يعد الذكاء الاصطناعي طرفا أساسا في أمور حياتنا. فقد توغل في مجالات كثيرة وبشكل خاص في السياسة إذ بات الاعتماد على البيانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي أمرًا ضروري لفهم توجهات الشارع والناخبين.

فالحزب السياسي قادر على التأثير على المواطنين للتصويت لمرشحيهم. وغني عن القول أن التكنولوجيا اليوم تلعب دورا كبيرا في القدرة على ممارسة تأثير دقيق. إذ يعتمد السياسيون على التطورات التكنولوجية مثل تحليل البيانات الضخمة للتفاعل والتواصل بشكل أفضل مع الناس.

وخلال السنوات القليلة الماضية. رأينا العديد من السياسيين يدرسون وجهات نظر الناخبين من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. وبناء على النتائج يعدلون توجهاتهم وفقًا السياسية. من أجل كسب المزيد من المؤيدين.

حملات أوباما وترامب

وسبق أن لجأت حملة باراك أوباما الرئاسية في عام 2012 إلى الذكاء الاصطناعي. من خلال تحليل البيانات الضخمة ودفع ناخبيه للتصويت لصالحه وتأييده. وأدى ذلك إلى زيادة فعالية حملات البريد الإلكتروني التي نجحت في جمع تبرعات ضخمة بقيمة مليار دولار أمريكي في الحملة الانتخابية.

 

حملة أوباما استخدمت الذكاء الاصطناعي في 2012
حملة أوباما استخدمت الذكاء الاصطناعي في 2012

كما تكرر الأمر مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب في عام 2016. حيث اكتشف باحثون من جامعة واشنطن أن روبوتات وسائل التواصل الاجتماعي الآلية تم استخدامها لزيادة حركة المرور على تويتر للهاشتاجات المؤيدة لترامب.

ومن خلال استخدام التعلم الآلي لتجميع ملامحهم النفسية. تم الاستفادة من نظام الإعلانات المستهدفة الخاص بفيسبوك لعرض المحتوى للمستخدمين والحصول على رأي كان في صالح ترامب.

وخلال الانتخابات العامة في المملكة المتحدة في عام 2017. استخدمت أسراب من روبوتات وسائل التواصل الاجتماعي الآلية لنشر أخبار سياسية مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي.

استخدمت هذه الروبوتات لاستهداف الناخبين الذين كانوا أكثر عرضة للتصويت لحزب سياسي معين. ومن خلال الرسائل السلبية، نجحت الروبوتات في التأثير على عقول الناخبين ومنعتهم من الظهور للتصويت في يوم الانتخابات.

حملة ترامب
حملة ترامب

وفي الأشهر ال 3 الأخيرة من العام، علقت تويتر أكثر من 58 مليون حساب آلي ضار. كلها أمثلة رئيسية على كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة ناجحة في السياسة، حيث يتم استخدامه لإقناع الناس بالتصويت لمرشح معين أو حتى خلق تحيز ضد خصم ذلك المرشح.

البشر أم الذكاء الاصطناعي؟

يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أحد أقوى الأدوات التي يستخدمها صانعو السياسات لاتباع نهج قائم على البيانات. مع التعلم الآلي وتقنيات التحليلات التنبؤية، وسيوفر صورة دقيقة لما تحتاجه الدولة وكيف يمكن حل مشاكلها.

أظهر استطلاع للرأي حول مواقف الأوروبيين من التكنولوجيا، أن 25% من المشاركين في الاستطلاع يفضلون اتخاذ قرارات سياسية من قبل الذكاء الاصطناعي بدلا من السياسيين بمجرد انتخابهم.

في أبريل 2018. خلال سباق منصب العمدة داخل قسم صغير في العاصمة اليابانية طوكيو، حصل الذكاء الاصطناعي يدعى “ميشيهيتو ماتسودا” على المركز الثالث بـ 4000 صوت. وكان شعار حملته الانتخابية: “الذكاء الاصطناعي سيغير المدينة».

