تقرير حديث يدق ناقوس الخطر بشأن التغيرات المناخية التي تشوب الكرة الأرضية أصدرته اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، قادة العالم لاتخاذ إجراءات سريعة وجذرية.

اللجنة المعنية بالتغيرات المناخية، قالت إن نطاق التغيرات الأخيرة في جوانب النظام المناخي ككل، غير مسبوقة منذ قرون أو عدة آلاف من السنين.

وفي ضوء الأدلة المتاحة. فإن العلماء لديهم “ثقة عالية” في أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كانت أعلى في عام 2019 مما كانت عليه في أي مرحلة خلال مليوني عام على الأقل.

ولفتت اللجنة إلى أن درجة حرارة سطح الأرض. ارتفعت منذ عام 1970 بشكل أسرع مقارنة بأي 50 عاما أخرى خلال الألفي عاما الماضية على الأقل.

التقرير الذي قام 234 خبيرا من 66 دولة بكتابته يعد الأكثر شمولا منذ عام 2013.

وفيما أكد خبراء المناخ الأمميون. أن مسؤولية البشرية عن ظاهرة الاحتباس الحراري “لا لبس فيها”. أوضحت فاليري ماسون ديلموت الرئيسة المشاركة لمجموعة الخبراء أنه من الواضح منذ عقود أن نظام مناخ الأرض يتغير وأن دور التأثير البشري في النظام المناخي لا جدال فيه.

قبل نقطة اللا عودة

وفي هذا السياق قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش إن أجراس الإنذار تصم الآذان، والأدلة قاطعة. مضيفا: “يجب أن يكون هذا التقرير بمثابة نقطة نهاية للفحم والوقود الأحفوري، قبل أن يدمره كوكبنا.

ظاهرة التغير المناخي
ظاهرة التغير المناخي

وتابع: إذا قمنا بتوحيد القوى الآن، سنتمكن من تجنب وقوع كارثة مناخية. داعيا الدول الغنية وبنوك التنمية إلى تقديم المزيد من الأموال للتكيف مع تغير المناخ في المناطق الفقيرة من العالم.

وشدد جوتيريش على ضرورة الوفاء بالتعهد السابق بجمع 100 مليار دولار سنويا لهذا الغرض. محذرا من نقطة اللاعودة. ومطالبا قادة العالم بتقديم إجابات عند انعقاد القمة العالمية المقبلة لتغير المناخ، المقررة في نوفمبر المقبل بإسكتلندا.

 

ويتوقع التقرير الأممي أن يصل الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية قرابة العام 2030. أي قبل عشر سنوات من آخر التقديرات الذي وضعت قبل ثلاث سنوات. وفقا للتقرير الجديد الصادر عن خبراء المناخ في الأمم المتحدة.

يتضمن التقرير بيانات أكثر من أي وقت مضى عن غاز الميثان. ثاني أهم غازات الاحتباس الحراري بعد ثاني أكسيد الكربون.  ويحذر من أن الفشل في كبح الانبعاثات يمكن أن يقوض أهداف اتفاقية باريس.

مسببات.. الفحم والميثان والوقود الأحفوري

تنقسم المصادر التي يسبب الإنسان عن طريقها هذه الأزمة. بين التسربات من إنتاج الغاز الطبيعي، و تعدين الفحم ومدافن النفايات من جهة. والماشية والتعامل مع السماد الطبيعي من جهة أخرى.

يبقى الميثان في الغلاف الجوي جزءًا بسيطًا من ثاني أكسيد الكربون ولكنه أكثر كفاءة في حبس الحرارة.

وأشار التقرير إلى أن مستويات الميثان هي الأعلى منذ 800000 سنة على الأقل.

يقول التقرير: لا يمكن استبعاد الاستجابات المفاجئة ونقاط التحول في النظام المناخي، كما قدمت التطورات الهامة في علم المناخ القديم، علم المناخ الطبيعي في ماضي الأرض – تحذيرات واقعية.

