كثيرا ما يتم تحريك أسعار البنزين وتثار حوله حالة من الجدل فيما يتعلق بتأثيره على المستهلك والسوق. دون الوقوف على أدوات هذا التغيير وأسبابه ووضعية السوق العالمي، وفي الآونة الأخيرة اتخذت مصر عددا من الإجراءات المهمة في وضع ضوابط للتسعير بتشكيلها لجنة تعقد بشكل دوري وتقيم الأمر وتصدر قرارها بشأن السعر.

تؤكد الحكومة أن مصر على موعد مع الاكتفاء الذاتي في 2023 نتاج خطة عمل ومؤشرات نستعرضها في التقرير التالي الذي يناقش أيضاً الآلية التي يتم بها وضع أسعار البنزين على الصعيد المحلي والعالمي ومدى اتساق القرارات مع المحيط الخارجي، والوضع الحالي لمصر في إنتاج المشتقات البترولية والمستهدف.

آلية التسعير المحلي للبنزين والهدف “العادل”

وضع آلية لتسعير الوقود تلقائياً تمثلت في تشكيل “لجنة تسعير”، وتم وضع عدد من الركائز لعمل اللجنة قبل الإعلان عن زيادة أو تخفيض أو تثبيت الأسعار يأتي على رأسها وضعية السعر العالمي للمنتجات البترولية.

وتقف اللجنة التي تنعقد دورياً أيضاً على سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية، فضلاً عن احتساب كامل التكاليف التي تسبق عملية التسعير ومنها مصاريف النقل والجمارك والتسوق.

وكشفت وزارة البترول والثروة المعدنية في بيان رسمي صادر عنها أن التسعير التلقائي للوقود هدفه تحقيق السعر عادل بما يخلق قدر من الأمان المالي للدولة وتخفيف أعباء الدعم والميزانية من جهة وكذلك ضمان عدم الانتقاص من حقوق المواطنين بإستخدام آلية مستقرة مستقلة تعمل وفق معطيات السوق العالمي وتستجيب للمتغيرات المحلية دون الاضرار بأياً من أطراف التداول أو المعادلة الشرائية.

تكوين لجنة التسعير وطريقة عملها

يشرف على لجنة تسعير الوقود مجلس الوزراء، وتتكون من ممثلين عن وزارة المالية بالاضافة إلى ممثلين عن وزارة البترول والثروة المعدنية، وتم البدء في اعتماد قراراتها للتسعير منذ الربع الثالث من عام 2019.

وتعمل لجنة التسعير على تحديد حجم ارتفاع أو انخفاض السعر أو تثبيته في نطاق ثابت لا يتجاوز الـ 10% من السعر القائم.  ويعتبر سعر برميل خام البرنت هو المؤشر المعتمد في تحديد السعر وهو أيضاً معيار قياس ثلثي إنتاج النفط في العالم.

وتجتمع اللجنة ربع سنوياً “كل ثلاثة شهور”، للوقوف على السعر بالتثبيت أو الرفع أو التخفيض بحسب المعطيات الخارجية ومدخلات عملية التوزيع والتسويق المحلي.

وكانت اللجنة قد أصدرت قرارها خلال الأيام الماضية بتحريك سعر بنزين 80 و 92 و 95 بنحو 25 قرش للتر معتمدة في ذلك على صلاحية استغلال الـ 10% أثناء التسعير ومحققة المستهدف وفق ارتفاع السعر العالمي لخام برنت، بينما استمرت في تثبيت سعر كلا من ” السولار والمازوت” دون المساس بهم.

8 قرارات للجنة التسعير رفعت خلالها السعر مرتين منذ عام ونصف لهذه الأسباب

اتخذت لجنة التسعير التلقائي 8 قرارات منذ تشكيلها في الربع الثالث من عام 2019 حتى الآن، وقامت خلالها برفع السعر مرتين في “أبريل ويوليو 2021” بقيمة 25 قرش.

وقد قررت لجنة التسعير التلقائي التي تنعقد كل 3 شهور بداية من أكتوبر لعام 2019، تثبيت السعر لنحو 4 مرات في “يناير ويوليو وأكتوبر 2020، ويناير 2021″، بينما خفضته مرتين في “أكتوبر 2019 وأبريل 2020”.

وشهدت أسعار البترول منذ الدخول في جائحة كورونا حالة من التذبذب وذلك نتيجة عدم القدرة على توقع محدد لحجم الطلب العالمي من جهة، وحرب النفط التي اشتعلت خلال عام 2020 على الجانب الآخر، فضلا عن تأثر سعر الصرف من وقت لآخر بتداعيات الوباء، فكل ذلك أسفر عن انخفاض سعر برميل خام البرنت لأكثر من 65%.

