يحيي الشعب السوداني اليوم ذكرى مرور عامين على احتجاجات 30 يونيو. التي خرج خلالها ملايين السودانيين احتجاجاً علي مقتل معتصمين أمام مقر قيادة الجيش السوداني. للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين. وتحقيق مطالب الثورة السودانية التي كانت انطلقت في ديسمبر عام 2018. ونجحت في إسقاط حكم عمر البشير في أبريل 2019.

وكان قادة الجيش قد أجبروا الرئيس السوداني “عمر البشير” على التنحي عن السلطة في 11 ابريل 2019. بعد أشهر من المظاهرات والاعتصامات التي شارك فيها ملايين السودانيين احتجاجاً علي تردي الأوضاع الاقتصادية وفساد السلطة واستبدادها لمدة 30 عاما. هي فترة  حكم البشير الذي استولى على السلطة بانقلاب عسكري عام 1989.

الطريق إلى 30 يونيو

 

بعد سقوط البشير تولى الحكم مجلس انتقالي مكون من العسكريين مع تعهد بإجراء انتخابات خلال عامين. غير أن قوى الثورة وعلى رأسها “تجمع المهنيين” رفضت البرنامج الانتقالي. واستمرت في حراكها الشعبي بمشاركة آلاف السودانيين للمطالبة بتسليم السلطة لحكومة مدنية. ومحاكمة البشير وفلول نظامه المتشعبة في أجهزة الدولة السودانية.

رفض المجلس العسكري الحاكم تلك المطالب لكنه في المقابل لم يواجه التحركات الجماهيرية والاعتصامات بالعنف بل تعهد بحمايتها باعتبارها تعبير عن مطالب الثورة وإجراء مقبول في المرحلة الجديدة من الانفتاح السياسي الذي شهدته السودان بعد عصور من الاستبداد والقمع..

غير أن المسار على الأرض لم يكن كذلك. فقد سمحت القوات الأمنية والعسكرية “لمجموعات مسلحة” يشتبه في انتمائها لقوات “الدعم السريع” التي شكلها البشير في السابق بقيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ “حميدتي” بمحاولة فض اعتصام قوي الثورة أمام مقر قيادة الجيش السوداني.

أسفرت مذبحة 30 يونيو التي جاءت بالتزامن مع حلول ذكري انقلاب البشير العسكري عام 1989.  عن مقتل أكثر من 250 حسب بعض التقديرات من المعتصمين. لكنها أججت مشاعر الغضب وجذبت ملايين السودانيين للعودة للمشاركة في التظاهرات ضد سيطرة “المجلس العسكري” علي السلطة.

أسفرت مذبحة 30 يونيو التي جاءت بالتزامن مع حلول ذكري انقلاب البشير العسكري عام 1989. عن مقتل أكثر من 250 حسب بعض التقديرات من المعتصمين. لكنها أججت مشاعر الغضب وجذبت ملايين السودانيين للعودة للمشاركة في التظاهرات ضد سيطرة “المجلس العسكري” علي السلطة.

ساهمت تضحيات المعتصمين في 30 يونيو وعودة الحركة إلي الشارع في الضغط على العسكريين لتقاسم السلطة مع قوى الثورة ممثلة في “قوى الحرية والتغيير” وفي القلب منها “تجمع المهنيين”. من خلال  تشكيل “مجلس سيادي” يتكون من خمسة عسكريين وستة مدنيين برئاسة أحد العسكريين لمدة 21 شهر. يعقبه تولي الرئاسة أحد الأعضاء المدنيين لمدة 18 شهر أخر.

لتصبح مدة الفترة الانتقالية 39 شهراً، تنتهي بإجراء انتخابات وتسليم السلطة. وتشكل قوي “إعلان الحرية والتغيير” حكومة مدنية يستثني منها وزيري الدفاع والداخلية.

المجلس السيادي

تشكل المجلس السيادي برئاسة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وتولي “حميدتي” منصب نائب رئيس المجلس. وتشكلت حكومة مدنية برئاسة عضو قوي الحرية والتغيير “عبد الله حمدوك”.

