في مارس 1950، شاهد قائد جناح سلاح الجو الملكي البريطاني المتقاعد، تشارلز ريب. مباراة كرة القدم في القسم الثالث بين سويندون تاون وبريستول سيتي.

وخلال تلك المباراة صعق تشارلز من كم الفرص المهدرة، وعلى الفور أمسك قلم وورقة وبدأ في تدوين ما يحدث على أرض الملعب.

بداية من التمريرات والتسديدات والكرات الطويلة في محاولة أولية لتحليل المباراة طبقا للبيانات.

بعد سبعة عقود، تم تعريف ما فعله تشارلز بـ”ثورة البيانات”، لتبدأ الفرق وكبار الأندية إلى استخدامها في تحقيق نتائج أفضل من خلال الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.

تعريف الذكاء الاصطناعي

أصبح من الصعب الفصل بين الذكاء الاصطناعي ولعبة كرة القدم. حيث تعمل الأدوات الحديثة على تقليل الأخطاء، وتحديد حاجة كل فريق من لاعبين يمثلون إضافة قوية لتحقيق المزيد من البطولات.

يمكن تعريف الذكاء الاصطناعي بأنه المنهجية التي يستخدمها الباحثون من أجل مراقبة السلوك البشري وإنتاج الاستجابة. ومن ثم العمل من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي على تحليل وتطوير اللعبة

وتستخدم الأندية التقنيات الحديثة لتحليل أداء اللاعبين، والوقوف على نقاط القوة لديهم. وكذلك تحليل أداء لاعبي الفرق المنافسة.

كما تستخدم أيضا عند التعاقد مع لاعبين جدد، لاختيار الأنسب، فضلا عن مساعدة الحكام خلال المباريات لتقليل نسبة الأخطاء.

والمتابع للعبة كرة القدم من السهل أن يكتشف أن التكنولوجيا نجحت في إحداث تغيير كبير في اللعبة نفسها وطرق تطورها. ومن ضمن مساهمات الذكاء الاصطناعي، استكشاف نجوم المستقبل لكرة القدم، والعمل على تجربة مشاهدة أفضل للمشاهدين.

وكذلك تعزيز أداء اللاعب، وتقليل الإصابات والتنبؤ بوقت التعافي. وتحسين مهارات اللعب للاعبين. علاوة على ذلك التوصية بالراتب المناسب للاعب، والمساعدة في تحديد النادي المناسب للمباريات..

الذكاء الاصطناعي والحكم

تعتبر هذه التقنية من أوائل وسائل التكنولوجيا التي دخلت مجال كرة القدم، والمعروفة باسم ساعة الحكم، والتي  توازي  14 كاميرا عالية الجودة.

وتعمل تلك التقنية على التقاط صورة للكرة أثناء دخولها المرمى. وإذا مرت بأكملها، يتم إرسال إشارة إلى ساعة الحكم لتنبيهه بصحة الهدف.

 

ساعة الحكم توازي ‏14 كاميرا عالية الجودة
ساعة الحكم توازي ‏14 كاميرا عالية الجودة

ولا تعتمد هذه التقنية على الصورة فقط إنما هي  عبارة عن كرة خاصة قامت بابتكارها شركة كايروس تكنولوجي الألمانية بالتعاون مع شركة أديداس.

وتعمل على إرسال صوت تنبيه من خلال شريحة صغيرة مدمجة في الكرة إلى الحكم. لتحديد ما إذا كانت الكرة قد عبرت المرمى من عدمه.

كما تستطيع تقنية خط المرمى المحسنة أن تلتقط الأخطاء بسرعة ودقة أكبر من أي مقارنة مع العين البشرية.

حكم الفار

حكام الفيديو أو المعروفة اختصارا باسم الـ Var ميزة تكنولوجية جديدة تعمل على مساعدة حكم الساحة على أرض الملعب، لاتخاذ القرارات السريعة.

وتقنية الـ فار، تعمل على مراجعة قرارات الحكم الرئيسي. وتستخدم هذه التقنية على نطاق واسع حاليا، ومن المتوقع أن تشهد تحسينات تقنية مستقبلا.

تقنية الفار
تقنية الفار

ويدعم الاتحاد الدولي لكرة القدم، تقنية الـ Var، حيث ساهمت كثيرا في  ضبط حالات التسلل في المباريات.

ووفقا لما ذكره فيفا فإن إمكانيات الذكاء الاصطناعي بمقدورها تعزيز تقنية التتبع البصري بطريقة هائلة. وبالإضافة إلى ذلك فإن نظام ضبط التسلل شبه الآلي يشهد تطورا هائلا.

تكنولوجيا الأندية

اعتمدت الاندية أيضا بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي، في وضع استراتيجيات فرق الكرة وتحسينها، بل واتخاذ قرارات تغير قواعد اللعبة.

بعد أن كان المدير الفني يقوم بهذا اعتمادا على خبراته المتراكمة،أو عن طريق تحليل بيانات المنافسين يدويا، بما في ذلك نقاط القوة والضعف للاعبين.

أما في حالة استخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن للمدرب أو مسؤولي الفرق أن يمتلكوا القدرة على تحليل البيانات وتحقيق أقصى رؤية واستفادة منها.

كما أنها يمكن أن تساعد على اتخاذ القرارات المستقبلية مثل اختيار لاعبي الفريق أو شراء اللاعبين الجدد.

ولكن الأهم من هذا كله، أن مثل تلك الأنظمة تساعد المدرب على اتخاذ القرارات وفق الحقائق المجردة واستبعاد كافة العناصر العاطفية.

