يحتفل العالم باليوم العالمي للسكان الأصليين تحت عنوان “ضمان ألا يتخلف أحد عن الركب: السكان الأصليين والدعوة إلى عقد اجتماعي جديد”. بمبادرة من المنتدى الدائم المعني بقضايا السكان الأصليين.. وليكون الاحتفال اليوم عبر الإنترنت. بهدف إعادة تصميم عقد اجتماعي جديد للسكان الأصليين يحترم أشكال الحكم التي تعتمدها ومعايشها بناءً على موافقتها الحرة المسبقة والمستنيرة.
حق الشعوب الأصلية في المشاركة في صنع القرار عنصر أساسي في تحقيق المصالحة بين الشعوب الأصلية والدول. لذلك يجب أن يكافح العقد الاجتماعي الجديد تركة الاستبعاد والتهميش. التي تؤثر على الشعوب الأصلية. من خلال مشاركتها الهادفة والفعالة.
وفي اليوم العالمي للسكان الأصليين الموافق 9 أغسطس. تتجدد المطالبة بضرورة إدماج السكان الأصليين ومشاركتهم ورضاهم ضمن إطار دستوري يعود بالمنافع الاجتماعية والاقتصادية على الجميع.
وتعتبر هيئة الأمم المتحدة عام 2022. بداية عقد جديد للسكان الأصليين بالتركيز على الاحتفاء به بوصفه عقدا دوليا للغات الشعوب الأصلية 2022- 2032. وهو ما يمثل فرصة أتاحها إعلان سنة 2019 بوصفها السنة الدولية للغات الشعوب الأصلية.
السكان الأصليون لأمريكا، أهوار العراق، أمازيغ الجزائر، أقزام الكونغو
تستمر معاناة الشعوب الأصلية، وحرمانهم من حقوقهم الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، في ظل عنصرية ممتدة منذ قرون طويلة، يتقاسمون واقعًا مرًا من انتزاع أراضيهم، وإنكار ثقافاتهم، بل واستعبادهم في بعض المناطق، يعيشون منفيون في أراضيهم، غرباء في أوطانهم.
ما هو العقد الاجتماعي؟
والعقد الاجتماعي هو اتفاقية غير مكتوبة تبرمها المجتمعات للتعاون بين مكوناتها لتحقيق المنافع الاجتماعية والاقتصادية للجميع. وفي العديد من البلدان -حيث طُرد السكان الأصليون من أراضيهم وشوهت ثقافاتهم ولغاتهم وهمشت مشاركتهم في الأنشطة السياسية والاقتصادية- لم يُدرج السكان الأصليون أصلا في العقد الاجتماعي القائم فيها. ونشأت تلك العقود الاجتماعية بين الأطراف الاجتماعية المهيمنة.
وعلى الرغم من وجود صكوك دولية معنية بالتصدي لأوجه غياب المساواة تلك. لم يدخل الجميع في العمل الجمعي لضمان ألا يتخلف أحد عن الركب بما في ذلك السكان الأصليين. لذلك، فهناك حاجة إلى بناء وإعادة تصميم عقد اجتماعي جديد، تعبيرا عن التعاون من أجل المصلحة الاجتماعية والصالح العام للبشرية والطبيعة.
ويجب أن يقوم العقد الاجتماعي الجديد على المشاركة الحقيقية والشراكة التي تعزز تكافؤ الفرص وتحترم حقوق الجميع وكرامتهم وحرياتهم. فحق السكان الأصليين في المشاركة في صنع القرار هو عنصر أساسي في تحقيق المصالحة بين السكان الأصليين والدول.
السكان الأصليين وفرص التنمية
يعيش أكثر من 476 مليون من أبناء السكان الأصليين وبناتها في 90 دولة من دول العالم، يمثلون 6.2% من سكانه. والسكان الأصليون هم ذوي تنوع كبير من الثقافات والتقاليد واللغات وأنظمة المعرفة الفريدة. فهم يتمتعون بعلاقة استثنائية بأراضيهم، فضلا عن أن لديهم مفاهيم متنوعة للتنمية على أساس وجهات نظرهم العالمية وأولوياتهم.
