بعد انقطاع دام مدة 6 سنوات منذ سقوط الطائرة الروسية بسيناء في 31 أكتوبر 2015. استؤنفت رحلات الطيران بين العاصمة الروسية موسكو ومدينتي الغردقة وشرم الشيخ على البحر الأحمر. بعدما اتفقت موسكو والقاهرة، في أبريل الماضي، على استئناف حركة الطيران بشكل كامل بين البلدين، بما في ذلك المنتجعات السياحية المصرية.
العودة الفعلية لرحلات الطيران الروسية إلى شرم الشيخ والغردقة. من شأنها أن تُعيد لتلك المدن الساحلية بريقها من حيث نسب الإشغال السياحي. لكن ماذا فعلت مصر لإقناع الجانب الروسي باستئناف رحلاته؟ وكيف ستستفيد مصر من عودة الطيران الروسي؟.
ماذا فعلت مصر في 6 سنوات؟
منذ سقوط الطائرة الروسية وحتى الآن. زار المطارات المصرية سواء مطار القاهرة أو مطاري شرم الشيخ والغردقة ما يزيد عن 15 وفدًا أمنيًا. للوقوف على الإجراءات الأمنية الجديدة المتبعة في مطارات المدن السياحية الساحلية.
الوفود الروسية المتتالية دفعت السلطات المصرية إلى اتباع أعلى معايير التأمين داخل المطارات. التي تطبق وفقًا لمنظمات الدولية. كما تم تحديث المنظومة الأمنية داخل المطارات بشكل كامل.
تفتيشات أوروبية وأمريكية
طيلة السنوات الماضية اجتازت المطارات العديد من التفتيشات الأوروبية والأمريكية. حتى استأنفت العديد من شركات الطيران رحلاتها إلى المطارات المصرية. وتم تسيير خطوط جوية جديدة إلى مختلف المطارات بعد توقف بسبب جائحة كورونا.
وفي 9 يناير الماضي، أعلن المجلس الدولي للمطارات لإقليم أفريقيا. عن قائمة المطارات الـ 21 المعتمدة صحيًا في القارة السمراء.
وجاء مطار شرم الشيخ الدولي في صدارة تلك المطارات ضمن برنامج الاعتماد الصحي للمطارات AHA الذي أطلقه المجلس الدولي للمطارات من أجل سفر آمن في ظل جائحة كورونا.
كما حصل مطار الغردقة الدولي في 15 يناير، على شهادة الاعتماد الصحي للسفر الآمن.
مصادر بالطيران المدني كشفت لـ”مصر 360″. عن أن الوفود الأمنية الروسية أشادت بالإجراءات الأمنية التي بات يتم اتباعها مؤخرًا بمختلف المطارات. خاصة في مطاري شرم الشيخ والغردقة. خاصة بعدما اتبعت السلطات المصرية إجراءات أمنية صارمة داخل صالات السفر والوصول وإجراءات تأمين الحقائب والمسافرين، والإجراءات الاحترازية التي تتبعها سلطات الطيران لحماية المسافرين.
الوفود الروسية
المصادر شددت أيضًا على تفتيشات الوفود الروسية على الركاب والحقائب ومتابعة عمليات التأمين المختلفة. ومراقبة أسوار مطارات المدن السياحية الغردقة وشرم الشيخ. كما تطرقت إلى ما تطوير الدولة في أنظمة المراقبة والكاميرات. وتأمين مهبط الطائرات والإجراءات الأمنية داخل مقرات المحطات. ومن ثم باتت المطارات المصرية تضاهي نظيراتها العالمية من حيث الأمن والسلامة الجوية، ووجود أحدث أجهزة التفتيش.
تلقيح العاملين في السياحة
وفيما يتعلق بتوفير لقاحات كورونا. عقد وزراء الصحة والسياحة والطيران المدني ومحافظ البحر الأحمر، مؤتمرًا صحفيًا. عقب زيارتهم للحجر الصحي ومراكز تلقي لقاح فيروس كورونا للعاملين في القطاع السياحي بالبحر الأحمر.
وقالت وزيرة الصحة والسكان. إنه تم إمداد جميع مراكز التطعيمات الدولية في مصر التي يبلغ عددها 179 مركزًا على مستوى الجمهورية بلقاح فيروس كورونا المستجد للمسافرين خارج مصر. في حال التوافق الدولي على إقرار تلقي لقاح فيروس كورونا كشرط لدخول الدولة.
