رمى سيف الإسلام القذافي حجرًا في مياه ليبيا الراكدة، فحرَّك سواكن، وجعل السؤال الذي تردد مؤخرًا أقرب للواقعية: هل يستعيد نجل العقيد الراحل عرش أبيه؟
بعد سنوات عجاف، أطلّ نجل الزعيم الليبي الراحل على مجتمع مزقته آلة الحرب والسياسة معًا ليقول إنه “الحل”، ويضع أغلب مكونات المجتمع أمام تفكير عميق لا يخلو من مشاهد نقمة على مآلات “فبراير” لقطاع عريض ممن كانوا أنصار الثورة، وآخرين كفروا منذ البداية بهكذا خيار، ثم فريق ثالث لن يرضى بغير نفسه في الحكم، سواء كان ابن النظام السابق أو طرح فبراير، وهي مقدمات إذا ما وُضعت بجوار دعم غير علني لأطراف دولية فاعلة في المشهد الليبي تجعل فرصة سيف الإسلام أقرب للحقيقة، وأجدر أن تُصدَّق، حتى وإن رفضها كثير من السياسيين.
جاء الحضور السياسي لسيف الإسلام تدريجيًا، بدءًا بقانون برلماني لا يُمانع العمل السياسي لأركان نظام القذافي، وهو ما عرف بـ”قانون العفو العام“، مرورًا بحملات ميدانية وافتراضية تطرح اسم الابن رئيسًا، وصولاً لحملات إعلامية دولية تُلْبث الطرح ثوب الحقيقة.
اقرأ أيضًا.. سيف القذافي يخطط لاستعادة عرش والده
خلال تلك المراحل آثر سيف الإسلام الخفاء على العلن، وظهر محاموه ومتحدثون باسمه، يقولون عبر وسائل الإعلام إن نجل الزعيم يتحين الفرصة المنتظرة.
وكلما اقترب موعد محدد سلفًا لانتخابات رئاسية، ازداد الحضور الافتراضي؛ مشفوعًا بنقاش سياسي وتفاعل للرأي العام يأخذ الأمر على محمل الجد، وبعدما كان الطرح أقرب للخيال قبل عشر سنوات أصبح نقاشه معقولاً على الأقل، إنْ لم يكن مؤيَّدًا.
ظهور سيف.. صورة لمستقبل الصراع في ليبيا
في أحدث أحاديث سيرته بين يديّ الأزمة الليبية، أطلّ سيف القذافي عبر مقابلة جرى إخراجها ببراعة صحفية، قال صحفي “نيويورك تايمز” إنه قضى عامين ونصف العام يرتّب لها مع سيف الإسلام، لكن ما نشره أقرب إلى تحقيق بارع يكشف وقائع مهمة ويرسم صورةً لما يُمكن أن يحدث عشية الانتخابات القادمة ومستقبل الصراع في ليبيا.
في بداية تحقيق الصحيفة الأمريكية، فقرة لخّصت المشهد برمته هذا نصها: “مرت فترةٌ من الصمت المشوب بالارتباك قبل أن أسأله إن كان لا يزال سجينًا، فقال إنه رجلٌ حرٌّ وإنه يرتّب لعودته إلى الساحة السياسية. أوضح أن المقاتلين الذين اعتقلوه قبل عشر سنوات قد تحرّروا من وهْم الثورة وأدركوا في نهاية المطاف أنه قد يكون حليفًا قويًّا لهم. ارتسمت على وجهه ابتسامة وهو يصف تحوّله من أسير إلى أمير منتظر، فقال: هل لك أن تتخيل؟ الرجال الذين كانوا حرّاسي هم الآن أصدقائي”.
ومع اختلاط الأوراق، يقول بعض المراقبين: “في ليبيا الممزقة ربما لو عاد القذافي الأب من قبره يحكم، بعد عشر سنوات دامية حكمت فيها الميليشيات والمرتزقة البلاد”.
كل المعسكرات ارتبكت، وشعرت بأنّ الأمر بات جادًا، فهذا محمود شمام المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي سابقًا (الحاكم بعد الإطاحة بالقذافي)، يقول: “تفتح المقابلة حربًا طاحنة بين القذاذفة (أنصار القذافي) والحفاترة (أنصار حفتر)، وتمهد لتحالف فبراير واسع من أبرز عناصره سيكون باشاغا”، لعل شمام كتب ما يتمناه، يقول معارضوه.