يعمل أكثر من 86% من السكان الأصليين على مستوى العالم في الاقتصاد غير الرسمي. مقارنة بـ 66% لنظرائهم من غير السكان الأصليين. ويُرجح أن تعيش شعوب السكان الأصليين في فقر مدقع أكثر بثلاثة أضعاف من نظرائهم.
هيئة الأمم المتحدة” يعمل أكثر من 86% من السكان الأصليين على مستوى العالم في الاقتصاد غير الرسمي. مقارنة بـ 66% لنظرائهم من غير السكان الأصليين.
وعلى الصعيد العالمي، لا يحصل 47% من جميع السكان الأصليين العاملين على تعليم. مقارنة بنسبة 17% من نظرائهم من غير السكان الأصليين. وهذه الفجوة أوسع بين النساء.
ويعيش أكثر من 70% من سكان العالم في بلدان ترتفع فيها معدلات عدم المساواة في الدخل والثروة. بما في ذلك الشعوب الأصلية التي تواجه بالفعل معدلات عالية من الفقر وحرمانًا اجتماعيًا واقتصاديًا حادًا. ترتبط المستويات المرتفعة من عدم المساواة عمومًا بعدم الاستقرار المؤسسي والفساد والأزمات المالية وزيادة الجريمة ونقص الوصول إلى العدالة والتعليم والخدمات الصحية. وبالنسبة للشعوب الأصلية ، يؤدي الفقر وأوجه اللامساواة الجسيمة إلى خلق توترات ونزاعات اجتماعية شديدة.
ورغم أن السكان الأصليين في العالم أغلبهم يتمتعون بالحكم الذاتي ونجح بعضهم في إقامة استقلال ذاتي بأشكال مختلفة. إلا أن العديد منهم لا يزال يخضع للسلطة النهائية للحكومات المركزية التي تمارس السيطرة على أراضيها وأقاليمها ومواردها.
الحكم الرشيد
أظهر السكان الأصليين أمثلة استثنائية للحكم الرشيد، بدءًا من الايروكواس (رابطة قبائل الأمم الأولى من الأمريكيون القدماء التي اتحدت في منطقة البحيرات العظمى) إلى المؤتمر الوطني لشعوب أستراليا الأولى.
وعلى مدى السنوات والعقود الأخيرة سعت مجتمعات مختلفة إلى معالجة هذا الخلل بسبل عدة. منها تقديم الاعتذارات وبذل جهود حقيقة للمصالحة المجتمعية، والعمل على تنفيذ إصلاحات تشريعية ودستورية. أما على الصعيد الدولي، فقد اشتملت هذه الجهود على اعتماد إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية والهيئات الاستشارية. مثل المنتدى الدائم المعني بقضايا السكان الأصليين.
القضاء على الفقر بكل أشكاله وأبعاده والحد من عدم المساواة هي في صميم جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة. المجتمع بأسره -ليس فقط الحكومات ولكن أيضًا النشطاء الاجتماعيين والشعوب الأصلية والنساء والأوساط الأكاديمية والعلماء- يلعبون جميعًا دورًا في بناء وإعادة تصميم عقد اجتماعي جديد يخدم مصلحة “نحن ، الشعوب” ، وفقًا لما تنص عليه ديباجة ميثاق الأمم المتحدة.
بالنسبة للعديد من الشعوب الأصلية التي تأثرت بشكل غير متناسب بـ COVID-19 في جميع أنحاء العالم. يجب أن تتضمن خطط إعادة البناء بشكل أفضل وإعادة التفكير في العقود الاجتماعية. الاستماع إلى أصواتهم واحتياجاتهم ومخاوفهم، والحصول على موافقتهم الحرة والمسبقة والمستنيرة. وتشمل الحقوق الجماعية والفردية الشعوب الأصلية المعترف بها في إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية.