شهد الأسبوع المنقضية تفاعلات عديدة إزاء ملف سد النهضة، في أعقاب تطورات الملء الثاني الذي أعلنته إثيوبيا، وشكك خبراء في حقيقته، وسط حديث عن قدرة أديس أبابا على تشغيل السد في وقت لاحق.
في الأثناء، لا تزال تجري مصر محاولات دبلوماسية مع أطراف دولية وإقليمية فاعلة في المشهد، بغية التوصل لحل دبلوماسي عادل وملزم، في وقت تقول إثيوبيا إنها مستعدة للعودة للمفاوضات، لكنها ترفض أن تكون نتائجها إلزامية قانونًا.
أستاذ موارد مائية: إثيوبيا لم تتمكن من إتمام الملء الثاني
قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن “إثيوبيا لم تستطع أن تحقق الملء الثاني للسد الإثيوبي”، موضحًا أن “ما حدث هو تخزين كميات هامشية من المياه”.
وتابع “نور الدين” في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، أن أديس أبابا كانت تسعى لتخزين 13.5 مليار متر مكعب، لافتًا إلى أنها خزنت 2.9 مليار متر مكعب.
وأرجع فشل أديس أبابا في الملء الثاني للسد الإثيوبي إلى التأكد من وجود الكثير من الأخطاء في جسم السد، بخلاف ظهور تصدعات وشكوك كبيرة حول معامل أمان السد، مضيفًا أن الشركة الإيطالية المنفذة للسد طالبت من الحكومة الإثيوبية تأجيل الملء الثاني للعامل المقبل، ولكن أديس أبابا من أجل الحفاظ على ماء الوجه، أعلنت أنها حققت الملء الثاني.
ولفت إلى أن كل مياه الفيضان ستأتي إلى مصر والسودان، والمؤشرات تدل على أن موسم الفيضان سيكون غزيرًا، منوهًا بأن هناك فسادًا ماليًا وإداريًا حول السد الإثيوبي، أدى لانتحار مدير السد الإثيوبي، خوفًا من افتضاح أمر الفساد المالي والإداري.
وزير الري الإثيوبي يتوقع فيضانات محتملة بدول المصب بسبب الأمطار الغزيرة
أعلنت إثيوبيا أن كميات الأمطار التي تصل إلى سد النهضة الإثيوبي بلغت أكثر من 6000 متر مكعب في الثانية، مما يحتمل أن يكون هناك فيضانات محتملة.
وقال وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، إن “موسم الأمطار الحالي تهطل أمطار الغزيرة في المرتفعات الإثيوبية، وتبلغ الكميات التي تصل إلى سد النهضة الإثيوبي حاليا أكثر من 6000 متر مكعب في الثانية، مما يحتمل أن يكون هناك فيضانات محتملة على مجرى النهر”.
السودان: غير مستعدين لمفاوضات “شراء الوقت” حول سد النهضة
أكد وزير الري السوداني، ياسر عباس، أن “السودان غير مستعد للدخول في مفاوضات مع إثيوبيا حول سد النهضة بنفس المنهجية السابقة، لأنها تعنى شراء الوقت”.
وحذر من أن نصف سكان السودان مهددون بسبب السد ما لم يتم التوصل إلى اتفاق، مجددًا أهمية التوصل لاتفاق ثلاثي ملزم بشأن الملء والتشغيل، في حين زعمت وزارة الخارجية الإثيوبية أنه تم احتجاز الكمية المطلوبة وهي 13.5 مليار متر مكعب من المياه خلال عملية الملء الثاني.
ودعا عباس، في مؤتمر صحفي بالخرطوم إلى تغيير منهجية التفاوض، وقال: “يجب وضع اتفاق بشأن تبادل المعلومات مع إثيوبيا حول السد ليتم تشغيل سد الروصيرص بشكل آمن”، موضحًا أن حجم الملء الثاني لم يتجاوز 4 مليارات متر مكعب، وهو أقل بكثير مما كانت إثيوبيا تستهدفه.
وأكد الوزير السوداني: “نؤمن بأن الحل الوحيد في سد النهضة هو عبر التفاوض الجاد الذي يحفظ مصالح الدول الثلاث”. وأشار إلى تناقض المعلومات التي تلقاها السودان في خطاب رسمي من وزير الري الإثيوبي، حول تخزين المياه، وبين ما حدث على أرض الواقع عندما بدأ الملء، ما يؤكد أهمية وجود اتفاق قانوني وملزم حتى لا تتضرر السودان ومصر.