لكنه لا يخفي أنَّها “مقابلة بمثابة صفارة الحكم في نهاية مباراة وصلت للحسم بضربات الجزاء”، ولعله يقرّ بأنّ نجل القذافي قفز إلى الملعب في نهاية المبارة مشاركًا في الحسم، وربما يكون لصالحه، وفق شواهد وتعليقات متابعيه.
“التيار الأخضر”
استدعى سيف القذافي “التيار الأخضر” بين سطور المقابلة، ولم تمض ساعات، حتى صدر عن التيار بيان وصف العمل الصحفي بـ”مؤتمر إعلان الترشح للرئاسة”.
وقال مجلس قبائل الحزام الأخضر: “نهنئ ونبارك إصرارًا وشرفًا للشعب الليبي العظيم، خروج الدكتور سيف الإسلام القذافي لأول مرة مع الإعلام منذ عام 2011، في مؤتمر صحفي مع إحدى الصحف العالمية وإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر المقبل”.
الظهير الشعبي الذي أعاد إحيائه سيف القذافي على مدار السنوات الماضية، يمتد من زليتن شرقًا مرورًا بالخمس وقصر خيار والقره بوللي غربا، وهي مساحة جغرافية تمثل كتلة تصويتية لا يُستهان بها
هذا الظهير الشعبي الذي أعاد إحيائه سيف القذافي على مدار السنوات الماضية، يمتد من زليتن شرقًا مرورًا بالخمس وقصر خيار والقره بوللي غربا، وهي مساحة جغرافية تمثل كتلة تصويتية لا يُستهان بها.
ويضمن سيف القذافي ولاء قبائل القذاذفة والورفلة والمقارحة، بالإضافة إلى قبائل ورشفانة (جنوب طرابلس) وبعض قبائل الجبل الغربي مثل الصيعان والعربان. وجرى تأسيس هذا الحزام من قبائل مدن “الأبيار، سلوق، قمينس” عام 1999، ومثّلت للعقيد القذافي ظهيرًا قبليًا قويًا، امتلكت وسائل إعلام وصحفًا، ونشطت مؤخرًا بعدما تناحرت فصائل الشرق والغرب على الحكم، ومن ثمّ بروز أنصار القذافي مجددًا.
تفكيك معسكر حفتر
هذه العودة التدريجية لسيف الإسلام تقود حتمًا لتفكيك معسكر المشير خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا، الذي تجمّع حوله في مرحلة ما أنصار النظام السابق، لكنّ إخفاقاته العسكرية، لاسيما فشله في السيطرة على مناطق الغرب، أفقدته هذا الزخم، وأظهرت تلك الأطراف الموالية للنظام السابق تململاً من فكرة استمرار دعم الجنرال، بعدما كان اسمه مرشحًا بقوة لتولي الحكم.
هذا التفكك الذي ضرب معسكر حفتر، تتابعت مظاهره، بدءًا بخلافات داخل مجلس النواب الداعم لحفتر، وصولاً لتبدُّل ولاءات في مناطق وسط وجنوب البلاد، في اتجاه ما كانت تعرف بحكومة الوفاق الوطني.
لذلك كان من الطبيعي أن يغضب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وهو يعلق على مقابلة سيف، حيث قال: “لا يحق لشخص محكوم عليه من المحكمة الجنائية الدولية الترشح لرئاسة الدولة الليبية”.
جاء ذلك خلال نقاش أعضاء مجلس النواب حول مشروع قانون الترشح لرئاسة الجمهورية أمس الإثنين في طبرق، خصوصًا البند الذي ينص على “ألا يكون (المترشح) حكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف”.
وعلق صالح موجهًا حديثه للنواب قائلاً: “أستغرب أن يشترط ألا يكون قد صدر عليه حكمًا باتًا… واحد محكوم عليه من الجنائية الدولية هل يترشح لرئاسة الدولة؟! ما دام محكوم عليه خلاص … لا يحق له الترشح ويجب أن تكون النصوص واضحة ومعقولة”.
لكن النواب أصروا على هذا الشرط: “ألا يكون قد صدر في حقه حكم بات في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة”، ونجل القذافي غير مدان بحكم نهائي في ليبيا. أما بخصوص الجنائية الدولية فنقل الصحفي الأمريكي في مقابلته الأخيرة: “أخبرني سيف الإسلام أنه واثق من قدرته على تخطي تلك المسائل القانونية إذا اختارته أغلبية الشعب الليبي ليكون قائدًا لهم”.
إلغاء الإدانة
وفي 27 مايو الماضي، قضت المحكمة العليا في ليبيا بإسقاط حكم الإعدام الصادر ضد سيف. وذكرت وسائل إعلام ليبية أنّ المحكمة العليا -أعلى سلطة قضائية ليبية، قبلت النقض في حكم الإعدام الصادر ضد سيف.
