لماذا نصوص إغريقية؟ ولماذا الخبز والحريّة معاً؟ ولماذا لا نكتفي بأحدهما دون الآخر؟

أما لماذا النصوص الإغريقية، فلأن بلاد الإغريق، وبالتحديد أثينا، كانت ومازالت مدرسة السياسة في العالم كله سواء القديم منه والحديث، ومازال الفكر السياسي الأثيني – مثله مثل الخبرة والنظم السياسية والدستورية والقانونية وكذلك مثله مثل الفلسفة اليونانية – لايزال يكشف بمرور الزمن عن أصالته وفرادته وجدارته العملية وعمقه الإنساني بما يجعله تراثاً حياً يتجاوز الماضي إلى الحاضر والمستقبل ويتجاوز أثينا في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد إلى كل موضع من العالم فيه شعب يفكر في إعادة بناء منظومته السياسية أو فيه ثورة تنشد بناء نظام سياسي فعال يستطيع الجمع بين قوة الدولة واحترام حريات الأفراد وحقوقهم في الوقت ذاته، وهي المهمة التي مازالت تستعصي على أكثر النظم السياسية في العالم المعاصر، فمن ينجح في الحفاظ على قوة الدولة يفشل في حماية حقوق وحريات الأفراد، ومن ينجح في الحفاظ علي حقوق وحريات الأفراد يفشل في الحفاظ على قوة الدولة وكفاءة مؤسساتها وفعالية مكوناتها وتناغمها.

كبار المفكرين، في الديمقراطيات العريقة، كانوا ومازالوا يعتبرون الإرث السياسي الأثييني هو المصدر الأول والمرجع الأكبر والخبرة الأعظم لمن يريد بناء نظام سياسي أو يريد زيادة كفاءة المؤسسات القائمة.

المؤرخ البريطاني ألفرد زيمرن  Alfred Eckhard Zimmern عاش بين عامي ١٨٧٩ – ١٩٥٧م، نشر عام ١٩١١م كتابه The Greek Commonwealth : Politics and Economics in Fifth Century Athens ، وقد ترجمه إلى العربية الدكتور عبد المحسن الخشاب تحت عنوان «الحياة اليونانية العامة: السياسة والاقتصاد في أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد»، وقد طُبع الكتاب مرات عدة في لندن، وتصادف أن كانت الطبعة الثانية في ديسمبر ١٩١٤م يعني مع اندلاع الحرب العالمية الأولى.

كتب ألفرد زيمرن في تقديمه للطبعة الثانية الفقرة التالية التي وقفت ومازلتُ أقف عندها كثيرا، يقول: «وفي أثناء طبع هذا الكتاب قامت الحرب العالمية الأولي، وبذا واجهت بريطانيا لأول مرة منذ غدت ديمقراطية المسؤوليات المدنية في معناها الكامل في الفكر والعمل، تلك المسؤوليات التي كانت أمرا عاديا للغاية بالنسبة لأثينا في القرن الخامس قبل الميلاد، ولذا فإن الأفكار اليونانية والإلهام اليوناني يمكن أن يساعدنا اليوم، لا على مواجهة واجبات اللحظة التي نحنُ فيها فحسب، بل في العمل على إرساء قوائم الديمقراطية، ونشر حقوق المواطن، وتوسيع مجال الحرية والقانون وتدعيم مرماهما، وهي أمور يبدو أنها الواجبات السياسية الرئيسية أمام البشرية في هذه الحقبة الجديدة من التاريخ».

ومعني الكلام واضح: الديمقراطية البريطانية العريقة التي توسعت حتى حكمت ما بين مطلع الشمس ومغربها يقول كبار مفكريها أنها يلزمها أن تهتدي وتقتبس وتستلهم الديمقراطية الأثينية وهي تواجه تبعات موقف عصيب مثل الحرب العالمية الأولى.

