باتت سيطرة أندية الشركات والأندية الخاصة على مسابقة الدوري الممتاز بديلة عن الفرق الجماهيرية حديث الساعة في الكرة المصرية مؤخرًا. وهو ما اعتبره البعض يمثل ناقوس خطر على الكرة المصرية ومستقبلها القريب الذي يواجه غموضًا.
هذا الجدل جاء في أعقاب صعود أندية البنك الأهلي وسيراميكا كليوباترا بالموسم الماضي. ليرتفع عدد تلك الأندية إلى 11 فريقًا من أصل 18 فريقا إجمالي عدد أندية المسابقة. مع تبقي 7 أندية شعبية وجماهيرية فقط، وهي النسبة الأقل منذ انطلاق الدوري المصري للنور منتصف القرن الماضي.
وهذا الموسم صعدت 3 أندية شركات إضافية للمسابقة هي: فاركو وكوكاكولا و
؛ ليكون العدد مرشحا لـ14 فريقًا. وذلك إذا لم يهبط أحد منهم مع اقتراب “الإنتاج الحربي ووادي دجلة والبنك الاهلي” نسبيًا من الهبوط،. وإذا حدث ذلك ستظل النسبة كما هي بوجود 11 فريقًا من تلك الفئة بالبطولة.
هذه الظاهرة بدأت تمثل قلقا لدى أغلب المهتمين بمنظومة الكرة وصناعها وقطاع من جماهيرها. لاسيما مع عدم تقديم تلك الأندية إضافة للكرة المصرية أو حتى للمنتخبات الوطنية المختلفة، ولا من حيث التنافسية أو الجماهيرية. أو تقديم ملاعب جديدة للكرة إلا القليل، بل ساهمت تلك الأندية في زيادة الفجوة مع الأندية الجماهيرية، وإبعادها عن الساحة لعدم التكافؤ المادي واللوجيستي بينهم؛ مما أدى لإضعاف المسابقة فنيًا عن سابق عصرها.
تأثيرات الظاهرة
كذلك ساهمت في تراجع قيمة الكرة المصرية، التي بعدت كثيرًا عن الساحة العربية وفقدت بريقها بين الدوريات المختلفة. واحتلت مرتبة أعلى من حيث التنافسية والمتعة الكروية، وكذلك نسب المشاهدة والإعلانات والبث التليفزيوني رغم ريادة مصر كرويا. وذلك كونها الأولى والأكثر تأثيرًا في هذا النطاق منذ عقود.
والفرق السبعة الجماهيرية في الدوري هي: الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري والاتحاد وأسوان وغزل المحلة. رغم أن الأخيرة شركة مصرية، لكنها تأخذ الطابع الجماهيري لتشجيع أغلب سكان المحلة للفريق منذ ظهوره بالدوري العام.
وفي المقابل، يوجد 11 فريقا من أندية الشركات والمؤسسات، ما بين الحكومية والعسكرية والخاصة المملوكة. وهي تمثل أكثر من 62% من قوام البطولة المصرية، بينما تمثل الأندية الشعبية بالمسابقة 38%.
في العقد الأول من الألفية الجديدة كانت نسبة الأندية الشعبية متساوية أو أكثر بعض الشيء من أندية الشركات والمؤسسات. أما في القرن الـ19 سواء في نهاياته أو الربع الأخير منه كانت نسبة أندية الشركات لا تتعدى 20% من قوام المسابقة. وكانت تمثل حدثا مع صعود إحداها على حساب ناد جماهيري أو شعبي.
محمد مصيلحي رئيس نادي الاتحاد السكندري، قال لـ”مصر 360″ إنَّ الأمر “أصبح كارثيًا” على المسابقة والأندية الشعبية. ولفت إلى أن فريق الاتحاد عانى طوال السنوات الماضية من هذه الظاهرة، وصلت إلى حد التهديد بالهبوط في أكثر من مناسبة.
وأكد أن تلك الظاهرة قلصت عدد اللاعبين المميزين بالفرق الجماهيرية، لاقتناص تلك الأندية أغلبهم لقدراتها المالية المرتفعة واستقرارها. وبالتالي أصبح المتاح للأندية الجماهيرية من الفئة الثانية والثالثة ولا يرضي طموحاتها ولا جماهيرها العريضة، ما أدى لظهورها بشكل متواضع. فضلا عن معاناتها من الهبوط للدرجة الثانية وابتعادها عن المراكز المتقدمة في المسابقة وتضاؤل فرص المشاركة بالبطولات الأفريقية والعربية.
الشركات تغزو الدوري بالموسم الجديد
صعد فريق الشرقية للدخان بعد اعتلاء مجموعة الصعيد، وكوكاكولا بعد تصدر مجموعة القاهرة والقناة. وحقق فاركو الصعود من مجموعة بحري، والفرق الثلاثة حققت إنجاز الصعود لأول مرة في تاريخها.
