لم تكن شكوى المطرب دياب من تعطيله فنيا على يد المنتج نصر محروس صاحب شركة “فري ميوزك” غريبة على الجمهور في مصر، لذا لم يكن التفاعل معها إلا فى نطاق ضيق، لسببين. أولهما خفوت نجم دياب على مستوى الأغنية مقارنة بحضوره الكبير على مستوى التمثيل، وثانيهما أنها شكوى معتادة من نصر محروس.
لالمتتبع لمسيرة نصر محروس منذ دخوله عالم الفن يجد الأمر “قصة اعتيادية”. إذ بدا أنه يجد ضالته في احتكار المطربين والوجوه الجديدة التي يقدمها. ويرجع البعض أسباب ذلك إلى عدم قدرة الشركة على التعاطي مع متطلبات السوق بأدواتها الجديدة.
المتابعون لأزمات محروس مع عدد من المطربين، يلحظون احتكار شركة الأول لمستقبل الوجوه الجديدة. ويتساءلون: هل يسمح تقديمه الوجوه الجديدة واكتشاف المواهب باحتكار مستقبلهم الغنائي؟
دياب كشف عن وصول الأزمة إلى ساحات القضاء، في سيناريو يعيد إلى الأذهان الأزمات التي كان بطلها دائمًا نصر محروس. فيما تتغير الأسماء التي تواجهه رفضًا لحالة الاحتكار التي يسعى إليها مع الوجوه التي يكتشفها ويقدمها للمجال. وذلك على مدار سنوات تواجده في سوق الغناء.
نصر محروس وثورة الكاسيت
في نهاية الثمانينات كانت ثورة الكاسيت تجتاح الشوارع والأزقة والميادين، لتعلن عن بزوغ فجر جديد في عالم الأغنية المصرية. كان المنتج نصر محروس الذي سبق أن لعب دور الموزع للشرائط الكاسيت يستعد لتدشين شركة خاصة تحت اسم “فري ميوزيك”. ليعلن عن ميلاد عدد ليس بالقليل من نجوم الغناء المصري.
البداية كانت عند محمد منير وخالد عجاج ومحمدي محيي، ليقدم نصر محروس نفسه بقوة في سوق الإنتاج الغنائي بمصر. النجاح الكبير الذي حققه دفع العديد من الشباب للسير بمحض إرادتهم نحوه، فيتحول إلى سجن الاحتكار.
بعد فترة وجيزة، بالتحديد عام 2002، قدم نصر محروس أسماء جديدة في عالم الغناء، لم يسبق أن عرفهم الجمهور سابقا. فحققوا نجاحًا غير مسبوق، وذاع صيتهم، لكن دون أن يدروا أنهم وقعوا فريسة في محراب الاحتكار. وأن الخروج من الشبكة التي حاكها “نصر” يحتاج العبور من ساحات المحاكم.
لا يمكن بالتحديد الوقوف على وصف دقيق للمنتج الفني نصر محروس. في البداية كان صانع النجوم ومكتشف أعذب الأصوات، ولاحقا تحول إلى محتكر للنجوم والأصوات الشابة.
نصر محروس قادر على أن يصطاد الموهبة الجديدة ويفرزها من بين الآلاف، يعدهم بالشهرة والأموال. لكنهم بعد فترة وجيزة يكتشفون أن ما ينتظرهم شرط جزائي قادر على وضعهم خلف الأسوار.
تمثل شركة نصر للفنانين الجدد “متاهة”، يقضون سنوات يبحثون داخل أروقتها عن السبيل للخروج. وفي حال نجحوا في تحقيق ذلك سيجدون مفتاح باب الخروج في يد محروس، هو وحده القادر على إخراجهم.
واجه نصر محروس العديد من الأزمات مع العديد من المطربين. نجح البعض في الخروج من عباءته فيما بقي آخرون يدورون في فلك صانع النجوم ومحتكرهم.
