عادت إيطاليا بشكل لم يكن يتوقعه أكثر المتفائلين بالأزوري في نسخة يورو 2020 الحالية. حتى المدرب روبرتو مانشيني نفسه صاحب الثورة الفنية بالمنتخب الإيطالي لم يتوقع كل هذا التوهج الحالي، نتيجة عمل مضني. وذلك بعدما استلم المنتخب في أسوأ أحواله قبل 3 سنوات بفشل مخجل في التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2018.

عودة قوية ليست فقط بالنتائج التي توّجت بسجل خالٍ من الهزائم لـ33 مباراة على التوالي ضربت به كل الأرقام القياسية. وسطرت تاريخًا جديدًا للأزوري، بمستوى فني متطور وكرة هجومية ممتعة وأداء دفاعي منضبط، بعد عقود من الالتزام بالطرق الدفاعية المعقدة. فإيطاليا في ثوب جديد مع مانشيني وصلت لنهائي اليورو لأول مرة منذ نسخة 2012 عندما خسرت برباعية نظيفة أمام إسبانيا.

ضربت إيطاليا موعدًا في النهائي مع إنجلترا الأحد المقبل على ملعب ويمبلي في لندن، للمرة الرابعة في تاريخها. حيث تبحث تحقيق النجمة الثانية عبر تاريخ بطولات اليورو بعد الفوز بنسخة عام 1968، والوصيف في نسختي 2000 و2012.

مانشيني يعيد الروح لإيطاليا

أعاد مانشيني الحياة والروح لمنتخب إيطاليا، بعدما تسلم الفريق في مايو 2018 وهو جثة هامدة فشل في التأهل لكأس العالم. لتكون أول نسخة من المونديال يغيب عنها الـزوري منذ 1958. ونجح المدرب الأنيق بطل البريميرليج مع مان سيتي عام 2012، في إعادة بناء الفريق ليصبح منتخبا شابًا في 3 سنوات. نجح في شق طريقه بجدارة إلى نهائي بطولة كأس الأمم الأوروبية الحالية.

وأصبح المنتخب الأزرق على بعد خطوة واحدة من التتويج باللقب الأوروبي، الذي لم يحرزه سوى مرة واحدة سابقة عندما استضافت بلاده النسخة الثالثة في 1968. فيما توج الفريق بلقب كأس العالم 4 مرات في تاريخه حتى الآن.

مانشيني يعيد الروح لإيطاليا
مانشيني يعيد الروح لإيطاليا

وقبل أكثر من 3 سنوات، تسبب التعادل السلبي مع نظيره السويدي على استاد “سان سيرو” الشهير بمدينة ميلانو الإيطالية، في غياب المنتخب الإيطالي عن مونديال 2018 للمرة الأولى منذ 1958. والقليلون فقط يمكنهم نسيان دموع جيانلويجي بوفون حارس مرمى المنتخب الإيطالي وقتها. أو نسيان لاعب خط الوسط دانييلي دي روسي وهو يسأل الطاقم التدريبي للفريق: “لماذا بحق الجحيم يجب أن أستمر؟”. وذلك لدى مطالبته بإجراء عملية الإحماء حيث وصف زميله لورنزو إنسيني بأنه خيار أفضل.

وكان إنسيني، مثل جورجينيو والمدافع جورجيو كيليني والمهاجم تشيرو إيموبيلي من بين من تواجدوا في هذه المباراة الكارثية أمام السويد. ولكن الفرصة سانحة أمامهم الآن للفوز بلقب يورو 2020 بعد العودة الرائعة للآزوري تحت قيادة روبرتو مانشيني.

عمل شاق فنيًا

أسندت إلى مانشيني مهمة إعادة بناء الأزوري، خلفا للمدرب جامبييرو فينتورا بعد فشل الفريق في تصفيات كأس العالم 2018. وبدأ المدرب مهمة إحياء المنتخب بالتخلي عن أسلوب اللعب التقليدي المائل للدفاع والتحفظ مع الهجوم المضاد.

واستثمر مانشيني بشكل كبير في جلب اللاعبين الشبان إلى صفوف المنتخب، مثل فيدريكو كييزا (23 عاما) ومانويل لوكاتيللي (23 عاما) ونيكولو باريلا (24 عاما). علما بأن هذا الثلاثي سجل أهدافا مهمة في طريق الآزوري لنهائي يورو 2020.

منتخب إيطاليا
منتخب إيطاليا

وأشادت الصحف الإيطالية كثيرًا بعمل مانشيني، وآخرها صحيفة “لاجازيتا ديلو سبورت” أول أمس الأربعاء. والتي قالت: “مهما حدث، شكرا مانشيو”، وأوضحت: “عندما جلس روبرتو مانشيني على المقعد الأزرق، كان منتخبنا الوطني يمر بواحدة من أحلك الفترات في تاريخه. المدرب بدأ عمله مباشرة، وقام ببناء مجموعة من اللاعبين الشبان أصبحوا عائلة”.

أجواء أسرية ومعنويات عالية

نالت الأجواء العائلية في المنتخب الإيطالي إشادة هائلة في يورو 2020. وكانت حاضرة مجددًا عندما حمل اللاعبون قميص زميلهم ليوناردو سبينازولا وتغنوا باسمه خلال احتفالهم بالفوز على إسبانيا. واضطر سبينازولا لمغادرة البطولة بسبب الإصابة التي تعرض لها حيث أجرى جراحة ستبعده عن الملاعب لعدة شهور.

وقال مانشيني بعد التأهل لنهائي اليورو: “الفضل في وصولنا لهذه النقطة لا يرجع لي ولكن لكل الرجال الذين وثقوا بهذا. ولكن الأمر لم ينته بعد، هناك مهمة يجب إنهاؤها، علينا أن نستعيد القوة التي بقيت لدينا ونفوز باللقب”.

أجواء أسرية ومعنويات عالية بالمنتخب الإيطالي
أجواء أسرية ومعنويات عالية بالمنتخب الإيطالي

وهنا تكمن التفاصيل الصغيرة لعمل المدرب، الذي بدأ بالجانب الفني وتطور الفكر والأسلوب للهجوم والمتعة الكروية مع التمسك بالانضباط الدفاعي. ثم تخلص من العناصر الكبيرة وخفض مستوى الأعمار ووثق في النجوم الشباب ولم يخذلوه. نهاية بالأجواء العائلية والإيجابية كثيرًا التي صنعها داخل الفريق وأوضة اللبس الخاصة بالأزوري. ما جعل معنويات وروح الجميع في أعلى مستوياتها مع الجانب الفني المتطور والحديث.

صنعت إيطاليا الجديدة وتسبب كل ذلك في ظهورها المدوي والعظيم باليورو الحالي. وربما تكون أقرب من أي وقت مضى للتويج بالنجمة الثانية لهم في تلك البطولة. وذلك بعد غياب أكثر من 53 عامًا عن آخر تتويج عام 1968.