منذ وقَّعت الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن “اتفاق الرياض” في نوفمبر 2019 وقد ساروا على بنوده- بندًا بندًا- ولكن بـ”أستيكة” فمحوها جميعًا. حتى بقيت إطارًا مفرّغًا يفتقد إرادة الذهاب إلى الحل السياسي، وذلك على خلفية انفجار “مواجهات أبين” الأخيرة، التي يتضح من تفاصيلها أنها مناورة في إطار خلاف بين أطراف تحرك المشهد اليمني، وفق سياقات أخرى متشعبة الملفات والأهداف.

وتفيد الشواهد بأن التطور الأخير في أبين ومن قبله في شبوة (جنوبي اليمن) يعكس حالة توتر في العلاقات بين السعودية والإمارات اللتين تحركان طرفي الصراع داخل الجبهة المناوئة لجماعة أنصار الله، الحوثيين، المسيطرة على الشمال اليمني.

والتنافس السعودي الإماراتي في اليمن يمكن اعتباره “مقامرة ثلاثية الأبعاد”، الأول اقتصادي بالنظر إلى موقع اليمن الاستراتيجي، والبُعد الثاني سياسي متعلق بشقين، أولهما تشكيل الإخوان أحد أطراف المشهد اليمني والثاني يرتبط بالحضور الإيراني في المنطقة، أما البعد الثالث فيتعلق باعتبار اليمن ورقة ضغط تخضع لموجات المد والجزر في علاقة البلدين المتنافسين على زعامة الخليج، سياسيًا ونفطيًا.

القوات الحكومية تسيطر على مدينة لودر

بالنظر إلى أحداث أبين الأخيرة، فإن التوترات الأمنية بلغت ذروتها، يوم الجمعة الماضي، حين سيطرت قوات الحكومة (المدعومة من السعودية) على مدينة لودر وإدارة أمنها، عقب اشتباكات مع قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي (المدعوم إماراتيًا).

جاءت المواجهات على خلفية رفض مدير أمن المدينة قرار إقالته من منصبه، وامتناعه عن تسليم المقر الأمني، لخلفه المُعيَّن من قبل وزير الداخلية. بعد ساعات من إصدار المجلس الانتقالي الجنوبي قرارات سياسية وعسكرية وإدارية متجاوزًا صلاحية الحكومة المشكلة حسب اتفاق الرياض.

ويوم الجمعة، نجا القيادي الأمني التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي صالح المرقشي، من محاولة اغتيال، عندما تعرض لوابل من الرصاص في كمين مسلح. وقبلها بيومين (الأربعاء) اغتال مسلحون مجهولون القيادي بحزب الإصلاح الإخواني بلال الميسري أمام منزله في مدينة المنصورة.

لدى تلك المرحلة، وجه الانتقالي الجنوبي ممثليه في مباحثات استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، إلى “إيقاف كافة أشكال التواصل والاتصال المباشر مع الطرف الحكومي”. وطالب “رعاة اتفاق الرياض بتحمل مسؤولياتهم الكاملة” تجاه هذا التطور.

انسحاب الجنوبيين من مباحثات “اتفاق الرياض”

وتوعد رئيس المجلس عيدروس الزبيدي، الحكومة بأنها “ستدفع الثمن عن هذه الانتهاكات، التي تمثل خرقاً لاتفاق الرياض، بهدف الوصول إلى إفشال الاتفاق عموماً”. وقال إن “القوات المسلحة الجنوبية لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذا العبث بأمن واستقرار لودر ومحافظة أبين والجنوب عموماً”.

كما اعتبر منصور صالح نائب رئيس الدائرة الإعلامية بالمجلس الانتقالي اليمني، أنَّ أحداث أبين “تأتي في إطار محاولة الجيش اليمني الهروب من تنفيذ استحقاقات اتفاق الرياض”. بل رأى أنَّ “ما حدث جاء بالتعاون بين الجيش اليمني وعناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، التي هدفها إحكام السيطرة على مدينة لودر التي تربط محافظة البيضاء المعقل الرئيسي للقاعدة في اليمن”.

