في الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة ارتفاعا كبيرا في حالات كوفيد-19 الجديدة كموجة رابع، نشهد حالة تراجع وتراخ في الالتزام بالإجراءات الاحترازية تخيم على المشهد المصري، بالرغم من وجود نقاط موبوءة في ولايات الجنوب بما فيها أركنساس ألاباما ولويزيانا وتينيسي. بسبب المتحور “دلتا” شديد العدوى الذي يثير الرعب للمشهد من جديد.
وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن الإصابات والوفيات الناتجة عن كوفيد-19 تستمر في الارتفاع في جميع أنحاء العالم. ويرجع ذلك في الغالب إلى متغير دلتا شديد العدوى، والذي انتشر إلى 132 دولة. حيث تم الإبلاغ عن ملايين الحالات في جميع أنحاء العالم إلى منظمة الصحة العالمية.
أعلنت وزارة الصحة المصرية أن الموجة الرابعة لانتشار فيروس كورونا المستجد قادمة لا محال، لكن لم تتضح مؤشرات قوتها حتى الآن. خاصة أن الدراسات والأبحاث العلمية تشير إلى أن الحرارة والرطوبة من العوامل المؤثرة في إضعاف فيروس كورونا بمختلف أشكاله.
وأضافت الوزارة في بيانها أنه لا يوجد أي آثار تدل على ظهور متحور دلتا في مصر. مثل التي تشهدها دول أخرى انتشر بها المتحور وتسبب في ارتفاع نسبة الإصابة وزيادة الوفيات بين الأطفال.
تجاهل الإجراءات الاحترازية
لكن من الملاحظ أن تعامل المصريين مع الوضع الوبائي اختلف تمامًا في الفترات الأخيرة. فبدا المشهد أكثرا تراخيا في الإجراءات الاحترازية في تجاهل واضح للتعليمات. وأصبح من النادر أن نجد أحد يرتدي الكمامة أو يستخدم الكحول للتطهير، وتزامن ذلك مع تأخر تلقي جرعات اللقاحات والاكتفاء بتلقيح الجرعة الثانية لمن حصل على الجرعات الأولى من المواطنين، رغم أن مصر انتهت من تصنيع أول مليون جرعة من لقاح سينوفاك الصيني.
للأسف لا يوجد اتساق بين الصحة العامة والتدابير الاجتماعية بحسب المنظمة، ما تسبب في ارتفاع الحالات نتيجة زيادة الاختلاط الاجتماعي والتنقل. والاستخدام غير المتسق للصحة العامة والتدابير الاجتماعية، والاستخدام غير المنصف للقاح. فضلًا عن أن النظم الصحية في العديد من البلدان تعاني بشكل متزايد من الإجهاد.
كما حذرت منظمة الصحة العالمية من تغيرات التي طرأت على فيروس كوفيد-19 عنه لأول مرة، ولا يزال يتغير. وشددت على أنه حتى الآن، ظهرت أربعة أنواع مختلفة “مثيرة للقلق”، وسيظهر المزيد طالما استمر الفيروس في الانتشار.
ما هو متغير دلتا؟
متغير دلتا يحتوي على طفرات معينة تسمح للفيروس بالالتصاق بالخلايا البشرية بسهولة أكبر وأن الخبراء يرون أنه لدى الأفراد المصابين أحمال فيروسية أعلى. تم وصفه بأكثر الفيروسات خطورة ومن أكثر فيروسات SARS-CoV-2 قابلية للانتقال حتى الآن.
من حيث الشدة، هناك زيادة في حالات دخول المستشفى في بعض البلدان المتأثرة بالمتغير، لكن لم تشهد بعد زيادة في معدل الوفيات.
المتغير دلتا بحسب المنظمة لا يستهدف اليافعين على وجه التحديد كما أشارت بعض التقارير. لكن طالما تنتشر المتغيرات فإنها ستصيب أي شخص لا يتخذ الاحتياطات المناسبة.
تطوير التدابير الحل
الدكتور علاء عوض، أستاذ الكبد والجهاز الهضمي بمعهد تيودور بلهارس، توقع قدوم الموجة الرابعة في سبتمبر المقبل. قائلا: “لا يوجد أي مؤشرات على وجود متغير دلتا بمصر، لكن في حالة دخوله سيكون هناك انتشار مفرط في العدوى عن النسخ السابقة للفيروس وبالتالي فرص الانتشار أوسع من السابق”.