بهاء سلطان والموهبة الضائعة
لعل بهاء سلطان صاحب الحضور الأقوى في أزمات نصر محروس المتتالية. فهو يقبع داخل أسوار محروس منذ سنوات، لم يستطع أن يخرج منها، رغم مناشدته أكثر من مرة.
تعود الخلافات بين نصر محروس وبهاء سلطان إلى عام 2014 بعد طرح “فري ميوزك” مقطع فيديو دعائيًا من ألبوم “سيجارة” عبر صفحتها الرسمية على “يوتيوب”. هذا إلى جانب الإعلان عن موعد طرح الألبوم، لاحقا طرحت أغنية أسيبك وبعدها بفترة وجيزة طرحت أغنية “أنا مش هندم”.
وفي سبتمبر 2015، كتب نصر محروس عبر صفحته على “فيسبوك” تعليقًا مصحوبًا بصورة تجمعه ببهاء سلطان. قائلاً: “يضع صانع النجوم والفنان بهاء سلطان اللمسات الأخيرة للألبوم الجديد”. ومنذ ذلك الوقت بدأت أزمة ما زالت تلقي بظلالها على مسيرة الفنان بهاء سلطان حتى كتابة هذه الكلمات.
استضافت إسعاد يونس الفنان بهاء سلطان، وناشدت محروس بالعمل على تسوية الخلاف. وبعد فترة وجيزة ظهر محروس ليؤكد أن الأزمة في طريقها للحل، إلا أن ذلك لم يحدث
ظن البعض أن نجمهم المفضل سيطرح ألبوم جديد قريبا، إلا أن ذلك الـ”قريبًا” لم يأتي قط. وهو ما دفع سلطان للخروج للجمهور ليؤكد عدم طرح الألبوم الجديد لأسباب خارجة عن إرادته. فضلا عن إشارته بشكل مستتر لانفصاله عن شركة “فري ميوزك”، وعلى مدار 7 سنوات لم يطرح بهاء سلطان ألبوم. واكتفى بمشاركته في عدد من الحملات الإعلانية أو الاكتفاء بغناء تترات عدد من المسلسلات.
وخلال الفترة الماضية، ظهرت على السطح محاولات رأب الصدع وتخفيف حدة الأزمة. واستضافت إسعاد يونس الفنان بهاء سلطان، وناشدت محروس بالعمل على تسوية الخلاف. وبعد فترة وجيزة ظهر محروس ليؤكد أن الأزمة في طريقها للحل، إلا أن ذلك لم يحدث.
الخلاف مع تامر وشيرين
يُحسد نصر محروس على جرأته في تقديم أوجه وأصوات جديدة، إذ استطاع أن يطرح في الأسواق أسماء جديدة. ضمن ألبوم “فري ميوزيك 3″، ليحقق نجاحا كبيرا، لكن سرعان ما يتحول النجاح إلى كبوة على تلك الأصوات الجديدة.
عندما طرح نصر محروس الأصوات الشابة التي اختلت فيما بعد صدارة الغناء في مصر والعالم العربي. وقع لهم عقود احتكار بشرط جزائي مبالغ فيه، وصلت لدى تامر حسني إلى 81 مليون جنيه مصري.
أما عقد شيرين فكان ينص الشرط الجزائي على دفع شيرين مبلغ 4 ملايين جنيه، في حال رغبتها في فسخ العقد. وفي حال عجزت عن دفع هذا المبلغ عليها دفع نسبة 25% من قيمة أجرها عن الحفلات التي تقوم بإحيائها مع استمرار تعاقدها مع الشركة.
تصدي تامر حسني وشيرين عبد الوهاب لـ “نصر محروس” أشعل فتيل الأزمة. وكشف الوجه الآخر للمنتج الفني صانع النجوم ومقبرتهم في آن واحد.
لا يزال نصر محروس يمارس هذه السياسة على الوجوه الجديدة. ولا يزال مصرًا على أنه صانع النجوم ويضمن حق شركته في تحقيق الأرباح. والبقاء في السوق بوضع شرط جزائي وربط المطرب بالشركة لعقود من الزمن.