسل سقوط حزب النور وابتعاد القواعد الشعبية عنه ووصم الحزب بالتطبيع.

وعلى الرغم من خروج الحزب ببيان ينفي فيه ما جاء من لقاء جمع ليفي وبكار، إلا أن البيان جاء ركيكا وضعيفا ولم يكن حاسما.

في أعقاب تلك الواقعة، اعتزل نادر بكار العمل السياسي وتوارى عن الأنظار لتنتهي أيقونة عمل حزب النور الذي صنعها لتكون نبراسا يهتدي به الشباب وينظرون إليه بكونه قدوة حسنة.

الخسارة السياسية

 

خلال الفترة التي أعقبت ثورة 30 يونيو. خسر حزب النور ومن خلفه الدعوة السلفية، قواعدهم الشعبية وبالتبعية ظهر نتيجة ذلك في نتائج الانتخابات التي لم يستطع الحزب تحقيق نجاح خلالها.

حصل حزب النور في برلمان 2015 على 12 مقعدا فقط، أي بنسبة تصل إلى 2% من إجمالي عدد المقاعد، فيما حصد في برلمان 2020 على 7 مقاعد فقط.

خسر السلفيون المنابر والسياسة، وأصبح وجودهم في المجالس النيابية لا يتجاوز 1.5% من إجمالي أعضاء مجلس النواب، وفي الوقت ذاته لم يحظوا بالحرية الكاملة في اعتلاء المنابر.