طالت الأزمة التي تعيشها ميانمار لتصل إلى 6 أشهر عقب الانقلاب العسكري. واستيلاء قادة الجيش على السلطة. ما أدى إلى مزيد من القلق بشأن اتساع تأثير الأزمة السياسية وحقوق الإنسان والأزمة الإنسانية التي تؤثر على شعب البلاد.

ويأتي ذلك بعد أن استولى الجيش على السلطة في ميانمار في انقلاب أثار احتجاجات مستمرة وأغرق البلاد في حالة من الفوضى. نظرا لما وقع في أول فبراير الماضي. من القبض على زعيمة ميانمار الفعلية أون سان سو تشي. بدعوى أن نتائج الانتخابات الأخيرة قد زورت، من دون تقديم دليل على ذلك.

معاناة شعب

يواجه الشعب في ميانمار أزمة حادة بسبب فيروس كورونا علاوة على القمع الوحشي للاحتجاجات المستمرة ضد الجيش.

“ليس هناك مستقبل والبعض ليس لديه ما يأكله”، يقول لين أونج خانت، أحد سكان يانجون ومتطوع مجتمعي لوكالة الأنباء الألمانية.

وأضاف :”يتعين على الناس مواجهة سوء معاملة مين أونج هلاينج رئيس المجلس العسكري وسوء انتشار كوفيد -19”.

ارتكاب جرائم ضد الإنسانية

كبير مسؤولي الإغاثة الأممية في ميانمار، والقائم بأعمال المنسق الإنساني والمنسق المقيم راماناثان بالاكريشنان. تحدث عن تأثر الناس في جميع أنحاء البلاد منذ استيلاء المجلس العسكري على السلطة في 1 فبراير.

وقال بالاكريشنان:يتسم الوضع في البلاد الآن بعدم الاستقرار وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي والأمني. إضافة إلى ذلك لدينا موجة ثالثة مستعرة من كوفيد-19.

وسلط المسؤول الأممي الضوء على الطبيعة المستمرة للمقاومة المسلحة لقوات أمن الدولة. في العديد من مناطق الأقليات العرقية. بما في ذلك ولايات شان وتشين وكاشين، وقال إن أكثر من 200 ألف شخص قد اقتلعوا من ديارهم هناك حتى الآن.

 منظمة هيومن رايتس ووتش من بين المنظمات التي اتهمت الحكام العسكريين لميانمار بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. بما في ذلك القتل والاختفاء القسري والتعذيب والاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي.

وتتحدث منظمة مساعدة السجناء السياسيين (إيه إيه بي بي) غير الحكومية المحلية. عن مقتل أكثر من 930 شخصا. واعتقال ما يقرب من 7 آلاف خلال القمع العسكري للاحتجاجات التي تطالب بالعودة إلى الحكم المدني.

استمرار التظاهرات.. وارتفاع النزوح

أفادت وسائل إعلام محلية أن المتظاهرين خرجوا إلى شوارع يانجون وماندالاي يوم الجمعة الماضي. بالإضافة إلى فرار العديد من الشباب من مدن ميانمار وانضموا إلى معسكرات المتمردين في الغابة حيث يتلقون تدريبات عسكرية.

في ولاية راخين قبل الانقلاب، أشارت خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية إلى وجود حوالي مليون شخص بينهم نازحون في حاجة إلى مساعدة عاجلة، لكن “هذا العدد قد تضخم” أكثر، كما أوضح كبير مسؤولي الإغاثة الأممية في ميانمار.

على نطاق أوسع، في أعقاب الانقلاب، تم تحديد مليوني شخص إضافي على أنهم بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية. وكان هؤلاء موجودين إلى حد كبير في المناطق الحضرية في يانغون وماندالاي. كما قال المسؤول الأممي، مؤكدا أن تصاعد الاشتباكات وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي دفع “عشرات الآلاف من الناس. إلى العوز كل يوم.

متحدثا عن مخاوف بشأن انتهاكات الحقوق التي أشارت إليها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وغيرها من الوكالات.

وأدان بالاكريشنان الاستخدام المستمر وواسع النطاق للقوة المميتة من قبل الجيش ضد المتظاهرين المدنيين.

وتقول منظمة مراسلون بلا حدود إن الجيش ألغى تراخيص ما لا يقل عن 8 مؤسسات إعلامية. كما يعتقد أن عشرات الصحفيين تعرضوا للاعتقال .

زيادة الجوع.. وكورونا يتفاقم

تأتي أولويات الأمم المتحدة تشمل ضمان عدم ملايين الأشخاص في المزيد من الجوع.

