يواصل 4 من السجناء إضرابهم عن الطعام، وسط مخاوف من تدهور حالتهم الصحية. في المقابل تزداد الدعوات التضامنية معهم من خارج السجون، من نشطاء ومتضامنين، أعلنوا الدخول في إضراب رمزي عن الطعام لمدة 24 ساعة لدعمهم، ودعم مطالبهم.
الصحفي هشام فؤاد دخل في إضراب عن الطعام قبل 8 أيام احتجاجًا على تجاوه فترة حبسه احتياطيًا سنتين، بالمخالفة للقانون. وفؤاد هو ثالث سجين سياسي يضرب عن الطعام خلال الفترة الحالية، بعد الباحث أحمد سمير سنطاوي الذي تجاوز إضرابه 20 يوما، والمهندس أحمد بدوي الذي تجاوز إضرابه شهرا. قبل أن تدخل علاء القرضاوي في إضراب هي الأخرى عن الطعام. وفقا لمحاميها أحمد أبو العلا ماضي.
حملات تضامن مستمرة
الصحفية منى سليم أعلنت هي وصحفيتين أخريتين هما إيمان عوف، وهدير المهدوي، الدخول في إضراب عن الطعام لمدة يوم واحد، من ٨ صباح اليوم السبت، وحتى ٨ صباح غدا الأحد، للتضامن رمزيا مع الصحفي هشام فؤاد المضرب عن الطعام منذ ٨ أيام، وتضامنا مع السجناء المضربين عن الطعام والزملاء الصحفيين المحبوسين”.
وقبلهن دخل الكاتب الصحفي والمرشح السابق على مقعد نقيب الصحفيين كارم يحيى في إضراب لمدة 24 ساعة. واعتصم في مقر نقابة الصحفيين رافعا شعار “نجوع لنحيا”. للمطالبة بإخلاء سبيل فؤاد، وكل الصحفيين المحبوسين، وسجناء الرأي، حتى استجاب لدعوة أسرة فؤاد، بفك الإضراب والاعتصام، خوفا على صحته.
ومن داخل المنازل، أعلن عدد من النشطاء، على رأسهم الدكتورة عايدة سيف الدولة، والدكتورة ليلى سويف، ومحمد زارع، وإكرام يوسف، إضراب تضامني الخميس الماضي، للمطالبة بإخلاء سبيل سجناء الرأي.
عايدة سيف الدولة قالت: كانت الدعوة غير مرتب لها بشكل كامل، وبدأ التفكير بها عقب دخول هشام فؤاد في إضراب عن الطعام. وبعد الإعلان شهدت الدعوة عدد من المتضامنين.
لن ننساكم
وأضافت: نعلم أنها رسالة فقط قد يكون أثرها ليس بالكبير ولكنها رسالة من خارج السجون لمن يقبعون بداخلها، نقول لهم من خلالها لن ولم ننساكم.
إكرام يوسف والدة البرلماني السابق زياد العليمي، والمحبوس على ذمة القضية المعروفة إعلاميا بخلية الأمل. شاركت في الإضراب، وقالت “استجبت لدعوة وجهها الشباب في صفحة الحرية لزياد العليمي –Free Zyad Elelaimy – للإضراب الرمزي عن الطعام لمدة يوم، تضامنا مع المضربين في الزنازين.
وتابعت: امتنعت عن الطعام، لكن كنت باشرب مية وشاي من غير سكر، وطبعا ما أخدتش دوا السكر عشان ما يحصلش هبوط، الحمد لله قدرت رغم إني على بالليل كان تركيزي قل وعندي شوية صداع وهمدانربنا يكون في عون الجدعان المضربين في السجون في هذا الحر
هناك أيضا من لم يستطع المشاركة في الإضراب. ولكن أعلن التضامن معه. كما قال خالد داوود :”لم أستطع المشاركة، لأنني كنت مشغول في وفاة والدي رحمة الله عليه”.
ووجه داود رسالة لصديقه هشام، جاء فيها: “يا هشام اللي ياما اتكلمنا عليه طوال فترة حبسي 19 شهر، وكنت بتتطمن عليه وعلى وضعه الصحي كأنه والدك لأنك إنسان قلبك طيب، وكلنا عشنا سوا ازاي بنخاف ونترعب على أهالينا بره اللي بيمروا بكافة أنواع الظروف واحنا مش قادرين نقف جنبهم ونساعدهم لأننا محبوسين بس علشان عبرنا عن رأينا وقلنا كلام شافت الأجهزة المعنية إننا نستاهل نتحبس عليه”.
وأضاف: اعتقد إن عتاة المجرمين المتهمين بالقتل وتجارة المخدرات تتم إحالتهم للمحاكمة بعد خمسة أو ستة شهور، ولنقل حتى سنة، أما أن يتم احتجاز حسام وهشام وزياد سنتين وشهر لغاية دلوقتي، وبعدين فجأة تتم إحالتهم للمحاكمة بدل إطلاق سراحهم، فده يؤكد الحاجة السريعة لمراجعة وتعديل قانون الحبس الاحتياطي، مينفعش الناس يضيع من عمرهم سنتين في انتظار محاكمة.
مخاوف أسر المضربين
دعوات الإضراب التي تواجه التضامن من خارج السجون. تقابلها مخاوف من الخارج أيضا لدى أسر السجناء. خاصة مع بدء إجازة عيد الأضحي. وهي الفترة التي تغلق فيها الزنايين والعنابر ولا يسمح فيها بالتريض. فتأتي المخاوف من تعرض أحدهم لوعكة صحية، دون نقله للمستشفى.
الصحفية مديحة حسين، زوجة الزميل هشام فؤاد، تخشى على حالته الصحية. خاصة مع تدهور حالته الصحية في السجن، وإصابته بارتجاع في المريء.
