تستعد السفينة ” إيفر جيفين” للإبحار من جديد ومغادرة مصر.  بعدما رفعت مصر الحجز رسميا عليها. بموجب اتفاق التسوية والتعويض الذي توصلت إليه هيئة قناة السويس مع مالكي السفينة. التي أغلقت الممر الملاحي لقناة السويس لمدة ستة أيام في مارس الماضي. فكيف جرى اتفاق التسوية؟.

540 مليون دولار تنهي أزمة “إيفر جيفين”

بعد أشهر من المفاوضات المستمرة بين هيئة قناة السويس وممثلي السفينة ” إيفر جيفين “. جرى التوصل رسميًا إلى اتفاق بسداد 540 مليون دولارًا. إلى الهيئة نتيجة للأضرار التي لحقت بمجرى القناة. ومن المقرر توقيع الاتفاق غدا الأربعاء وهو ذات اليوم الذي ستغادر فيه السفينة منطقة البحيرات المرة.  بعدما ظلت محتجزة لنحو ثلاثة أشهر تقريبًا.

وجرى تأكيد صحة اتفاق التسوية من جانب كل من نادي المملكة المتحدة للحماية والتعويض. المسؤول عن تأمين السفينة. وشركة المحاماة ستان مارين التي تمثل شركة شوي كيسن المالكة للسفينة وشركات التأمين الخاصة بها.

وقال نادي المملكة المتحدة: أحرز تقدم جيد بشأن السفينة، كما جرى التوصل رسميا إلى اتفاق. وأضاف: ستجرى استعدادات للإفراج عن السفينة وستقام مراسم بمناسبة الاتفاق في مقر الهيئة بالإسماعيلية في الوقت المناسب.

ورغم عدم صدور بيانات رسمية بشأن بنود الاتفاق. لكن شركة “شوي كيسن” اليابانية مالكة السفينة. وافقت على دفع تعويض قدره 540 مليون دولار لصالح هيئة قناة السويس. بزيادة كبيرة عن الـ 150 مليون دولار التي كانت الشركة تتمسك بها في السابق. وخفضت الهيئة في مايو الماضي قيمة التعويضات التي تطالب بها إلى 550 مليون دولار. من 916 مليون دولار سابقا. ومن المتوقع أن تحصل الهيئة على قاطرة جديدة بموجب الاتفاق.

مسار المفاوضات
مسار المفاوضات

وستعقد محكمة الإسماعيلية الاقتصادية الأحد المقبل جلسة -قد تكون الأخيرة- للنظر في قضية التعويض. وطلب الجانبان من المحكمة تعليق الإجراءات حتى الأحد المقبل لمنحهما فرصة لإنهاء التسوية.

وستقوم الشركة المالكة للسفينة إيفر جيفين بسداد التعويض الذي تم التوصل إليه، بالاشتراك مع شركات التأمين ونادي الحماية والتأمين البريطاني.

قاطرة حديثة للقناة ضمن التسوية

تتضمن التسوية التي جرى الاتفاق عليها، حصول هيئة قناة السويس على قاطرة جديدة حديثة. بالإضافة إلى بنود أخرى بها عدد من الامتيازات لصالح هيئة قناة السويس.

وراجعت اللجنة القانونية لهيئة قناة السويس كافة البنود وتم التشاور حولها. والموافقة على ما تم التوصل إليه. وتم عرض الأمر على القيادة السياسية التي طالبت بتسهيل مهمة التفاوض ووافقت على ما يتم التوصل إليه طالما يخدم المصلحة العامة.

وقبل أكثر من أسبوع. قدم مالكو سفينة الحاويات التي أغلقت قناة السويس في مارس الماضي. عرضا جديدا في نزاع تعويض مع هيئة القناة. وتم تأجيل حكم قضائي في القضية لمدة أسبوعين يوم الأحد 20 يونيو الماضي لإتاحة مزيد من الوقت للمفاوضات.

كيف جرت التسوية؟

مصادر حكومية أكدت لـ ”مصر 360″، أن مصر كان من حقها المطالبة بتعويضات من الشركة اليابانية المالكة للسفينة نظير إعادة تعويم “إيفر جيفين”. التي أكدت أن حل التسوية يكون بعيدًا عن المحاكم وجهات التقاضي. لكن اللجوء لتلك الجهات يكون لإثبات الحق في التعويض.

