على عكس كل التوقعات التي ذهب إليها المراقبون بتأزم العلاقات بين القاهرة وواشنطن في أعقاب عودة الديموقراطيين إلى البيت الأبيض في يناير الماضي. أشادت الإدارة الأمريكية الديموقراطية للمرة الثانية بالإدارة المصرية.
“شريك دفاعي يؤدي دورا بناء”. بهذه الكلمات دافع مسؤولون أمريكيون في وزراتي الدفاع والخارجية الأمريكية عن علاقة بلادهم بالقاهرة. مؤكدين أن لمصر ثقلا ودورا هاما تلعبه في المنطقة في ما يتعلّق بأمن الحدود وبليبيا وبسد النهضة الإثيوبي وبالنزاع في غزة وغيرها.
الإشادة تمثل إشارة لنية الرئيس الأميركي الإفراج عن مساعدات عسكرية بقيمة 300 مليون دولار. سبق أن ربط الكونجرس تقديمها بالتقيّد بمعايير حقوق الإنسان.
أسباب تغير طبيعة العلاقات
لم تكن هذه المرة الأولى التي تتغير فيها طبيعة الخطاب الأمريكي تجاه القاهرة. فرغم التوقعات بتدهور العلاقات بين البلدين. بعد عودة الديموقراطيين إلى البيت الأبيض وإطلاقهم تصريحات تتعهد بوقف المساعدات التي تقدمها بلادهم إلى مصر. جاءت الإشادات لتعلن تغيير موقفهم.
الإدارة المصرية أيضا لم تكن تحبذ حدوث تغيير في البيت الأبيض بما يفتح المجال أمام رحيل الجمهوريين الذين مثلوا أكبر المدافعين الدوليين. خاصة مع موقف الديموقراطيين الداعم للإسلام السياسي في المنطقة. وهم من كالوا اتهامات وانتقادات على مدار سنوات للحكومة المصرية بشأن سجلها في الدفاع عن حقوق الإنسان.
تطور العلاقات
الإشادة التي تمثل دليلا على تطور العلاقات بين الإدارة المصرية وبين الديموقراطيين. حملت معها حديثا ضمنيا عن تطورات في ملف حقوق الإنسان في مصر.
نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط دانا سترول. قالت: نعتقد أن لدى مصر هواجس مشروعة ونعتقد أن المساعدة الأمنية لمصر هي وسيلة أساسية لتلبية هذه الاحتياجات”.
ويرى مراقبون أن التغيير في لهجة الخطاب الأمريكي تجاه مصر يعود لطبيعة المصالح المشتركة للبلدين في لحظة بعينها.
تحت عنوان “الديالكتيك المصري في واشنطن“. كتب الكاتب الكبير عبدالعظيم حماد في “مصر 360”. إن السياسة الأمريكية داخليا وخارجيا تصنع وتمارس من خلال تسويات للخلافات أو توافقات بين قوي عديدة، ومتفاوتة النفوذ فيما بينها، ومن قضية إلى أخرى
وبحسب المقال: فأن مصر مثل كل دول العالم لديها أصدقاء ولديها خصوم في واشنطن، ومن حصيلة الصراع أو الجدل (الديالكتيك) بينهم تتقرر السياسة الأمريكية نحوها. في خطوطها الرئيسية وفي بعض تفصيلاتها الفرعية.ولفت إلى أن كفة أصدقاء مصر هي الأرجح علي كفة خصومها في واشنطن.
مراقبون رأوا أن تغير الخطاب الأمريكي اتجاه مصر يتعلق بأمرين. الأول الدور الذي لعبته مصر في الحرب على غزة. والثاني ما تشهده مصر حاليا من محاولات لحلحلة أزمة ملف السجناء السياسيين.
الحرب على غزة
ومنذ اليوم الأول لاندلاع المواجهات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. كان الدور المصري حاضرا بقوة سعيا للتهدئة. حتى تمكنت القاهرة من إنجازها وأعلن الجانبان الموافقة على مقترح التهدئة المصري.
الدور المصري في الحرب على غزة. دفع الرئيس الأمريكي الجديد لإجراء اتصال هاتفي بنظيره المصري. كان وقتها هو الأول بينهما لبحث التهدئة في الأراضي المحتلة. أشاد فيه بالدور المصري في إقناع الفصائل الفلسطينية بوقف إطلاق النار. مؤكدا في الوقت ذاته، أنه لا تغيير في التزامه تجاه إسرائيل، وحل الدولتين.
ملف حقوق الإنسان
وشهدت مصر خلال الشهور الماضية خطوات لمعالجة الانتقادات التي تواجهها في ملف حقوق الإنسان. منها إطلاق استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان. وإصدار عدد من قرارات الإفراج عن نشطاء كان آخرها قبل عيد الأضحى الشهر الماضي.
محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية ومنسق مجموعة الحوار الدولي- التي أطلقت مبادرة ولعبت دورا في إصدار قرارات الإفراج عن النشطاء-. كان قد قال في حوار مع “مصر 360”.: أرى أن هناك جدية في مراجعة بعض ملفات المحتجزين. فقديما لم يكن هناك قنوات وحوارات، لا أحد يسمع ولا أحد يسأل. الآن أرى أن هناك بعض من العقول المستنيرة سواء في النيابة أو في أجهزة الأمن أو وزارة العدل. تستمع وتقيم وتتجاوب، فتلك ظاهرة جيدة.
السادات أكد أنه خلال الأشهر الماضية تم الإفراج عن أكثر من 200 محتجز.
ولفت إلى وجود نية لإغلاق ملف القضية 173 والمعروفة بقضية المجتمع المدني. وأن حالات الاستدعاء الأخيرة جاءت تمهيدا لإغلاق القضية. الدولة واضحة في ذلك، وكل من تم استدعائه والتحقيق معه خرج بانطباعات جيدة، وربما تكون المحاسبة ضرائبية مالية عن أنشطة سابقة.
وبدت قرارات الإفراج الأخيرة التي صدرت قبل ساعات من عيد الأضحى. وكأنها إغلاق لقضية عرفت إعلاميا بفخ اصطياد المعارضين.
القضية التي ضمت. صحفيين وحقوقيين وسياسيين. اشتركوا جميعا في مواجهة تهم نشر أخبار كاذبة، وسوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. حملت الرقم 488 لسنة 2019.
ومع قرارات الإفراج المتتالية. يزيد أمل أسر سجناء الرأي بشكل خاص في خروج أبنائهم من السجون. وترتفع بورصة الأمل لدى السياسيين في تغيير نهج الحكومة في التعامل مع أصحاب الرأي وإغلاق هذا الملف الشائك.