وبالنظر إلى المنافسين على الصعود مع هذه الفرق، فإن الداخلية كان ينافس كوكاكولا. والألومنيوم والمنيا في منافسة مع الشرقية للدخان، وحرس الحدود مع فاركو، أغلبها أيضًا أندية ليست جماهيرية.
أما الهابطون والمصارعون على الهبوط، فـ95% منها أندية جماهيرية، مثل طنطا وبيلا وبني عبيد وسمسطا وطهطا وسرس الليان وجمهورية شبين. وجميعها فرق جماهيرية، ولكن سيتواجدون في الموسم المقبل بدوري القسم الثالث.
الحلول الممكنة
الاستقرار المالي: تعاني جميع الأندية الجماهيرية في القسم الثاني من الأزمات المادية، كما يرفض اللاعبون التدريبات بسبب تأخر مستحقاتهم المالية. وهو ما يؤثر على الأداء في المباريات، ويترتب عليه نتائج سيئة ما يجعل هذه الفرق تصارع الهبوط. بينما أندية الشركات من أكبر مميزاتها الاستقرار المادي، ودائما مستحقات اللاعبين متوافرة، ومكافآت المباريات عقب المباراة مباشرة. وهو الأمر الذي جعل أغلب اللاعبين يفضلون الانتقال لهذه الأندية بدلاً من الأندية الجماهيرية.
الاستقرار الفني: جملة الاستقرار الفني يجلب النجاح تتردد دائمًا، لكن لم تتبع الفرق الصاعدة للممتاز هذا المبدأ. فريق فاركو أول الصاعدين لم تكن بدايته هذا الموسم في الدوري هي الأفضل، وتعادل في أول مباراتين أمام الرجاء والحمام،. ثم خسر من بلدية المحلة لتطيح هذه المباراة بأحمد عاشور المدير الفني السابق. واتفق مجلس الإدارة برئاسة عز يشار حلمي على تعيين مجدي عبد العاطي المدير الفني السابق لأسوان، وصاحب إنجاز صعود تماسيح النيل إلى الدوري الممتاز.
تولى عبد العاطي زمام الأمور، وفاز على المنصورة بهدفين دون رد في أول مباراة له مع الفريق حتى وصل للصدارة. ثم فقدها مرة أخرى لصالح حرس الحدود، لكن استمر في التمسك بالقمة، ليعود لها مرة أخرى قبل نهاية الدوري بجولة وحيدة وحقق الصعود للدوري الممتاز.
أما فريق كوكاكولا، فتولى تامر مصطفى قيادته الفنية خلفا لمحمد عبد الله، الذي رحل بعد خسارة الفريق من جمهورية شبين بهدفين لهدف في الجولة السادسة. وقاد مصطفى الفريق وهو في المركز الأخير برصيد 4 نقاط، لكن وصل للقمة ودخل التاريخ بفريقه.
وفريق الشرقية للدخان صعد بقيادة علاء إبراهيم من دوري القسم الثالث إلى الثاني، واستمر في الصدارة ونافس بقوة. لكن بعد الخسارة من الألومنيوم بهدفين مقابل هدف في الجولة 24 وتقليص الفارق بين الوصيف لنقطة وحيدة أقيل من منصبه. وجرى تعيين علاء نوح الذي قاد الفريق في 6 مباريات فاز في 3 مباريات، وتعادل في مباراتين، وخسر في مباراة. وحقق إنجاز الصعود للممتاز.
أداء الصاعدين
في الموسم الماضي صعدت فرق سيراميكا كليوباترا وغزل المحلة والبنك الأهلي، وحقق زعيم الفلاحين نتائج متميزة هذا الموسم وفاز على الأهلي والزمالك. وفرض نفسه على الجميع ومنح الدوري شكلا مختلفا بجماهيره التي تمثل مدينة المحلة.
أما فريق سيراميكا كليوباترا اعتبر الحصان الأسود للدوري في الدور الأول، حيث حقق نتائج متميزة. ويضم الفريق هداف الدوري أحمد ياسر ريان، لكن تراجع الأداء والنتائج بالدور الثاني بشكل لافت. أما فريق البنك الأهلي أقل الفرق الصاعدة التي أحدثت الفارق في شكل الدوري، لم يثبت نفسه ودائمًا قريب من المراكز المهددة بالهبوط إلى الممتاز “ب”.
ويمكن أن يرجع السبب في ذلك إلى أن فريقي غزل المحلة وسيراميكا كليوباترا احتفظا بالقوام الأساسي الذي صعد بالفريق مع التدعيم في بعض المراكز. أما البنك الأهلي فاستغنى عن أغلب لاعبيه وتعاقد مع صفقات جديدة، لم تحقق الهدف وأصبح الفريق قريبًا من الهبوط.