وخلال المحادثات التي أسفرت عن تشكيل الحكومة الليبية الحالية، سُمح لمؤيدي سيف القذافي بالمشاركة، ونجحوا في إلغاء شروط للانتخابات كانت ستحول بينه وبين الترشّح. وبدا هذا التيار داخل مجلس النواب حاليًا، الذي تمسك ببند “الحكم البات”، بينما أثار هذا غضب عقيلة صالح المتحالف مع حفتر، وهو يكشف الستار عن تفكك ضرب معسكر الشرق.
ووفق “نيويورك تايمز”، تشير بيانات استطلاعات الرأي المحدودة في ليبيا إلى أن قطاعًا عريضًا من الليبيين – بنسبة 57% في منطقة واحدة – قد عبّروا عن “ثقتهم” بسيف الإسلام. وقبل عامين، قيل إن أحد منافسيه دفع 30 مليون دولار لقتله (في محاولة ليست الأولى لاغتياله)، فيما اعتبر دليلًا تقليديًّا على مكانته السياسية.
وفي العام 2019 سُئل المشير خليفة حفتر، عن موقفه من نجل القذافي وإمكانية عودته للحياة السياسية. وقتها قال حفتر في حوار مع وكالة “سبوتنيك” الروسية: “لا علم لي بذلك، هو مواطن ليبي، إذا توفرت لديه الشروط القانونية فمن الطبيعي أن يكون ذلك من حقه”.
شروط الترشح لرئاسة ليبيا
وبحسب، المناقشات الجارية في مجلس النواب لإقرار قانون الانتخابات، تشترط المادة 12 من الفصل السادس في مشروع قانون الترشح للانتخابات الرئاسية، فيمن يترشح لمنصب رئيس الدولة ما يلي:
– أن يكون ليبيًا مسلمًا من أبوين ليبين مسلمين.
– أن يكون ليبي الجنسية وألا يكون متزوجًا من غير الليبية.
– أن يكون حاصلاً على مؤهل جامعي على الأقل أو ما يعادله.
– أن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية.
– ألا يكون قد صدر في حقه حكم بات في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة.
– ألا يقل سنه يوم فتح باب الترشح عن أربعين سنة ميلادية.
– أن يقدم إقرارًا بممتلكاته الثابتة والمنقولة داخل ليبيا وخارجها وزوجته وأولاده القصّر.
– أن يودع في حساب المفوضية العليا للانتخابات مبلغا قدره 10 آلاف دينار ليبي غير قابل للرد.
– أن يقدم للمفوضية ما يفيد تزكيته بعدد 10 آلاف ناخب مصادق عليهم من محرر عقود معتمد، وفقا للإجراءات التي تضعها المفوضية.
– أن يلتزم بالإجراءات التنفيذية والقواعد الحاكمة التي تضعها المفوضية للمرشحين.
– ألا يكون موظفًا بالمفوضية أو لجانها الانتخابية، أو عضوا بإحدى لجان مراكز الاقتراع.
تخلو تلك الشروط من أيّ عائق يمنع سيف الإسلام من التقدم نحو عرش أبيه، وهي المحاولة الأخيرة التي سبقتها محاولات من بينها إقرار البرلمان قانون العفو عن أركان نظام القذافي.
خريطة الدعم الدولي
في بداية يونيو الماضي، فاجأت صحيفة التايمز البريطانية الجميع بتصريحات نقلتها على لسان سيف القذافي، قالت إنها استمعت إليه هاتفيًا. وذلك لتوضيح موقفه وإمكانية عودته للحياة السياسية مرة أخرى.
وأضافت أن القذافي الابن، الذي لم يظهر منذ سنوات بشكل علني، كان يتواصل مع الدبلوماسيين الغربيين وغيرهم. وذكرت التايمز أن روسيا تؤيد ترشيحه لرئاسة ليبيا، لافتة إلى أنّ نشطاء سياسيين روسيين جرى توقيفهم في طرابلس عام 2019، عندما كانوا يحضرون حملة دعم لنجل القذافي.
وفي 15 يناير الماضي، نقل موقع “روسيا اليوم”، عن بيان لوزارة الخارجية الروسية أن “مبعوث الرئيس الروسي الخاص بالشرق الأوسط وإفريقيا ميخائيل بوغدانوف، استقبل مفتاح الورفلي وعمر أبوشريدة، ممثلين عن حركة سيف الإسلام القذافي”.