ويتابع: “في الوقت ذاته استجابة المتغير للقاحات المتداولة غير فعالة بنسبة 100% من النسخ السابقة وبالتالي هناك فرص لظهور حالات أكثر”. موضحا أن الحل المتاح أمامنا هو المزيد من الإجراءات الاحترازية وتطويرها بشكل أعمق.
ويلفت إلى أنه بالنسبة لشراسة الفيروس لا يوجد دليل أنه أكثر خطورة وشراسة عن سابقه أو أن نسب الوفاء ستكون أعلى من السابق له.
ويؤكد عوض أن إصابة الأطفال بمتغير دلتا سيكون أعلى نتيجة الانتشار الأوسع للإصابة ما يعني أنه سيطال أعداد أكثر بقطاعات عمرية أوسع. مؤكدا على الالتزام بمزيد من الإجراءات في الفترة المقبلة لأن ذلك هو المتاح لدينا.
ويوضح أستاذ الكبد أن الحل هو لقاح فعال بنسبة 100% لكل المتغيرات. وبما أن ذلك غير متوفر فالمتاح بالنسبة لنا الآن في هذه الموجة المرتقبة هو تشديد الإجراءات الاحترازية. مشيرا إلى عدم اختلاف الصورة المرضية وأن كان متغير دلتا يُصيب الجهاز التنفسي الأعلى عن السابق الذي كان يصيب الجهاز التنفسي السفلي. وبالتالي الأعراض ستكون أكثر وضوحًا كآلام الحلق والرشح وارتفاع الحرارة بشدة عن الموجات السابقة.
ووفق بيانات وزارة الصحة المصرية، أن إجمالي ما سيتم توريده من لقاحات فيروس كورونا خلال الفترة من أغسطس المقبل وحتى نهاية العام. يصل إلى 148.2 مليون جرعة ما يكفي لتطعيم 83.7 مليون مواطن.
كما أن عدد المواطنين الحاصلين على لقاح كورونا الجرعتين بلغ 6 ملايين مواطن. بينما وصل عدد المواطنين المسجلين على موقع لقاح كورونا إلى أكثر من 10 ملايين مواطن.
اللقاح هو الحل
بينما يرى الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، أن هناك ظروف خارجية ساعدت مصر في مواجهة جائحة كورونا في البداية. إلى جانب الظروف الداخلية، منها تأخر دخول الموجة الأولى ما أعطى فرصة للاستعداد من تجهيز مستشفيات وتشديد الإجراءات وغيره.
وأوضح أن الموجة الثالثة انتهت ونجحت مصر في تخطيها بفضل الالتزام بالإجراءات الاحترازية وإعطاء العلاج في العزل المنزلي وتوفيره فوريًا. ما كان له أثر كبير في قلة الإصابات الشديدة وأعداد الوفيات.
الدكتور إسلام عنان: الحل الأمثل لمواجهة الموجة الرابعة من فيروس كورونا هو حصول نسبة من 10: 20% من السكان على اللقاح خاصة أن الإجراءات الاحترازية ليست الحل الأمثل وبالتالي اللقاح هو البديل
ويتحدث عنان عن الموجة الرابعة والتي متوقع أن تبدأ في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر. قائلا: “الحل الأمثل هو حصول نسبة من 10: 20% من السكان على اللقاح، خاصة أن الإجراءات ليست الحل الأمثل وبالتالي اللقاح هو البديل”.
ولفت إلى أنه حتى الآن لم يوجد تحليل واحد يؤكد وجود متغير دلتا في مصر. مشيرا إلى أن الأطفال يتم إصابتهم بنسبة ضعيفة لكن الإصابات نفسها كبيرة فيكون عدد الأطفال ملحوظا.
وعن التخوفات التي تعانيها الأسر المصرية من هذا المتغير أوضح أن عبء خطورتها يقع على المنظومة الصحية أكثر منه المواطنين، مؤكدا أن “أن ما حدث بقدوم متغير دلتا هو التكدس في المستشفيات، لذلك سيكون لدينا عدد كبير من الحالات الحرجة”.