شهد الشارع المصري خلال الأيام القليلة الماضية زيادة ملحوظة في معدل الجريمة بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة إلى حد غير مسبوق. ليتم الربط بين فصل الصيف والجريمة، والسؤال هنا هل تدفع درجات الحرارة المرتفعة إلى ارتكاب الجرائم العنيفة؟
ولا يمكن بأي حال فصل ما يحدث في مصر عما يحدث في العالم من حولنا. إذ أثبتت دراسات علمية وجود علاقة وطيدة بين فصل الصيف والجريمة.
اختلف علماء النفس حول أسباب اقتران ارتفاع درجات الحرارة بجرائم وأحداث العنف. واتفقوا فيما بينهم بشأن الأسباب والدوافع، إذ ذهب كثير منهم لمدى تأثير درجات الحرارة التي تزيد عن 30 درجة مئوية على شعور الإنسان بالضيق والاكتئاب والعدوانية. ووفق نتائج دراسة فنلندية هناك علاقة وثيقة بين الحر ومستوى مادة السيروتونين بالدماغ، وهي المادة المسؤولة عن ضبط المزاج.
فيما يرى علماء آخرون بأن ارتفاع هورمون التستسترون بسبب الحر. يعد دافع وسبب أساسي وراء ارتفاع معدلات الجريمة حيث تزداد حوادث الاغتصاب والتحرش بنسبة 12% في فصل الصيف عن فصل الشتاء.
كما رجح بعض العلماء أن الأنشطة الصيفية من حفلات وشرب للخمور وعلاقات بين الفتيان والفتيات تعتبر حافزًا لارتفاع معدلات الجريمة والانتحار والميل إلى العدوانية بشكل عام.
مصر رقم 59 في معدل الجريمة
ووقفا لمؤشر الجريمة العالمي للنصف الأول من عام 2021. الذي يقيس معدل الجريمة لـ117 دولة بمقياس يتراوح من صفر إلى 100. جاءت مصر في المرتبة رقم 59 بدرجة وصلت إلى 46.83.
ويعمل مؤشر نيبو – مؤشر الجريمة العالمي – على تصنيف الدول في التقرير إلى 5 أقسام بناء على متوسط النتائج ما بين مرتفع جدا (80-100). ومرتفع (60-80)، ومعتدل (40-60)، ومنخفض (20-40)، ومنخفض جدا (0-20 نقطة).
يظهر جليا خلال المؤشر العالمي لمعدل الجريمة زيادة معدل جرائم العنف بمختلف أنواعها في مصر.
أسباب زيادة الجريمة
كما ناقشت دراستان جديدتان كيف يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة العدوانية والسلوك العنيف على المستوى الفردي. فالدراسة الأولى، التي أصدرها المكتب الوطني الأمريكي للبحوث الاقتصادية الشهر الماضي. تناولت العلاقة بين درجات الحرارة المرتفعة اليومية وحوادث الجرائم العنيفة بين عامي 2010 و2017.
عرف علماء الجريمة لعقود أن القتل والجرائم العنيفة الأخرى تميل إلى أن تكون أكثر تكرارا في أشهر الصيف الحارة.
وذكرت الدراسة أن الجرائم تبلغ ذروتها في شهر يوليو ثم تنحسر نحو أشهر الشتاء، لكن هذا الارتباط البسيط معقد بسبب عدد من العوامل. تمنح المدارس إجازة في الصيف، مما يعني وجود العديد من المراهقين والشباب في الشوارع والأندية والطرقات ويملكون المزيد من الوقت.
وكذا يقضي الناس المزيد من الوقت في الهواء الطلق عندما يكون الطقس لطيفًا. ووجود المزيد من الأشخاص في الأماكن العامة يعني زيادة احتمالية حدوث لقاءات اجتماعية يمكن أن تتحول في نهاية المطاف إلى أعمال عنف.
من ناحية أخرى، هناك الكثير من الأسباب للاشتباه في أن درجات الحرارة المرتفعة هي الدافع المباشر للسلوك العنيف. حيث لاحظ الباحثون أن العديد من الدراسات السابقة، وجدت دليلًا على زيادة العدوانية والسلوك العنيف في البيئات الخاضعة للرقابة. عندما يتعرض المشاركون في الدراسة لدرجات حرارة عالية”.
الحرارة تزيد الرغبة في التدمير
فيما وجدت إحدى التجارب المعملية الحديثة، بشكل يدعوا للقلق والخوف، أن المشاركين أظهروا زيادة رغبة إلحاق الأذى والتدمير عند تعرضهم لارتفاع درجات الحرارة المحيطة.
وفي محاولة لفهم ملابسات وأسباب ارتفاع معدل الجريمة ومدى ارتباطها بفصل الصيف، ووجدوا أنه في المتوسط. تزداد الجريمة الإجمالية بنسبة 2.2٪ والجرائم العنيفة بنسبة 5.7٪ في الأيام التي تزيد فيها درجات الحرارة اليومية عن 85 درجة فهرنهايت (29.4 درجة مئوية). مقارنة بالأيام التي تقل عن هذا الحد.
علاوة على ذلك، وجدوا أن الحرارة تؤثر فقط على جرائم العنف حيث تنتشر جرائم الدماء في الصيف، بينما لا تتأثر جرائم الملكية بدرجات الحرارة المرتفعة وتنتشر السرقات في فصل الشتاء.
فيما وجدت دراسة حول الهجمات الإرهابية، التي نُشرت مؤخرًا في مجلة Studies in Conflict & Terrorism. علاقة “مهمة” بين درجات الحرارة المرتفعة والهجمات الإرهابية والوفيات حول العالم بين عامي 1970 و2015. بالتحديد خلال أشهر الصيف، على افتراض أن حشود المصطافين قد تثبت أنها هدف إرهابي جذاب بغض النظر عن اعتبارات الطقس.
ووجدوا أن الهجمات الإرهابية ليست فقط أكثر شيوعًا في الأيام الحارة. ولكن أيضًا أن عدد القتلى لكل هجوم كان أعلى أيضًا.