الخسائر التي تعرض لها مجرى قناة السويس وتكاليف التعويم وخسائر توقف حركة الملاحة جميعها أسباب رجحت كفة مصر في المطالبة بالتعويض. ووفق المصادر “الشركات المالكة للسفينة وشركة التأمين حاولت بشتى الطرق الوصول إلى تسوية مرضية للجانب المصري. حرصًا على حركة الملاحة المتعلقة بهم مستقبلًا عبر القناة.

احتجاز “إيفر جيفين”

وتضيف المصادر أن احتجاز السفينة مثل تصعيدًا في الخلاف حول قيمة التعويض المناسبة لخسائر القناة من جنوح “إيفرجيفن”. وبالتالي استمر الجانب المصري في مفاوضات التسوية المباشرة مع شركات التأمين لمحاولة الوصول إلى صيغة ملائمة لحجم التعويض.

وواصلت المصادر: تم الاتفاق على أنه حال عدم الاتفاق على تسوية تعوض خسائر قناة السويس. سيكون بإمكان السلطات المصرية التصعيد في المحاكم المصرية لاستمرار الاحتجاز على السفينة بالبحيرات المرة.

وتابعت المصادر أن الحجز على السفينة مثل ورقة ضغط على الجهة المالكة وشركة التأمين للسفينة. ما زاد من احتمالية موافقتهم على التعويض الملائم لخسائر القناة وفق التحقيقات التي تم إجراؤها بدقة في الواقعة.

خلال الأشهر القليلة الماضية تم حصر كافة الخسائر التي تعرضت لها القناة بعناية ودقة متناهية. وتحديد حجم التعويض المناسب، في الوقت الذي شهدت فيه جلسات التفاوض مرونة كبيرة من الجانب المصري -تواصل المصادر-.

مفاوضات “إيفر جيفين”

مفاوضات الجانب المصري وضعت المصلحة العامة للدولة على رأس عملية التسوية، وكان هناك تواصل دائم مع القيادة السياسية للإطلاع على كافة تفاصيل التفاوض قبل الوصول إلى صيغة نهائية للتسوية الخاصة بالسفينة، إلى أن جرى الوصول إلى مبلغ مُرض لكافة أطراف القضية.

الدكتور أحمد الشامي الخبير الملاحي، أكد لـ “مصر 360″، أن حجم التعويض 916 مليون دولارًا الذي طلبته هيئة قناة السويس في البداية كان مرتفع نسبياً، وهو ما جرى تخفيضه والوصول إلى اتفاق تسوية يناسب كافة الأطراف.

أضاف أنَّ قناة السويس لها طبيعة مختلفة في حجم التعويضات، مبينًا أنَّ هناك تكلفة خسائر خاصة برصيف القناة والمعدات وتعطل حركة الملاحة، وهو ما تسبب في ارتفاع حجم التعويض المتفق عليه حاليًا بقيمة 540 مليون دولار.

جهود هيئة قناة السويس في أزمة الجنوح
جهود هيئة قناة السويس في أزمة الجنوح

جولة قضائية

لمدة 3 أشهر تقريبًا ظلت ” إيفر جيفين” محتجزة داخل البحيرات المرة. بعدما أصدرت محكمة الإسماعيلية الاقتصادية في أبريل الماضي. أمرًا بالحجز التحفظي على السفينة ” إيفر جيفين “. التي جنحت في قناة السويس وعطلت حركة الملاحة بالكامل داخل القناة الجديدة.

بموجب الحجز الصادر تم التحفظ على السفينة قضائيًا بوضعها تحت سلطة المحكمة ومنع الشركة المشغلة لها من التصرف بها، بما يضر بمستحقات هيئة قناة السويس لديها.

وقد منع القرار ملاك السفينة من القيام بأي عمل قانوني أو مادي من شأنه إخراج السفينة من تحت سلطة الهيئة. لحين سداد ما عليها من مستحقات. وعليه توجه محضرو محكمة الإسماعيلية الاقتصادية. إلى مكان توقف السفينة بالبحيرات المرة وأخطروا  طاقم السفينة بالقرار والسير في إجراءات تنفيذه.