وأضاف أن الخطاب الإثيوبي أكد أن المياه ستعبر فوق الممر الأوسط لسد النهضة عند امتلاء البحيرة أمام السد في النصف الأول من أغسطس المقبل، بينما أثبت الواقع عبورها الشهر الحالي، بما يعنى وقوع كارثة على السودان لولا اتخاذ الاحتياطات اللازمة للتحكم في السدود السودانية، وتصريف المياه وفق هذه التنبؤات، لا على أساس التنبيه الإثيوبي.
سامح شكر يبحث مع نظيره الفرنسي ملف سد النهضة
أجرى وزير الخارجية سامح شكري، اليوم اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية الفرنسي “جان-إيف لودريان”.
وتناول الاتصال تطورات الوضع السياسي في تونس على ضوء الاهتمام الكبير الذي يوليه البلدان لهذا الموضوع. كما تناول قضية سد النهضة، والموقف الحالي في لبنان، بالإضافة إلى عدد من الجوانب الخاصة بالعلاقات الثنائية المصرية- الفرنسية.
وفي هذا الإطار أظهر نقاش الوزيرين خلال الاتصال تطابقاً في وجهات النظر إزاء هذه القضايا، حيث أكد الجانبان على أهمية احترام إرادة الشعب التونسي ودعم مؤسسات الدولة التونسية في مسعاها لتحقيق الاستقرار والأمن للشعب التونسي ومعالجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، خاصة في ظل تداعيات جائحة كورونا.
كما استعرض الوزير سامح شكري آخر التطورات الخاصة بقضية سد النهضة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري وعلى رأسها ضرورة التوصل لحل عادل للقضية يحقق الأمن المائي لمصر من خلال اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد، متطلعاً لاستمرار التشاور والتنسيق مع فرنسا في هذا الشأن باعتبارها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي.
وعلى صعيد الشأن اللبناني، أكد الوزيران على أهمية تشكيل الحكومة اللبنانية في أسرع وقت بهدف وضع حد لحالة الانسداد السياسي في البلاد ومن أجل بدء تنفيذ السياسات الإصلاحية الكفيلة بانتشال لبنان من حالة التدهور الاقتصادي التي يعاني منها الشعب والمجتمع اللبنانيان.
عباس شراقي: أتوقع انهيار الجزء العلوي من سد النهضة بسبب فيضان النيل
قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن وزير الري الإثيوبي يزعم – على خلاف الحقيقة – أن سد النهضة سيحمي السودان من الفيضان.
وأضاف “شراقي، خلال تصريحات تلفزيونية، أن الأمطار تشتد خلال هذه الفترة وفي شهر أغسطس المقبل، ومن الممكن أن تصل إلى مليار متر مكعب يوميًا ستمر كلها إلى السودان.
وتابع أنه لا علاقة بين الفيضانات التي تحدث في النيل الأبيض ومثيله الأزرق أو نهر عطبرة، مشيرًا إلى أن التخزين في سد النهضة متوقف على استكمال الأعمال الهندسية.
وأوضح شراقي أن السد الإثيوبي يحتجز ما يقرب من 8 مليارات ونصف المليار متر مكعب حاليًا، وأن ما يظهر من خرسانة لينة سيؤدي إلى انجراف للخرسانة في جسم السد خلال الأيام المقبلة، حيث من المتوقع أن يجرف الفيضان أجزاء من جسم السد التي تظهر عبر صور وخرائط الأقمار الصناعية لعدم اكتمال البناء.
وذكر أن الانجراف سيؤدي إلى تهدم الجزء العلوي من السد واندفاع جزء من مياه بحيرة السد وسيمر إلى مصر والسودان.
إثيوبيا: لن نعلق أعمال بناء السد.. وبدء توليد الكهرباء خلال 3 أشهر
أكد السفير الإثيوبي لدى روسيا، أليمايهو تيجينو، أن أديس أبابا لا تعتزم تعليق أعمال بناء سد النهضة تحت أي ظرف، مشيرًا إلى أن التوليد الأوّلي للكهرباء عبر توربينين اثنين من توربينات السد قد يبدأ في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر.
وقال السفير الإثيوبي، في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” الروسية، إن “أعمال بناء السد تسير بنجاح، السد جاهز بنسبة 81 بالمئة، ولم يتبق سوى 19 بالمائة، وهذا ليس الجزء الأصعب في العمل”، زاعمًا أنه “تم الانتهاء من الملء الثاني بنجاح. وجاري العمل على المراحل التالية”.
وتابع تيجينو: “في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر سيبدأ توليد الكهرباء بواسطة توربينين، وسيبدأ تشغيل التوربينات الأخرى العام القادم. وكما هو مخطط، سيكتمل بناء السد بحلول عام 2023”.