ترشج ذكاء اصطناعي في انتخابات طوكيو
ترشج ذكاء اصطناعي في انتخابات طوكيو

عادة يتأثر متخذو القرارات بالعديد من العوامل. مثل التجربة الشخصية، والغريزة، والاعتقاد. بالإضافة إلى ذلك كان يتم استطلاع الرأي حول القرارات ومرورها بأكثر من مرحلة مما يؤدي إلى هدر الكثير من الوقت في سبيل تحقيق نتيجة مثلى، لكن التقدم التكنولوجي في الوقت الحالي يمنح قدرًا هائلا من القدرات لتحليل كميات كبيرة من البيانات في غضون ثوانٍ مما يمكّن صانعي القرار من التخلص من العديد من التفاصيل بسرعة مهولة.

وتعمل السياسات القائمة على البيانات على تمكين الحكومة من أن تكون أكثر استجابة لمواطنيها. ما يؤدي إلى نظام ديمقراطي أفضل.

مع الأنظمة التي تدعم الذكاء الاصطناعي. سيتم تحليل كل مرشح من خلال خبرته في العمل السابقة، وسجلاته، وسلوكه، ومهاراته القيادية التي يمكن أن توفر للجمهور فكرة أفضل قبل التصويت لأي مرشح.

الحملات الانتخابية

يستطيع رجل السياسة من خلال مجموعة ضخمة من البيانات التي يتم تخزينها في منصات متعددة على نطاق واسع، استخدامها لتكون أحد الموارد الأساسية لنجاح الحملة الانتخابية إذ أنها تساعد على توليد أنماط واتجاهات المصوتين.

ويمكن لرجال السياسة تحديد حملة الاستهداف الجزئي التي تعمل على جمع المعلومات حول التوجه العام والمنظور العام للناخبين. إذ يمكن أن تقدم تلك الميزة معلومات عن اهتمام الناخبين.

تم استخدام البيانات الضخمة للاستهداف الجزئي خلال حملة الانتخابات الرئاسية من قبل أوباما في عام 2012.

 

كما لعبت البيانات الضخمة دورا رئيسيا في الانتخابات العامة لعامي 2014 و2019 في الهند. ما حقق انتصارا كاسحا لحزب بهاراتيا جاناتا.

ولكن هناك احتمالات بأن يساء استخدام الذكاء الاصطناعي في السياسة. من خلال معرفة الملامح السياسية والسلوكية والنفسية للناخبين، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإرسال رسائل سياسية غير صادقة ومزيفة.

باختصار يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين الإنتاجية والمردود من خلال تحليل الثغرات الموجودة في النظام.

إذا تم تنفيذ الذكاء الاصطناعي من قبل منظمات مستقلة، فيمكننا إزالة جميع الأخبار المزيفة والأجندات الكاذبة في غضون دقائق، وهو ما سيكون مفيدًا للغاية بالنظر إلى السيناريو الحالي.

خفض تكلفة الحملات السياسية

يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وتقليل النفقات بالنسبة إلى المرشحين سواء كان مرشحا لرئاسة دولة أو وحدة محلية، فالأمر يعتمد على البيانات المتاحة ووضعها في سياقها ومن ثم تقديم رؤية واضحة ومباشرة لكيفية معالجتها.

إذا كان الناخب مهتما بالوضع الاقتصادي في البلاد، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة الناخب على معرفة ما يقوله كل حزب حول هذا الموضوع.
وبوسع الساسة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي للاستماع بشكل أفضل إلى ما يقوله ناخبوهم، من خلال تحليل السلوك الإلكتروني للناخبين والذي يتضمن أنماط استهلاك البيانات والعلاقات وأنماط وسائل التواصل الاجتماعي.

كما يمكن إنشاء ملفات تعريف فريدة للمستخدم النفسي والسلوكي، وبناء على هذه الرؤى، يمكنهم نشر حملات إعلانية تستهدف الأفراد لتثقيف الناخبين على أساس نفسيتهم الفردية؛ حول مجموعة متنوعة من القضايا السياسية لإقناع الناس بالتصويت للحزب الذي يلبي توقعاتهم.

مع التطور التكنولوجي الرهيب يبدو أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي سيزداد رويدا رويدا، ولن يكون غريبا أن يفوز روبوت بانتخابات يوما ما.