تزخر الأمثال الشعبية المصرية بالكثير عن الخبز منها: “اللي ياكل رغيف السلطان يحارب بسيفه” و”الجعان يحلم بسوق العيش”. وغيرها الكثير من الأمثال التي تدل على تأثير الخبز في حياة المصريين بشكل خاص.
وكما يقال على الخبز في مصر “عيش” ليؤكد على ارتباطه بشكل رئيس بمعيشة المصريين وأهميته لهم. لذلك نجد أن 90% من الأسر المصرية يستهلكون الخبز البلدي المدعم في غذائهم بشكل عام، وفق تقرير لمركز المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، وحسب نتائج مرصد أحوال الأسرة المصرية عام 2016.
اليوم، الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن نيّة الحكومة زيادة ثمن رغيف العيش. وذلك خلال فعاليات افتتاح المدينة الصناعية الغذائية سايلو فودز بمدينة السادات قائلًا: “آن الأوان لزيادة ثمن رغيف الخبز مينفعش يكون ثمن 20 رغيفًا يساوي سيجارة”، مستنكرا ثبات سعر رغيف الخبز على مدار 30 عامًا رغم تغير الظروف.
وتابع: “الناس ممكن تقولي بلاش تتكلم في القصص دي، وخلي الحكومة هي اللي تقول لأ، مقدرش أخلي سعر رغيف العيش بعملة الناس متعرفهاش.. مفيش حاجة اسمها صاغ”.
حجم دعم الرغيف
وتقدم الدولة دعما لرغيف العيش من خلال موازنة 2019-2020 بلغ 50 مليار جنيه. وتم زيادتها في موازنة 2020-2021 بمقدار 3 مليارات جنيه لتصل لـ53 مليار جنيه. بحسب الموقع الرسمي لوزارة التموين.
إذا تتحمل الدولة الجانب الأكبر من قيمة الخبز بحسب الموقع الرسمي لوزارة التموين والتجارة الداخلية. فإن مصر تنتج من 250 إلى 270 مليون رغيف في اليوم عن طريق أكثر من 30 ألف مخبز منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية ويستفيد منها 73 مليون مواطن.
ويمثل رغيف العيش المادة الرئيسية في غذاء المصريين، وخاصة الفقراء منهم ـ الذين يمثلون 29.7% من المصريين وفق الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء 2020.
وتنتج مصر 8.1 مليار رغيف خبز مدعم شهريًا، فيما تنتج قرابة 97.2 مليار رغيف سنويًا. تدعم مصر الخبز بـ53 مليار جنيه، عدد المخابز في مصر 30 ألف مخبز، عدد العاملين في إنتاج الخبر يقدر بـ 75 ألف عامل حسب تصريحات شعبة المخابز.
سوء التغذية
وبالرغم من الإنتاج الغزير للرغيف المدعوم يتضاعف عبء سوء التغذية في مصر مع وجود معدلات مرتفعة من السمنة جنبًا إلى جنب مع الأنيميا والتقزم. وتُعد مصر ضمن 36 بلدًا يتركز فيها 90% من عبء سوء التغذية العالمي، وفق تقرير نشره موقع اليونيسيف. وعلى جانب آخر، تُعد مصر أكبر مستورد للقمح على مستوى العالم.
ضبط الأسواق
وتعلق الدكتورة هدى الملاح، الخبيرة الاقتصادية ومدير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى. قائلة: “إنه لابد من التفرقة بين رغيف الخبز المقصود هنا وهو المدعم وليس ما يطلقون عليه السياحي. وبالتالي ومنعًا للخلط واستغلال أصحاب المخابز غير الموجودة في المنظومة التموينية. على وزارة التموين أن تضبط الأسواق وتعلن عن آلية التنفيذ وحجم الزيادة المقصودة”.
وتضيف: أن الطبقة المستفيدة من الرغيف المدعم هي الطبقة المستفادة من التموين بعد التعديلات في المنظومة التموينية الأخيرة. لكن ما يحدث في الأسواق هو تعميم الزيادة على جميع أنواع الخبز المباع فالرغيف الذي تكون تكلفته 50 قرش سيصبح بـ 75 قرش وهكذا.