على سبيل المثال، في المرة الأخيرة التي كان فيها الغلاف الجوي للكوكب دافئًا كما هو الحال اليوم، منذ حوالي 125000 عام. كان من المحتمل أن يكون مستوى سطح البحر أعلى من خمسة إلى 10 أمتار. وهو مستوى من شأنه أن يضع العديد من المدن الساحلية الكبيرة تحت الماء.

الوقود الأحفوري
الوقود الأحفوري

وقبل ثلاثة ملايين سنة. عندما تطابقت تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي مع مستويات اليوم وكانت درجات الحرارة أعلى من 2.5 درجة مئوية إلى 4 درجات مئوية. كانت مستويات سطح البحر أعلى بما يصل إلى 25 مترًا.

تقرير المناخ.. تحصيل حاصل

وتعليقا على التقرير قالت ناشطة المناخ السويدية الشابة، جريتا تونبرج. إن التقرير المتعلق بالمناخ الذي طال انتظاره. وأصدرته هيئة من العلماء تابعة للأمم المتحدة اليوم الاثنين، لم يتضمن مفاجآت حقيقية.

وكتبت تونبرج على وسائل التواصل الاجتماعي: إن التقرير يؤكد ما نعرفه بالفعل من خلال آلاف الدراسات والتقارير السابقة – وهو أننا في حالة طوارئ. إنه ملخص قوي (ولكن حذر) لأفضل العلوم المتاحة حاليا.

وأشارت إلى أن التقرير، الذي يجمع كمية كبيرة من دراسات المناخ التي أجريت خلال الأعوام الأخيرة، لا يخبرنا بما يجب أن نقوم به”

وأضافت: الأمر متروك لنا في أن نتحلى بالشجاعة وأن نتخذ قرارات بناء على الأدلة العلمية الواردة في هذه التقارير.

وختمت: ما زال بإمكاننا تجنب أسوأ العواقب، ولكن إذا لم نستمر فيما نقوم به اليوم، وليس بدون التعامل مع الأزمة على أنها أزمة”.

الفقراء الأشد تأثرا بتغيرات المناخ

بالرغم من أن الدول الغنية كان لها دورٌ بارز في حدوث التغيُّرات المناخية التي يشهدها العالم، إلا أن الدول الفقيرة هي التي تتحمل معظم آثاره وتداعياته، وفق ما توصلت إليه عدد من الدراسات

فعلى سبيل المثال فإن البلدان الاستوائية، التي تميل إلى أن تكون أكثر فقرًا وأقل إصدارًا لغازات الدفيئة، مقارنةً بدول نصف الكرة الأرضية الشمالي الأكثر ثراءً، ستعاني من تقلبات كبيرة في درجات الحرارة، ما يزيد من ظاهرة عدم المساواة المتصلة بالمناخ.

وتقول دورية “Science Advances” إن تقلبات درجة الحرارة في المناطق الاستوائية تؤثر على الأنظمة البيولوجية، وتهدد الأمن الغذائي، وتمثل خطورةً على كلٍّ من الزراعة والبشر والاقتصاد، وتهدد العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية في جميع أنحاء العالم بالانقراض”، موضحةً أن “عوامل تقلُّبات درجة الحرارة القصوى المتوقعة تشمل تجفيف التربة الاستوائية بسبب زيادة التبخر مع ارتفاع درجات الحرارة، فضلًا عما تخلِّفه تلك العوامل من تَنامٍ للصراعات وعدم الاستقرار السياسي في الدول الاستوائية”.

يحذر تقرير أعده البنك الدولي من أن التغيرات المناخية تهدد بغرق نحو 100 مليون شخص في الدول الفقيرة بحلول عام 2030. مشددًا على ضرورة اتباع سياسات صارمة لحماية أشد الفئات ضعفًا في العالم من فشل المحاصيل والكوارث الطبيعية والأمراض التي تنقلها المياه والآثار الأخرى المترتبة على تغيُّر المناخ”.

ويوضح التقرير أن ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يؤدي إلى فشل 5٪ من إنتاجية المحاصيل بحلول عام 2030، وفي أفريقيا قد يصل هذا المستوى إلى 12%.