كشفت دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020 المقامة حاليًا باليابان، سوء إدارة واتهامات بالفساد للاتحادات المصرية لكافة الألعاب الفردية والجماعية المشاركة بالحدث العالمي. وذهبت مصر بأكبر بعثة في تاريخها مكونة من 137 لاعبًا. عاد الأغلبية منهم بخفي حنين باستثناء ميداليتين برونزيتين في التايكوندو للبطلين هدايا ملاك وسيف عيسى.
إخفاق لكل الألعاب
رغم أن متبقي حوالي 7 أيام على انتهاء الدورة، تأمل مصر في خطف ميدالية أخرى أو اثنتين. لتعادل بذلك حصيلة أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 التي خرجنا منها بـ 3 ميداليات برونز فقط. إذ يبدو الحلم صعب المنال، وننتظر معجزة لإضافة ميدالية جديدة لبعثتنا في آخر أسبوع. والتنافس شديد للغاية وقوي لأنه يجمع أعظم أبطال العالم في كل لعبة.
وربما ننتظر الكاراتية والبطل كيشو والفروسية للبطل نايل ومنتخب كرة اليد فقط ليضيفوا ميدالية أخرى. أو مفاجأة غير متوقعة من أحد الأبطال المتبقيين في طوكيو بشكل فردي دونما نظام أو إدارة من اتحادات اللعب المختلفة. مع اكتشاف أزمات إدارية بالجملة وفساد واضح في اتحاد رفع الأثقال على سبيل المثال والسباحة وغيره.
حسونة أحدث ضحايا فساد اتحاد الأثقال
توج الرباع القطري من أصل مصري فارس حسونة بالميدالية الذهبية في منافسات وزن 96 كجم لرفع الأثقال. وذلك في دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020 بعد أن حطم الرقم الأولمبي. لتكون الذهبية الأولى في تاريخ قطر بالأولمبياد والميدالية السادسة في تاريخها بالأولمبياد بجانب 4 برونزيات وفضية.
فارس صاحب الـ23 عامًا حطم الرقم الأولمبي بعد أن رفع وزن 402 كجم. حيث وضع 177 كجم في الخطف، ثم سجل رقمًا قياسيًا أولمبيًا في النطر مع وزن 225 كجم بشكل عام. وتعتبر هذه الميدالية هي السابعة للعرب في أولمبياد طوكيو، والثانية بعد ذهبية التوني أحمد حفناوي في السباحة.
لكن المثير في الأمر، أن فارس حسونة مصري الأصل حصل على الجنسية القطرية وهو نجل إبراهيم حسونة نجم مصر في رفع الأثقال. والذي سبق ومثل الفراعنة في 3 دورات أولمبية هي 1984 و1988 و1992.
وكان فارس يمثل مصر في رفع الأثقال في بداية مشواره. وذلك قبل أن يدخل والده ومدربه إبراهيم حسونة في خلافات مع الاتحاد المصري لرفع الأثقال منذ سنوات. بسبب تجاهل فارس لصالح أبطال آخرين مع ما قيل عن شبهات فساد أدت لذهاب اللاعب لتمثيل قطر بدلاً من مصر بدافع ودعم من والده. وحرم البطلان محمد إيهاب وسارة سمير من ميداليتين محققتين بالأولمبياد لأخطاء إدارية أدت لإيقافهما ومنعه من اللعب في طوكيو.
فارس حسونة سجل أول مشاركة رسمية له مع منتخب قطر في بطولة كأس قطر الدولية لرفع الأثقال عام 2014. وشارك في أولمبياد ريو دي جانيرو بالبرازيل 2016، وحصد الميدالية الذهبية في بطولة العالم للشباب في عامي 2017 و2018. بالإضافة إلى الميدالية الفضية في بطولة العالم للكبار بأمريكا في عام 2019، قبل أن يتوج بالميدالية الذهبية في أولمبياد طوكيو.
وأمضى اللاعب عامين من التدريب من أجل منافسات أولمبياد طوكيو. وكان آخرها معسكر تدريبي في جورجيا، كان حسونة يتدرب لمدة 6 ساعات يوميًا. وذلك تحت إشراف والده ومدربه إبراهيم حسونة بطل المنتخب المصري السابق في رفع الأثقال حتى حقق إنجازه المدوي باليابان.
اتحاد اللعبة: لم يحصل على خطاب كتابي بأنه لن ينضم لمنتخب مصر
وجاء رد محمود محجوب رئيس اللجنة المؤقتة لإدارة اتحاد رفع الأثقال ورئيس الاتحاد السابق صاحب الأزمات نفسها عن أزمة حسونة بأنها تشبه قضية اللاعب حسين ياسر المحمدي في كرة القدم.
وقال في تصريحات صحفية: “فارس بدأ يظهر في بطولات للناشئين وغيرها. هو شبه حسين ياسر المحمدي ونفس الموقف ومن وهو صغير كان مع والده. لدينا كنز لكن لم نقدر على استغلاله، لا توجد دولة تنافس في جميع الألعاب، قطر تهتم بالمميزين في ألعاب معينة”.
وأضاف: “لن نقدر على الاهتمام برفع الأثقال مثل ألعاب أخرى غير مميزين بها. كما أننا نعمل في إمكانيات محدودة. وعندما توفر لنا الحد الأدنى من الإمكانيات قبل ريو دي جانيرو وطلبنا بعض المعسكرات الداخلية والخارجية حصلنا على نتيجة. يجب الاهتمام بالألعاب غير المميزين بها. فارس سافر للعب مع قطر وتم صرف عليه مصاريف ضخمة تعادل الإنفاق على أندية كرة قدم وهي إمكانيات مهولة لا نقدر عليها هنا”.