وأمام المحكمة قدمت هيئة قناة السويس طلبًا لتوقيع الحجز التحفظي على السفينة لحين سداد مبلغ مقداره 900 مليون دولارًا، يمثل جملة المبالغ المقدرة للهيئة لدى الشركة المشغلة للسفينة. ويمثل مقابل إجراءات الإنقاذ والصيانة التي أجرتها طواقم الهيئة للسفينة وتكاليف تعطيل حركة الملاحة بقناة السويس من قبل السفينة.

استئناف «يو كيه كلوب»

بعد أيام من الحجز قدمت شركة التأمين «يو كيه كلوب»، المؤمنة على سفينة الشحن البنمية الجانحة بقناة السويس « إيفر جيفين باستئناف على قرار الحجز التحفظي على السفينة الجانحة بمنطقة البحيرات.

وذكر المحامي طارق نجيده لـ “مصر 360″، أنَّ القرار إجراء قانوني طبيعي يحدث كرد على قرار التحفظ، ولا يؤثر في سير المفاوضات بين الطرفان.

لم تتوقف الملاحقات القضائية. وتقدمت هيئة قناة السويس بدعوى ثبوت الحق وصحة الحجز بعد عدة أيام من صدور قرار الحجز التحفظي. وسمحت هيئة قناة السويس، لاثنين من طاقم تشغيل السفينة الجانحة في المغادرة بسبب ظروف شخصية مرا بها.

ومثلت هذه الخطوة الجديدة تصعيدًا في الخلاف حول الجانب المسؤول عن تحمل فاتورة التعويضات عن أزمة جنوح السفينة، والتي أدت إلى إغلاق أحد أهم شرايين التجارة العالمية، وتكدس أكثر من 400 سفينة أمام السواحل المصرية. وقال رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع إن الهيئة لن تسمح للسفينة بالمغادرة قبل موافقة الشركة اليابانية المالكة للسفينة “شوي كيسن” على سداد التعويضات المناسبة.

فيما أكّد بيان رسمي للهيئة، أنَّ الهيئة لا تدخر جهدًا لضمان نجاح المفاوضات وتتعاون بشكل تام لتلبية كل متطلبات طاقم السفينة المحتجزة حالياً بمنطقة البحيرات الكبرى لحين انتهاء التحقيقات.

قانون التجارة البحرية

وفق قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990. نصت المادة 65 من على أن الدائن. عليه أن يرفع الدعوى بالدين وصحة الحجز أمام المحكمة الابتدائية التي وقع الحجز في دائرتها خلال 8 أيام تعقب تسليم محضر الحجز إلى ربان السفينة. أو من يقوم مقامه، وإلا يعتبر الحجز كأن لم يكن.

كما جاء في الفقرة الثانية من المادة 66 من القانون، أنه يجوز استئناف الحكم أيًا كان مقدار الدين خلال 15 يومًا من تاريخ صدوره.

وبحسب جمع النصين السابقين من قانون التجارة البحرية، فإن الدائرة الابتدائية للمحكمة الاقتصادية. هي المختصة نوعيًا بنظر دعوى ثبوت الدين وصحة إجراءات الحجز التحفظي. وهذا تصريحًا بعبارة نص المادة 65.

ارتفاع إيرادات القناة رغم الأزمة

الأزمة التي حدثت بقناة السويس يبدو أنها لم تؤثر على إيرادات قناة السويس. التي بلغت 3 مليارات دولار خلال الستة أشهر الأولى من العام الحالي 2021. التي شهدت بزيادة 9% تقريبا عن الفترة ذاتها من العام الماضي، وفق ما كشف عنه رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع.

وأظهرت بيانات ميزان المدفوعات الصادرة عن البنك المركزي الأسبوع الماضي للربع الثالث من 2021/2020 ارتفاعا هامشيا في إيرادات قناة السويس لتصل إلى 1.45 مليار دولار. ومن المتوقع أن تبلغ إيرادات القناة 6 مليارات دولار بنهاية العام.