وأشار السفير الإثيوبي إلى أن بلاده ستواصل بناء السد على النحو المنصوص عليه في إعلان المبادئ الموقّع في الخرطوم مع مصر والسودان في مارس 2015، في حين أن إثيوبيا ذاتها انتهكته أكثر مرة بإجراءات أحادية متعنتة على مدار أكثر من 10 أعوام.
وشدد السفير الإثيوبي: “لا نعتزم تعليق بناء السد، رغم تصريحات السودان واحتمال توجهها إلى الأمم المتحدة. لا أعتقد أن بإمكانهم التأثير بطريقة ما على تقدم بنائه”.
روسيا تدعو لمواصلة المفاوضات
دعت روسيا جميع أطراف أزمة سد النهضة الإثيوبي، إلى اتخاذ “نهج مسؤول” لحل النزاع المائي بشأن السد، مؤكدةً أن موسكو تتخذ موقفاً متساوياً بشأن الخلافات بين مصر وإثيوبيا والسودان حول قضية سد النهضة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة خارجية روسيا ماريا زخاروفا: “هناك ضرورة ملحة لمواصلة المشاورات بشأن سد النهضة بعد المرحلة الثانية للملء”، مشيرة إلى أنه “يجب السعي إلى حل بشأن سد النهضة يأخذ بعين الاعتبار المفاوضات الثلاثية برعاية الاتحاد الإفريقي”، حسب ما أوردت وكالة “سبوتنيك” الروسية.
وأوضحت زخاروفا أن روسيا “اتخذت في الثامن من يوليو الجاري (خلال انعقاد جلسة مجلس الأمن بشأن سد النهضة)، موقفاً متساوياً في ما يتعلق بالخلافات بين الدول الثلاث بشأن ملء وتشغيل مجمع الطاقة الكهرومائية”.
وأضافت: “روسيا ترى ضرورة ملحة لمواصلة المشاورات بين الطرفين (مصر والسودان من ناحية وإثيوبيا من ناحية أخرى)، بعد المرحلة الثانية لملء خزان سد النهضة، بما في ذلك مراعاة الاستعداد الذي أعرب عنه الجانب الإثيوبي لمثل هذه المشاورات”.
سامح شكري يبحث مع نظيرته بجنوب السودان ملف سد النهضة
بحثت مصر وجنوب السودان، العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزيز السلام بأفريقيا والقضايا الإقليمية وعلى رأسها سد النهضة.
جاء ذلك خلال استقبال وزير الخارجية المصري سامح شكري، لوزيرة خارجية جمهورية جنوب السودان بياتريس خميسا واني. وقال السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن “اللقاء تناول جهود تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين”.
وأوضح أنه “تم إبراز ما يمثله انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين من خطوة هامة على صعيد الجهود المستمرة لمواصلة دفع التعاون بين مصر وجنوب السودان قدماً في شتى المجالات، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين”.
كما تم خلال اللقاء “التأكيد على استمرار مصر في تقديم مختلف أشكال الدعم للقطاعات الحيوية الجنوب سودانية”. إضافة إلى “مساندة المساعي الرامية إلى تعزيز السلام والاستقرار في كافة ربوع جنوب السودان، على نحو يمكن الجانب الجنوب سوداني من تحقيق التنمية المنشودة”.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية، أن “اللقاء تطرق كذلك لعدد من القضايا والموضوعات المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وعلى رأسها قضية سد النهضة ومجمل التطورات في منطقة شرق أفريقيا والقرن الإفريقي”. ولفت إلى أنه “تم التوافق على عقد جولة المشاورات السياسية بين البلدين خلال الفترة المقبلة”.
وزير الري بجنوب السودان: التخوفات المصرية بخصوص أزمة سد النهضة مشروعة
أكد وزير الري في جنوب السودان مانوا بيتر، أن التخوفات المصرية بخصوص أزمة سد النهضة مشروعة لأنها تمس الأمن المائي للبلاد، مؤكدا على أن الوصول لـ”اتفاق ملزم” ضروري ومهم جدا.
وأضاف “بيتر”، خلال تصريحات تليفزيونية، العلاقات بين القاهرة وجوبا تربطها أواصر تاريخية طويلة قبل الانفصال عن السودان وبعده، مشيرا إلى أنه تجمع جنوب السودان وإثيوبيا علاقة جور تخلق تقاربا في السياسيات.
وأوضح أنه لا يستطيع أحد أن يمنع نهر النيل من الجريان، مشيرا إلى أن جنوب السودان يمكنها القيام بدور فعال في تقريب وجهات النظر بين مصر والسودان وإثيوبيا.