عاد الأقباط للصوم مرة أخرى حيث بدأت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية صيام العذراء. والذي يمتد لأسبوعين تعود فيهم نهضات وقداسات الكنائس واحتفالات الأديرة بعد انقطاع العامين الماضيين بسبب ظروف وباء كورونا. على أن ينتهي الصوم الذي يستمر خمسة عشر يوماً في الثاني والعشرون من أغسطس هذا العام.

يتمتع صوم العذراء بمكانة كبيرة لدى الأقباط فعلى الرغم من إنه صوم من الدرجة الثانية. وفقا لطقس الكنيسة القبطية أي يسمح فيه بأكل السمك ويتم فيه الامتناع عن أكل اللحوم. إلا إن الكثير من الأقباط يحرصون على صيامه بزهد وتقشف.

هذا الزهد والتقشف جدد جدلًا يثار في فترات صوم الأقباط التي تمتد لـ55 يوم في صوم القيامة. وتصل إلى ثلاثين يوم في صوم الرسل وأسابيع أقل في أصوام الدرجة الثانية. إلا أن رأيا كنسيًا شائعًا يرى أن الصوم ليس امتناعًا عن أطعمة بعينها فحسب بل هو ممارسة لكبح الشهوات. ومن ثم يفضل أصحاب هذا الرأي الامتناع عن العلاقة الزوجية أثناء الصيام.

الأنبا رافائيل أسقف وسط القاهرة يؤكد أن أيام الصوم لا يفضل فيها المعاشرة الزوجية حسب تعاليم الكتاب المقدس. التي حسمت هذا الأمر على حد تعبيره حيث إن بولس الرسول قد أشار إلى ذلك في رسالته إلى أهل كورونثوس الأولى. حين أوصى بضرورة الاتفاق بين الزوجين على ذلك.

وأوضح أسقف وسط القاهرة: “الامتناع عن ممارسة العلاقة الزوجية يأتي بغرض التفرغ للعبادة الروحية ولكن يتطلب الأمر اتفاقا بين الزوجين. حتى لا يحدث بينهما مشكلات إذا كان أحدهما روحاني والأخر لا يفضل ذلك ولكن لا يمكن ممارسة تلك العلاقة في أسبوع الآلام“.

يتمتع صوم العذراء بمكانة كبيرة لدى الأقباط
يتمتع صوم العذراء بمكانة كبيرة لدى الأقباط

الأنبا رافائيل أشار إلى أن أسبوع الآلام هو أقدس أسبوع في السنة ويمكن التوقف فيه عن العلاقة الجسدية بينما صوم القيامة. الذي يمتد لـ55 يوما يحتاج اتفاقا بين الطرفين وكذلك باقي الأصوام الطويلة.

أما الأنبا بيستني أسقف حلوان والمعصرة فقد جعل الامتناع عن ممارسة العلاقة الحميمة أثناء الصوم أمرًا واجبًا لا يمكن الخروج عليه. ومن يخالف ذلك عليه أن يحصل على تصريح أو “حل” من أب اعترافه. مشيرًا إلى وجود استثناءات في هذا الشأن أبرزها سفر الزوج أو غيابه ثم عودته في أيام الصوم.

“الكنيسة تشجع تقديس الجسد في فترة الصوم” هكذا قال القمص بولس جورج كاهن كنيسة العذراء بمصر الجديدة. ولكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة اتفاق الزوجين على أيام للفطر وأيام للصوم. مع مراجعة أب الاعتراف أو المرشد الروحي للأسرة دون خجل.

الامتناع عن ممارسة العلاقة الزوجية يأتي بغرض التفرغ للعبادة الروحية
الامتناع عن ممارسة العلاقة الزوجية يأتي بغرض التفرغ للعبادة الروحية

في المقابل فإن رأيًا آخر يتبناه اللاهوتي الراحل دكتور جورج حبيب بباوي. يفسر فيه رسالة بولس الرسول التي استندت إليها الكنيسة في هذا الطرح يشرح بباوي في دراسة له. أن التفرغ للصوم والصلاة هو اختيار حر بالاتفاق بين الزوجين ولا يمكن أن يتم بواسطة طرف ثالث مهما كان. مضيفًا: لأن الامتناع كما يقول ذهبي الفم هو “مصدر شر عظيم، إذا كان هذا الامتناع زائدًا عن الحد.

ويستكمل بباوي في دراسته: الزنا والعهر يدمران الأسر، وهو نتيجة هذا الامتناع عن ممارسة العلاقة الزوجية. متسائلًا: إذا اقترف رجل متزوج الزنا، فكيف لا يسقط إذا امتنعت زوجته. إذا لم يكن هناك اتفاق، فإن الامتناع في هذه الحالة هو نوع من السرقة (عظة ٣:١٩ على كورونثوس الأولى).

يشدد بباوي قائلا: “لا محبة بلا حرية ومن ثم المحبة التي تقدم على حساب الآخر، مرذولة تماما من الله ولذلك لا يمكن لقانون مهما كان. قائلة: إن ينظم العلاقة الزوجية، فهي تخضع لاعتبارات شخصية تتوافق مع نضوج الذين دخلوا الزيجة عن محبة ومقدار نمو الفهم والالتصاق بالرب عن حرية وليس عن إرغام.

بينما القمص مكاري يونان كاهن كنيسة العذراء بالفجالة. يؤكد على أن المسيحية لا تعترف بمفهوم طهارة أو نجاسة الجسد. بل القلب ضاربًا المثل بالمسيح حين كان يأكل مع تلاميذه الذين لم يغسلوا أيديهم قبل الأكل. وحين سئل السيد المسيح عن ذلك أجاب متسائلا: ما فائدة أن تغسل يديك خارجيا وداخلك نجس.

واعتبر القمص مكاري يونان أن تلك المفاهيم تعود إلى بعض الأفكار اليهودية. حيث كان اليهود يهتمون قديما بـالغسل فيغسل اليهودي يديه قبل الأكل وإن لم يفعل ذلك يصبح كاسرًا للوصية. موضحًا إن تلك الوصايا التي تهتم بالجسد خارجيًا وبطهارته ونجاسته تنتمي إلى الفكر اليهودي.