– والمؤرخ الفرنسي Gustave Glotz جوستاف جلوتز عاش بين عامي ١٨٦٢ – ١٩٣٥م، ترك عدة مؤلفات في تاريخ اليونان منها كتابه الأثير La Cite Grecque : Le Developpement des Institutions  وقد ترجمه إلى العربية الدكتور محمد مندور تحت عنوان «المدينة الإغريقية»، والمدينة الإغريقية مقصود بها هنا الدولة الإغريقية ومؤسساتها.

وقد جاء في مقدمة الكتاب – التي كتبها هنري بيير – والذي لا تتوافر عندي معلومات عن شخصه: «اليونان هي المدرسة السياسية للإنسانية، فقد حققت اليونان بوجه عام وأثينا بنوع خاص نوعا أصيلا من التنظيم السياسي، وفي الوقت نفسه حققت للشخصية البشرية نمواً لا مثيل له، فنرى الإغريقي مواطناً حراً لا يخضع للاستبداد ولا يؤلهه، فهو ينظم دولته الصغيرة بمهارة فائقة فيها من الإعجاز مثلما في فلسفتهم وفنونهم، لقد وضعت الدولة الإغريقية مثالاً ونموذجاً سياسياً خالداً على وجه الدهر، فيها ازدهرت الديمقراطية بفضل تحرير الفرد الذي يهب الدولة من القوة بمقدار ما تهبه الدولة من الحرية، وفيها الشعب هو السيد، واختصاصاته عامة، وسلطاته لا حد لها، ومن يشغلون المواقع الرسمية في التشريع والتنفيذ والقضاء يتم اختيارهم بالقرعة، وفي هذه الدولة الديمقراطية كان الرخاء الاقتصادي والتوازن النسبي في الثروات – يعني العدل الاجتماعي – كان يقابله نظام سياسي مُحْكَم فيه توازن عادل بين سلطة الدولة الشرعية وبين الحقوق الطبيعية للأفراد.

لهذا فإن أثينا –  في أوج عظمتها – كانت ومازالت مدرسة الإنسانية جمعاء وليست مدرسة اليونان فحسب، فقد استطاعت أن تحقق أنسب توازن بين ضرورات الدولة والقوة ومطامح الأفراد في الحريات وكل ذلك تحت سيطرة القانون، والقانون ذاته تحت سيطرة العقل والتفكير والمنطق.

ويختم هنري بيير مقدمته لكتاب جلوتز «المدنية الإغريقية» بهذه الفقرة التي تتطابق مع الفقرة التي وردت في تقديم ألفرد زيمرن لكتابه «الحياة العامة اليونانية»، ويقول: «وفي العصور الحديثة، وفي أعقاب الثورات، نرى قادة الثروات ومن معهم من المفكرين والفلاسفة، يستوحون أثينا ويقتبسون منها النظم والقوانين والأفكار والمؤسسات بأكثر مما يستوحون ويقتبسون من روما، فأثينا هي مرجع كل من يفكرون في تأسيس وبناء دولة حديثة، وعلينا أن نعترف أن هذا الاستيحاء والاقتباس ليس عملاً سهلاً لاختلاف السياق التاريخي لدولة أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد والسياق التاريخي للشعوب والمجتمعات والدول المعاصرة».

في حدود علمي، صاحب الفضل الأول في لفت انتباه المصريين لجدوى الفكر السياسي والنظم الدستورية والقانونية اليونانية كان هو أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد ١٨٧٢- ١٩٦٣م ، ومعه عبد العزيز فهمي ١٨٧٠ – ١٩٥١م ، ومن بعدهما الدكتور طه حسين ١٨٨٩ – ١٩٧٣م ، ومن بعدهم الدكتور لويس عوض ١٩١٥ – ١٩٩٠م، ثم أصبحت عندنا أقسام أكاديمية متخصصة في الدراسات اليونانية والرومانية في عدد من الجامعات، وقد برز في هذه الأقسام أساتذة متخصصون علي مستوى رفيع من الكفاءة والاقتدار، ولهؤلاء جميعاً فضل على مثلي في الاطلاع على ما أتاحوه من مصادر يونانية ورومانية.

ولو طلب مني الشباب المهتم بالمجال العام نصيحة لكانت باختصار شديد: بدون اطلاع كاف ودراسة كافية للمصادر اليونانية والرومانية ينقصك الكثير، يلزمنا ويلزم الأجيال الجديدة معنا أن نولي اهتماماً للدراسات اليونانية والرومانية ونتعمق فيها ونوسع دائرة الاهتمام بها في المجال العام.

– كل ما سبق، كان تحت السؤال: لماذا النصوص الإغريقية؟، لماذا نستعين بنصوص من ألفين وخمسائة عام ونحن نتجادل حول أسعار رغيف الخبز البلدي الذي هو طعام الفقراء الذين هم يكادون يشكلون قريباً من نصف سكان البلاد في لحظة تزداد فيها الفوارق الطبقية بين أقلية غنية ثراءً لا تبرير له بالعقل وأغلبية يزحف عليها الفقر زحفاً لا تبرير له بالمنطق إلا أن يكون هذا التفاوت الصارخ يتم برعاية الدولة ذاتها أو ناتج عن سياساتها غير المدروسة؟

والآن: لماذا الخبز؟ أو بالأحرى والأكرم للإنسان لماذا الخبز والحرية أو الخبز والديمقراطية؟

وابتداءً يلزم التنبيه إلى أن أي طرح لمسألة الخبز يبتعد بها عن قاعدة الحق والواجب، حق المواطن وواجب الدولة، إنما هو طرح غير إنساني بالمرة، وطرح غير عادل بالمرة. غير إنساني لأنه يتحدث عن مجرد غذاء أو عن علف أو عن سد أفواه وحشو بُطُون دون اعتبار كاف لحقوق الفقراء في وطن من مليون كيلو متر مربع هم شركاء أصلاء في ملكيته وهم – بالضرورة – شركاء أصلاء في جني عوائده والاستمتاع بخيراته. وكذلك هو طرح غير عادل بالمرة لأنه يُحمل الفقراء المسؤلية عن فقر لم يصنعوه ولم يكونوا سبباً مباشراً ولا غير مباشر فيه، فهو فقر صنعته حكومات وراء حكومات فشلت وتوراثت الفشل ولم تنجح في إنجاز تنمية حقيقية ولا تجربة اقتصادية حقيقة تنقل المواطنين من خطوط الفقر إلى سعة الستر، فبدلا من مساءلة الحكومات عن فشلها تلقي الحكومات المسؤولية عن فقر الفقراء على الفقراء أنفسهم وتقرر إجبارهم على دفع ثمن الرغيف بالسعر الذي تريده وليس بالسعر الذي يستطيعون.

في الثالث من أغسطس ٢٠٢١، أعلن رئيس الدولة قراره برفع سعر الرغيف البلدي الذي تدعمه الدولة، في وقت غير مناسب على الأقل بالنسبة للفقراء الذين يتحملون الأضرار الناجمة عن سياسات الحكومة التي يمليها صندوق النقد الدولي، كما يتحملون الأضرار الناجمة عن وباء كورونا وما تركه على الاقتصاد من توقف وركود طال الكثير من المهن ومجالات النشاط وبالذات منها مهن وأنشطة وأرزاق الفقراء.

هنا يلزمنا الذهاب إلى أثينا وإلى النصوص الإغريقية.

تحت عنوان «مباديء الديمقراطية الأثينية» من كتاب جوستاف جلوتز نقرأ ما يلي:

–  في أواسط القرن الخامس قبل الميلاد كان النظام الديمقراطي في أثينا قد اتخذ صورته النهائية، وكانت قيمة الدستور لا تتوقف فقط على نصوصه العظيمة لكن على روحه العادلة، وفي عصر بركليس ( ٤٩٤ – ٤٢٩ ق.م ) كانت الحياة السياسية في أثينا تشهد توازناً كاملا بين حقوق الفرد وواجبات السلطة العامة.

–  الحرية الفردية مطلقة، فقد تم إيقاف وإبطال حبس المدين المعسر غير القادر على السداد، وذلك سواء كانت الديون التي عليه مستحقة لأفراد مثله أو مستحقة للدولة.

