تستمر أزمة الأقلية العربية في إيران. التي تقاطعت مؤخرا مع أزمة المياه. بعد احتجاجات عمت منطقة الأهواز. على الأحوال المعيشية كافة. وفي المقابل لجأت السلطات إلى العنف ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى بين صفوف المتظاهرين.

 

وكانت “هيومن رايتس ووتش” قالت إن السلطات الإيرانية استخدمت على ما يبدو القوة المفرطة ضد متظاهرين في جنوب غرب إيران احتجوا على عدم حصولهم على المياه.

 

وطالبت المنظمة الحقوقية السلطات التحقيق بشفافية في وفاة ثلاثة متظاهرين على الأقل، بحسب تقارير. ومحاسبة المسؤولين، مضيفة:”ينبغي للحكومة أيضا الإسراع في معالجة المظالم القائمة منذ فترة طويلة بشأن الحصول على المياه.

https://www.youtube.com/watch?v=T99tdYEh13A

 

ومنذ منتصف الشهر الجاري. خرج الناس في عشرات البلدات والمدن في محافظة خوزستان. التي يسكنها عدد كبير من السكان العرب. إلى الشوارع كل مساء محتجين على صعوبات الحصول على المياه في مناطقهم.

 

كما أفادت عائلات خلال مقابلاتها مع وسائل إعلامية حكومية عن وفاة رجلين خلال الاحتجاجات. بينما تظهر مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل عناصر الأمن يستخدمون الأسلحة النارية والغاز المسيل للدموع. ويطلقون النار على المتظاهرين خلال الأيام القليلة الماضية.

 

كما أفادت “وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية” عن مقتل متظاهر ثالث في مدينة إيزيه. وشرطي في مدينة طالقاني. كما تشير تقارير غير مؤكدة إلى حصيلة محتملة أعلى من القتلى والجرحى.

 

السلطات ترد بالرصاص

قالت باحثة إيران في هيومن رايتس ووتش تارا سبهري فر: للسلطات الإيرانية تاريخ مقلق للغاية في ردها بالرصاص على المتظاهرين المحبطين من الصعوبات الاقتصادية المتزايدة وتدهور الظروف المعيشية، ينبغي للسلطات الحكومية ضمان الحق في التجمع السلمي ومنع قوات الأمن من استخدام القوة المفرطة”.

 

وفي 16 يوليو، قال عميد صابريبور، القائم بأعمال محافظ مدينة شاديجان، لصحيفة محلية إن مثيري الشغب أطلقوا النار على شاب أثناء الاحتجاجات متسببين بمقتله. إلى جانب مقتل آخر بعدما أصيب برصاصة قاتلة أثناء عودته من العمل.

احتجاجات نقص المياه في إقليم الأهواز
احتجاجات نقص المياه في إقليم الأهواز

وفي 20 يوليو، أفادت وكالة أنباء الناشطين في حقوق الإنسان. أنها حددت هوية 18 ناشطا محليا على الأقل اعتقلتهم السلطات. كذلك تُظهر العديد من مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي عناصر الأمن يطلقون النار على المتظاهرين الفارين.

 

وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل متظاهرون يحملون جثة رجل تم تحديد هويته على أنه محمد عبد الله خلال الاحتجاجات في إيزه.

 

إلا أن وكالة أنباء “إيلنا” نقلت عن القائم بأعمال محافظ إيزه حسن نابوفاتيم، نفيه تقارير عن مقتل ثلاثة متظاهرين خلال الاحتجاجات هناك، لكنه أقر بمقتل شخص واحد متأثرا بجراحه، وإصابة 14 شرطيا.

 

وغرد تقي رحماني، زوج الناشطة الحقوقية البارزة نرجس محمدي، أن السلطات في طهران احتجزت في 20 يوليو لفترة وجيزة محمدي ونشطاء حقوقيين آخرين، منهم آراش صادقي، وآراش كيخسروي، وجعفر عظيم زاده الذين تجمعوا أمام وزارة الداخلية بسبب دعم احتجاجات خوزستان، كما قال رحماني إن الشرطة ضربت المتظاهرين أثناء الاعتقال.

 

مظاهرات العرب في إيران..أنا عطشان

 

ورفع المتظاهرون لافتات كتبوا عليها “أنا عطشان” باللغتين الفارسية والعربية. احتجاجا على الجفاف وانعدام التنمية في مناطقهم التي اشتهرت منذ القدم بأنهارها الجارية، وتربتها الخصبة ومواردها من النفط والغاز.

 

ويجري في المحافظة نهر كارون أطول أنهار إيران (950 كيلومترا). الذي كان صالحا للملاحة سابقا. كذلك هناك أنهار أخرى تجري في المحافظة. كما أن مدينة شوشتر تشتهر بنظام ريها الهيدروليكي التاريخي على نهر كارون الذي يعود إلى 500 سنة قبل الميلاد وتم تسجيله لدى اليونسكو في عام 2009.

 

تقول هيومن رايتس ووتش إن ثمة مخاوف قائمة منذ زمن بعيد في مختلف أنحاء إيران، وخصوصا خوزستان، بشأن سوء إدارة الموارد المائية والتلوث الناجم عن الأعمال النفطية. وفي السياق ذاته حذر خبراء البيئة على مدى عقود من أن مشاريع التنمية في خوزستان الغنية بالنفط، بما فيها بناء السدود الكهرومائية، وشبكات الري، وتحويل المياه إلى المقاطعات الفارسية المجاورة، تتسبب في أضرار بيئية وتؤدي إلى نقص المياه، ما يؤثر على مجموعة من الحقوق الخاصة بتلك الأقلية.