وأتم حديثه مبرأ نفسه قائلاً: “تم توفير كل شيء لفارس، لم يحصل على خطاب كتابي بأنه لن ينضم لمنتخب مصر. اللاعب يجب أن يستمر عام كامل بدون تمثيل منتخب لكي يقدر أن يشارك مع بلد آخر”.
اتحاد السباحة
لا يختلف الأمر كثيرًا في اتحاد السباحة عن رفع الأثقال، ولكن بدون قرار وقف ومنع من المشاركة. فأزمات إدارية وعدم وجود خطط واضحة لأبطالنا وفوضى وعشوائية فنية وإدارية أدت لخسارة مصر كل المنافسات التي لعبت بها. خلال أولمبياد طوكيو الحالية، حيث جاءت المشاركة باهتة تمامًا.
وفشل ياسر إدريس رئيس الاتحاد وكل أعضائه في تقديم أوراق اعتمادهم بالأولمبياد وخرج نجوم مصر صفر اليدين. رغم قوة الأسماء المشاركة للبعثة المصرية في اللعبة والدعم غير المحدود من وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية المصرية.
وجاءت نتائج السباحين المصريين في الأولمبياد كارثية رغم أسمائهم الكبيرة، والتي كانت مبشرة للفوز بميدالية على الأقل دون فائدة. مروان القماش لم ينجح في التأهل لنصف النهائي وأحرز رقم 3.46.94 في سباق 400 متر حرة. وكذلك في سباق 800 متر حرة لم ينجح في التأهل لنصف النهائي وأحرز رقم 7.52.76. وفي سباق 1500 متر حرة انسحب قبل بدء المنافسات لأزمة عضلية.
أما علي خلف الله فشل في سباق 50 متر حرة، ولم ينجح في التأهل لنصف النهائي وأحرز رقم 22.22. وأيضًا في سباق 100 متر حرة أخفق في التأهل لنصف النهائي وأحرز رقم 49.31.
أما فريدة عثمان السمكة الذهبية، كما تلقب، أمل المصريين في السباحة للفوز بمدالية، ذهبت أدراج الرياح وودعت خالية الوفاض. وفشلت في سباق 50 متر حرة، ولم تنجح في التأهل لنصف النهائي وأحرزت رقم 25.13. وأيضًا بسباق 100 متر حرة لم تنجح في التأهل لنصف النهائي وأحرزت رقم 55.74. وأخيرًا في سباق 100 متر فراشة فشلت في التأهل لنصف النهائي وأحرزت رقم 58.69.
وكان يوسف رمضان الاستثناء الوحيد في سباق 100 متر فراشة، حيث نجح في التأهل لنصف النهائي وحقق رقما قياسيا 51.67. لكنه حقق رقمًا أقل في نصف النهائي 52.27 لينهي في المركز 16، ويودع بدون أية ميداليات. لكنه كان أفضلهم جميعًا رغم أنه لم يكن من المرشحين لأي إنجاز بطوكيو.
تحرك رسمي بمجلس النواب لمحاسبة المسؤولين
بعد هذا الإخفاق لأغلب اتحادات مصر وألعابها في أولمبياد طوكيو، حدثت ردود أفعال غاضبة لأغلب المتابعين. دفع ذلك لتحرك رسمي في مجلس النواب، وتقدم النائب هشام الجاهل بطلب إحاطة بشأن نتائج البعثة المصرية في أولمبياد طوكيو. والتي تشارك مصر فيها 137 لاعب ولاعبة بواقع 89 رياضيا و48 رياضية في 27 لعبة أولمبية.
وأوضح النائب أن النتائج محبطة للغاية لاسيما بعد أن جاءت نتيجة البعثة المصرية خسارة في ألعاب الريشة الطائرة. وفى السلاح والرماية والسباحة، والتنس والتايكوندو وتنس الطاولة، واليد والجمباز.
وأشار إلى أن البعثة كلفت مصر “رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد” مبلغا ضخما بقيمة 281 مليون جنيه. ما يعد إهدارًا للمال العام نتاج إخفاق البعثة الكبير إلى الآن. وأضاف أن أكثر الأمور استفزازًا هي تصريحات مسئولي البعثة التي أقرت بأن هذه النتائج منطقية بنسبة 100%. رغم أن هدفنا كان كسر حاجز الـ5 ميداليات كأول مرة للبعثة المصرية في الأولمبياد. ولكن ضاع علينا ميداليتين مضمونتين بعد استبعاد رفع الأثقال للثنائي سارة سمير ومحمد إيهاب.
وكان شريف العريان الأمين العام للجنة الأولمبية المصرية، أعلن صرف ما يعادل 200 مليون جنيه لتجهيز البعثة بالكامل بجميع الألعاب. وأوضح أنه يتم صرف مبلغ يتجاوز 5 ملايين يورو على الرياضي الواحد، في باقي دول العالم.
وطالب عضو مجلس النواب، بفتح تحقيق موسع بشأن إخفاق البعثة المصرية رغم توفير الدولة كل الدعم المادي والفني. ومعرفة من المسؤول عن هذه النتائج الهزيلة، وعن تصريحات المسئولين عن البعثة المستفزة لكل الشعب المصري والرأي العام.