وكذلك تم إبطال أن يكون شخص الإنسان المدين ضماناً عليه من الدين، لأن اعتبار شخص الإنسان ضماناً للديون كان ينتهي باسترقاقه فيفقد حريته ويصير عبداً. وكذلك تم إبطال المسؤولية الجماعية عن الجريمة فلا تؤاخذ عائلة بخطأ فرد منها، فالجريمة فردية والعقوبة فردية.

– الدولة لا تتعامل مع عائلات وأسرات إنما تتعامل مع أفراد متساوين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن البلاد وعن الثروات، فكل الأفراد متساوون في دخول الجمعية العمومية والألعاب والمسارح والحفلات والأعياد العامة والمراكب مثلما هم متساوون في تقديم التضحيات دون تمييز بينهم لأي سبب، وكانت القاعدة الدستورية التي تقر المساواة تحتل صدر الدستور ونصها كالتالي: «إن الجدارة الفردية هي التي تفتح الطريق أمام الأمجاد العامة أكثر من الطبقة الاجتماعية ولا يُمكن أن يُمنع أحد من خدمة الدولة بسبب فقره أو غموض أصله»

–  الفقراء لا يدفعون شيئا لخزانة الدولة ماداموا لا يملكون من الدخل ما يساوي الحد الأدنى الخاضع للضريبة، ومن يقدم منهم عملا للمدينة يلزم أن تدفع له الدولة مقابلاً عنه.

– لا معنى للمساواة ما لم يتمكن الفقراء ممارسة واستخدام حقوقهم المدنية (نحن في مصر نمنحهم حقوق الترشح والانتخاب لكل مناصب الدولة ثم نتركهم للفاسدين والمزورين يبيعون ويشترون أصوات الفقراء بمقابل مادي رخيص)، فالمساواة السياسية تفقد قيمتها وتختفي حين يكون التفاوت الاجتماعي بين الفقراء والأغنياء صارخاً، والحرية السياسية تصير كلاماً فارغاً من المضمون وخالياً من القيمة مالم يكن أمام المواطن فرصة لأن يتملك ولو الحد الأدني من الملكية وأن يكون الطريق أمامه مفتوحا غير مغلق وسهل غير صعب للوصول إلى الملكية.

– مادامت الدولة تملك السلطة فإن عليها واجب حماية الفقراء وحماية غير الفقراء كذلك بحيث تحمي حقوق ومصالح كل طرف دون أن تدوس بالأقدام علي حقوق ومصالح غيرهم، وعلى هذا منحت الدولة الأرض للفقراء للانتفاع بما تغله من محاصيل، كما وفرت فرص العمل في مشروعات الدولة مثل بناء الأساطيل ومصانع السفن وبناء الأسوار ومراقبة وحراسة الأسواق.

–  أما غير القادرين على العمل ومن ثم غير القادرين علي الكسب فإن الدولة كانت تعتبرهم أبناءها وربائبها، فهي المسؤولة عنهم مسئولية الأبوين عن الطفل حتي يبلغ سن الرشد، فكانت الخزينة العامة – وكانت منظمة تنظيماً قوياً حكيماً – تتولى الإنفاق عليهم.

–  كذلك كانت الدولة مسؤولة عن يتامى الحرب (أبناء الشهداء في لغتنا المعاصرة) وكذلك مسؤولة عن مصابي الحروب، وكذلك مسؤولة عمن تلحق بهم إصابات العمل فهي تتكفل بهم طالما أقعدتهم الإصابة عن اكتساب الرزق.

– الآن نصل إلى الخبز، لنقرأ هذا النص الكاشف عن موقع الخبز من واجبات الدولة، وعن موقع الخبز من حقوق المواطن، وعما للخبز كحق من صلات وروابط بمجمل حقوق الإنسان: «كانت الدولة تهتم بأن توفر الخبز للجميع بثمن رخيص (مدعوم يعني)، وكانت تخصص لذلك عدة هيئات من الموظفين، يعملون وفق تشريع مخصوص للخبز وإنتاجه وتوزيعه، وكان مفتشو الحبوب (مفتش التموين) يسهرون على أن تُباع الحبوب بالسعر الرخيص الذي تحدده الدولة، والتأكد من أن المطاحن والمخابز تحترم القواعد والشروط والمقادير،  وكذلك التأكد من وزن الرغيف. كانت الدولة تنظم تجارة القمح واستيراده وتخزينه ونقله بين المواني، وكانت توزع قمح الغنائم (سفن القمح التي يتم الاستيلاء عليها من الأعداء في وقت الحروب) على المواطنين بالتساوي فيما بينهم.