وعن حجم رغيف العيش بالنسبة للمصريين توضح الملاح أن رغيف العيش من أهم الاحتياجات الأساسية للمصريين فهو حاجة ضرورية وليست رفاهية. فنحن لا نتحدث عن شقق أو ملبس وإنما نتحدث عن أولوية المصريين والرغيف في احتياجاتهم ضرره مُلحة. لافتة أتمنى أن تكون الزيادة طفيفة مع الرقابة على باقي السلع. وتعتقد الملاح أن الزيادة لن تقلل العدد الذي يحصل عليه المستفاد من التموين في أرغفة الخبز.
200 كجم للفرد سنويًا
في حين يرى الدكتور جمال محمد صيام، خبير الاقتصاد الزراعي، أن دعم رغيف العيش هو قضية شائكة للغاية. وتحاول الدولة أن تجد طريقة لدعم الفقراء. في الوقت نفسه ترغب في تقليل ميزانية الدولة وبالتالي الفارق كبير بين 5 قروش و65 قرش تكلفة تقريبًا. لكل مواطن بحسب المنظومة 3 أرغفة في اليوم بمعنى مائة رغيف تقريبًا أيّ 50 جنيهًا شهريًا للفرد.
ويتابع أن رغيف الخبز البلدي في كثير من الأحيان يذهب لغير مستحقيه واستخدامات غير بشرية. مثل الأعلاف لأنه أرخص كثيرًا، فمن الناحية الاقتصادية هناك مقارنة بين الدعم النقدي والعيني.
ويتساءل ماذا لو رفعنا الدعم؟ وكيف سنعوض الفقراء؟ إذا ما هو البديل؟ هو أمر غير معروف، أيّ نظام دعم في العالم حتى في الدول المتقدمة هناك دعم وبالتالي لا يمكن رفع الدعم الغذائي دون إيجاد بدائل.
جمال صيام: الدخول لا تسمح بشراء البروتين الحيواني الذي لابد من أن يستهلك الإنسان منه 50 جرام يوميًا. وبالتالي النشويات هي الأكل الرئيسي للمصريين والفقراء. لما فيها من مواد كربوهيدراتية تمد الإنسان بطاقة حرارية والعناصر الغذائية المرافقة
ويوضح صيام أن الاستهلاك مبالغ فيه للغاية فيما يتعلق بالقمح والذرة الذي يصل إلى 20 مليون طن تقريبًا أيّ 200 كجم في السنة للفرد الواحد. وهذا رقم كبير بخلاف الأرقام الخاصة بالذرة، كما أن نشرة الميزان الغذائي التي تصدره وزارة الزراعة يصل الهالك فيها لـ 10% أي 2 مليون طن من القمح مفقود في التخزين والنقل والتوليف.
ويتحدث الخبير في الاقتصاد الزراعي، عن سبب الاستهلاك الكبير للنشويات. مؤكدا أن الدخل لا يسمح بشراء البروتين الحيواني الذي لابد من أن يستهلك الإنسان منه 50 جرام يوميًا. وبالتالي النشويات هي الأكل الرئيسي للمصريين والفقراء. لما فيها من مواد كربوهيدراتية تمد الإنسان بطاقة حرارية والعناصر الغذائية المرافقة لتلك المواد تزود الإنسان ببعض احتياجاته من المتطلبات الغذائية الأخرى.
زيادة إيجابية
ومن جانبه، يفسر الدكتور وليد مدبولي، خبير الإدارة والتخطيط الاقتصادي. التصريحات الأخيرة بأن الخبز هو المصدر الرئيس لغذاء كل المصريين أيا كانت حالتهم الاجتماعية. وأيّا كان شكل المنظومة، وبالتالي الزيادة في منتج سلعي ستؤثر بالعقل والمنطق على من يشتري الرغيف بـ 5 قروش في الأساس.
ويرى أنه في حالة حدوث تحسين الجودة في الخبز ومنظومة التغذية للأطفال في المدارس. وبالتالي سد ثغرات أخرى. يمكن القول إنها زيادة إيجابية وتأثيرها إيجابي.
ويؤكد مدبولي أن غذاء المصريين وتحديدا الطبقة المستفيدة من التموين في كثير من الأحيان يكون 100% من غذائهم اليومي معتمد على الخبز. أي أنه يمثل العمود الفقري في المنظومة الغذائية. وأحد العناصر الأساسية المكررة كبديل طبيعي للإحساس بالشبع. لكن لا يزال شكل تطبيق هذه الزيادة غير معلوم حتى الآن.