العشرات في لودر متجمعين بأسلحتهم لمناصرة مدير الأمن السابق
العشرات في لودر متجمعين بأسلحتهم لمناصرة مدير الأمن السابق

النقطة الجوهرية في أحداث أبين تتمثل في أنَّ الحكومة ترى ضرورة تمكين وزرائها من العمل في عدن شريطة استكمال الشق العسكري من “اتفاق الرياض” الذي ينص على أن كافة الأجهزة الأمنية تكون تحت قيادة وزير الدفاع ووزير الداخلية، لكن عناصر المجلس الانتقالي ترى أن استكمال الترتيبات السياسية والاقتصادية مقدمة على الشق المتعلق بإعادة انتشار الوحدات الأمنية في غالبية مدن الجنوب.

الحكومة تتهم الانتقالي الجنوبي بـ”تشويه سمعتها”

مع تفجُّر الوضع في أبين، صدر بيان عن الحكومة نشرته وكالة الأنباء التابعة لها “سبأ”، شددت فيه “تمسكها بتطبيق اتفاق الرياض بكل جوانبه وتفاصيله”، وتؤكد أن “اتفاق الرياض خطوة مهمة في اتجاه توحيد كافة القوى والتيارات الرافضة للسيطرة الإيرانية”.

وذكر البيان أن الحكومة حاولت “توفير كل شروط نجاح تطبيق اتفاق الرياض، وتخطي كافة العوائق والصعوبات وتجاوز كل أشكال الاستفزاز والعبث وتقديم كافة الخدمات والتسهيلات وإدارة تطبيق اتفاق الرياض بروح من التفاهم والتسامح وحسن النوايا”.

متظاهرون في اليمن يرفعون صور قادة السعودية والإمارات
متظاهرون في اليمن يرفعون صور قادة السعودية والإمارات

وطالب البيان “المجلس الانتقالي الجنوبي بإيقاف التجاوزات التي تطال مؤسسات الدولة وهياكلها، وإلغاء ما تم من إجراءات والتوقف عن تأزيم الأوضاع بصورة مستمرة واختلاق الأزمات واستغلال الأوضاع الاقتصادية والخدمية الصعبة ومحاولة فرض الأمر الواقع وتحقيق مكاسب غير مشروعة و التحشيد العسكري والتوقف عن تشويه سمعة الدولة وقياداتها السياسية”.

التنابز بالألقاب

لدى تلك النقطة، اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي الحكومة بالسعي لإفشال اتفاق الرياض. لكن الملاحظ في البيان الصادر عن قيادة المجلس إطلاقها لأول مرة تسمية “حكومة المناصفة” من محبسه.

ودأبت الأطراف الجنوبية – عبر أذرعها الإعلامية التي تصدر أغلبها من الإمارات- على إطلاق أوصاف على الحكومة، من بينها “حكومة الفنادق”، إشارة إلى أنها تقيم في الرياض ولم تنتقل ميدانيًا إلى الأراضي اليمنية.

في المقابل، تتعمد الأذرع الإعلامية الموالية للحكومة إلى إطلاق مسميات تميل ومشروعهم على الجنوبيين، من بينها “الانفصاليون”، ولا تميل لوصفهم بالمجلس أو مسميات تبدو في جوهرها شرعنة كيانهم السياسي.

ورأى الانتقالي الجنوبي أن الحكومة تحاول “الاستقواء بالعناصر الإرهابية”، في إشارة إلى مزاعم الاستعانة بتنظيم القاعدة للسيطرة على مناطق في قبضة القوات الجنوبية. وقال بيان الانتقالي إن الحكومة “تعمل على تمكين العناصر الإرهابية بمناصب أمنية وعسكرية”.

غلّف الجنوبيون بيانهم بأنَّ الأطراف الحكومية تتنصل من اتفاق الرياض، عبر “الانفراد بالتعيينات في وزارة الخارجية، والتحركات الانفرادية والتصريحات الاستفزازية الصادرة عن وزير الخارجية فيما يخص العملية السياسية، والمماطلة في تنفيذ البند الثامن من اتفاق الرياض الذي ينص على تشكيل وفد تفاوضي مشترك”.

الخلاف السعودي – الإماراتي

وفي حين تقيم الحكومة والموالون لها من جماعة الإخوان المسلمين في المملكة العربية السعودية، فإنَّ الإمارات تستضيف قادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ويجاهر كل طرف بمدح جهود الطرف الذي يستضيفه ويدعمه.

1-السعودية تحظر السفر للإمارات

التطورات في اليمن جاءت متزامنة مع خلاف سعودي إماراتي أكثر عمقًا، ظهر علنية بإعلان المملكة حظر السفر إلى الإمارات بدون إذن مسبق، وغلّفت قرارها بـ”إجراءات كورونا”، التي يثبت الواقع خلاف ذلك باعتبار أن الإمارات ليست أكثر تفشيا للوباء من السعودية، بل إن الأولى أكثر احترازا من المرض.