 

ويوضح المحللون. أن شركات النفط جففت أجزاء من الأراضي الرطبة. ومنعت وصول المياه إليها. بذريعة أن استخراج النفط من الأراضي المجففة أرخص من استخراجه بالواحات المائية. إلى جانب نقل المياه من سدود خوزستان إلى المدن الصحراوية في وسط إيران مثل يزد، وكرمان، وأصفهان، وأراك، ولورستان، وقم، للصناعات في تلك المناطق. و”تبلغ كمية هذه المياه المنقولة نحو 8 مليارات متر مكعب”.

 

إلى جانب الأقبال على زراعات غير موفرة للمياه مثل الأرز الذي يستهلك حوالي نحو 2 مليار متر مكعب من الميار موزعين على 70 ألف هكتار من أراضي المحافظة.

 

وعلى وقع الأزمة. قال عضو البرلمان عن مدينة الأهواز مجتبى يوسفي. في تصريحات صحفية. إن 702 قرية في محافظة خوزستان تفتقر إلى مياه الشرب. كما ذكر “نفوق الماشية” في الأجزاء الجنوبية والشمالية من المحافظة جرّاء نقص المياه. وأن “الزراعة حلم للسكان المحليين.

استخدام الصهاريج في نقل المياه لأهالي الأهواز
استخدام الصهاريج في نقل المياه لأهالي الأهواز

كما أفادت صحيفة “أرمان ملي” عن افتقار 660 قرية في المنطقة إلى مياه الخدمة وأن المياه يتم إيصالها إلى جميع القرى في المنطقة بالصهاريج.

 

التغير المناخي

ومن المتوقع أن يؤدي التغير المناخي إلى تفاقم التهديدات لموارد المياه في خوزستان، إذ تسبب الطقس الحار والجاف هذا الصيف، خصوصا في خوزستان، في زيادة حالات الجفاف وانقطاع التيار الكهربائي، وتسبب على الأرجح بعواصف رملية وترابية إضافية، وكلها تضخم تأثير سوء إدارة الحكومة للموارد المائية.

 

ويعتقد المراقبون أن أزمة المياه ستكون إحدى الأزمات الرئيسة في إيران خلال السنوات المقبلة، وانها قد تمتد لأكثر من نصف مساحة إيران خلال سنوات معدودة، ووفقا لتوقعات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية فقد ينخفض متوسط هطول الأمطار في إيران بنسبة 75% عن المعتاد في السنوات الخمس المقبلة.

تاريخ من المعاناة

 

و الأهواز هي عاصمة إقليم خوزستان ، كما تحمل هذه المنطقة الواقعة في جنوب غرب إيران أيضا اسم الأهواز، كما تبلغ مساحة الإقليم 375 ألف كلم مربع وتشير بعض المصادر إلى أن عدد سكانه نحو 8 مليون نسمة.

 

وكلمة الأهواز نفسها ربما تكون تحريفا لكلمة أحواز العربية فهي جمع كلمة “حوز”، وهي مصدر للفعل “حاز” بمعنى الحيازة والتملك.

 

وأغلب سكان الإقليم من العرب وعدد كبير منهم من السنة الذين قدموا للمنطقة منذ زمن بعيد، وتشير تقارير المنظمات الحقوقية الدولية لتعرضهم للتمييز والتهميش في إيران.

 

وكانت المنطقة شهدت أعمال شغب عام 2005. كاحتجاج على خطط الحكومة تشجيع المزيد من الإيرانيين ذوي الأصول الفارسية على الانتقال إلى الإقليم.

 

وبالرغم من أن سكان الأهواز دعموا الثورة الإيرانية عام 1979 ضد نظام الشاه. حيث كان الشيخ الخاقاني القائد الروحي للأهواز على اتصال بقائد الثورة الخميني قبل مجيئه إلى إيران. إلا أن طهران غيرت اسم الإقليم من الأهواز إلى خوزستان.

تضييق وتشدد

تشير الكثير من مؤشرات التنمية في إيران، فضلًا عن النقاشات السياسية في مجلس الشورى الإسلامي وغيرها من مراكز صنع القرار. إلى أن الشيعة العرب في إيران يشاركون قوميات وأقليات أخرى المعاناة وغياب مشاريع التنمية، وتسجل مناطقهم معدلات دنيا في التنمية الاقتصادية.

 

ويرافق ذلك سياسات حكومية تنتهج التضييق والتشدد. ما يدفع إلى مسارات قد تتخذ شكل المواجهة للدفاع عن الهوية. وزادت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة واتخذت الحكومة المركزية سياسة أمنية في مواجهتها .

 

ووفقًا للأرقام والإحصاءات الصادرة عن الجهات الرسمية الإيرانية، فإن البطالة والفقر يتصدران قائمة المشاكل التي تعيشها محافظة خوزستان وأنها أكثر انتشارًا بين العرب.

 

 وعلى الرغم من أن محافظة الأهواز تحتل المرتبة الثانية كمصدر من مصادر توفير الدخل القومي. إلا أنها تأتي في المرتبة الثانية بعد بلوشستان في معدلات البطالة.

 

ويقوم اقتصاد هذه المحافظة في 65% منه على الصناعات. مثل: النفط والغاز والبتروكيماويات وغيرها، ولكن هذه الصناعة لا تحل سوى 6% فقط من مشكلة العمالة .

وقد تعرض أهل المنطقة إلى مجازر كبرى على خلفية سرقة النظام لثروات المنطقة، وخلال الاحتجاجات الأخيرة رفع علم الأهواز الانفصالي من قبل بعض الفئات في مدينتي الخفاجية والفلاحية.