وأشارت الوزيرة إلى أن تطعيم جميع العاملين بالقطاع السياحي في محافظتي البحر الأحمر وجنوب سيناء. يشمل جميع العاملين داخل الفنادق والمنشآت السياحية ومراكز الغوص والقرى السياحية والسفاري. وكذلك العاملين بالمحلات والبازارات والمقاهي والمطاعم السياحية، ومكاتب السياحة، فضلاً عن تطعيم العاملين بالمطارات الجوية والموانئ البحرية بالمحافظتين.
بوتين يرفع الحظر
تزامنًا مع الإجراءات الأمنية والاحترازية التي تبنتها الحكومة المصرية بالمدن الساحلية رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بداية يوليو الماضي. الحظر عن الرحلات الجوية الروسية المباشرة إلى تلك الوجهات الذي دام لمدة ست سنوات. وفق ما أعلنته وزارة الخارجية المصرية في بيان لها. ما دفع منتجعات البحر الأحمر للاستعداد لاستقبال السياح الروس.
قرار رفع الحظر جاء بعد مراوغات روسية على مدى الأشهر الماضية: كان من المفترض استئناف الرحلات الجوية الروسية في مايو. بعد أن وافق بوتين خلال اتصال هاتفي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل على رفع الحظر. لكن سرعان ما ازدادت الأمور غموضا عندما قال السفير الروسي لدى القاهرة جيورجي بوريسينكو إن الرحلات قد تعود بحلول يونيو.
20 رحلة أسبوعيًا
السفير المصري في روسيا إيهاب نصر. قال في مداخلة هاتفية مع برنامج “صالة التحرير” إن مصر للطيران ستسير 10 رحلات مباشرة أسبوعيا تقسم بالتساوي بين المنتجعين المطلين على البحر الأحمر.
وأضاف نصر في اتصال، أن الجانب الروسي ممثلا في شركة الخطوط الجوية “راسيا” ستسير أيضا 10 رحلات مباشرة أسبوعيا مقسمة بالتساوي بين شرم الشيخ والغردقة. مقدرا عدد السياح الروس المتوقع قدومهم إلى الوجهتين أسبوعيا بنحو 9 آلاف سائح.
وذكرت شركة مصر للطيران في بيان. أن مطار الغردقة الدولي استقبل أولى الرحلات الجوية للشركة قادمة من العاصمة الروسية موسكو رحلة رقم MS724 من طراز إيرباص 300-A330 وعلى متنها 300 سائح روسي. إيذانا ببدء مرحلة جديدة لعودة السياحة الروسية إلى مدينتي الغردقة وشرم الشيخ.
وأكد رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمصر للطيران عمرو أبو العينين، أنه لأول مرة تقوم “مصر للطيران” بتشغيل رحلات منتظمة مباشرة بين موسكو وكل من مطاري الغردقة وشرم الشيخ. تزامنا مع قرار عودة تشغيل الرحلات الجوية السياحية بين مصر وروسيا. بجانب رحلات الشركة اليومية بين القاهرة وموسكو. ما يساهم بشكل كبير في توفير خدمات وخيارات سفر جديدة تعمل على جذب عدد أكبر من المسافرين والسائحين القادمين من روسيا إلى مصر.
روسيا تُكمل الضلع المفقود
استئناف رحلات الطيران العارض الروسية سيجلب تدفقات نقدية جديدة مصر في أشد الحاجة إليها.
وقال بنك جولدمان ساكس في أبريل الماضي إن عودة الرحلات الروسية إلى منتجعات البحر الأحمر قد ترفع إيرادات السياحة المصرية بمقدار 3 مليارات دولار. وزار ما يقرب من 3 ملايين سائح روسي مصر في عام 2014 قبل الحظر. ما وضع روسيا حينها في صدارة الأسواق المصدرة للسياح إلى مصر.