وقتها طالب نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، بضرورة إشراك أنصار معمر القذافي، في الحوار الوطني الليبي. وهو ما حدث بالفعل لاحقًا في الحوار الذي انطلق بتونس.
هنا تبدو روسيا أكثر المتحمسين لاستعادة نجل القذافي عرش والده، في المقابل ثمة تحديات خارجية من دول لها نفوذ أو تأثير جزئي، عربية وأخرى مثل تركيا وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة. وتلك الدول منقسمة بين دعم الأطراف الفاعلة في الخريطة السياسية والعسكرية مؤخرًا.
وفيما تظهر إيطاليا دعمًا لغرب ليبيا، فإن فرنسا داعمة بشكل أكثر وضوحًا للمشير خليفة حفتر في شرق البلاد. كما تصطف تركيا وقطر والولايات المتحدة الأمريكية للفصائل في غرب البلاد، وأطراف “فبراير” بشكل عام، في المقابل تدعم دول خليجية ومصر مجلس النواب وقوات شرق البلاد.
هنا تتخذ خريطة النفوذ الدولي ثلاث مسارات، مساران واضحان منذ 2014 بالاصطفاف إلى جوار الطرفين المتنازعين (شرقا وغربا)، ثم مسار ثالث خلقته روسيا ووجدت له أرضية جماهيرية، يرتكز على إعادة بيت القذافي للحكم.
“ديمقراطية سيف” المروّج لها
روَّجت المقابلة لفكرة أن سيف الإسلام يمتلك فكرًا ديمقراطيًا، خاصة التطرق إلى مرحلة الدراسة في كلية لندن للاقتصاد، حيث تقول “نيويورك تايمز” إن “سيف الإسلام تقرّب من المفكّرين الذين اعتبروه صادقًا في رغبته بتحقيق إصلاح ليبرالي”.
تنقّل الصحفي الأمريكي في سرد سريع بين مواقف وحكايات “درامية” لـ”فارس الديمقراطية” وقتما كانت ديكتاتورية أبيه تفوح من الجدار، فيقول: “في عام 2005، دعا منظمة “هيومان رايتس ووتش” إلى ليبيا لزيارة المكان الذي شهد مذبحة في أحد السجون. ولاحقًا، أقنع والده بإطلاق سراح السجناء السياسيين، ودعا علنًا إلى إصلاح السجون وإلى نظام حكم دستوري”.
ثم يزيد برواية أخرى، حين أطلق نجل القذافي كلمات في لندن عام 2003 يقول فيها إن ليبيا ينقصها الديمقراطية، كان سيف يرد على سؤال: هل ليبيا تحتاج مزيدًا من الديمقراطية؟، فأجاب: “كلا؛ مزيد من الديمقراطية يوحي بأن لدينا بعضًا منها”.
لم تخفِ المقابلة ولا المقابلات الأخرى التي نقلتها صحف غربية عن سيف الإسلام هذه النزعة الترويجية لفكرة “ديمقراطية سيف” المفترى عليها ليبيًا، لكن الليبيين يستقبلون تلك الروايات بسخرية.
مشروع “ليبيا الغد”
هذا الإبراز لفكرة الزعيم الإصلاحي، ترتبط بمشروع أطلقه سيف القذافي عام 2006، بعنوان “ليبيا الغد“، وهي الفكرة التي ساندها الشباب قبل سقوط النظام السابق، باعتبارها تتمثل في “الإصلاح من الداخل”.
بدا مشروع نجل الزعيم الليبي وقتها إصلاحيًا ويستهدف النهوض بليبيا اقتصاديًا واجتماعيًا وإنهاء ملفات في السياسة الخارجية، بعد سنوات من الشد والجذب بين مع دول أوروبية.
وقتها كانت مهمة سيف الإسلام وفريقه الذي كوّنه من الشباب في مشروع “ليبيا الغد” تقديم مقترحات مشاريع للجهات المختصة. وبالفعل سلّم الفريق مقترحات بشأن مشاريع تنموية لمجلس التخطيط الوطني عام 2008، وتضم إقامة مشاريع سكانية وصحية وتعليمية، وفي مجال المواصلات والنقل والطاقة والاقتصاد والتبادل التجاري، وقدرت تكاليف تلك المشاريع بحوالي 200 مليار دولار.
جاءت أحداث 2011 وهُدم المشروع كليًا، قبل أن يعود تدريجيًا على المستوى الإعلامي الموالي لنظام القذافي. ومعها الحديث عن اجتماع عُقد في 15 يوليو الماضي بعنوان عرض مشروع “ليبيا الغد” في نسخته الجديدة.