لكن يتضح من الرد الإماراتي على تلك الخطوة أنّ السبب ليس صحيًا ولكنه سياسي، حيث سيَّرت الإمارات طائرات خاصة لإعادة بعض مواطنيها من السعودية. وتواترت الروايات الصحفية التي حللت الخطوة المفاجئة للمملكة، قبل أن يطالع المتابعون تطورات المشهد في اليمن، فينكشف جانب من الصورة.

2-الإمارات تفشل مساعي السعوية في “أوبك بلس”

أيضًا جاء هذا التطور في أعقاب خلاف نفطي علني بين الإمارات والسعودية، حيث تحفظت أبوظبي على اتفاق بين الرياض وموسكو بشأن زيادة مليوني برميل للنفط إلى سوق أوبك العالمي وهو ما أدي إلى فشل الاتفاق النهائي داخل أوبك.

ويبدو أن السعودية حاولت استغلال مجلس التعاون الخليجي في خضم الأزمة، باعتبارها تستضيف مقره الدائم (الرياض)، حيث صدر بيان عن الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف الحجرف ثمن فيه “الجهود الكبيرة التي تبذلها السعودية في دعم أمن واستقرار اليمن”.

اشتباك السوشيال ميديا

وانعكس الخلاف الذي يبدو في جزئيه النفطي علنيا على مواقع التواصل، من خلال تعليقات سياسيين ونشطاء بالبلدين، فالبعض يغرد مستنكرا موقف الآخر والبعض يسلط الضوء على حتمية الخلاف وعدم تطابق الرؤى بنسبة 100 ‎%‎ بين دول الخليج انطلاقا من تصريحات سابقة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

التعليقات الإماراتية جاءت في سياق السخرية من السبب الذي أعلنته السعودية لحظر السفر إلى جارتها باعتبار أنها متفوقة في مجابهة فيروس كورونا، كما جاء على لسان بعضهم “الإمارات متفوقة في مكافحة كورونا والإخوان”، تلك رسالة خبيثة سياسيا موجهة للرياض.

تركيا في الصورة

هذا المشهد بين المتنافستين الخليجيتين لا يخلو من طرف تركي، ففي نهاية العام الماضي تحدثت مصادر يمنية مقربة من تركيا عن تقارب بين تركيا والسعودية في اليمن على حساب الإمارات.

وقتها نقلت مواقع يمنية عن وزير النقل السابق في حكومة هادي، صالح الجبواني، والمعروف بقربه من تركيا، وجود “تحالف وشيك بين السعودية وتركيا في اليمن”. واعتبر الجبواني أن التحالف الجديد “يستهدف إنهاء أطماع عيال زايد (الإمارات)” في المنطقة.

هذا التقارب جاء متزامنًا مع توقيع السعودية عقداً مع شركة “فيستل” التركية للصناعات الدفاعية بقيمة 200 مليون دولار، وذلك في إطار التصنيع المشترك لطائرات مسيّرة من طراز “كاريال”.

بعدها أعلن الحوثيون إسقاط طائرة “تجسسية” تركية الصنع في الأجواء اليمنية. وقتها أصدرت تركيا لأول مرة بيانًا “أكثر دفئًا” لم يقتصر على الإدانة، إذ عبرت وزارة الخارجية التركية عن “قلق بالغ إزاء الهجمات التي استهدفت أراضي المملكة العربية السعودية”.

ميناء قنا.. رسالة سعودية

في أعقاب ذلك، افتتحت الحكومة المدعومة سعوديا ميناء قنا النفطي والتجاري بالشريط الساحلي بمديرية رضوم (إحدى مديريات محافظة شبوة الواقعة تحت سيطرة الإخوان المسلمين). حمل هذا الميناء عدة دلالات باعتباره منافسة مع الموانئ التي تتحكم فيها الإمارات بعدن وباب المندب.

منذ ذلك الحين، وتتحدث وسائل إعلام موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي عن اعتبار الميناء قاعدة للإخوان للتهريب سواء للداخل أو الخارج، ونافذة لتلقي الدعم العسكري دون مراقبة. من بين هذه المزاعم استقبال الميناء “سفينة محملة بأسلحة تركية متطورة، جرى نقلها عبر (قاطرة) مشتقات نفطية لإخفاء الشحنة”.