وذكر بنك جولدمان ساكس: خلال الـ10 سنوات السابقة لحادث الطائرة الروسية (Metrojet)، كانت السياحة الروسية إلى مصر تنمو بوتيرة سريعة. وبلغت ذروتها في عام 2014، بدخول أكثر من 3.1 مليون سائح روسي. ما يمثل نحو ثلث إجمالي عدد السياح الوافدين إلى مصر في ذلك العام، وفي أعقاب الحادث، انخفضت بشدة أعداد السياح الوافدين من روسيا ولم تتعافى المعدلات منذ ذلك الحين، ويرجع السبب الرئيسي لهذا، إلى فرض الاتحاد الروسي حظرا على جميع الرحلات الجوية المباشرة إلى مصر، في انتظار مراجعة وتعديل إجراءات السلامة بالمطارات.
وتتوقع مصر استقبال بين 300 و400 ألف سائح روسي شهريًا بعد القرار. وفق ما قالته نائبة وزير السياحة غادة شلبي لوكالة سبوتنيك الروسية. وكانت شلبي قد قالت في أبريل الماضي إن البلاد قد تستقبل مليوني سائح روسي هذا العام إذا جرى رفع الحظر.
9 مليارات دولار عوائد مستهدفة
بعد عودة الطيران الروسي باتت مصر تستعد لاستقبال المزيد من السياح هذا العام. بعدما زار نحو 3.5 مليون سائح مصر خلال النصف الأول من العام الحالي. وهو نفس عدد السياح تقريبا الذين زاروا البلاد خلال العام الماضي بأكمله. وتستهدف الحكومة أن تصل عائدات السياحة هذا العام ما بين 6 إلى 9 مليارات دولار، مقارنة بـ 4.4 مليار دولار العام الماضي.
إيرادات السياحة
وكانت إيرادات السياحة تراجعت بنحو 60% على أساس سنوي في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة في عام 2019، الذي حقق القطاع خلاله إيرادات قياسية بلغت 13 مليار دولار، خسرت مصر نحو 600 مليون دولار من الإيرادات الشهرية خلال الربع، وفق ما أعلنه وزير السياحة في وقت سابق.
وتأتي عودة الرحلات الروسية إلى مصر في الوقت المناسب، بعدما خففت الحكومة في وقت سابق هذا الشهر قيود الإشغال المفروضة على الفنادق، لتسمح لها بالعمل بنسبة 70% من قدرتها الاستيعابية لأول مرة منذ الموجة الأولى من تفشي فيروس “كوفيد-19”. والتزمت الفنادق والمطاعم وغيرها من المنشآت بالعمل بنسبة 50% فقط من قدرتها الاستيعابية منذ يوليو الماضي للحد من انتشار الفيروس
هل تعود السياحة إلى سابق عهدها؟
عضو لجنة السياحة والطيران في البرلمان السابق النائب أحمد إدريس، يقول لـ “مصر 360″، إن العام الجاري 2021 سيشهد عودة السياحة إلى سابق عهدها مع بداية ظهور الطيران الروسي بشرم الشيخ والغردقة من جديد، وبالتالي ستُكمل رحلات الطيران الروسية الضلع المفقود في السياحة المصرية.
أضاف إدريس. أن جملة السياحة الروسية تسيطر على الغالبية العظمى من السياحة الوافدة إلى مصر منذ بداية الألفية الحالية. وبالتالي استئناف الطيران الروسي من شأنه أن يُعيد مصر إلى خريطة اهتمامات السائح الأوروبي من جديد.
على النقيض كشفت غادة شلبي نائب وزير السياحة والآثار لشؤون السياحة. توقعاتها بشأن عودة السياحة لمصر في ظل وباء كورونا. موضحة أن مصر لن تعود لأرقام عام 2019 في العام الجاري 2021 نتيجة استمرار وباء كورونا.
وأضافت شلبي أنه ليس من المنتظر أن يكون هناك سياحة في مصر أوائل 2021. متابعة: “لحد ما اللقاحات تشتغل وتتوزع على الناس وتبدأ حركة السفر ترجع. مش معقولة أن تعود الأرقام لعام 2019 في عام 2021.. هذا أمر مستبعد”.
وتابعت شلبي: أتصور عودة السياحة بقوة خلال النصف الثاني من عام 2022 بحيث تكون الانطلاقة الحقيقية لعودة المعدلات الطبيعية لمصر بداية من موسم الصيف، بعد ظهور مفعول اللقاحات، بالإضافة إلى بدء دول أوروبا في تسيير رحلاتها خلال موسم الصيف، ونتوقع أن تكون المعدلات أعلى من عام 2020”.