أعلنت كنيسة السريان الأرثوذكس أمس الثلاثاء. أن مجمعها المقدس الذي اجتمع في العطشانة في لبنان يدرس تغيير موعد الاحتفال بعيد القيامة المجيد. حيث تتبع الكنيسة التقويم الشرقي في هذا العيد. مؤكدة أنها طرحت خيارين أمام المجمع المقدس إما تغيير موعد الاحتفال تمامًا ليتسق مع التقويم الغربي أو الاحتفال في موعدين الأول وفقا للتقويم الشرقي في كنائس الشرق وأخر وفقا للتقويم الغربي في كنائس الغرب. ما يطرح تساؤلات حول الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي تتبع تقويما شرقيا في العيدين الميلاد والقيامة. فهل تسير في اتجاه مماثل لما فعلته الكنيسة السريانية التي تعتبر أرثوذكسية وشقيقة في الإيمان؟
لماذا تتبع كنائس العالم تقويمين مختلفين
ترجع اختلاف مواعيد الاحتفال إلى القرن الرابع الميلادي. حين اتفق المسيحيون أن يعيّدوا للفصح المجيد أو عيد القيامة بعد اكتمال القمر والاعتدال الربيعي.
وتم الاحتفال بالفصح اليهودي في اليوم الأول لاكتمال القمر بعد الاعتدال الربيعي. وبالتالي كان عيداً متحركاً أي غير ثابت. وفق لما يوضحه الأنبا كريكور كوسا مطران الأرمن الكاثوليك. مشيرا إلى أن القرن السادس عشر حدث فيه تغييرا في تلك المواعيد. حين تم استبدال التقويم اليولياني بالتقويم الغريغوري في الكثير من دول العالم. بينما تمسكت الكنائس الأرثوذكسية بتقويمها القديم وبنفس حساباتها السابقة في عيدي الميلاد والقيامة. فصارت تحتفل بميلاد المسيح في السابع من يناير. وبعيد القيامة في توقيت يختلف عن باقي المسيحيين في العالم.
وبحسب الأنبا كريكور كوسا: أصبح يطلق على هذا التقويم اليولياني الشرقي بينما التقويم الغريغوري فأصبح معروفا باسم الغربي وهو أمر لا علاقة له بالعقيدة إنما طريقة في الحسابات الفلكية.
ماذا فعلت الكنيسة الأرثوذكسية في أزمة التقويم؟
منذ سنوات طرحت فكرة تغيير تقويم الأعياد داخل أروقة الكنيسة القبطية خاصة في كنائس المهجر التي يعاني أبنائها بسبب تمسك الكنيسة بموعد عيد الميلاد في السابع من يناير. بينما لا يستطيع رعايا المهجر الحصول على إجازة للعيد حيث تحتفل بلادهم في الخامس والعشرين من ديسمبر. ما دفع إيبارشية كندا إلى إجراء استطلاع رأي، عام 2015. تبين من خلاله أن أكثر من 60% من أقباط كندا يفضلون الاحتفال بعيد الميلاد فى الـ25 من ديسمبر بدلا من 7 يناير.
وتنص التوصية المجمعية على: في حالة الاحتياج إلى استثناءات لقوانين الكنيسة والتقليد المقدس نتيجة احتياجات رعوية بكنائس بلاد المهجر. يجب على الكاهن الرجوع إلى أسقف إيبارشيته ويمكن للأسقف الرجوع إلى قداسة البابا”. ما أعلن عنه البابا تواضروس صراحة في زيارته لألمانيا عام 2019 حين التقى أساقفة المهجر هناك.
تلك الرغبة الجارفة لأقباط المهجر في تغيير مواعيد العيد واجهت مقاومة من التيار التقليدي محليًا. دفعت المجمع المقدس إلى إصدار قرار عام 2019 يفتح الباب أمام تغيير مواعيد الاحتفال مستقبلا. حيث منح المجمع المقدس الحق لأساقفة المهجر في الاحتفال بالعيد مرتين في موعدين مختلفين.
مثال للديموقراطية
يشير الباحث ماركو الأمين المتخصص في التاريخ الكنسي إلى إن الكنيسة السريانية المعروفة بكنيسة انطاكية متقدمة بخطوات عن مثيلتها القبطية. ويقول: في العصر الحديث أصدر السريان عدة ضوابط مثل تعديل وتوحيد الطقس الكنسي وجواز استعمال الآلات الموسيقية في الطقس كالأرغن. بل وإشراك البنات و السيدات في جوقة التراتيل وهو أمر ممنوع تماما في الكنيسة القبطية.
ويستكمل الأمين: في مجمع حمص الثالث ١٩٤٦ تم تخفيض الأصوام الكنسية وعدد أيامها رفقاً بالمؤمنين مثل صوم الميلاد الذي انخفض إلى ١٠ ايام وصوم الرسل الذي صار ثلاثة أيام فقط مع الكثير من الإصلاحات في قوانين الأحوال الشخصية.
ويعتبر الأمين إن منشور كنيسة السريان الأخير بشأن الاحتفال بالأعياد مثلا جديدا ومثالا للديموقراطية الكنسية. وأشار أن قرار الاحتفال بمواعيد العيد هو قرار الرعية لا الأساقفة والمطارنة فقط. مؤكدً: الوضع داخل كنيستنا القبطية يختلف عن الكنيسة السريانية. حيث إن المجمع المقدس بكنيستنا ليس بالقوة الكافية أو الاتحاد اللازم لاتخاذ مثل تلك الخطوات الإصلاحية وأيضا الشعب القبطي ليس لديه وعيا كافيا يسمح له بالاستجابة لتلك القرارات الإصلاحية.
وأشار الأمين إلى إن البابا تواضروس حاول كثيرًا السير في طريق الإصلاح الكنسي ولكنه كان يقابل بعواصف من النقد والتجريح مثل ما جرى في قضية تغيير طريقة عمل زيت الميرون المقدس وقضية معمودية الكاثوليك وغيرها، متمنيا أن تقتدي الكنيسة القبطية بالكنيسة السريانية في تصحيح أوضاعها.