ميناء قنا
ميناء قنا

وبغض النظر عن مزاعم الطرفين، فإن الواضح من المشهد أن ثمة تجاذوبًا بين السعودية والإمارات عبر أذرعهما المحليين، سواء من خلال خطوط الإمداد البحري أو التهديد بورقة اتفاق الرياض، الذي تفيد كافة الشواهد بأنه بات “حبرًا على ورق”.

ما هو “اتفاق الرياض”؟

و”اتفاق الرياض” الموقَّع بين الحكومة، المدعومة سعوديًا، وبين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا، تضمَّن حزمة من الإجراءات العسكرية والإدارية والاقتصادية التي تسمح بتأمين عودة الحكومة إلى “العاصمة المؤقتة” عدن. ومن ثمّ تنفيذ خارطة موحدة لاستعادة المناطق الشمالية من قوات الحوثيين المدعومة إيرانيًا.

ظل الاتفاق مجمَّدًا لمدة عام كامل، حتى اتفق الطرفان برعاية سعودية – إماراتية على تشكيل حكومة مناصفة جديدة تكوَّنت من 24 وزارة، تمثل نصيب المجلس الانتقالي الجنوبي (المدعوم إماراتيًا) منها 5 وزارات، أهمها الخدمة المدنية والشؤون الاجتماعية والعمل والنقل والأشغال العامة والطرق والزراعة والثروة السمكية.

خلال توقيع اتفاق الرياض
خلال توقيع اتفاق الرياض

في ديسمبر 2020 وصلت الحكومة الجديدة إلى عدن قادمة من الرياض التي كانت تقيم فيها، وقتها استُقبلت بانفجار استهدف طائرتها، لكنّ خطأ تكتيكًا من منفذي الهجوم (المجهولين) جعل الانفجار يحدث في ممر الطائرة قبل أن يعبره الوزراء، وقتل على إثره موظفون ومسؤولون محليون.

نجا الوزراء من فخ الاغتيال الجماعي في المطار، لكنّ الأحداث اللاحقة نجحت في اغتيال الجميع ميدانيًا، فعاد الوزراء أدراجهم بعد أشهر من فشل السيطرة الإدارية إلى الرياض.

عقدة الترتيبات الأمنية

تضمن الاتفاق، بخلاف تشكيل حكومة المناصفة، تعيين محافظ ومدير أمن جديدين لعدن، والفصل بين القوات في أبين ونقلها إلى الجبهات، وإعادة انتشار وتموضع القوات العسكرية من العاصمة عدن إلى خارجها.

ويقصد بإعادة انتشار القوات أو نقل الوحدات العسكرية من الطرفين (قوات الحكومة  وقوات الانتقالي الجنوبي) إلى موطنها الأصلي الذي جاءت منه قبل شهر أغسطس 2019، وتوجهها للجبهات لمواجهة قوات الحوثي لاستعادة الشمال.

وعند الانتهاء من الترتيبات العسكرية في أبين وعدن، تبدأ المرحلة الثانية من ترتيبات عسكرية وأمنية في شبوة وحضرموت والمهرة وبقية محافظات الجنوب. ومن ثم ينتقل الطرفان إلى بقية بنود الاتفاق، وفي مقدمتها تشكيل وفد تفاوضي موحد للمفاوضات السياسية مع الحوثيين. وكذلك إعادة هيكلة وتشكيل أبرز المؤسسات الاقتصادية، بما فيها المجلس الأعلى للاقتصاد، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.

بنود الترتيبات الأمنية ظلت عقدة
بنود الترتيبات الأمنية ظلت عقدة

منذ وصلت عدن في الأيام الأخيرة من 2020، ظلت الحكومة مشتتة لمدة ثلاثة شهور، تجددت خلالها مواجهات عسكرية محدودة، لكن القشة التي قسمت ظهر التشكيلة الوزارية عندما اقتحم متظاهرون قصر معاشيق الرئاسي الذي تقيم فيه الحكومة.

المتظاهرون كانوا يرفعون شعارات تعبر عن تردي الأوضاع المعيشية وانهيار الخدمات، وهم يرددون هتافات مناهضة للحكومة. ورفع المتظاهرين شعارات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا.