برشلونة والذكاء الاصطناعي

ولمعرفة مدخل الأندية للتعامل مع الشركات التقنية، يمكن متابعة نادي برشلونة الإسباني أحد أكبر اندية اوروبا.

وقع برشلونة اتفاقا مع شركة بيكسلوت، لاستخدام تقنية الشركة لدعم وتعزيز قدرات تحليل الفيديو. الأمر الذي يمنح المزيد من الرؤى لحركة اللاعبين وتطورها أثناء التدريبات والمباريات.

برشلونة عمل على إدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بهدف تطوير أداء اللاعبين وتحقيق المزيد من الأرباح، وغير ذلك من المجالات.

بيكسلوت تعتمد في عملها على مجموعة من الخوارزميات المتطورة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتتبع  حركات اللاعبين سواء في التدريبات أو على أرض الملعب.

ويمكن أن يطلق على هذه العملية المدرب الافتراضي الذي يحلل الأداء ويقدم رؤية تكتيكية لما يحدث بالفعل في الملعب.

وتعمل من خلال استخدام زوايا مختلفة وفريدة من نوعها، الأمر الذي ينعكس في النهاية بشكل إيجابي على تطور أداء فريق كرة القدم.

اعتماد برشلونة على تقنيات الذكاء الصناعي، ليس بدعة، إنما هي خطوة إيجابية وطبيعية للغاية تزامنا مع  اقتحام تقنيات الذكاء الاصطناعي العديد من قطاعات الرياضة العالمية.

وعلى الرغم من أن القائمون على كرة القدم كانوا مترددين كثيرا في استخدام هذه التكنولوجيا. إلا أنهم راجعوا أفكارهم خلال السنوات القليلة الماضية،خاصة في المجالات التي تتيح اتخاذ قرارات أسرع وأفضل في اللعبة.

الأندية العالمية تستخدم حاليا هذه التقنيات للحصول على رؤى متعمقة لعناصر اللعبة، وعليه دخلت العديد من التطبيقات الخاصة باللعبة الشعبية الأولى عالميا.

ليفربول وسيتي والشراكة مع ديب مايند

ديب مايند هي شركة متخصصة في استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال كرة القدم عبر تحليل البيانات.

وأبرمت الشركة عقودًا مع شركات كرة القدم ذات الوزن الثقيل بما في ذلك أرسنال ومانشستر سيتي وليفربول وإنتر ميلان.

شراكة بين ليفربول ليفربول وشركة ديب مايند
شراكة بين ليفربول ليفربول وشركة ديب مايند

ومدت الشركة، الأندية المختلفة بالعديد من الأنظمة والتطبيقات المختلفة المبنية على مشاهدة آلاف الساعات من المباريات، لتقدم للأندية تحليل كامل عن كل لاعب، ومدى إجادته، وكذلك تحركاته داخل الملعب.

وتزعم ديب مايند أنه خلال السنوات الخمس المقبلة، ممكن أن نشهد ظهور ” مدرب فيديو آلي “. يمكنه المساعدة في التحليل قبل وبعد المباراة.

كما يمكن من خلال إلقاء نظرة على النصف الأول من المباراة وتقديم المشورة للمدرب البشري بشأن ما يمكن تغييره في الشوط الثاني.

أنظمة متعددة للذكاء الاصطناعي

على سبيل المثال تقنية Goal Line Technology أو GLT هي إحدى تلك التقنيات التي تجعل كأن للحكم عينا ثالثة أثناء المباراة.

وطورت الشركة الألمانية CairosTechnology وشركة Adidas تلك التقنية لمساعدة الحكام على اتخاذ القرارات الصحيحة داخل الملعب. وتم تسميتها Goal Decision System أو GDS.

وتؤدي وظيفتها عن طريق إصدار صوت عبر شريحة إلكترونية للسماعة بأذن الحكم. هذا الصوت يبين هل تخطت الكرة المرمى أم لا.

ووافق المجلس الدولي لكرة القدم IFAB عام 2012 على استخدام تقنية GLT، واشترطوا وجود حكم المرمى مع استخدام التقنية عين الصقر.

ومن بعدها وافق الاتحاد الدولي لكرة القدم في نفس العام على استخدام تلك التقنية.

https://www.youtube.com/watch?v=rl6kMO_9mpo

وتعتبر هذه التقنية مختلفة عن تقنية Video Assistant Referee أو VAR، تلك التي يرجع إليها الحكم لمشاهدة لعبة ما لم يستطع التأكد منها أثناء المباراة. وبناء عليها يحدد قراره.

وكذلك نظام EPTS هو أحد أنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدم في تطوير لعبة كرة القدم.

فهو يعد نظام لتتبع أداء اللاعبين إلكترونيا. ويعمل على مراقبة وتحليل هذا الأداء وهو عبارة عن حساسات يتم ارتداؤها في أكتافهم.

وتقوم تلك الحساسات باستشعار أداء اللاعب وتحديد المسافة التي يقطعها اللاعب في التدريب. بالإضافة إلى معدل ضربات القلب لديه وأيضا نقاط القوة والضعف فيه.

وتساعد تلك التقنية المدرب في اتخاذ قرار صحيح في حليل أداء لاعبيه ومعرفة الأنسب له في خوض المباريات.

ففي السابق كان المدرب يتخذ قراره بناء على خبرته في معرفة إمكانات لاعبيه ومعرفة نقاط الضعف والقوة في الخصم.

أما الآن فقد ساعد استخدام الذكاء الاصطناعي. وتقنية مثل EPTS على توفير كل المعلومات المطلوبة لدى المدرب.

لمعرفة ما يتعلق بفريقه والقضاء على العوامل العاطفية في تفضيل لاعب على آخر.