تسلمت الحكومة الانتقالية برئاسة حمدوك تركة ثقيلة واقتصاداً منهكا بالفساد وتراجع المؤشرات الاقتصادية. وديون خارجية تتجاوز 60 مليار دولار مع انهيار في قيمة العملة السودانية.

رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك
رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك

لجأت الحكومة لعقد اتفاق مع “صندوق النقد الدولي” ينتهي اليوم تعهدت خلاله بإعادة هيكلة النظام المصرفي. وإصلاح النظام الضريبي والجمركي، وضح الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية، وتطوير شبكة الضمان الاجتماعي للحد من آثار البرنامج التقشفي على حياة السودانيين.

بموجب الاتفاق وبعد تقييمه من قبل صندوق النقد سيكون السودان مؤهلاً للإعفاء من ديونه الخارجية، وتقليل العجز في ميزان المدفوعات المختل ميزانه بنسبة تفوق 60% لصالح الواردات.

ومن المؤكد أن يتم تمديد الاتفاق لفترة جديدة بعد أن تجنبت الحكومة خلال سنتين تطبيق الإجراءات الصارمة التي طالب بها الصندوق مثل التقشف الكبير في الإنفاق الحكومي وتعويم قيمة العملة السودانية، وهي إجراءات تخشى الحكومة والمجلس السيادي من أن تفجر موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية.

فعاليات ذكري 30 يونيو

دعا “تجمع المهنيين” إلي إحياء ذكري 30 يونيو عبر التظاهر الشعبي، احتجاجاً على “فشل الحكومة الانتقالية” حسب قوي التجمع في تحقيق مطالب الثورة من تحسين لمستوي المعيشة، وإقرار العدالة والسلام في السودان.

كما دعت مجموعات إسلامية محسوبة على نظام حكم البشير إلي التظاهر ايضاً في تلك المناسبة. ما دفع الكثيرين للتشكك من محاولة قوى محسوبة على النظام السابق لاستغلال الغضب الشعبي من سوء الأحوال الاقتصادية في عرقلة مسار التحول الديمقراطي في البلاد.

للحد من فعالية الاحتجاجات. منحت الحكومة السودانية العاملين بالدولة إجازة مدفوعة الأجر اليوم 30 يونيو. كما أغلقت السلطات العسكرية الطرق والميادين المؤدية إلي مقر القيادة العامة للجيش التي شهدت مذبحة اعتصام العام 2019. كما اعتقلت القوي الأمنية عدد من قيادات حزب الرئيس السابق عمر البشير المسمى “المؤتمر الوطني” والذي تم حله في أعقاب سقوطه من الحكم

السودان إلي أين

هنأ رئيس الوزراء السوداني الشعب في ذكري 30 يونيو بإعفاء البلاد المتوقع بعد ثلاث سنوات من 50 مليار دولار من الديون الخارجية. متعهداً بفتح صفحة جديدة مع العالم.  قائلاً :” أقف أمامكم اليوم، وبلادنا تفتح صفحة جديدة مع العالم، لأعيد الالتزام بالعمل معكم بشكل جماعي. من أجل بناء وطن خير ديمقراطي”.

وتحدث عن المشكلات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. مذكراً بأن حكومته قد ورثت تركة ثقيلة من الديون الخارجية والداخلية مستحقة للنظام المصرفي. وعجز في الموازنة العامة. مشدداً على أن مشاركة السودان في “مبادرة الدول الفقيرة” التي انتهت بإعفائه من جزء كبير من ديونه الخارجية. تسمح من الأن بتوجيه الاستثمارات والأموال لتحسين الأحوال الاقتصادية وتحقيق معدلات نمو كبيرة.

وكان صندوق النقد قد أعلن أمس عن الموافقة على تمويل قرض جديد للسودان بقيمة 2.5 مليار دولار بتسهيلات كبيرة يسدد على 39 شهر، كجزء من تخفيف عبء الديون خلال فترة الاتفاق الجديد. التي يفترض في نهايتها أن تنخفض ديون السودان الخارجية إلي ستة مليارات دولار فقط.