رسالة غريفيث الأخيرة

في 15 يونيو الماضي، أبلغ مارتن غريفيث وسيط الأمم المتحدة بأن “طرفي الصراع لم يتجاوزا خلافاتهما بعد” رغم محاولته على مدى ثلاث سنوات التوسط لإنهاء الحرب.

كان غريفيث يقدِّم إفادته الأخيرة بعدما انتهت ولايته عندما قال إن “الرجال والنساء والأطفال اليمنيون يعانون كل يوم لأن الناس الذين بأيديهم السلطة ضيعوا الفرص التي واتتهم لتقديم التنازلات اللازمة لإنهاء الحرب”.

اختار مجلس الأمن الدولي، السبت الماضي، السويدي هانس غروندبرج مبعوثاً أممياً جديداً لدى اليمن خلفاً للبريطاني مارتن جريفيث. وغروندبرج هو رابع مبعوث أممي إلى اليمن بعد المغربي جمال بنعمر، والموريتاني إسماعيل ولد الشيخ، والبريطاني مارتن جريفيث، وجميعهم أنهوا مهامهم من دون إنجاز أيّ تقدم على مسار السلام في اليمن.

 خريطة السيطرة الميدانية

يمكن تصنيف الأطراف الأخرى المقابلة لجماعة الحوثي إلى أربع أطراف هي: الحكومة المدعومة سعوديًا، وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا، والقوات المشتركة التي تلتقي أو تبتعد قليلا مع قوات ألوية العمالقة السلفية، والطرف الرابع يتمثل في تنظيمي القاعدة وداعش.

خريطة السيطرة الميدانية تأتي من حيث المساحة الجغرافية في صالح الطرف المناهض للحوثيين بأطرافه الأربعة آنفذ الذكر، بيد أنها مناطق صحراوية في أغلبها لكنها غنية بالنفط، خاصة محافظات مأرب وشبوة وحضرموت، إضافة محافظة المهرة.

نفوذ الحوثيين

يسيطر الحوثيون على محافظة صعدة شمالي اليمن، ومعظم محافظات البلاد المكتظة بالسكان بما فيها العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة التي تحوي ميناء استراتيجيا.

مناطق الحكومة

وتسيطر الحكومة المدعومة سعوديًا على أجزاء من أبين والجوف، ووجودها في محافظة عدن العاصمة المؤقتة يبقى صوريًا، بسبب سيطرة قوات الانتقالي الجنوبي على المدينة. ويقيم الرئيس هادي في العاصمة السعودية منذ وصوله إليها فارا من مدينة عدن نهاية مارس 2015.

الجنوبيون وتشكيلاتهم

أما المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أعلن انفصال جنوب اليمن عن شماله منتصف 2017، يسيطر على مدينة عدن ومحافظة لحج وأجزاء من محافظتي الضالع وأبين، وجزيرة سقطرى.

ويضمن المجلس الانتقالي الجنوبي ولاء قوات الحزام الأمني المنتشرة في محافظات عدن ولحج وأبين وجزء من محافظة الضالع، وقوات النخبة الشبوانية المنتشرة في أجزاء من محافظة شبوة، وقوات النخبة الحضرمية المنتشرة في مدن ساحل حضرموت.

النظام السابق والقوات المشتركة

كان الرئيس السابق على عبدالله صالح متحالفا مع الحوثيين حتى عام 2017، عندما غادر حلفهم واندلعت مواجهات بين قوات الطرفين في العاصمة صنعاء، انتهت بمقتل صالح وفرار ابن شقيقه طارق.

وبدعم إماراتي شكل طارق صالح قوات ضخمة فرضت سيطرتها على حساب قوات العمالقة السلفية في الساحل الغربي، خاصة في تخول الحديدية. انضم طارق صالح بقواته المستحدثة إلى القوات المشتركة التي تقاتل على الساحل الممتد من مضيق باب المندب حتى الحديدة.

القاعدة وداعش

في بلد ظل يوصف بأنه واحد من قلاع المحافظة يبقى تنظيما القاعدة وداعش الأقل ظهورا في المشهد هناك خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعدما فقد تنظيم القاعدة محافظة أبين التي سيطر عليها في العام 2012، والانسحاب من مدينة المكلا في العام 2016 بعدما أجرى تفاهمات مع زعماء قبليين محليين، وبعدها اختفى أثره إلا قليلا عندما يظهر عبر مناوشات محدودة مع القوات الجنوبية. أما تنظيم “داعش” فتلاشى تماما منذ العام 2015، بعدما أعلن وجوده في محافظة البيضاء.