قبل أيام من عيد الأضحى، اعتاد إسلام شعبان سنّ عدد من السكاكين انتظارًا لموسم عيد الأضحى. الذي يمثل مورد رزق إضافي للرجل الذي يعمل حارسًا على إحدى المدارس براتب ضعيف لا يكفي احتياجاته الشهرية، تلك مهن الأعياد التي تخفف أعباء المعيشة.
يمثل شعبان واحدا من بين آلاف المصريين الذين يعملون بمهن يعتمدون عليها في حياتهم وتعويض انخفاض الرواتب. باعتبارها محدودة الوقت ومرتفعة العائد.
يقول شعبان، الذي يبلغ من العمر 44 عامًا، إن تلك المهنة هي واحدة من عدة مهن موسمية يعملها. من أجل لتوفير بعض المبالغ الإضافية التي يكتنزها لمساعدته على المعيشة. خاصة أن العمل بها لا يمتد سوى أربعة أيام فقط سنويًا.
ولا يمتهن شعبان الجزارة، لكنه احترف أعمال الذبح والسلخ، وأصبح معروفًا في منطقته. بسبب رخص أجرته مقارنة بالجزارين الذين يحصلون في الذبيحة الواحدة على 600 جنيه. بحانب جلد الحيوان وأحيانا رأسه أيضًا.
وتتراوح أسعار الجزارين المحترفين، وفقًا لنوع الذبيحة وحجم الأعمال التي يقدمها. ففي حالة ما إذا كانت من الضأن يتراوح الذبح بين 150 و200 جنيه للذبح والسلخ فقط. أما إذا امتد المجهود للتقطيع والفصل فترتفع إلى 500 جنيه.
بالنسبة للماشية الأكبر حجما فتبلغ تكلفة الذبح والسلخ إلى 1000 جنيه في المتوسط. وترتفع إلى 2000 جنيه حال التقطيع والتقسيم. وتزيد أكثر إلى 2500 جنيه حال التكييس والتقسيم لأوزان صغيرة بجانب رأس الحيوان وجلده.
وتمثل قطع الجلود مصدر دخل إضافي للجزارين الموسميين في عيد الأضحى. فالجلد البقري يتراوح سعره بين 150 و180 جنيها وفقا لحجمه. ترتفع إلى 250 جنيهًا بالنسبة للجاموسي باعتباره أفضل في صناعة الجلود. أما الضاني (ماعز وخراف) فيتراوخ بين 30 و60 جنيهًا.
جزار متجول
يعتبر الوضع ذاته مع العاملين في سن السكاكين الذين يمثل عيد الأضحى الموسم الأساسي لعملهم. فباقي السنة قد لا يسنون سوى سكينتن أو مقص في اليوم الواحد بعائد لا يتجاوز في غالبية الأحيان 30 جنيهًا.
يجول فتحي محمود الشوارع في أيام العيد حاملا فوق ظهره ماكينة تقليدية لسن السكاكين. الأمر الذي يلقي إقبالا مع القاطنين في المناطق الشعبية والريفية الذين يعتمدون على أسلوب الشراكة في الأضحية.
وانتشر أسلوب الشراكة في الأضحية خلال السنوات الأخيرة مع ارتفاع سعر الماشية، بحيث يشترك أربعة أفراد أو أكثر في ذبيحة واحدة بما يقلل عليهم الأعباء. وغالباً ما تعتمد الأسر على الجزار في الذبح والسلخ وتقسيم الذبيحة لأربعة أجزاء فقط. ويتولي كل منهم التقسيم والتقطيع بمعرفته.
يقول محمود إنه يملك محلاً لسن السكاكين، لكنه يفضّل العمل جائلاً في موسم العيد؛ بحثا عن رزق إضافي. فالحزارون يكتفون من خدماته مع يوم وقفة عرفات.
في القرى المصرية، كثير ما يحول بعض الأهالي الطابق الأول من منازلهم في الأعياد إلى محل تجاري مؤقت لبيع بعض ألعاب الأطفال والألعاب النارية. التي يشترونها من محال الجملة ويعيدون بيعها بأسعار أعلى تتجاوز ثلاثة أضعاف في غالبية الأخيان.
تجارة الألعاب النارية
ووفقا للغرفة التجارية في القاهرة، فإن تجارة الألعاب النارية تقدر بنحو 70 مليون دولار سنويا. لكن بعض التقديرات ترفعها إلى 100 مليون دولار على اعتبار أن نحو ثلث السوق تتضمن كميات مهربة. بجانب إنتاج الورش المحلية الضالعة في الأنواع البدائية التقليدية.
تمثل المهن السريعة “التيك أواي” وسيلة أساسية لتحسين الدخل في الريف المصري، تحديدا مع محدودية الفرص التي يمكن للمواطنين الاعتماد عليها في تحسين دخولهم، ومواجهة أعباء التضخم. خاصة مع محدودية فرص الالتحاق بمهن السمسرة والوساطة أو توصيل الطلبات للمنازل التي تمثل وسيلة أساسية لتحسين الدخول بالمدن.
الحصاد الزراعي
ظلت مهن الحصاد أحد وسائل الريفيين في العمل الإضافي، لكنها بدأت في الانحسار خلال السنوات الأخيرة. وذلك مع تنامي استخدام الميكنة الزراعية، التي قلصت الاعتماد على العنصر البشري. بجانب تقلص الرقعة المزروعة بسبب التوسع العمراني.
ووفقا لنقابة الزراعيين، فإن ما خسرته مصر من أراض زراعية تجاوز الـ1.2 مليون فدان، بسبب التعدي عليها بالبناء أو بالتبوير. وهي مشكلة جارت على الكثير من فرص العمل خاصة أن الزراعة من القطاعات كثيفة العمالة.
ويقول عطية المندي إنه ظل لقرابة عشرين عامًا يعمل في جني المحاصيل التي يمكن اعتبارها مهنة مستديمة. على اعتبار أن مواسم الحصاد والزراعة متغيرة وتحتاح لعمالة دائمًا ما بين محاصيل غرس الأرز وجمع الأعناب وحصاد القمح والذرة. لكن الأمر تغير بسبب تغير نمط الزراعة ذاتها.
ووفقا لـ”المندي”، الذي حول نشاطه للبيع المتجول بالمثلجات في الأعياد وقلي الذرة الشامية وغزل البنات. فإن محصول الأرز تقلصت مساحاته، وأصبح المزراعون يحولونها لعلف يفرمونها وهي خضراء وكمرها في الأرض. والقمح أصبحت الماكينات وسيلة أساسية لحصاد عيدانه. وبالتالي تقلصت أمامه فرص العمل وووجد ضالته في المهن السريعة المتقلبية التي تحقق عائد معقول.