وبدأت إرهاصات هذا المشروع تعود للواجهة خلال السنوات الماضية، حيث سبق أن دعا المحامي الليبي خالد لغويل إلى لقاء لأنصار المشروع سنة 2018 وجدد دعوته العام الماضي 2020.
وخلال السنوات الماضية، تحدثت وسائل إعلام ليبية عن عقد لقاءات معلنة وأخرى سرية لفريق المشروع، وحضر أنصار سيف القذافي لقاءات وندوات وحلقات نقاش حول المشروع، كما أطلقوا من القاهرة قناة تليفزيونية قريبة من سيف وبرنامجه تحت مسمى قناة “ليبيا الغد”.
حضور ميداني
والعام الماضي، انتشر مقطع فيديو، يظهر تعليق صور سيف القذافي على جدران مؤسسات ببعض مدن غرب البلاد. من بينها واجهة مستشفى قروي بمدينة الجميل، (غرب طرابلس)، وصور أخرى له ولأبيه على جدران مدرسة بمدينة الخمس (شرق طرابلس).
وأعلن حراك أطلق على نفسه “رشحناك من أجل ليبيا”، عن حملة في عموم البلاد، تدعو للانتخابات تحت عنوان “نعم للانتخابات مع سيف الإسلام”. وأطلق حملة إلكترونية لجمع توقيعات مؤيدة لنجل القذافي.
وتحدثت المحامية الليبية ريم الدبيري، التي تصف نفسها بأنها مقربة من عائلة القذافي، عن أنّ الغرب أبدى دعمًا لمحاولة سيف الإسلام القذافي الترشح للرئاسة الليبية. وقالت الدبيري: “أعتقد أن الغرب الآن يشعرون أنهم استوعبوا الخطأ، الذي أوقعوا أنفسهم فيه وما فعلوه في ليبيا من قبل”. وتزعم أن “لدى سيف الإسلام مشاريع جيدة لليبيا، وأنه سيحاول التعاون مع الغرب لحل كل المشاكل العالقة بينها وبين ليبيا”.
مشاركة أنصار القذافي بالحوار
الحديث عن حظوظ سيف القذافي سياسيًا حاليًا، يستدعي الإشارة إلى أنّ البعثة الأممية أعادت، بضغط روسي، إشراك أنصار القذافي في ملتقى الحوار السياسي الذي انطلق من تونس في نوفمبر الماضي، على عكس اتفاق الصخيرات بالمغرب نهاية 2015، الذي أقصي فيه أنصاره من الحوار.
بل إن عمر بوشريدة، أحد القياديين الموالين لسيف الإسلام القذافي، ترشح لعضوية المجلس الرئاسي عن إقليم فزان، وحصل على 5 أصوات من إجمالي 14 صوتًا في الجولة الأولى.
هذا الحضور المتزايد يجعل الحديث عن حظوظ سيف الرئاسية مرجحة، غير أنّ الرؤية العامة أو التصور الذي يحمله نجل القذافي للحكم، فضلاً عن بعض التصريحات التي تضمنتها المقابلة الأخيرة تدفع البعض للقول إن فرص سيف ضئيلة.
الحسين بن كريم: الكتلة البشرية التي ستصوت لسيف لا تنتظر “نيويورك تايمز” أو غيرها حتى تعطيهم انطباعا جيدا أو سيئًا عن سيف القذافي
لكن الصحفي الليبي الحسين بن كريم يستبعد أن تكون لمقابلة سيف القذافي مع المجلة الأمريكية نتائج عكسية أو أنها تقلل من فرص فوزه بالانتخابات الرئاسية، إذا ما سُمح له بخوضها.
ويستند “بن كريم” في هذا الرأي إلى أن “شعبية سيف والخزان البشري المتوقع أن يصوت له فئتان: الفئة الأولى هم أنصار نظام القذافي ويؤيدون سيف كونه نجل القذافي وانتخابه يعني انتصارا للنظام السابق وهم على قناعة أن سيف يستطيع قيادة البلاد وحل المشاكل وإعادة ليبيا إلى سنة 2010″، أما الفئة الثانية فهم المحبطون من ثورة فبراير وما عاشوه من عبث خلال هذه السنوات العشر.
لذلك يقول الصحفي الليبي إن هذه الكتلة البشرية “لا ينتظرون (نيويورك تايمز) أو غيرها حتى تعطيهم انطباعا جيدا أو سيئًا عن سيف القذافي أو حتى عن أي مرشح آخر”.