مسؤول الإغاثة الأممية في ميانمار، قال :كانت هناك زيادة في أسعار السلع الأساسية. وقد أدى ذلك أيضا إلى انخفاض القيمة الغذائية لسلة الغذاء التي يأخذها الناس عادةً لأنهم يستبدلون طعامهم العادي بمواد أرخص ومتوفرة بسهولة أكبر.

بالانتقال إلى النظام الصحي الذي يواجه ضغوطا شديدة بسبب أزمة فيروس كورونا. فضلاً عن الهجمات على الكوادر الطبية والمرافق. وحركة العصيان المدني من قبل بعض المهنيين الصحيين. حذر بالاكريشنان من أنه حتى الخدمات الأساسية قد تعطلت عبر الدولة.

وتسجل وزارة الصحة في البلاد آلاف حالات الإصابة بفيروس كورونا ومئات الوفيات يوميا. كما أنه من المحتمل أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى حيث يتجنب الكثيرون إجراء الفحوصات أو العلاج في المستشفى خوفا من الجيش.

وتتفاقم الأوضاع نظرا لمحدودية الوصول إلى أجزاء من البلاد المرتبطة بالمخاوف الأمنية وتعطيل النظام المصرفي، مما حد من قدرة الأمم المتحدة على تحويل الأموال إلى الشركاء الإنسانيين المسؤولين عن تقديم المساعدات.

تحالف طوارئ لوقف حكم الإرهاب

خلف المجلس العسكري منذ انقلابه على البلاد دمار وفوضى. وحالة عدم التوافق بين الشعب لذي يرى أن المجلس العسكري غير شرعي وآفة إرهابية أطلقت عليهم.

وكان المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في ميانمار، توم أندروز. دعا إلى تشكيل عاجل لـ “تحالف طوارئ من أجل شعب ميانمار” لوقف ما وصفه بـ “حكم الإرهاب” الذي يقوم به المجلس العسكري “جونتا” في البلاد.

وعلى الرغم من وحشيته. قال أندروز إن المجلس العسكري فشل في السيطرة على البلاد بعد شن الانقلاب، موضحا “استولى المجلس العسكري على العديد من أدوات سلطة الدولة، وأموال الخزانة في ميانمار والمكاتب الإدارية، لكنه لم يسيطر – ولا حتى كان قريبا من السيطرة – على الأمة وشعبها”.

وقال الخبير الأممي إن تحالف دول راغبة في العمل معا لاتخاذ إجراءات قوية للضغط على المجلس العسكري يعد أمرا ضروريا في ضوء الشلل في اتخاذ قرار توافقي. وأبلغ مجلس حقوق الإنسان في جنيف أن “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة قدمت بيانات وقرارات لكن شعب ميانمار بحاجة إلى إجراء فوري”.

كما حذرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، من أن ما بدأ على أنه انقلاب من قبل جيش ميانمار “تحول بسرعة” إلى هجوم شامل ضد السكان المدنيين أصبح واسع النطاق ومنهجيا على نحو متزايد.

أطفال تحت الحصار

ومن جانبها حذرت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، من أن حقوق الأطفال في ميانمار تواجه هجوما قد يدمر جيلا كاملا. وذكرت اللجنة أنه منذ الانقلاب العسكري، قتل 75 طفلاً، واحتجز حوالي 1000 بشكل تعسفي وحرم عدد لا يحصى من الرعاية الطبية الأساسية والتعليم، وفقا لمعلومات موثوقة حصلت عليها اللجنة.

“الأطفال في ميانمار تحت الحصار ويتعرضون لخسائر فادحة في الأرواح بسبب الانقلاب العسكري”. تقول ميكيكو أوتاني، رئيسة لجنة حقوق الطفل.

أطفال ميانمار
أطفال ميانمار

وأدانت اللجنة بشدة قتل الأطفال على أيدي المجلس العسكري والشرطة. وقُتل بعض الضحايا في منازلهم، من بينهم فتاة تبلغ من العمر ست سنوات في مدينة ماندالاي أصيبت برصاص الشرطة في بطنها وتوفيت بين ذراعي والدها.

لم يسلم الأطفال من الموت والقتل بالرصاص، فبحسب ما ورد قامت السلطات العسكرية بالتعامل مع الأطفال كرهائن عندما لم يتمكنوا من اعتقال والديهم. ومن بين المعتقلين فتاة تبلغ من العمر خمس سنوات في منطقة ماندالاي ساعد والدها في تنظيم احتجاجات ضد المجلس العسكري.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسف، فوّت مليون طفل في ميانمار لقاحات أساسية. وتوقف أكثر من 40.000 طفل عن تلقي العلاج لسوء التغذية الحاد الوخيم.