مديحة قالت: “لا يمكننا معرفة أخباره أو حالته الصحية، فالموعد الوحيد الذي يمكن من خلاله الاطمئنان على صحته هي الزيارة الشهرية، وموعدها 23 يوليو والتي تأتي ضمن الإجازة المقررة للعيد، ويكون السماح بالزيارة الاستثنائية إما يوم الوقفة أوأول أيام عيد الأضحي فقط”، مشيرة إلى أنها بعد معرفة قرار زوجها بالإضراب عن الطعام، لم تتواصل معه، أو تعرف أي أخبار عن حالته الصحية.
نفس المخاوف أيضا، تراود أسرة المهندس أحمد بدوي، فوالدته أرسلت العديد من الاستغاثات لرئاسة الجمهورية. والعديد من الجهات المعنية، لإحلاء سبيل ابنها بعد مرور فترة حبسه المقررة وفقا للقانون وهي عامين، وتزداد مخاوفها أيضا بعد تردد أنباء، بمحاولات للضغط عليه لإنهاء إضرابه عن الطعام بالقوة.
أما أسرة الباحث أحمد سمير سنطاوي، فتواصل إصدار الاستغاثات لإسقاط الحكم الصادر ضد سمير بحبسه 4 سنوات، وهو الذي دخل الإضراب احتجاجا عليه.
كما قدمت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بلاغا للنائب العام لإثبات الإضراب. وطلب لنقل سنطاوي إلى مستشفى السجن لمتابعة حالته الصحية. كما أرسلت أيضا استغاثة للمجلس القومي لحقوق الإنسان لمناشدة رئيس الجمهورية، لإسقاط الحكم عن سنطاوي.
شاركت بالمعركة، علاء القرضاوي، ابنه يوسف القرضاوي، وقال محاميها أحمد أبو العلا ماضي، إن محكمة الجنايات المصرية ما أن قررت تجديد حبس الدكتورة علا القرضاوي 45 يوماً على الرغم من مرور عامين على حبسها احتياطيًا في القضية الجديدة بالمخالفة للقانون الذي جعل الحد الأقصى للحبس الاحتياطي هو سنتين، وقد مرت 4 سنوات على حبسها احتياطيًا في قضيتين مختلفتين، حتى قررت علا أمام المحكمة أنها تعلن دخولها في إضراب مفتوح عن الطعام حال تجديد حبسها.
حق مكفول يقابله “إطعام قسري”
القانون يكفل حق الإضراب عن الطعام. ما يعد أقصى درجات الاحتجاج.
ووفقا للقانون والمعاهدات الدولية الموقعة عليها مصر. يجب إثبات الإصراب في محضر شرطة، سواء للمحتجزين أو المضربين خارج أماكن الاحتجاز. وتوفير الرعاية الطبية لهم، ويحق للمضربين خارج أماكن الاحتجاز. إثبات إضرابهم في محاضر شرطة، أو من خلال التلغرافات، يوضحون فيها أسباب الدخول في إضراب عن الطعام.
ولكن عدد من المحامين الذين تحدثوا لـ”مصر 360″، أوضحوا أنه في أحيان كثيرة، تتعنت الأقسام والسجون في إثبات الغضراب بمحضر رسمي. وأيضا يكون هناك محاولات دائمة لفك الإضراب، وهي ما يطلق عليها “الإطعام القسري”.
على الجانب الآخر، يواجه جسد المشاركين في تلك المعركة، معركة داخلية أيضا. خاصة في حالة الإضراب الكلي، التي يمتنع خلالها الشخص عن الطعام والشراب. ويلجأ للماء فقط، فجسم الإنسان يحتاج يوميا 1200 سعر حراري من الطعام لكي تعمل أجهزة الجسم بكفاءة. ومع الامتناع عن تناول الطعام تتأثر تلك الأجهزة. وفي مقدمتها العضلات، وعند عدم وجود السعرات اللازمة لعمل جسم الإنسان يلجأ لاستبدال الدهون بها. وتبدأ أعراض الإضراب عن الطعام بتقلصات في المعدة، تظهر من اليوم الثالث، وفقا لما أوضحه الدكتور محمد حلمي، أستاذ التغذية.
معركة داخلية في الجسد
وتزداد الأعراض ظهورا على الشخص المضرب مع الوقت، فيبدأ الفقدان في الوزن. بسبب الفقدان التدريجي الذي يحدث في جسده للدهون والبروتين والبوتاسيوم والفوسفات والماغنسيوم.
وتبدأ الأعراض في الزيادة بعد مرور ما يقرب من شهر على الإضراب. فمن الممكن أن يصاب الشخص بصعوبة في البلع، والدوار والقيء المستمر. وأخطر مرحلة هي بداية فشل الأجهزة الداخلية لجسم الإنسان التي من الممكن أن تنهي حياة الشخص، وتؤدي للوفاة.
ويتفق حديث الطبيب مع روايات عدة شهدتها السجون، لمعارك خاضها سجناء. منهم من فقد حياته كما حدث مع مصطفى قاسم، الذي توفي، بعد إعلانه دخول إضرابات متكررة.
فقاسم البالغ من العمر 54 عامًا ويحمل الجنسية الأمريكية إلى جانب جنسيته المصرية، أضرب عن الطعام في 2018 بعد الحكم عليه في القضية المعروفة إعلاميًا بأحداث رابعة، وبعدها أعلن الإضراب عن تناول السوائل التي كان يعيش عليها، لتتدهور حالته الصحية، وينقل إلى مستشفى السجن ومنه إلى مستشفى قصر العيني حيث توفي هناك، ولكن برغم تلك المخاوف، يستمر المضربون في معركتهم، سعيا منهم للحصول على حريتهم.