وتعود أسباب رفع سعر النفط عالمياً إلى ظهور مؤشرات واضحة على التعافي الاقتصادي نتيجة الانتهاء من إنتاج لقاحات مواجهة الوباء في أغلب الدول، وإعلان الكثير من المؤسسات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تفاؤلها بشأن حالة التعافي المتجه نحوها الاقتصاد العالمي، فضلاً عن المؤشرات الإيجابية المرتبطة بحجم الطلب والناتجة عن العودة للعمل والتصنيع مرة أخرى بعد فترات التوقف من حين لآخر في عدد من الدول تأثراً بقرارات الحظر والغلق والإجراءات الاحترازية.

مصر على موعد مع الاكتفاء الذاتي في القطاع

تمكنت مصر من تحقيق مكانة دولية في قطاع الغاز بعد تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط وحققت اكتفاء ذاتيا منه في عام 2018 وتمكنت من التصدير أيضاً، كما أنها حققت فائض في الميزان التجاري البترولي خلال “2020-2021″ يقدر بنحو 2.3 مليار جنيه، ويتم العمل خلال الفترة الأخيرة على زيادة الطاقة التكريرية بتوجيه إستثمارات للقطاع تتجاوز الـ 100 مليار جنيه.

وأصدر مجلس الوزراء تقرير حول القطاع وما تحقق به من تطورات كشف خلاله أنه يستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية بحلول عام 2023، حيث سجل معدل الاستثمار الأجنبي في القطاع زيادة تقدر بنحو 5.4% في 2019-2020 ، بقيمة تقدر بنحو 7.8 مليار دولار، بالاضافة إلى زيادة قيمة الصادرات بنحو 95%، وتراجع الواردات بنحو 53.3% بنفس المقارنة الزمنية السابقة.

وأكد التقرير أن من أبرز مؤشرات تحسن القطاع خلال عام 2019/2020 وصول معدل نموه إلى نحو 17.3%، ومساهمته في النمو الاقتصادي بنحو 25.8% مقارنة مقارنة بعام 2014/2015، كما أن نسبة الاستثمارات العامة المنفذة في تكرير البترول بلغت 333.3%مقدرة بنحو 2.6 مليار جنيه مقارنة بنفس الأعوام السابق ذكرها”.

وكشف التقرير عن زيادة إنتاج البنزين بنحو 13.6% مسجلاً نحو 5 مليون طن عام 2019/2020 مقارنة بـ 4.4 مليون طن عام 2014/2015، وسجل السولار زيادة تقدر بنحو 20.8%، حيث سجل 9.3 مليون طن مقارنة بنفس الفترة الزمنية السابق ذكرها”.

وأعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية أن إنتاج البترول خلال عام 2020 تجاوز الـ 76 مليون طن بواقع: ” 45.3 مليون طن غاز طبيعى، و29.6 مليون طن زيت خام والمكثفات، و 1.2 مليون طن بوتاجاز”، مؤكدة أنها في الفترة الممتدة من 2014 لـ 2020 قامت بتنفيذ نحو 29 مشروع بإستثمارات تقدر بنحو 437 مليار جنيه.

وتمكنت مصر من تسجيل المركز الـ 13 عالمياً في إنتاج الغاز والثاني افريقياً بنمو يقدر بنحو 25% ويقدر الإنتاج الحالي منه بنحو 6.6 مليار قدم مكعب يومياً بما يمكنها من تغطية كامل الاستهلاك المحلي والتصدير أيضاً علماً بأن القدرة الانتاجية تقدر بنحو 7.2 مليار قدم مكعب يومياً، بالإضافة إلى تمكنها من إنتاج نحو 638 طن يومياً من الزيت الخام والمكثفات والبوتاجاز في عام 2020.

​​​جدير بالذكر أن وزارة البترول والثروة المعدنية كشفت عن خطتها في القطاع بشأن 2021، واضعة عدد من المحاور التي تستهدف تحقيقها عبر موقعها الإلكتروني بالاضافة إلى الوصول للاكتفاء الذاتي تتمثل في:”تقليل الفجوة بين الاستيراد والإنتاج المحلي من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتى من منتج الغاز، ووضع مصر كمحور مركزي اقليمى للطاقة، وتطوير صناعة البتروكيماويات وصناعة القيمة المضافة، وتطوير صناعة التكرير لرفع معدلات وجودة الانتاج، وتطوير البنية التحتية الخاصة بكل الانشطة الخاصة بقطاع البترول، وهيكلة قطاع البترول لتحسين مستويات الأداء”.