– ونقرأ في النص ذاته: «في أوقات العسر والشدة الاقتصادية كانت الدولة تفرض للمُعدمين من الفقراء إعانات يومية مقدارها أوبولان ( ثلث درهم ) وهي المسماة بـ«الديبوليا»”.

– وبعد أن تفي الدولة بحاجات الجمهور المادية، نراها توفر له أيضاً ألواناً من المُتع العقلية والأدبية مثل المسابقات الغنائية والمسرحية، وتشجيع الأغنياء على التبرع بقيمة نفقات دخول الفقراء للمسرح والتمتع أيام الأعياد.

– إذا كان كل ما سبق حديثا في حقوق المواطن وواجبات الدولة، فقد جاء الوقت للحديث عن العكس، عن واجبات المواطن وحقوق الدولة، ولتقرأ معاً هذا النص المختصر الموجز البليغ الجميل: «كانت التزامات الدولة نحو المواطنين تسبقها التزامات المواطنين نحو الدولة وكانوا يتقبلونها في حب وترحاب»”.

– عندما كان المولود الأثيني يبلغ سن الرشد، كان يقسم علي يمين المواطنة في حفل رسمي، وكان يسمي اليمين المدني، وبعد أن تنتهي مراسم القسم يتم تسجيل هؤلاء الشباب في سجل المواطنين فتكون لهم حقوق علي الدولة وتكون الدولة عليهم التزامات وواجبات.

– يكون طقس اليمين يتضمن أن يمسك كل شاب بالسلاح، ثم يمدون أيديهم إلى المذبح، ثم يحلفون نص القسم التالي: «لن أدنس هذا السلاح، لن أتخلى عن زميلي في المعركة، سأقاتل من أجل آلهتي، سأقاتل من أجل أسرتي وحيداً أو مع غيري، لن أترك الوطن منقوصاً، بل سأتركه أكبر وأقوى مما تسلمته، سأطيع الأوامر التي تصدرها حكمة الحكام، سأخضع للقوانين القائمة، وللقوانين التي يصدرها الشعب باتفاق عام، وإذا أراد أحد أن يقلب هذه القوانين أو يعصاها فلن أسمح له بذلك، لكنني سأحارب لأجلها إما وحيداً أو مع الجميع، سأحترم دين آبائي» . كان هذا هو قسم ويمين المواطنة الذي يرتب واجبات والتزامات المواطن الأثيني تجاه الدولة. (من طموحاتي المثالية الحالمة أن تصل في مصر إلى مثل هذا الميثاق ولو بعد حين من الزمن).

– في خاتمة هذا المقال أحب أن نقرأ النص التالي:  هذه الالتزامات الواردة في يمين وقسم المواطنة كانت هي الواجبات التي على المواطنين أن يتحملوها قبل أن تصبح لهم حقوق، وهذه التعهدات منهم كانت هي المنبع الذي تستمد منه الدولة سلطتها، فهي سلطة يزاولها مجموع المواطنين، والنظرية الدستورية في الديمقراطية الأثنينية بالغة البساطة، ويمكن تلخيصها في كلمة واحدة «الشعب السيد في الوطن السيد»، فهو سيد مطلق في كل ما يتعلق بالدولة.

 

ليس من الإنسانية اعتبار الرغيف مجرد علف لبطون خاوية، وليس من العدل الكلام في سعر الرغيف دون الكلام عن مسؤولية الحكومات في إفقار الناس ودون الحديث عن حق المواطن وواجبات الدولة وكذلك واجبات المواطن وحق الدولة.